الأخبار
سيناتور أمريكي: المشاركون بمنع وصول المساعدات لغزة ينتهكون القانون الدوليالدفاع المدني بغزة: الاحتلال ينسف منازل سكنية بمحيط مستشفى الشفاء38 شهيداً في عدوان إسرائيلي على حلب بسورياالاحتلال الإسرائيلي يغتال نائب قائد الوحدة الصاروخية في حزب الله17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

وآه منك يا زمان الشقْلَبِه بقلم:آصف قزموز

تاريخ النشر : 2014-11-22
وآه منك يا زمان الشقْلَبِه بقلم:آصف قزموز
وآه منك يا زمان الشقْلَبِه

بقلم:آصف قزموز

22/11/2014

الكثير من أشياء وظواهر هذا الزمان باتت مقلوبة، واللي مش مقلوبِه مهروكَه ومهروسه، وفي أحسن الحالات منقوصه وموكوسِه، وواقفه على راسها بدل رجليها، مع ثبات لازمة القول "المنحوس منحوس ولو علقوا برقبتوا ميت فانوس".
كثيرة هي الخلافات العربية الرسمية بين الحكام حصراً وإن ربطوها قسراً باسماء الشعوب والبلدان، فخاضوها حروباً فيما بينهم بدم وأموال الناس، معتبرين أن أرواح الناس أرخص من حمير النَّوَرْ عند البياطِرة في زمن الأباطِرة والقياصِره. ولو استعرضنا تلك الخصومات على مَرِّ ومُرِّ السنين المنصرمة، لفقأت عيوننا هذه الحقيقة المرة، بكامل زعافها وقرفها الزاكم لأنوفنا على الدوام. فمنذ نعومة أظفارنا، كنا وما زلنا نحتفل ونصفق في كل مرة، مع كل مصالحة عربية ونهاية خلاف، لا بل ومع إعلان كل وحدة عربية، عالسَّبَهْلَلِة ودون إدراك واقعي صريح وجريء لحقيقة وجوهر أهداف تلك المصالحة أو الوحدة الثنائية أو الجمعية. فكم من مرة أشعلوا الخصومات والمعارك الثنائية بين الدول والشعوب الشقيقة، مع أنها في الحقيقة المستترة إما تتبع لحسابات واختلافات أجندات خارجية استعمارية، أو لحساب خلافات تضارب مصالح الحكام التي تُخاض معاركها وتُسَوَّق في الحالتين باسم الشعوب والدول، وكان الظاهر واللافتات المعلنة من الأسباب، وطنية وقومية متطرفة، وفي الصدارة منها القضية الفلسطينية، مع أن الحقيقي الفائح وغير المعلن من تلك الأسباب المدعاة، هو المزايدة بين النظم والحكام أمام مراكز النفوذ الخارجية في معركة الحفاظ على كرسي الحكم والمصالح الفردية الضيقة، الخاصة بهم وحدهم أولاً وآخراً، ذلك لأنهم يدركون جيداً مثلما يجب أن ندرك نحن، بأن مساحات قدرة الحكام على الفعل والإنجاز في الميدان الوطني والقومي في هذا الأمر، معدومة تماماً، وغالباً ما تكون إن لم نقل دائماً، مرهونة لشروط ومحددات ضمان بقائهم في الحكم، لأن من كان يمنح تلك المساحات في التقرير والفعل، هم الخصوم من صناع القرار وأصحاب السطوة والنفوذ وليس نحن، عل شان هيك تدحرجة كرة استبداد الحكام بشعوبهم وفسادهم، حد الخروج من حدود جلباب البطانة الفاسدة من حولهم، نحو التوريث المستبد بالشعوب والحواشي في أحيان وحالات كثيرة.
ولعلنا نذكر حالة الإسهال الوحدوي عندما كان القذافي يعلن كل يوم والثاني عن وحدة عربية بين ليبيا وقطر عربي شقيق، ثم سرعان ما تزول وتذهب تلك الوحدة أدراج الرياح، ذلك لأنها كانت تولد بقرار في رأس القائد وسرعان ما تنتهي في ذات المربع، دون إشراك الشعوب وحتى مؤسسات الدولة الرسمية بها، ولأن الأساس الذي انطلقت منه وقامت عليه، لم يكن أساساً صالحاً وخارج إطار المأسسة والقوننة التي من المفترض أن تشكل الإطار والغلاف الشرعي الفعلي الحامي والمحصن لتلك الوحدة، لا بل ومثبتها وممكنها، ناهيك أنها لم تعبر يوماً إلا عن مصالح شخص الحاكم وحسب، وفي أحسن الحالات إن ضربها القرد يمكن أن تعبر عن مصلحة البطانة المحيطة، وبالتالي كانت تنتهي بنهاية الشخص أو تذهب سُدىً زي الأسبرين في البول، لا بل وأجروء على القول: إن هذا الأمر لم ينطبق على حال وسلوك الحكام وحسب، وإنما ينطبق أيضاً على الأفراد والمسؤولين في كل المستويات، فعندما يتغير مسؤول المؤسسة تذهب معه كل إجراءاته ومقرراته ليأتي الجديد ويبني ذاته المصالحية على أنقاضها وما يناسبه منها وينسبها لنفسه، ولا يتم ذلك طبعاً إلاَّ بلعن الماضي وما خلفه السَّلَف مشكلاً تسويقاً رخيصاً للجديد على حساب القديم بعد النيل منه، طبعاً يا ويل وظلام ليل من عمل مع قديم آفل في عهد جديدٍ سافل. وفي حالاتٍ أخرى تتشكل في عهد حاكمٍ أو مسؤولٍ ما صداقات وعلاقات حميمية انسانية ووظيفية اجتماعية فيما بين العاملين أنفسهم وفيما بين العاملين والمسؤول، لكن بزوال المسؤول تزول الحميمية المدعاة بين الموظفين ويتنابذون، وكأن  لسان الحال يتجلى بمقولة: " راحِنِ الحِلواتْ وِتْفَرَّقوا العَرصاتْ" . على شان هيك صمت هاتفي صمت القبور منذ غادرت الوظيفة العامة لدرجة أنني أتفقده أحياناً خوفاً من أن يكون خربان مثل هؤلاء الآفلينْ، فيا فوز السافلين في هذا الزمان الضَّنينْ، وأما المسؤول المغادر فيصبح لسان حاله مع الموظفين مقولة:" كل جديد إلو رَقصَه وكل قديم إلو بَحْصَه"، وهكذا دواليك يا حبيب والديك، فلا تبتئسوا أُصَيحابي ولا تحزنوا إنها ببساطة أزمة أخلاق.
لا أحد يستطيع أن يعرف على وجه الدقة حقيقة أمر الخلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي وقطر مثلاً، كيف ابتدا وكيف انتهى،وهل انتهت أسباب الخلاف بعودة المخطيء عن خطأه أم جرت المصالحة باحتفاظ المخطيء بأخطائه بمنطق لا مِخْطِي ولا امْخَطِّي ، أم بأخذ المباركة والموافقة عليها وتبنيها. أبهذه السهولة ودون متغيرات في الأجندات والسلوكيات، مع حفظ الثوابت واحتفاظ كل طرف بمواقفه، من على قاعدة يجوز الوجهان في فقه اللغة. طيب، عندما قاطع العرب مصر واعتبروا ذهابها لكامب ديفيد خيانة، لم يدم الأمر طويلاً وسرعان ما التحق العرب بحظيرة مصر بدلاً من أن تعود هي للحظيرة العربية وفقاً للتعبير الذي كان دارجاً آن ذاك، يعني، هل يا ترى عادت قطر أو توقفت عن مواقفها التي أدت للخصومة مع شقيقاتها الخليجيات والعربيات عموماً، إني والله في شك يقيني، أن شيئاً لم ولن يتغير في دور قطر الملعوب فينا وفي المنطقة، ذلك لأن موقف قطر يشكل جزءا من النظام والمصالح الدولية التي تحكم المنطقة، وبالتالي يندرج هذا الأمر في إطار وجَيبِ وسقف الحقيقة السالفة من قولنا أعلاه. ليس هذا وحسب بل إن حركة حماس التي انشقت بالأمس على الشرعية الفلسطينية، وارتكبت من الموبقات ما يكفي لدخولها جهنم ألف مرة، تعود اليوم برداً وسلاماً الى الحظيرة الشرعية دون أي تغيير أو تراجع عن انقلابها وسلطتها ولا في سلوكها وسياساتها، وكأنما الشرعية هي التي انقلبت على حماس وليس العكس، وأصبحت اليوم شريك مضارب وسلطة موازية بمشروع متناقض مع المشروع الوطني، وعين ألله عليها بعد ما غمضنا عيوننا.
ولعل أحداً منا لم ينس تلك الصراعات الطاحنة، التي شهدها القرن الماضي من قرون العرب المتعددة، وصولاً لعين العرب وأخواتها المتدعشات في قرننا الحالي، حيث كان القوميون عندما تأتي رياحهم ويستلمون زمام الحكم والمبادرة، يبطشون بالشيوعيين وغيرهم إن لزم الأمر، وينكلون بهم شر تنكيل، تماماً مثلما هو الحال مع الشيوعين، عندما كان يلوح الهم الفِرْز وتأتي رياحهم أو يحكمون فحدث ولا حرج، وعلى ضفاف كل هذا وتلك الصراعات والتطاحنات، قامت انقلابات عسكرية في بعض البلدان العربية، سميت زوراً وبهتاناً بالثورات، وذلك في نشوة المد القومي أواخر الستينيات وحتى أواسط سبعينيات القرن الماضي، لا سيما في ليبيا والسودان. وعن الإخوان المسلمين وغير المسلمين وبلاويهم يارب تعين، ما بين تقتيل وتكفير الناس وتفتيت بنى وهياكل النسيج الاجتماعي وحتى الإنساني والأخلاقي للمجتمعات العربية، وذلك بدعوَشَة ودَعْوسَة البلاد والعباد على امتداد الوطن العربي المُدمى. ولكن رُبَّ ضارةٍ نافعة في هذا المقام، حيث سقط القناع عن وجوه الدواعش والإخوان، وتبدَّد الوهم الذي كان يعشعش ويوسوس في عقول وصدور الناس، بأن الإسلام السياسي هو الحل، ليصبح لسان حال الناس بعد التجربة الخيبة، مقولة: " اتجَوَّزنا تا نِنِسْتِر ساق الله عَ أيام الفضيحَهْ".
ثمة مفارقات ومتعاكسات عجيبة في بلداننا، إشي بيجنن وبيحُط العَقِل بالكَفْ، ففي البلدان المتقدمة تجدهم يساعدون الفاشل حتى ينجح، وعندنا يحاربون الناجح حتى يفشل ويِلْعنوا راس أبو أبوهْ، لابل والأدهى والأمر أن الكثيرين في بلادنا وهم في مواقع مسؤولة بمستويات مختلفة يرون نجاحهم يكون بفشل من معهم أو حولهم وليس بجدهم واجتهادهم وتفوقهم، لأجل ذلك نرى كيف يُكَرَّم عندنا الفاشل على حساب الناجح والجاهل وعلى حساب المبدع، ويوضع الرجل غير المناسب في المكان الغير مناسب وكأنما لضمان ضبط جودة الفساد والخراب، بينما العكس في بلادهم، ليش ربك يعلم، لا بل كلنا نعلم. علشان هيك راح يظل حالنا وحال العرب عموماً مفككاً مبعثراً هنا وهناك، ولا آمال تُرجى ببناء مؤسسي سليم قائم على مصلحة البلاد والعباد، بدلاً من مصالح الفئات والزمر والأفراد، ومن ضلوا سواء السبيل والرشاد. وسيبقى الخصم دوماً متفوق بفسادنا وضلالنا وجهلنا المحمول على ردود الأفعال غير المحسوبة وطنياً وهذه المناهج والسلوكيات الفاسدة، فمن لا يخرج من عباءة الفردية والفئوية الملَغْمَطَه بالفساد، فهو في معسكر الخصم لا بمعسكر الوطن من حيث يدري أو لا يدري، ويخدم من لا يريدون بنا خيراً. وبالتالي، يخطيء من يعتقد أننا لا نسعد بالمصالحات العربية باعتبار أن الصلح خير، لكن شريطة أن يكون الخير للشعوب والأوطان أولاً في هذا الصلح، معى إقرارنا بمصالح الرُّبان شريطة أن تكون ثانياً.

 ومع كل هذا الزِّنا بحق الشعوب وقدسية القضيهْ، وممهورِ فتوانا من قاضي تُهَيَّا، يجب أن نأخذ في اعتباراتنا استحقاقات وتبعات المواقف السياسيهْ، فثمة فارق كبير بين من يطلق المواقف والشعارات من على كرسي المعارضة المريح، لأنه في الحقيقة يخاطب شعبه والعامة مرتاحاً دون حساب ويشتم ويسب يميناً ويساراً وكيفما اتفق ويمتشق السقوف والكلام العالي دون حسيب، وبين مواقف من يجلس على كرسي الحكم، فالأخير لا يقل وطنية عن غيره، لكنه لا يملك ذات المساحة الحرة في القول، لأنه يخاطب العالم الرسمي والخصم المتربص، فحساباته أكثر حساسية مسؤولية وخطورة، وبالتالي يجب محاكمة المواقف من مواقع أصحابها ومكانة مسؤولياتهم المحسوبة ومناظيرهم الدقيقة، لا من مواقعنا الحرة  المرتاحة من أي تكليف ومسؤولية، وبمناظيرنا المرتاحة على مصراعيها بلا كُلَفٍ أو تبعاتْ، لأن في ذلك ضلالة وظلم كبير ودَربٍ من دروب التشاتْ، لشعبٍ جُلُّهُ في الشَّتاتْ، وألله ينجينا مْنِ الآتْ.

[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف