الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

في رحاب بلاد الكنانة .. بقلم:حميد طولست

تاريخ النشر : 2014-11-21
في رحاب بلاد الكنانة .. بقلم:حميد طولست
في رحاب بلاد الكنانة ..

السفر متعة جمة وفوائد كثيرة ، والأمتع منهما أن تقضي لحظات هنيئة في ظل حياة بعيدة عما يرهق النفس ، ويكدر المزاج ، من تفكير في هموم الحياة وروتينها اليومي ، وذلك في منتجع تتوفر فيه مقومات الاستجمام والراحة ، من هدوء وطقس معتدل وأمان واطمئنان ، وأجواء تتجدد معها الحيوية ويتجدد بها النشاط ، وتدفع المرء إلى التدبر في انعم الله وخلقه ، كما هو الحال في "العين السخنة "، أو "الغردقة" ، أو "شرم الشيخ "، أو مدينة الأقصر من المآثر والآثار المصرية الخالدة كمقهى الفيشاوي .

كانت وجهتي وزوجي مساء ذاك اليوم الدافئ صوب معلمة تعدت شهرتها مدينة القاهرة ، وتجاوز حدود بلاد الكنانة تاريخا وحاضرا ، حتى أصبح يقال : "أن من لم يزرها وكأنه لم يزر مصر البتة "، معلمة جلس ذات يوم على أحد كراسيها نابليون بونابرت ، والخديوي إسماعيل ، وجمال الدين الأفغاني ، والشيخ محمد عبده ، وسعد زغلول ، وكوكب الشرق أم كلثوم ،  وجمال عبد الناصر ، وأنور السادات ، و سيد درويش ، وحافظ إبراهيم ، وبيرم التونسي . معلمة ارتبط اسمها بعملاق الأدب المصري نجيب محفوظ ، وأحتفظ له بركن خاص بها يحمل اسمه ، ويهيمن عليه سحر رواياته وكتبه وروائعه:  خان الخليل” ، “زقاق المدق” ، “بداية ونهاية” “حكاية حارتنا” “ملحمة الحرافيش” إضافة للثلاثية الشهيرة: “بين القصرين”، “قصر الشوق" ، و"السكرية" ..

لاشك أنكم عرفتموها ، إنها "مقهى الفيشاوي" المقهى الذي أنشأه فهمي الفيشاوي منذ حوالي ثلاث مائة سنة ، ليكون موضع ميلاد العباقرة ، ومصدر وحى وإلهام المبدعين ، و صنع الأدباء والمتأدبين ، وذلك في أحد زقاقات خان الخليلي المطلة على إحدى ساحات منطقة الحسين ، وجعل له 4 أبواب مزينة بمرايا كبيرة بيضاوية وأخرى مستطيلة ..

تمكنا بمساعدة نادل ظريف من إيجاد مقاعد لنا بين حشد الرواد والزوار من كل المراتب والمستويات والألوان والجنسيات ، الأدباء الذين يفضلون عقد لقاءاتهم بها ، والفنانين الذين يحبذون عقد تجمعاتهم بها.

ـ تمثال النهضة .

بعد زيارتنا لمقهى الفيشاوي التي ضمت بين حناياها ، في زمن ما ، العباقرة والمثقفين ، من ذوي العقول المستنيرة من الأدباء ورجال الموسيقى وسينما ، وكانت لهم مصدر وحى وإلهام وإبداع وبعد استمتاعنا للحظات بأجوائها الليلية الساحرة ، انخرطنا في زحام المتجولين عشاق دروب خان الخليل وحواريه الضيقة .. قادتنا عشوائية التجوال في شوارع القاهرة العريضة والطويلة ، الغارقة في صفوف في كآبة ألوان عماراتها الرمادية الحزينة.... أفضى بنا المسير إلى ساحة فسيحة يتوسطها تمثال ضخم تحف به حديقتان ، واحدة للحيوانات والأخرى للنباتات ، كتب تحته "تمثال النهضة" ذلك التمثال الذي ادخله اعتصام الإخوان المسلمين حوله عالم الشهرة صحبة ميدان "رابعة " المكانان اللذان يعدان اليوم من بين المعالم الكبرى التي تطبع ذاكرة كل زائر للقاهرة ، وأصبحا قِبلتان مميزتان للوفود السياحية ، بعد الأهرامات ، ونهر النيل ، وميدان التحرير ، المقاصد الأولى للزيارات الرسمية والسياحية الداخلية والخارجية.
ـ رحلة إلى مدينة الأقصر

بعد تمتعنا بالسياحة والإطلاع على الكثير من معالم مدينة القاهرة ومآثرها ، والتعرف على العديد من منتجعاتها ومواقع منتزهاتها  ، ومحافل آثارها ومقاصد الزائرين والسائحين بها ، من مساجد وقصور ومتاحف وحدائق ومتنزهات ومدن ألعاب وبحيرات ومهرجانات ومراكز التسوق ومطاعم ومحلات تجارية ، ورغم تحذير بعض الأهل والمعارف المصريين من السفر إلى مدينة الأقصر بدعوى عدم وجود ما يكفي من الامان ، والخوف من المجهول  -الذين لم ينسوه أبدا والمتمثل في الهجوم الإرهابي غير المبرر والمتناقض مع أدبيات الشرع الإسلامية ، والذي حدث في مدينة القصر في 17 نفمبر سنة 1997 وذهب ضحيته 58 سائحا – رغم كل ذلك ، فقد قررنا السفر لقضاء أيام نتعرف خلالها على ما تحويه هذه المدينة من عظيم الآثار ونادر المآثر التي يتجاوز –كما يقال- ثلثي ما يحويه العالم كله من مآثر ..

بعد ساعة تقريبا من إقلاع الطائرة التي اقلتنا من مطار القاهرة الدولي ، وصلنا بعون الله إلى مطار الأقصر حيث كان في استقبالنا مضيفنا إبراهيم - شاب حسن الخلق خفيف الظل محدث كريم - مندوب الوكالة السياحية التي تكفلت بمقامنا بالمدينة وزيارة مآثرها ، يصاحبه "جوزيف" سائق سيارة النقل السياحي الذي قطع بنا مسافة الخمس كلومترات الفاصلة بين مطار الأقصر والفندق في سلاسة واطمئنان ، كيف لا وهو من سكان المنطقة ، وعارف بطرق السير فيها وخابر بكل مطباتها الكثيرة والمزعجة فعلا ..

كان الفندق تحفة فنية ، وتصميما رائعا وهندسة عالية راقية ، تطل طوابقه السبعة على بحر النيل - كما يسميه المصريون - الذي تغمر نسائمه العليلة غرفتنا المشرفة على ضفتيه ، فتنعش الجسم وتشرح الصدر وتوقظ القلب وتشحذ الفكر  ..

بعد قسط مستحق من الراحة ، أخدنا إبراهيم  في رحلة على متن زورق شراعي -"فلوكة "- على النيل انسابت بنا على بلطيف ، كلطف نسائم المساء المداعبة لمياهه الأكثر صفاء في هذه المنطقة ، والأقل تلوثا منها في منطقة القاهرة -التي يبدو فيها رمادي اللون بسبب ما تعرفه مياهه من تلويث بمخلفات المصانع وفضلات الإنسان - وصلنا البر الغربية الذي كان الفراعنة يسمونه بمدينة الأموات ، حيث الجزر الكثيرة المليئة بالمدافن الفرعونية ، والتي زرنا جزيرتين منها فقط : جزيرة التمساح وجزيرة الموز ، والتي استقبلنا أهالهما وأصحاب المقاهي والمطاعم بهما مرحبين بنا بتقديم أصابع الموز كعادتهم ، وبعد العشاء خرجنا للتجول في ربوع المدينة وأحيائها الشعبية راكبين "الحنطور" -وهو عبارة عن عربات مجرورة بالأحصنة ، كتلك التي كانت مستعملة للنقل في المغرب والمسماة بـ"الكوتشي أو الكاليش ، والتي اختفت عن الأنظار مدة من الزمان قبل عودتها من جديد لشوارع المدن السياحية المغربية.

ــ في صباح اليوم الثاني حضر ابراهيم صحبة جوزيف وشاب ثالث أنيق علمنا ان اسمه "نشأة"  وأنه الدليل المكلف بمصاحبتنا في زيارتنا للأقصر الخبير بمواقع منتجعاتها ومراكز منتزهاتها ، والعارف بمواطن آثارها ومقاصد السائحين بها ، وعالم بكل شاردة وواردة بكل محافل السياحة بها ، فنعم المضيف ونعم الدليل دون السائق الوقور والذين عملوا جميعهم على جعل جولتنا رائعة وممتعة في ربوع مدينة الأقصر التاريخية ، بخبرتهم ومركز معلوماتهم التي كونا منها -خلال الأربعة أيام التي قضيناها هنالك -ثروة علمية ومعرفية عن آثار الأقصر المبهرة ، وعلى رأسها مقابر وادى المملوك والملكات : وهى المقابر التى أمر ملوك وملكات الدولة الحديثة بنحتها فى باطن الصخر فى هذا الوادى لتكون بمأمن من عبث اللصوص .. والتي تتكون من عدة غرف وسراديب توصل إلى حجرة الدفن. وأهم هذه المقابر: مقبرة توت عنخ أمون مقبرة رمسيس الثالث - مقبرة سيتى الأول مقبرة رمسيس السادس - مقبر امنحتب الثانى مقبرة حورمحب - مقبرة تحتمس الثالث .

وكمعبد الكرنك  الذي يبدأ بطريق للكباش ويضم أعظم المعابد التى لا نظير لها عبر التاريخ ، والتي من بينها معبد للإله أمون وزوجته الألهه (موت ) وأبنهما الإله ( خنسو ) اله القمر .. ويضم صالة الأعمدة الكبرى التى تحتوى على134 عموداً التى ترجع إلى عهد تحتمس الثالث ويفضى بنا المكان إلى بقايا الصرح الثالث حيث تقف أمامة مسلة تحتمس الأول ومنه إلى بقايا الصرح الرابع وتتقدمه مسلة حتشبسوت

وكالبحيرة المقدسة : والتي تقع خارج البهو الرئيسى حيث يوجد تمثال كبير لجعران من عهد الملك امنحتب الثالث وكانت تستخدم فى التطهي .

ومتحف الأقصر : والذي يقع بين معبدى الأقصر والكرنك ويضم المتحف المجموعات الأثرية الفرعونية التى عثر عليها فى مدينة الأقصر والمناطق المجاورة.

لا أفشي سرا إن أنا قلت أني سافرت كما سافر غيري وسرت في أرض الله الواسعة ، ورأيت وشاهدت الكثير من البلدان ، وأحسست في الكثير منها بمتعة الاستجمام والراحة ، لكني لم أحس قط بما أحسست به من رهبة في رحاب هذه المآثر التي وأنشرح لها صدري ، وتعلق بعظمتها نظري وشغل بها فكري كلما أحدقت النظر مليا فيها..

أزف موعد الرحيل وحان موعد الطائرة ، فأخذت أشد رحالي استعداداً للعودة وتوديع الأقصر ومآثرها وتوجهت إلى خالقي بالشكر وسألته أن يحفظ هذا البلد الذي كان التجول والسياحة في ربوعه رائعا وممتعا  ، خاصة في صحبة مثل هؤلاء الفتية ، لصدق تعاملهم وحسن ولباقة تصرفاتهم ، التي لا شك تخدم السياحة كظاهرة حضارية وصناعية  وهدفاً تسعى إليه مصر وتعمل على ترسيخه وتوطينه ..

ملاحظة : لم يكن الدخول للمنتجعات السياحية ومزارات المآثر التاريخية ، بالمجان بل كان برسوم رمزية للمصريين والعرب عامة ، لكنها كانت بأثمان أغلى للأجانب من غير العرب ، توفر دخلا يشكل عنصراً اقتصادياً هاماً له آثار بعيدة المدى في تدعيم الدخل القومي وتعزيزه ..

 حميد طولست [email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف