الأخبار
بعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكريا بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيينمسؤولون أميركيون:إسرائيل لم تضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح..وحماس ستظلّ قوة بغزة بعد الحربنتنياهو: سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس خلال الأيام المقبلة
2024/4/23
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ابن بطوطة يبعث من جديد بقلم سليم عوض عيشان ( علاونه )

تاريخ النشر : 2014-10-27
ابن بطوطة يبعث من جديد  بقلم سليم عوض عيشان ( علاونه )
"ابن بطوطة يبعث من جديد "
قصة قصيرة
بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونه )
غــــزة الصمـــــود والمحبة
==================

تنويه :
فكرة النص مستوحاة من الأحداث الأخيرة التي حدثت إبان العدوان الهمجي من العدو على قطاع غزة .

تنيه :
النص مطول ..
( الكاتب )
------------------------------------------------

"ابن بطوطة يبعث من جديد "
( الجزء الأول )

في الصباح الباكر ؛ كان هاتفي النقال يصدر أزيزاً متواصلاً ، وضعته على أذني بتثاقل وآثار النعاس ما زالت تغالبني . على الطرف الآخر كان يأتي صوت صديقي ليبدد ما تبقى من آثارٍ للنعاس في عينيّ .
بصوته الرخيم المرح كان يفاجئني :
- " ابن بطوطة " في طريقه إليكم .. إلى غزة !! .
كلماته الغريبة تلك كانت كفيلة بأن تبدد كل آثار النعاس وكل مخلفات النوم ..
اندفعت الكلمات متلاحقة من فمي :
- من ؟؟!! .. " ابن بطوطة " ؟؟!! ..أين ؟؟ .. متى ؟؟ .. كيف ؟؟
أجابني الصوت الرخيم على الطرف الآخر :
- انه بانتظارك .. على الناحية الأخرى من المعبر .. معبر رفح .. ليدخل غزة ..
قال ذلك ، ثم اقفل الخط .. وغادر .
انتابتني الحيرة .. الدهشة .. التساؤل .. ومليون علامة استفهام تبدأ صغيرة ثم تكبر .. وتكبر .. وتكبر ..
" ابن بطوطة " ؟؟!! .. هل يعقل ذلك ؟؟ .. كيف ؟؟ .. متى ؟؟ .. وأين ؟؟ "
لم أجد أي فائدة ترجى من كثرة التساؤلات تلك .. والتي لم أعثر لأي منها على إجابة شافية ..
وعلى ذلك .. وجدت بأن لا بد من البدء بالعمل الفعلي .. ليحل محل الحديث القولي .. ارتديت ملابسي بسرعة كبيرة .. وانطلقت ..
قرعت كل الأبواب .. كل الدوائر .. كل الوزارات .. رحت أبحث عن حل .. من أجل الحصول على تصريح للمغادرة .. للمغادرة من غزة ..إلى الجانب الآخر .. في الطرف الغربي .. من أجل استقبال " ابن بطوطة " الذي بعث من جديد .
في نهاية يوم طويل حافل .. وجدتني أعود إلى منزلي خالي الوفاض ، فلم أتمكن من الحصول على التصريح المطلوب من أي جهة كانت ، ووجدت بأن لا أمل لي بذلك على الإطلاق حتى ولو قضيت الأيام والشهور من أجل تحقيق الهدف .. فالحصول على التصريح مجرد سراب .. مجرد وهم .
ما إن ألقيت بجسدي المنهك إلى أقرب مقعد .. حتى كان أزيز الجهاز النقال " المحمول " يعاود مطاردتي من جديد . وبتثاقل أدنيت الجهاز من أذني .. وعلى الطرف الآخر كان الصوت الرخيم المرح ينطلق :
- " ابن بطوطة " في الجانب الآخر ما زال ينتظر ... لقد حاول دخول المعبر دون جدوى .. لقد قدم الرجل جميع أوراقه الثبوتية .. مؤلفات رحلاته بالكامل .. وكتب التاريخ .. لم يعترفوا بها .. لم يأذنوا له بالدخول .. بحجة أن الأوراق الثبوتية تلك لا تجدي .. فلقد عفا عليها الزمن .. أكل الدهر عليها وشرب ..
أتبع صديقي :
- عليك يا عزيزي أن تتدبر الأمر .. وبسرعة .. عليك أن تستخرج له تصريح دخول إلى غزة .. بالسرعة الممكنة .
كان الرجل يتحدث بكلمات مندفعة من فمه كما تنطلق الرصاصات من المدفع الرشاش ، لم يسمح لي بالمقاطعة .. لم يدع لي فرصة للتوضيح .. لم يأذن لي بمجرد كلمة توضيح .. أغلق الخط من جانبه على الجانب الآخر وغادر .. وكأنه يعتقد بأنه قد أصدر الأوامر وما عليّ سوى الانصياع والتنفيذ بدون أن أجادل أو أن أعترض .
يا لها من حيرة فعلاً .. ها هو صديقي يطلب مني استخراج تصريح دخول إلى غزة لصاحبنا " ابن بطوطة " .. هو يعتقد بأنني أحمل عصاً سحرية ؟؟!! .. إنه لا يدري بأنني لا أستطيع الحصول على تصريح الخروج لاستقبال الرجل " ابن بطوطة " .. تمهيداً لمرافقته إلى غزة .. لإكمال مشوار رحلاته التي لا تنتهي .
فكرت .. حتى أجهدت فكري ، ولم أصل إلى أي حل .. وأخيراً كنت أنطلق من مكاني بسرعة البرق بعد أن اعتقدت بأنني قد توصلت للحل السحري للمعضلة ..
كنت أنطلق بسرعة الصاروخ العابر للقارات .. ليس المهم أن يكون الصاروخ روسياً أو أمريكياً .. المهم أنه صاروخ .. لأصل إلى أقصى جنوب قطاع غزة .. إلى رفح الشرقية .. رفح الفلسطينية .. حيث يقابلها على الجانب الآخر .. رفح المصرية .
لحظات من المفاوضات السريعة .. كنت بعدها أخرج كل ما في جيوبي .. أدفعها لصاحب " النفق " .. ليأذن لي بالمغادرة إلى الطرف الآخر ..من أجل استقبال صاحبنا " ابن بطوطة " .
من الطرف الآخر .. الغربي من النفق .. كنت أخرج من فوهة القبر كالأموات .. بعد أن كابدت الخوف .. وعانيت الرهبة .. بينما كنت أسير في النفق الطويل الذي كان يتلوى كثعبان خرافي .. كنت أسير في النفق مطأطئ الرأس .. منحني القامة .. ليس تواضعاً .. بل مكرهاً بسبب انخفاض سطح النفق .
ووصلت إلى الطرف الآخر من الناحية الغربية ، ولم يكن من الصعوبة بمكان أن أعثر على الرجل .. " ابن بطوطة " .. وأن أعرفه من بين الآلاف الذين كانوا ينتظرون السماح لهم بدخول غزة بطريقة أو بأخرى .
عرفته من زيه الغريب ، وغطاء رأسه العجيب ، وحذائه المهيب ؟؟!! .. كان الرجل يتأبط " رزمة " ضخمة من الأوراق والكتب الصفراء التي تحوي حكايات رحلاته العديدة ، ومواقفه الفريدة .
يبدو أن الرجل قد عرفني وأنا أقترب منه ، فقد رأيت شبح ابتسامة غريبة ترتسم على محياه ، بينما كان يتقدم ليصافحني بيده الخشنة من أثر السنين .. التجوال .. الترحال .. والكتابة بالأقلام الخشبية الغريبة . صافحني بقوة كادت أن تطوح بي .. وضغط على يدي بخشونة كدت أن أصرخ طالباً النجدة .. تمتم وشبح الابتسامة على محياه :
- رجال الأدب والكتابة لهم سمات مشتركة ، فأنا عرفتك من سحنتك الغريبة ؟؟!! وعيونك الزائغة ؟؟!! .. وفكرك المشتت .. ونظراتك التائهة .. وعقلك المجهد .. و ..
لم يلبث أن سحب يده من يدي بقوة ، وقد تلاشت الابتسامة عن محياه .. واكفهر وجهه وهو يدمدم :
- ولكن ما بال يدك طرية هكذا ؟؟!! .. لينة .. ناعمة كالحرير ؟؟!! . فإن عهدي برجال الأدب والكتابة أن تكون أيديهم خشنة مثل يدي هذه ..
حاول الرجل " ابن بطوطة " أن يتبع القول المزمجر بالفعل الهادر .. فقد أقفل عائداً من حيث أتى .. لحقت به صارخاً متوسلاً .. متعلقاً بأهداب ثيابه البالية بقوة .. فتمزقت بين يديّ .. وخرجت قطعة من ثوبه بين أصابعي .. رحت أتوسل إليه .. أستحلفه بكل الرسل وبكل الأنبياء وبالكتب السماوية .. وبكتب رحلاته المشهورة .. وبكتب التاريخ التي ذكرت مناقبه .. وسردت عجائب رحلاته " البطوطية " .. أقسمت عليه أن يعود .. حاولت أن اشرح له الأمر وكنهه ، أفهمته بأنني رجل مبتدئ في الكتابة .. ومستجد على الأدب ، وسوف تخشوشن يداي فيما بعد ..
يبدو أن الرجل قد اقتنع بعض الشيء .. بل لعله رثى لحالي وأشفق عليّ .. فعاد ليرافقني رحلة الدخول إلى جهنم .. أقصد إلى غزة عن طريق قبر طويل .. يتلوى كالأفعى الخرافية ..
حاولت أن أساعد الرجل بأن أحمل عنه بعض الكتب والأوراق ، فطوح يدي بعيداً بضربة قوية من يده الخشنة .. وكادت تلك الضربة أن توصلني إلى الجانب الآخر .. الجانب الشرقي بدون استعمال النفق ؟؟!! وتهاويت إلى الأرض .. كدت أن أقع لولا أن استندت إلى أقرب جذع شجرة آدمية .
لم يسمح لي الرجل " ابن بطوطة " بالمساعدة .. أو حتى بمجرد لمس أوراقه .. التي بدت أمام ناظريّّ صفراء اللون .. خضراء ... زرقاء .. حمراء .. بل وبكل ألوان الطيف . كان الرجل يضمها إلى صدره .. إلى قلبه بقوة غريبة ، يحاول أن يحميها حتى من الهواء .
سرت إلى جانبه .. انطلقنا نحو فوهة النفق .. من الطرف الذي أعرفه .. لأني خرجت منه قبل لحظات .. استوقفني الرجل صاحب النفق ، أفهمته بأنني قد حضرت قبل لحظات .. وكنت قد دفعت الأجر بالكامل لصاحبه في الجانب الآخر ..
قهقه الرجل بضحكات مدوية مجلجلة .. هزئ بي .. سخر منى .. صرخ صاخباً بعد أن كف عن الضحك المتواصل :
- أنت قمت بالدفع هناك .. من أجل الحضور إلى هنا .. وعليك الآن أن تدفع هنا .. لتذهب إلى هناك .. لقد كانت رحلتك من جانب واحد .. وليست برحلة ذهاب وإياب .. وعليك الآن أن تدفع الأجر عنك .. وعن صديقك هذا ..
ولما كنت قد أفرغت جيوبي بالكامل في رحلة الانتقال الأولى .. لم أجد ما أقدمه للرجل .. قدمت له كل الأوراق الثبوتية .. وكل البطاقات التي أحملها .. - وما أكثرها - ؟؟!! .. من بطاقات عمالية ونقابية .. جمعية ورسمية .. أدبية وصحفية .. وأتبعتها بالبطاقة الشخصية وجواز السفر .. أشاح الرجل بوجهه عني بعيداً .. راح يدمدم بحزم وقوة :
- اذهب من هنا .. ودع عنك هذا الهراء .. واحتفظ لنفسك بهذه الأوراق السخيفة التي لا تسمن ولا تغني من جوع .. فأنا أريد نقوداً .. أوراقاً نقدية .. وليس أوراقاً عقيمة مثل أوراقك التافهة هذه ؟؟!!
خلعت الساعة " السويسرية " المذهبة من يدي .. ناولتها للرجل .. قلبها بين يديه .. اكتشف ببراعة بأنها ليست سويسرية .. بل هي مقلدة .. واكتشف بأنها ليست مذهبة .. بل هو ذهب " فالصو " .. ورغم هذا وذاك .. فلقد دسها في جيبه بامتعاض .. دمدم متبعاً :
- وماذا هناك أيضاً ؟؟!!
ناولته قلم الحبر " الأمريكي المقلد " .. تناوله .. راح يتفحصه بازدراء .. بصق في راحة يده .. راح يكتب بعض الحروف والكلمات بشكل بدائي ؟؟ .. دسه في جيبه الداخلي .. صرخ هادراً :
- وماذا أيضاً ؟؟!!
تفوه بتلك العبارة .. ثم اقترب مني وأخذ يتحسس " الجاكيت " الذي أرتديه والذي اشتريته حديثاً من سوق " البالة " .. خلعته بسرعة ... وناولته للرجل .. راح من جديد يدقق النظر في القميص " الفرنسي المقلد " .. تفوه بامتعاض :
- لا بأس به ..
خلعته على الفور وناولته للرجل وأتبعته بـ " الكرافتة " التي كنت قد اشتريتها من " أفندي سابق " قبل عدة سنوات ..
انخفض ببصره إلى أسفل جسدي حيث " البنطال الإيطالي " الذي وجدته في " صرة التموين " بالأمس القريب ؟؟!! .. رحت أخلعه بسرعة .. ناولته للرجل .. وقبل أن يمد الرجل ببصره إلى " الفانيلة " و " الشورت " من ماركة " جل " المضروبة .. حتى كنت أسحب " ابن بطوطة " من يده وأدخل به إلى فوهة النفق .. وذلك قبل أن يجردني الرجل صاحب النفق من ملابسي الداخلية أيضاً ؟؟!! .
.... يتبع ....
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف