(( إنهم يسرقون السعادة ))
قصة قصيرة
بقلم /سليم عوض عيشان ( علاونة )
================
يعتبر هذا النص انعكاساً للأحداث الدموية إثر الحرب المجنونة الأخيرة على غزة.
شخوص وأحداث النص حقيقية ولها وجود على أرض الواقع.
وليس من فضل للكاتب على النص اللهم سوى الصياغة الأدبية فحسب.
( الكاتب )
___________________
(( إنهم يسرقون السعادة ))
تزوجا منذ أكثر من ست سنوات خلت ، أخيراً ؛ وقبل ثلاثة شهور فقط ، رزقهما الله بالمولود الأول ، سعدا به ، فرحا ، أقاما حفلاً أشبه ما يكون بالعرس .. بالمهرجان ، دعيا إليه كل العائلة ، الأهل ، الجيران والأحباب .
سعادتها لم يكن يدانيها سعادة ، أحست أن الكون كله لا يتسع لسعادتها ، فها هي أخيراً ترزق بالطفل الذي كانت تحلم به ، بعد أن كادت أن تفقد الأمل بالإنجاب ، وبعد أن زارت معظم الأطباء ، وكل المستشفيات والعيادات الخاصة .
في بداية العدوان اللعين من قبل العدو الغاشم ، فقدت زوجها بقصف غادر ، فشعرت بأنها قد فقدت حياتها ، سعادتها ، وفرحتها .
صبت كل اهتمامها وبقية حياتها وسعادتها على الطفل الوليد ، تهدهده ، تناغيه ، تداعبه ، ترعاه وهي تبكي بحرقة لفقدان زوجها .
طرقات متوالية على الباب الخارجي ، ارتجفت ، اضطربت ، اقتربت من الباب متسائلة بتحشرج عن الطارق ، يجيبها صوت مخنث ، يعلمها بأنهم " جيش " ، ترتعد فرائصها ، يكاد الخوف أن يقتلها ، تفتح الباب مكرهة بعد تكرار الطرقات والنداءات ، يقف بالباب ثلة من جنود العدو ، كفحيح الأفعى يهمهم كبيرهم المخنث :
- نحن نريد التفتيش ، التفتيش فقط عن رجال المقاومة .
لم ينتظروا الرد ، اندفع الجنود داخل المنزل شاكي السلاح ، قاموا بالبحث والتفتيش في شتى أرجاء المنزل المتواضع ، حاولت أن تفهمهم بأنها وحيدة في المنزل ، ولا أحد سواها هنا ، لم يكترثوا بها .
دخل الضابط حجرة النوم بعد أن أصدر أوامره لبقية الجنود بالبحث والتفتيش في أرجاء البيت .. أصدر صفيراً طويلاً سمجاً كسحنته ، بحث تحت السرير ، فتح أبواب " الدولاب " ، مد يديه وأصابعه بين ثنايا الملابس داخله ، أخرج بعض الأوراق النقدية ، اقترب من المرأة ، ناولها النقود ، تمتم بصوته المخنث :
- تفضلي سيدتي .. هذه نقودك .. فنحن لا نسرق شيئاً أبداً ؟؟!! .. إن لديكم فكرة خاطئة عنا .. تعتقدون بأننا نسرق ، هل ترين سيدتي ا؟؟ نحن لا نسرق .. تفضلي هذه نقودك بالكامل .
مد يده مرة أخرى في الجانب الآخر من " الدولاب " ، أخرج قطعة حليّ .. و" إسورة ذهبية " ، تقدم من المرأة بضحكة صفراء كلونه ، متمتماً :
- تفضلي سيدتي .. هذه الحلية خاصتك ، وهذه إسورتك أيضاً ، كي تعرفي بأننا لا نسرق أبداً ، كما كنتم تعتقدون دائماً !!.
انتهى الضابط من عمله ، أصدر الأمر لبقية الجنود بالمغادرة ، خرجوا وهم يصدرون بأفواههم صفيراً نشازاً .
أقفلت الباب الخارجي خلفهم .. تنفست الصعداء ، بصقت على الأرض ، شعرت بشيء من الراحة .. حمدت الله أنهم لم يسرقوا شيئاً ، فكل الأشياء أعادوها لها ، شبح ابتسامة ارتسمت على محياها .
أسرعت نحو سرير طفلها الوليد كي ترضعه ، كي تضمه إلى صدرها ، إلى قلبها . كتمثال من " الجرانيت " الصلد وقفت للحظات ، جاحظة العينين ، تفتح فاهها ببلاهة ، لونها أصبح شاحباً كأنه الموت ، لا لشيء .. إلا لأن السرير كان … خاوياً ؟؟!!
قصة قصيرة
بقلم /سليم عوض عيشان ( علاونة )
================
يعتبر هذا النص انعكاساً للأحداث الدموية إثر الحرب المجنونة الأخيرة على غزة.
شخوص وأحداث النص حقيقية ولها وجود على أرض الواقع.
وليس من فضل للكاتب على النص اللهم سوى الصياغة الأدبية فحسب.
( الكاتب )
___________________
(( إنهم يسرقون السعادة ))
تزوجا منذ أكثر من ست سنوات خلت ، أخيراً ؛ وقبل ثلاثة شهور فقط ، رزقهما الله بالمولود الأول ، سعدا به ، فرحا ، أقاما حفلاً أشبه ما يكون بالعرس .. بالمهرجان ، دعيا إليه كل العائلة ، الأهل ، الجيران والأحباب .
سعادتها لم يكن يدانيها سعادة ، أحست أن الكون كله لا يتسع لسعادتها ، فها هي أخيراً ترزق بالطفل الذي كانت تحلم به ، بعد أن كادت أن تفقد الأمل بالإنجاب ، وبعد أن زارت معظم الأطباء ، وكل المستشفيات والعيادات الخاصة .
في بداية العدوان اللعين من قبل العدو الغاشم ، فقدت زوجها بقصف غادر ، فشعرت بأنها قد فقدت حياتها ، سعادتها ، وفرحتها .
صبت كل اهتمامها وبقية حياتها وسعادتها على الطفل الوليد ، تهدهده ، تناغيه ، تداعبه ، ترعاه وهي تبكي بحرقة لفقدان زوجها .
طرقات متوالية على الباب الخارجي ، ارتجفت ، اضطربت ، اقتربت من الباب متسائلة بتحشرج عن الطارق ، يجيبها صوت مخنث ، يعلمها بأنهم " جيش " ، ترتعد فرائصها ، يكاد الخوف أن يقتلها ، تفتح الباب مكرهة بعد تكرار الطرقات والنداءات ، يقف بالباب ثلة من جنود العدو ، كفحيح الأفعى يهمهم كبيرهم المخنث :
- نحن نريد التفتيش ، التفتيش فقط عن رجال المقاومة .
لم ينتظروا الرد ، اندفع الجنود داخل المنزل شاكي السلاح ، قاموا بالبحث والتفتيش في شتى أرجاء المنزل المتواضع ، حاولت أن تفهمهم بأنها وحيدة في المنزل ، ولا أحد سواها هنا ، لم يكترثوا بها .
دخل الضابط حجرة النوم بعد أن أصدر أوامره لبقية الجنود بالبحث والتفتيش في أرجاء البيت .. أصدر صفيراً طويلاً سمجاً كسحنته ، بحث تحت السرير ، فتح أبواب " الدولاب " ، مد يديه وأصابعه بين ثنايا الملابس داخله ، أخرج بعض الأوراق النقدية ، اقترب من المرأة ، ناولها النقود ، تمتم بصوته المخنث :
- تفضلي سيدتي .. هذه نقودك .. فنحن لا نسرق شيئاً أبداً ؟؟!! .. إن لديكم فكرة خاطئة عنا .. تعتقدون بأننا نسرق ، هل ترين سيدتي ا؟؟ نحن لا نسرق .. تفضلي هذه نقودك بالكامل .
مد يده مرة أخرى في الجانب الآخر من " الدولاب " ، أخرج قطعة حليّ .. و" إسورة ذهبية " ، تقدم من المرأة بضحكة صفراء كلونه ، متمتماً :
- تفضلي سيدتي .. هذه الحلية خاصتك ، وهذه إسورتك أيضاً ، كي تعرفي بأننا لا نسرق أبداً ، كما كنتم تعتقدون دائماً !!.
انتهى الضابط من عمله ، أصدر الأمر لبقية الجنود بالمغادرة ، خرجوا وهم يصدرون بأفواههم صفيراً نشازاً .
أقفلت الباب الخارجي خلفهم .. تنفست الصعداء ، بصقت على الأرض ، شعرت بشيء من الراحة .. حمدت الله أنهم لم يسرقوا شيئاً ، فكل الأشياء أعادوها لها ، شبح ابتسامة ارتسمت على محياها .
أسرعت نحو سرير طفلها الوليد كي ترضعه ، كي تضمه إلى صدرها ، إلى قلبها . كتمثال من " الجرانيت " الصلد وقفت للحظات ، جاحظة العينين ، تفتح فاهها ببلاهة ، لونها أصبح شاحباً كأنه الموت ، لا لشيء .. إلا لأن السرير كان … خاوياً ؟؟!!