الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

العلاقة بين العسكريين والمدنيين بقلم:مصطفى نصر

تاريخ النشر : 2014-11-21
العلاقة بين العسكريين والمدنيين بقلم:مصطفى نصر
العلاقة بين العسكريين والمدنيين
مصطفى نصر

بدأتْ هذه المشكلة عندما قام العسكريون بثورة يوليو 52، فارتفعت قيمتهم، وقد ذهبتُ عام 1974 لزيارة أخي المجند في البحرية - في أول تجنيده، ووقفنا أمام مساعد ( صول) مسن، قدمنا له البطاقات ليدونها في دفتر أمامه، وجلستُ بجواره في انتظار أن يسمحوا لي بزيارة أخي. فحكي لي عما حدث منذ أيام، فقد  اختلف مع أحد الزوار فشكاه لضابط قريبه، فأمره الضابط بأن يعتذر له، فقال الصول للضابط: لا يمكن لعسكري أن يعتذر لمدني.
كان الصول مقتنعاً بأن العسكريين أرقى درجة من المدنيين، ولو أخطأ العسكريون في حق المدنيين؛ فلا يستحقون منهم الاعتذار.
تفكير غريب فكلنا واحد، ولا يمكن أن نقول إن المدنيين فئة والعسكريين فئة أخري، بل هي فئة واحدة متداخلة.
وقد سألتني قريبتي التي لا تجيد القراءة والكتابة: فيه أعلى من الظابط؟
وقد شاعت قصة في الستينيات - وقت أن كان ضباط الجيش هم الأقوي – أن رزقت إحدى الأسر بطفل، فاجتمعوا حوله لرسم  طريق حياته.
تمنت أمه أن يكون طبيباً في المستقبل، لكن والده تمنى لو كان مهندسا، وخالته أرادته شيئا آخر، لكن الجد قال:
-    أنا من رأيي أن يكون ضابط جيش في الأول، وبعد ذلك، يتخصص فيما يريد، طبيبا أو مهندسا .. إلخ.
وشاعت قصص في المجتمع الله أعلم بمدى صحتها، أن اشتكى ضابط جيش إلى المشير عبد الحكيم عامر من أن صاحب البيت الذي يسكنه يظلمه، فضاق المشير بحديث ضابطه، وقال له:
-   إن لم تأخذ حقك منه بالعافية لن أرضى عنك.
    وقد تحمس الكثير من مخرجي التليفزيون لتحويل روايتي الهماميل إلى مسلسل تليفزيوني، وبعد رحلة شاقة وافقتْ رقابة التليفزيون على التحويل، وكان السيناريست هو فايز غالي  عليه رحمة الله، والمخرج محمد السيد عيسى، لكن المرحوم يحيي العلمي – ( وكان مديرا في التليفزيون ) أصر على أخذ رأي وزارة الداخلية في الرواية، ونشرتْ جريدة الأخبار برفض الرقابة للمسلسل للمغالاة في إظهار سلبيات الشرطة.
وقتها اندهشت، فلو اعترضت نقابة المهندسين مثلا لتصوير أحد أعضائها في صورة سيئة؛ لا تملك إلا أن ترفع دعوى قضائية لوقف عرض المسلسل أو الفيلم، إنما الشرطة لها حق الموافقة أو الرفض.
ما أحكيه حدث منذ سنوات طوال، ولكنني الآن أحس بأنني أخطأتُ عند كتابة رواية " الهماميل "، فقد صورت شخصيتين من البوليس أحدهما قبل الثورة كان ضد الحركة الوطنية المصرية، وشقيقه بعد الثورة كان سيئا أيضاً، علماً بأنني ذكرت بعض ضباط الشرطة الوطنيين الذين كانوا يتعاملون مع جمعية التضامن الأخوي التي تغتال الإنجليز وعملاءهم، لكنني لم أعطهم القدر الكافي الذي يتوازن مع ما أظهرته عند رسم العناصر السيئة الأخرى من الشرطة؛ رغم وجود هذه العناصر المضيئة في الحقيقة وبشكل واضح وعظيم . فقد كانت الجماعات الوطنية – قبل الثورة - لا تخلو من ضباط شرطة، يقومون بتدريب الأعضاء على استعمال السلاح في المقطم، أو في الصحاري والجبال الأخرى. وبطولاتهم الوطنية لا تحصى ولا تعد، فأحدهم أخفى بطل وطني في حجرة حجز قسم الشرطة الذي يعمل به، وبحث الانجليز عنه في كل مكان دون جدوى.
    وأذكر عند افتتاح فرع اتحاد الكتاب في الإسكندرية، وقد حضر الكثير من أعضاء مجلس إدارته، وأقيم سرادق كبير أمام المقر الذي كان قريبا من قسم شرطة الرمل، وتم الاتفاق مع سقاة يقومون بتقديم المشروبات للأعضاء والضيوف، وجلستُ مع أصدقائي أمام تقاطع للشارع؛ يجلس فيه مجموعة من ضباط القسم، جاءوا لحماية الاحتفال، خاصة أن محافظ الإسكندرية قد أناب عنه موظفا كبيرا في المحافظة. فلاحظت أن السقاة الذين جاءوا لخدمة الأعضاء وضيوفهم؛ قد تركوا كل شيء، وتفرغوا لخدمة الضباط، فتحدثتُ مع من معي في هذا. وأشرت إلى هذا المشهد الغريب.
    وقد كنتُ أجلس كثيرا في قهوة السمان على البحر في حي بحري، وحكى لي صاحب مقلة لب هناك، إنه شاهد سيارة تدهس رجلا، وهي تلف بسرعة من على البحر إلى شارع رأس التين في مواجهة القهوة، فذهب ليشهد بما رأي، وقال لي:
- لقد غلبوني، كل يوم والثاني أغلق المقلة وأقضى الساعات عندهم، حتى قلت لهم: " أنا استاهل ضرب الجزمة إللي جيت شهدت ".
وصار هذا مألوفا، الناس تخاف أن تذهب للشهادة حتى لا يتلقوا سوء المعاملة في القسم. وذلك ذكرني بما حدث عندما ركبتُ أتوبيس من أمام شركتي في منطقة الطابية، وفي حي رشدي أطلق السائق نفيرا عاليا، لم يعجب أحد الشبان الذي كان منحنيا على سيارته مع كهربائي سيارات هناك، فحدثت مشادة بينه وبين السائق، فضرب زجاج الأتوبيس بالمفك الذي يحمله، فكسر الزجاج، ونزلنا من الأتوبيس لأن سائقه سيذهب لعمل محضر في القسم، وسرتُ، لكن لسوء حظي شاهدني أحد ركاب الأتوبيس، وسألني: مش كنت راكب الأتوبيس؟
 قلت: نعم، قال: ياريت تيجي تشهد مع السائق، قلت ما فيش مانع.
ودخلنا القسم، وجلسنا متجاورين، في انتظار أن يأخذ الصول أقوالنا، لكنه كان مشغولا في كتابة محضر آخر، وتم الاتفاق بين إدارة النقل العام، ووالد الشاب على دفع ثمن الزجاج، وخرجنا من القسم، لكن رفيقي قال لي:
- أحنا ما سألناش السواق إن كان محتاج لنا والا لأ.
فعدنا إلى القسم لسؤاله، وإذ بضابط شاب يأتي نحونا غاضبا:
- هو كازينو داخلين طالعين؟!
سرتُ حزينا لأنني سمعت كلام هذا الرجل، وعرضت نفسي للمهانة.
والشرطة تعلم هذا جيدا، لهذا، أعلنوا أيام هوجة الإرهاب، بأن من لديه معلومات يرسلها بسرعة، وله الحق في عدم ذكر اسمه وبياناته لو أراد.
    عندما نشط الإرهاب في ثمانينات القرن الماضي، قلت هذه فرصة لكي تُحسن الشرطة معاملة الشعب الذي تحتاج إليه في مواجهة هذا الإرهاب، لكن للأسف لم يحدث هذا، وظلت الثقة مفتقدة بينهما إلى الآن.  
كنتُ أسير في شارع "جميل ثابت " مع صديق لي كان في السنة النهائية من كلية التجارة، فقال:
-    إن احتمال فرصة تجنيده في الجيش ضعيفة جدا، فهم يختارون نسبة قليلة جدا من حاملي المؤهلات العليا.
لكن بعد أيام قليلة قامت حرب يونيو 67، وانهزمنا من الجيش الإسرائيلي هزيمة مريرة، وتم تجنيده بالجيش، بعد أن غيرت الدولة سياستها، واتجهت إلى تجنيد الشباب الصالح من الحاصلين على المؤهلات العُليا. وكان ذلك السبب المباشر في نجاحنا في اجتياز خط بارليف، ثم الانتصار على الجيش الإسرائيلي في 6     أكتوبر 1973.
    وهذا هو الحل بالنسبة للشرطة، لابد من الاستعانة بالحاصلين على مؤهلات عليا للعمل في الحراسة وفي التعامل مع المدنيين. فلا شك أن سوء المعاملة سيقل تدريجيا وسيتلاشى بعد ذلك.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف