الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مدينة القدس هي عاصمتنا الدينية والروحية بقلم:الشيخ الدكتور تيسير التميمي

تاريخ النشر : 2014-11-01
هذا هو الإسلام
مدينة القدس هي عاصمتنا الدينية والروحية
الشيخ الدكتور تيسير التميمي/قاضي قضاة فلسطين رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي سابقاً أمين سر الهيئة الإسلامية العليا بالقدس
 ، [email protected]

تمثل مدينة القدس وأرض فلسطين المباركة أرض رباطٍ وجهادٍ إلى يوم القيامة ، بيَّن لنا ذلك رسولنا صلى الله عليه وسلم بقوله { يا معاذ إن الله سيفتح عليكم الشام من بعدي من العريش إلى الفرات رجالهم ونساؤهم وإماؤهم مرابطون إلى يوم القيامة فمن اتخذ ساحلاً من سواحل الشام أو ببيت المقدس فهو في جهاد إلى يوم القيامة } .
فحديث القرآن الكريم وبالأخص في سورة الإسراء عن المسجد الأقصى المبارك وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن مكانته وفضل الصلاة فيه تبشر بأن فتح القدس سيكون للإسلام وللمسلمين . وقد كان ، فقد فتحت روحياً بالإسراء والمعراج ، فارتبط المسجد الأقصى المبارك بالمسجد الحرام ارتباطاً عقائدياً مصيرياً ؛ أوحى للمسلمين أن ضياع أحدهما ضياع للآخر ، بل ضياع لمقدسات الإسلام جميعاً .
علم المسلمون عظيم الأجر على الجهاد والمرابطة في سبيل الله تعالى ، فقد قال تعالى { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } آل عمران 200 ، وقال صلى الله عليه وسلم { رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها } رواه البخاري ، فكيف به إذا كان في مدينة القدس أرض الرباط والجهاد إلى يوم الدين !
وعلموا أيضاً ما تمثله هذه المدينة المباركة في عقيدتهم ، فتعلقت بها قلوبهم وحرسوها وكرّموها بدمائهم ، وهبُّوا للدفاع عنها كلما تعرضت للغزو أو الاحتلال ، واعتبروا التخلي عنها تفريطاً في العقيدة لا يمكن أن يصبروا عليه لأنه طعنٌ لهم في عزتهم وكرامتهم ومظهرٌ لهوانهم ، فهي المدينة العزيزة الغالية على قلوب المسلمين ، وعاصمتهم الروحية الثالثة بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة ، ومسجدها المبارك درة مقدساتهم ، هي مدينتهم الحبيبة التي تعيش في ضمائرهم ، وصف الله سبحانه وتعالى أرضها وما حولها في القرآن الكريم بأنها أرض مباركة مقدسة في آيات عديدة :
1- قال الله تعالى عن سيدنا إبراهيم { وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ } الأنبياء 71 ، ولم يخالف أحد في أن هجرة سيدنا إبراهيم الخليل من العراق كانت إلى فلسطين .
2- وقال أيضاً { وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ } الأنبياء 81 ، قال العلماء كانت الريح تجري إلى أرض الشام وبيت المقدس .
3- وقال سبحانه عن حضارة سبأ في اليمن { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ٱلْقُرَى ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً } سبأ 18 ، عنى بالقرى التي بورك فيها بيت المقدس .
4- وعقب غرق فرعون قال تعالى { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } الأعراف 137 ، وهذه الأرض هي بلاد الشام وبيت المقدس .
5- وخاطب سيدنا موسى قومه { يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ } المائدة 21 ، والأرض المقدسة هي فلسطين التي رفض بنو إسرائيل أن يدخلوها عصياناً { قَالُواْ يَامُوسَى إِنَّا لَنْ نَّدْخُلَهَآ أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } المائدة 24 ، فحرمها عليهم عقوداً وعاقبهم بالتيه عنها ، قال تعالى { قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي ٱلأَرْضِ } المائدة 26 .
6- وقال الله تعالى { سُبْحَانَ ٱلَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَى ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَى ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ } الإسراء 1 . تنص هذه الآية الكريمة بوضوح على مباركة هذه المدينة وقدسيتها .
ومن بركتها المعنوية ما اشتملت عليه من جوانب روحية ودينية ، فهي مهد النبوات ومبعث الرسل الذين مشت خُطاهم على ثراها المبارك ، واتخذوا المسجد الأقصى قبلة لهم ، وكل شبر فيها يحمل بصمات نبيّ وأصداء ملاك :
1- فبين أرجائها تنقل سيدنا إبراهيم وآله ، وفي أرضها يرقد هو وبعض ذريته ، قال تعالى { فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ } هود 70 ، ومعلوم أن لوط يسكن فلسطين.
2- وفي قراها ومدائنها واجه لوط فحشاء قومه ، فحذرهم وأنذرهم ، فاستحقوا العذاب لإعراضهم وتماديهم ، قال تعالى واصفاً مصيرهم { فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً من سِجيلٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ } الحجر 74-76 ، فمدينتهم على طريق معروفة وآثارهم مرئية للمارة قرب البحر الميت .
3- وفي رحابها عاش آل زكريا وآل عمران أصفياء الله ، قال تعالى { إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } آل عمران 33 ، وولد لهم سيدنا يحيى عليه السلام ، قال تعالى { فَنَادَتْهُ ٱلْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي ٱلْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } آل عمران 39 .
4- وفيها نشأت مريم الصِّدِّيقة عابدة في محراب بيت المقدس ، قال تعالى { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا ٱلْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يمَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إنًّ ٱللًّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } آل عمران 37 ، وبُشّرت بكلمة الله وعبده ورسوله عيسى عليه السلام { إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلائِكَةُ يامَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } آل عمران 45 .
5- وكليم الله موسى عليه السلام سأل الله عند الموت أن يدنيه من هذه الأرض المقدسة رمية بحجر رواه البخاري .
وجاءت الإشارة إليها تلميحاً في عدة مواضع في كتاب الله تعالى :
1- أقسم الله بمنابتها قائلاً { وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ } التين1 ، قال المفسرون إن الزيتون هو جبل بيت المقدس ومسجدها .
2- قال أبو هريرة : الزموا هذه الرملة من فلسطين فإنها الربوة التي قال الله تعالى فيها { وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } المؤمنون 50 .
3- وقال ابن عباس في تفسير قوله تعالى { يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ } الحديد 13 : السور سور بيت المقدس به باب الرحمة وخلفه وادي جهنم .
4- وقال تعالى { وَٱسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } ق41 ، قال المفسرون : المنادي هو إسرافيل ينادي من صخرة بيت المقدس . فمدينة القدس بأسوارها ووديانها وصخورها نموذج مصغر للأرض التي سيجري عليها حساب البشر.
5- وفي قوله تعالى { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ } النور36 ورد أنها المساجد الأربعة المسجد الحرام ومسجد قباء ومسجد رسول الله في المدينة ومسجد بيت المقدس .
6- وفي قوله تعالى { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَّنَعَ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَآ } البقرة 114 قال كثير من المفسرين هو المسجد الأقصى المبارك .
7- وفي قوله تعالى { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ ٱلْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً } الإسراء 7 أجمع المفسرون على أن المسجد المقصود هو المسجد الأقصى المبارك .
لكل ذلك استحقت هذه المدينة المباركة أن تكون جنة الدنيا وجنة الآخرة ، قال صلى الله عليه وسلم { من أراد أن ينظر إلى بقعة من الجنة فلينظر إلى بيت المقدس } رواه ابن عباس ، واعتبر صلى الله عليه وسلم الإحرام منها بعمرة تكفيراً لما تقدم من الذنوب ؛ روت أم سلمة رضي الله عنها { من أهلّ بعمرة من بيت المقدس كانت له كفارة لما قبلها من الذنوب }ط فقالت أم حكيم رضي الله عنها : فخرجتُ من بيت المقدس بعمرة ، رواه ابن ماجه .
فهل يمكن أن يرضى المسلمون اغتيالها أو استبدالها أو المساومة عليها ؟ قد علم المسلمون جميعاً أنها ليست للفلسطينيين وحدهم ، وإنما هي للمسلمين ، كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، يحافظون عليها بالمهج والأرواح لأنها جزء من عقيدتهم .
إذا كانت هذه مكانة القدس عند المسلمين كافة فما هي عند الفلسطينيين ؟ إنهم يقاومون المحتل وحدهم نيابة عن الأمة جمعاء بصدورهم العارية دفاعاً عنها ، ويبذلون أرواحهم ودماءهم الزكية حفاظاً على هويتها العربية والإسلامية وعلى هوية المسجد الأقصى المبارك ، ويجاهدون بكل السبل المشروعة للوصول إلى حقوقهم المكفولة في كل الشرائع السماوية والمواثيق والقرارات الدولية في التحرر من الاحتلال ، ونيل الحرية والاستقلال بإقامة دولتهم ذات السيادة الكاملة على التراب الفلسطيني وعاصمتها الأبدية مدينة القدس المباركة .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف