الأخبار
غالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيرانيالجيش الإسرائيلي: صفارات الانذار دوت 720 مرة جراء الهجوم الإيرانيالحرس الثوري الإيراني يحذر الولايات المتحدةإسرائيل: سنرد بقوة على الهجوم الإيرانيطهران: العمل العسكري كان ردا على استهداف بعثتنا في دمشقإيران تشن هجوماً جوياً على إسرائيل بمئات المسيرات والصواريخالاحتلال يعثر على المستوطن المفقود مقتولاً.. والمستوطنون يكثفون عدوانهم على قرى فلسطينيةبايدن يحذر طهران من مهاجمة إسرائيل
2024/4/16
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مشاهدات في مهرجان عرار الشعري الرابع بقلم: تحسين يقين

تاريخ النشر : 2014-10-25
بقلم: تحسين يقين

 لعله يشعر ببعض الرضا وإن كنا لم نلب طموحه الشعري والثقافي والسياسي وطنيا وقوميا!

ولعلنا نكون كذلك.

وحتى نكون، يلزمنا حبّ سليم نزرعه في عمق أرض الثقافة والتعليم لتورق فكرا متنورا.

فهل سنكون!

عرفناه أطفالا، ومذ ذاك ونحن نمارس تعرفنا عليه، لي ثلاثة عقود معه، وغيري أربعة، وآخرون أكثر، ما زالوا يشعرون به شاعرا وإنسانا.

"إن الزمان ولا أقول زماني" من القصائد المشهورة للشاعر مصطفى وهبي التل، وكثيرا ما عاد إليها الباحثون في موضوع النقد السياسي في الشعر العربي، وفي الوقت نفسه، يعود إليها المهتمون بالغزليات والخمريات.

عدت أقرأها من جديد، فاندفعت بحب الفتى الذي كان، والوعي الذي تكوّن، فقمت بتحليلها، ثم رحت أبحث عن مريدي عرار لعلي أجاورهم، فأتحدث لهم عن عظمة تلك القصيدة، فاهتديت إلى الصديق محمد محاسنة مدير بيت عرار بإربد، عضو في ملتقى عرار الثقافي، ولشهور تواصلنا في الثقافة العربية، فإذا هو مسكون بعرار، فأصبحنا أصدقاء يجمعنا حبنا لشعر عرار: فكره التنويري وشعوره الصادق.

في الموعد، شددنا الرحال من القدس في منتصف سلسلة الجبال الغربية إلى إربد في شمال سلسلة الجبال الشرقية لنهر الأردن الخالد نفسه، لنشارك في مهرجان عرار الشعري الرابع.

استمتعنا بشعر المشاركين العرب والمشاركات، الذين مالوا إلى القصيدة العربية الحديثة غير مبتعدين عن الشعر التقليدي الجميل شكلا ومضمونا، ووجدنا كم كان الجمهور محبا للشعر، وكم كان وفيا لعرار أيضا.

كما استمتعت بالحراك السياسي الديمقراطي الذي شهدته مضافة دار التل، فقد لمست مدى جرأة الأسئلة والمداخلات التي قدمت، بعد محاضرة رئيس الوزراء الأردن السابق معروف البخيت فيما يخص الحرب على داعش. لقد منطلقات الأحاديث وطنية وقومية، فيها المعارضة العقلانية والوطنية الملتزمة، ولعل الأمسية السياسة تلك تستحق مقالا خاصا ينير شيئا ما على الحراك الفكري والسياسي في الأردن الشقيق.

عدت بهم في الأمسية الأخيرة، والتي كانت في بيت عرار الثقافي، ومسقط رأس شاعرنا الكبير، إلى الأربعينيات، وهو يبوح عن همومه من جهة، وهموم وطنه وأمته من جهة أخرى، وننظر لواقعنا العربي الآن، لنسأل أنفسنا سؤال التغيير، غير بعيد عن مضامين أسئلة الحضور أمس في مضافة التل، والتي تحدثت عن حاجات المواطن وقضاياه.

رحت أنظر في حوش دار عرار، أبحث عنه، فوجدته في صورة متكئا على كوعه بعيون مليئة بالشجن؛ فسيرته هي مسيرة تنوير وطني، عانى طويلا بسببها، لاستنهاضه الشعب، ولاصطفافه معه، ونظره إلى المستقبل، الذي حلم فيه بالعدل والتطوير، خصوصا وهو يحيا عصر النهضة في مطلع القرن العشرين الذي فتح عينيه عليه.

تحدثت عن بناء القصيدة، ومضامينها، وما نفذ منه عرار إلى النقد الاجتماعي والسياسي والثقافي والقضاء.

ولأن الوعي الاجتماعي هو أحد وسائل وشروط بناء وعي سياسي وفكري، فإننا بحاجة لنقد المضامين الاجتماعية التقليدية في الحياة والفن، مع الانتباه إلى أن قضية المرأة تقف على رأس أولويات الوعي الاجتماعي في الأدب والفن، ذلك أن النظم السياسية التقليدية تميل، بل تتحالف مع قطاع الفن التقليدي وقطاع رجال الدين الذين يستخدمون الوعظ والإرشاد الديني أسلوبا في التعامل مع الجمهور عبر وسائل الإعلام وفوق منابر المساجد التي احتلها إما الإسلام السياسي أو موظفو الدولة التقليديون.

لم تمض بضع سنوات على نشر عرار لقصيدته حتى تم تنفيذ استلاب فلسطين ما هو أبعد من وعد بلفور، وللأسف ما زلنا نتلقى الضربات، منذ النكبة فالنكسة، التي توالدت نكسات سياسية واجتماعية وثقافية، بشيوع السلفية ثقافة وفكرا، وسيادة الشعبوية، والتي صارت بيت قصيد الربيع العربي المشوّه، الذي ما زلنا نتساءل: لم تم اليوم؟ ومن الذي حدد أخضره زمانيا ومكانيا؟

إنه سؤال أخلاقي قومي، يعيدنا إلى قراءة مسيرة النهضة العربية، التي لم تمض كما تشتهي سفن التنوير فضعنا سياسيا وقوميا وقطريا واجتماعيا، فما زال زمن عرار الذي شكاه حاضرا بيننا..

ولكن للأسف، يقطف المجتمع العربي ثمار السطحية في الفنون والتعليم والإعلام بشكل عام، وتتجلى الثمار في تنشئة جيل وراء جيل، يركض وراء الاستهلاك والكوميديا الرخيصة المفتعلة. لذلك عنونت مداخلتي: أمس واليوم وغدا

"قضى عرار حياته في الأردن، وتنقل بين سورية ولبنان، والعراق والسعودية وتركيا، تحدث اللغتين الفارسية والتركية، ودرس القانون بجهد ذاتي وحصل على إجازة الحقوق، عمل مدرسًا، ومراسلاً لصحيفة الكرمل الحيفاوية عام 1921، ثم معلمًا للغة العربية في مدرسة إربد الحكومية عام 1922، وفي العام 1923 عين حاكمًا إداريًا لبلدة وادي السير، ثم حاكمًا إداريًا في عمان والزرقاء والشوبك ثم مديرًا للمدرسة الابتدائية في مدينة الحصن، ثم عمل بالمحاماة عام 1930 بعد أن نال إجازة المحاماة، ثم مدرسًا للغة العربية في مدرسة إربد الثانوية، فرئيسًا للكتاب في محكمة إربد، فمأمور إجراء في عمان، وفي العام 1937 عين مدعيًا عامًا في مدينة السلط، فمساعدًا للنائب العام في عمان، فأمينًا ثانيًا للأمير عبدالله عام 1938، ثم كبير المفتشين في وزارة المعارف، ثم عاد إلى المحاماة وكان كثير التنقل بين الوظائف سواء مللاً أو عزلاً. ونشط في إقامة علاقات ثقافية مع معاصريه من الشعراء..."

بالاطلاع على سيرة الشاعر، صاحب الشعور والحساسية الإنسانية الحقوقية، والتنويرية، نستطيع فهم أسباب نشاطه في النقد الاجتماعي والمجتمعي والإدارة والحكم، والنقد السياسي حيث هاجم المعاهدة الأردنية البريطانية مما عرضه للسجن والنفي لعدة مرات نتيجة مواقفه الوطنية.

 

نحن إذن إزاء شاعر من نمط خاص وصادق، قل وجوده في عالم الشعر العربي، وقد آثر البقاء في بلده الحبيب، الذي يطل على فلسطين الحبيبة، زاهدا في الشهرة الأدبية التي حصل عليها الأدباء الذين انتقلوا للحواضر العربية الكبيرة كالقاهرة ودمشق وبغداد..

كان عرار كاتبا شعبيا لا شعبويا، ينتصر للشعب لا للنخب، نصير الحقوق لا امتيازات الحكام والقضاة وكبار الموظفين.

آفاق المهرجان: بالاطلاع على إبداعات الشاعر وإسهاماته في الحركة الوطنية في الأردن وفلسطين، فإنه في ظل انتظام مهرجان عرار، صار من المناسب تطوير المهرجان ثقافيا وفكريا، بحثا ودراسة بتركيز خاص على عرار، جنبا إلى جنب مع الشعر. بل يمكن إنجاز بحث عن عرار وفلسطين.

لقد اشتهر عرار بالشعر، من خلال ديوان "عشيات وادي اليابس".  وقد تم جمع جزء من تراث الشاعر، لكن ربما هناك من الشعر ما قد تحفظ عليه الأبناء والأحفاد، فأبقوه حبيس الخزائن، لربما يأتي باحث أو بالأحرى محقق أدبي يستخرج لنا باقي كنوز عرار.

 كتب الشاعر في أشكال وأجناس أدبية غير الشعر؛ فقد جرّب كتابة القصة والمسرحية، فكتب قصصا قصيرة ومسرحيات من ذات الفصل الواحد، وله عدة أعمال مطبوعة، منها: "بالرفاه والبنين ، بالاشتراك مع خليل نصر نشرت عام 1934، و"أصدقائي النَّوَر"  رسالة منشورة في كتاب عرار شاعر الأردن. إضافة إلى ما كتبه:

-       في السياسة جمع له "أوراق عرار السياسية"، ضمت المقالات التي نشرها الشاعر في جريدة (الكرمل) الحيفاوية، جمعها وقدم لها محمد كعوش، عمان 1980.

-       وفي التراث والحكم كتب "الأئمة من قريش" - عمان 1938.

-       وفي الترجمة والنقد الأدبي: ترجمة رباعيات الخيام. وهي ترجمة نثرية لمائة وخمسين رباعية (مخطوطة)، ونشر بعضها في مجلة «منيرفا اللبنانية» عام 1925، ثم نشرت عام 1973، ودراسة عن عمر الخيام (مخطوطة)، و"فن إسقاط الوزارات" مترجمة، الكرمل 1932، وقصة شاعر: قصة الشاعر غلاتين. متـرجـمـة، الكرمل 1932، وسدوم 1924.  و الروح الشعرية، دراسة نقدية حول مفهوم الروح الشعرية (مخطوط).

-       وله مئات الرسائل المخطوطة بحوزة مريود التل نجل الشاعر.

إن الاستعراض السابق يظهر وعيه المبكر على أهمية الأجناس الأدبية الأخرى للكتابة في مواضيع الاجتماع والسياسة، التي يحتاجها الكاتب. وكلها مجالات لدراسات جامعية وأوراق بحثية يمكن تقديمها سنويا في المهرجان.

كان اسمه يثير الفرح والسرور، وكان يثير الأسئلة الوطنية والاجتماعية أيضا.

أبحث عنه تحت فيء هذه التوتة، فأجده على لساني..

أعيد النظر في صورته وما فيها من شجن، فأهمس لنفسي: لقد عانى الشاعر مصطفى وهبي التل طويلا، ، فأتذكر أبياته:

 فمن سِجنٍ إلى مَنفًى                         ومن منفًى إلى غُربَه

ومن كَرٍّ إلى فَرٍّ                               ومن بَلوَى إلى رَهبه

فَبِي مِن كلِّ معركةٍ                        أثَرتُ عَجاجَها نَدْبَه

ليطول تأملنا وشعورنا ما بين التفاؤل والتشاؤم، فيمنحنا طاقة التفاؤل، تلك التي شعرنا بها مع كوكبة رائعة من المثقفين في المهرجان نذكر منهم: محمد خريّف رئيس المنتدى والصديق محمد محاسنة مدير بيت عرار والكاتب فتحي المرعي والشاعر أيسر رضوان والكاتب المحامي سمير التل والشاعر اللبناني نبيل الملاح وآخرين.

عرار هنا باق في البيت ومحيطه من إربد حتى ماء المحيطين، والبحر ورمل الصحراء، أرض اللغة، ولغة الأرض.

عرار باق في فكره وإنسانيته المتمردة.

 وباق بما أراد لنا أن نكون.

باق لنكون ما دمنا ومادام!

[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف