الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في مفهوم "الاحتراق الوظيفي"بقلم:أ. نللي يوسف القصاص

تاريخ النشر : 2014-11-22
قراءة في مفهوم "الاحتراق الوظيفي"
بقلم: أ. نللي يوسف القصاص
           جامعة القدس     

يشهد العالم ثورة تكنولوجية حقيقية تخلق تحديات مستمرة في بيئة العمل تنعكس على الحياة اليومية في كافة المجتمعات بما فيها المجتمع الفلسطيني، وينعكس ذلك على الاداء الوظيفي مسببا ضغوطا نفسية مما يجعل الاشخاص عرضة لما يسمى  بالاحتراق الوظيفي، ما يتطلب من الأفراد التعايش مع تلك الضغوط وتطوير مهارات ادارية وقيادية لمواجهتها والتعايش معها والتقليل من تأثيرها على حياتنا.  ويعتبر الاحتراق الوظيفي من الامراض العصرية الشائعة بسبب تناقضات نعيشها سواء كانت اجتماعية او نفسية او وظيفية تسهم في تفاوت مستويات التعرض للاحتراق الوظيفي.
وبالتزامن مع ثورة التكنولوجيا والاتصال سعت العديد من المؤسسات إلى الاستغناء عن عدد كبير من الموظفين والعاملين لديها في محاولة منهم للوصول إلى الترشيد والذي يشير إلى تقليص أعداد الموظفين، ما أدى إلى زيادة ضغط العمل أكثر والأعباء الوظيفية على الموظفين المتبقين في المؤسسة، واضطرارهم لتحمل ضغط العمل وظروفه القاسية حفاظا على مصدر رزقهم، وأحيانا يعمد بعض المدراء وبعض أصحاب العمل إلى مطالبة هؤلاء الموظفين بالعمل لساعات إضافية دون الاهتمام بمصالح الموظفين أو معنوياتهم ودون أدنى محفزات لهم، و تعتبر هذه الظروف أحد أهم محركات الوصول إلى ما يسمى الاحتراق الوظيفي، الذي نسعى الى تسليط الضوء عليه، وتحديد من هم أكثر الموظفين عرضة للاحتراق الوظيفي وآثاره عليهم، و دور رؤساء العمل  والموظفين أنفسهم في  مواجهته .
لقد كان نبيرغر(1974) من أوائل من ادخل مفهوم الاحتراق الوظيفي، حيث لاحظ إن الأفراد الذين يعملون في الخدمات والمهن الانسانية والذين يقدمون خدمات الرعاية الصحية يتشكل لديهم إحساس عالي بالتعب والإرهاق بسبب نوع العمل والتغيير في أوقات الدوام، فيرتفع لديهم الشعور بالإحباط وعدم الرضا الشخصي وهي احدى اولى مسببات الاحتراق الوظيفي، و يعرف الاحتراق الوظيفي على انه مجموعة من أعراض الاجهاد النفسي والذهني والاستنفاذ الانفعالي الذهني والتبلد والإحساس بعدم الرضا عن المنجز الشخصي،  وعرفت ماسلاك (1982) الاحتراق الوظيفي بانه عبارة عن اعراض مجتمعة من الاجهاد والارهاق الذهني والانفعالي، مع شعور بعدم الرضا عن المستوى الوظيفي والانجاز الشخصي، وأيضا شعور الموظف بعدم الرضا عن القيمة المعنوية للوظيفة التي يشغلها وقلة ثقته بقدراته الخاصة للقيام بالاداء المطلوب لمهنته. ويحدث الاحتراق الوظيفي عندما لايكون هناك توافق ما بين طبيعة العمل وطبيعة الفرد الذي ينجز الاعمال ويؤديها، والتباين بين هاتين الصفتين يعزز الاحتراق الوظيفي.
واذا ما تعمقنا بهذا التعريف نجد ان الارهاق يعني استهلاك ونفاذ قدرات التحمل العاطفية والداخلية الخاصة بالموظف، ومن هنا تبدأ المعاناة، لأن نفاذ القدرات لدى الموظف يدفعه إلى الابتعاد عن الوظيفة شيئا فشيئا ويقوده الى التقليل من  شأن وقيمة وظيفته أكثر فأكثر، ونتيجة لذلك يزداد شعور الموظف بقلة فعاليته وحماسته للوظيفة، وبأنه لن ينجز الأهداف المطلوبة منه، ويقل مستوى الأداء والكفاءة بالعمل وتزداد الواجبات المتراكمة وغير المنجزة عليه وتزداد الأخطاء ومن ثم الشكاوي، ويزداد شعوره بعدم الرضا وقلة الكفاءة ويتردى وضعه اكثر فأكثر فيزداد لديه  الضغط والإجهاد النفسي والعصبي وصولا الى الاحتراق الوظيفي وبدرجات متفاوتة  بحسب درجة تحمل ذلك الموظف وشخصيته، نمط حياته، تحصيله العلمي، ومواقفه تجاه ضغوطات العمل بالإضافة إلى بيئة العمل، والواجبات التي يقوم بها ودرجة تعقيدها وعدد المراجعين والشكاوي من الجمهور وعلاقته مع الزملاء ورؤسائه بالعمل بالاضافة الى وضعه الاقتصادي، هذه كلها ممكن ان تكون عوامل تزيد من حدة التوتر لديه وتزيد من قابلية الموظف للاحتراق الوظيفي .
هناك عوامل تجعل بعض الموظفين  اكثر عرضة من غيرهم  للاحتراق الوظيفي، فالموظفون الأكثر عرضة للاحتراق الوظيفي هم  العاملون في بعض المهن كالتعليم، الطب، التمريض وغيرها من المهن الاجتماعية، بالاضافة الى الموظفين في الوظائف التي لا تستخدم التدوير الوظيفي والتي تميل لاستخدام طفيف للترقيات، ويعتبر الموظفون اصحاب الطموح العالي والميل للانجاز هم الأكثر عرضة للاحتراق الوظيفي، لأنهم لا يشعرون بالرضا الوظيفي، ويميلون غالبا لارضاء جميع الاطراف وبالتالي إهمال حياتهم الشخصية ويؤدي ذلك  بهم إلى التعرض لاكبر درجات الضغط والارهاق الذهني والنفسي والجسدي.
 وهنالك عوامل اخرى مثل عامل عمر الموظف بحيث يتم النظر إلي تأثير العمر من ناحيتين، الناحية الاولى كعنصر مساعد في زيادة الاحتراق الوظيفي أحيانا، وفي الناحية الاخرى فهو يعتبر عامل مساعد في التغلب على المعيقات، ولتوضيح الناحية  الأولى فانه و كلما كان الشخص اكبر سنا فهو يتعرض للاحتراق الوظيفي بشكل اكبر نتيجة لعدم قدرته على تحمل الإجهاد الذهني النفسي والارهاق الجسدي الذي يتعرض له، الا انه وفي الحالة الثانية فان من شأن الخبرة المتراكمة عند الاشخاص الاكبر سنا ان تشعره بالراحة والرضا التام الامر الذي من شأنه ان يقلل من احتمالية تعرضهم للاحتراق الوظيفي .
بالاضافة لكل ما سبق فان  طبيعة عمل الموظف سواء كانت معقدة أومتغيرة باستمرار عند بعض الموظفين من الممكن ان  تشكل لهم عبئا جسديا ونفسيا لا يمكن احتماله، مما يساهم بدفعهم إلى الاحتراق الوظيفي، خاصة إذا لم يكن بمقدورهم العمل  على تشكيل  الصداقات أو العلاقات الاجتماعية، أو بسبب معاناتهم من ظروف اقتصادية صعبة والتي من شأنها ان  تزيد من امكانية تعرضهم للاحتراق الوظيفي، وبالتأكيد فان هناك موظفين تجتمع لديهم معظم العوامل الانفة الذكر في نفس الوقت معرضة إياهم إلى  مستوى أعلى من الاحتراق الوظيفي.
ان عدم ادراك الموظف للضغوط المتزايدة عليه وعدم قدرته على السيطرة على الامور ستزيد  من احتمالية  اقترافه لأخطاء في العمل مما يؤدي إلى شعوره بقلة التركيز، ومن ثم الإهمال والضياع وهذا يؤدي إلى استنفاذ قدراته و طاقاته الجسدية والفكرية والمعنوية وهو ما يوصف بدرجة عالية من الاحتراق الوظيفي والذي بدوره يتفاقم شيئا فشيئا مؤديا الى امراض صحية مفاجئة ، لذا فلا بد من الانتباه الى بعض الاعراض التي من الممكن أن تدل على أن الشخص يتعرض لضغوط  عمل مختلفة وبالتالي تجنب المزيد من الضغوط ومن الممكن الأخذ ببعض التوصيات المدونة في نهاية هذه المقالة لتجنب الاحتراق الوظيفي.
لقد تم إجراء العديد من البحوث والدراسات في محاولة لكشف سمات هامة ينبغي الاهتمام بها ليتم تجنب الاحتراق الوظيفي، وقد أثبتت الدراسات انه إذا شعر الموظف في أغلب الأحيان بأنه مريض مثلا، أو محبط ويرغب بالعزلة في المكتب او العمل، او/و لديه رغبة قليلة او معدومة لتادية واجباته، او/و لديه حالات من العدوانية وشعور بعدم الرضا عن العمل، أو/ولديه الآم غير مبررة مثل الآم الظهر، فهو لديه إحدى درجات الاحتراق الوظيفي التي تستدعي الانتباه.
إن جزءا كبيرا من المسؤولية  يلقى على كاهل الرؤساء لتجنب الاحتراق الوظيفي في العمل، فإن رئيس العمل عليه واجب  مساعدة مرؤسيه لتجنب التعرض للاحتراق الوظيفي، من خلال التحفيز المستمر للموظفين بنوعيه المادي والمعنوي ، وأيضا من خلال استخدام استراتيجيات  التدوير الوظيفي لاتاحة المجال للموظف للتغيير والخروج عن الروتين  وبتمكينه من اكتساب خبرات جديدة في العمل ومن خلال إعطاء الموظف شعورا بأهميته وقيمة عمله وضخ دماء جديدة بالدوائر هذا من شأنه رفع مستوى الاداء والرضا الوظيفي، ومن الممكن أيضا التقليل من ظاهرة الاحتراق الوظيفي لدى المرؤوسين من خلال تغليب أسلوب الحوار الهادف والحوار الدائم معهم وذلك يأتي بفتح قنوات الاتصال والتواصل الدائم، ومن خلال توضيح اهمية الوظيفة التي يشغلها كل موظف مهما كان مستواه الادراي وتوضيح مهامه وتزويده بالوصف الوظيفي والرؤية الواضحة للمؤسسة على ان تكون أعباءه ضمن الحد المقبول، والجانب الاخر من المسؤولية يقع على عاتق الموظف نفسه، فعليه الانتباه دائما الى مؤشرات الاحتراق الوظيفي والحرص دوما على البقاء بحالة من الهدوء بعيدا عن التوتر واخذ قسطا كافيا من الراحة يوميا وممارسة بعض التمارين الرياضية، واخذ استراحة من العمل، و تناول الطعام الصحي والخضار، وتجنب السهر لساعات طويلة، بالإضافة إلى التقليل من التدخين أو الابتعاد عنه نهائيا ان استطاع، هذا كله من شأنه مساعدة الموظفين للتعامل مع الاحتراق الوظيفي.         
 واخيرا علينا جميعا ان ندرك ان لكل شخص طاقاته وقدراته وانه لا يستطيع القيام بكل شيء دفعة واحدة وان علينا ادارة وقتنا بكفاءة وفعالية، وفي بعض الاحيان علينا ان  نقول "لا"  لما لا نستطيع القيام به، مع محاولة تغير ما نستطيع تغييره وخلق الاجواء المريحة بالعمل وان نحاول دائما السيطرة على مسببات الضغوط في العمل مع محاولة التجديد فيه كي لا نفقد الرغبة والدافعية للعمل.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف