الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الليبيون بين مطرقة المؤتمر وسندان البرلمان بقلم:أ. فرج محمد صوان

تاريخ النشر : 2014-10-24
الليبيون بين مطرقة المؤتمر وسندان البرلمان بقلم:أ. فرج محمد صوان
الليبيون بين مطرقة المؤتمر وسندان البرلمان
ان الجماهير التي آمنت بالديمقراطية وقبلت بصندوق الاقتراع أخرج لها في أول عملية انتخابية مؤتمرا فاشلا بكل معنى الكلمة لكنها لم تيأس بعد وأعادت المحاولة لتولد بعد إجرائها العملية الثانية اجهاضا لبرلمانًا طريدًا على شواطئ مدينة السلام في أقاصي الشرق الليبي المنكوب. ولكنها لازالت تحلم بأن يعبر قادتها عن رأيها ولكن بآلية مختلفة هذه المرة من خلال القصف العشوائي والخطف والقتل والتنكيل والترهيب وحرق الأخضر واليابس لكي يختل التوازن المفقود وتندثر سبل العيش الكريم ويهيم باقي الليبيين في غياهب السجون ويتنقلوا بين الغربة ومخيمات النازحين.
لم تنحاز احتجاجات الشارع الليبي لجهة سياسية معينة او حزب معين كما ان شعاراتها التي حملت مطالبها لم تكن لتتقاطع مع مصلحة الوطن وحاولت التعامل مع المؤتمر بآلية سلسلة تتسم بالمرونة وبقدر كبير من التسامح وطالبت بإسقاطه فقط بعد انتهاء ولايته, ولكنها لم ترى استجابة لمطالبها التي رفعتها في ميدان الشهداء (أو الساحة الخضراء كما يرى كثيرون)على لوحات عملاقة على كاهلها المتعب منذ عقود بالكمّ الهائل من الهموم وهي ترى ثرواتها توزع على ضيوف الجماهيرية العظمى وشبابها غارق في الجهل والمخدرات ويعاني من البطالة والفساد وتردي الخدمات، , لكنها وجدت في النهاية نفسها فجأة ودون غطاء تحت سماء تمطر رصاصا وموتا اسودا , فاتجهت لساحة التحرير الحقيقية وميادين القتال لتصبح أغلب المدن والقرى الليبية غارقة في مستنقع مظلم من دماء الشهداء والثوار والطحالب والأزلام والجرذان وغيرهم وصمَت أذان ليبيا بأصوات المدافع والصواريخ وامتلأت رئة ليبيا الجريحة برائحة الموت ودخان البارود. كان رد فعل المؤتمر الفاشل صدمة للجميع ومفاجأة غير متوقعة، بل كانت فاجعة لم يحسب لها حساب. كما اصيب بالإحباط من صوت للمستقلين ولأحزاب وجماعات الاسلام السياسي التي سارت على درب القذافي في التعامل مع مشاهد كتلك.
الليبيين العائدون بطائرات الناتو وعلى المهابط التي رصفت بتضحيات الشهداء كانوا قد رأوا من خلال وجودهم في المهجر كيف يتعامل الساسة مع احتجاجات شعوبهم وكيف هي الوسائل لامتصاص هدير الشارع ونزع فتيل الازمات! ولا أشك في انهم تمنوا تلك الممارسات وأساليب المعاملة لشعبهم لو اتيحت لهم فرصة المشاركة في الحكم بعد زوال نظام القذافي . وربما رسموا في أذهانهم صورة وردية لليبيا حضارية ينعم فيها ابناؤها برغد العيش وفي أمن وسلام في ظلال ديمقراطية ناضلوا طويلا من اجلها ودفعوا ثمنها باهظا في الغربة. تمنوا لشعبهم شكل الخدمات التي توفرها الحكومات المتمدنة لشعوبها ومظاهر الاهتمام بالصغار والكبار وطلبة المدارس وما توفر لها من اجواء ووسائل عصرية وطرق حديثة في التربية والتعليم تتواكب وعصر العولمة وتدفق المعلومات عبر أثير الانترنت.
ولكن للأسف لم تتحمل عقليتهم المصابة بالهلوسة خروج الليبيون بكثافة قبل أشهر في عرسهم الانتخابي متحدين الارهاب والموت الذي حام في سمائهم كالعقاب ليرسموا بطريقتهم افق ليبيا الديمقراطي باختيار أعضاء برلمانهم الجديد، ولكن اللعنة كانت تلاحقهم وكأن في الذمة بقايا ديون لم تسدد وفواتير لم تدفع اثمانها بعد. عاد القذافي بشكل جديد وفي يده هذه المرة تفويض ديني بالقتل, عليه ختم رجال وضعوا العمائم فوق الرؤوس رياء, ونطقوا باسم الدين زيفا وأدلى كلّ بدلوه المملوء سحتا وحراما بأن للمتظاهرين اجندات مشبوهة يقف خلفها ثالوث الطحالب والأزلام ودول الجوار, لذا يتوجب سحقهم دون رحمة. كان هذا منطق طواغيت المؤتمر الذي سطى على قيادته جماعة الأخوان وسيّرته لنفسها فمشى ثلة من اعضاءه الآخرين كالقطيع خلفها.
عاد القذافي بثياب الاسلام السياسي وقناع الوفاء للشهداء, فجرب مع الصدور العارية والوجوه الشاحبة كل تقنيات القسوة والبطش, ثم بارك للجانه الأمنية ودروعه الوسطى والغربية وقواه المتحركة القمعية حسن الاداء. هذه المباركة التي لم يسبقه اليها دكتاتور عربي ممن سقط غير مأسوف عليه ومن سيسقط لاحقا.
يبدو ان المؤتمر وحكومته لم يقرئا تاريخ حركات التحرر الثورية في العالم ولم يطلعا على مسبباتها, او انهما لم يعوا ما قرؤوه فالشعوب اذا ما كُممت أفواهها ومُورس عليها الضيم ودوست كرامتها وسدت بوجهها دروب العيش الكريم فإنها تجعل من جثث ابناءها سلمًا لتتسلق عليه جدران سجنها الكبير وتحيل نهار مستعبديها ليلا مدلهمّا اسودا.
لقد كشفتم عن جهلكم وتخلفكم وحقدكم حين اصدرتم لقيادات مليشياتكم ودروعكم الامنية والعسكرية الاوامر بالتعامل مع المشهد في في طرابلس بالطريقة التي يرونها ملائمة, لان هؤلاء الجماهير تحدوا ارادتكم وخرجوا مسالمين مباركين نتيجة الانتخابات ومؤيدين للبرلمان الوليد, انحصرت مطالبهم في الأمن والأمان والجيش والشرطة. حملوا الامل في التغيير والورود وأغصان الزيتون وضمائر نقية تتغنى بحب ليبيا النازف دمه وفوانيس تومئ لانعدام الكهرباء والوقود في وطن يسبح في النفط وفيه يغرق وبه يحرق.
اندفع الهمج من بقايا الدروع والمليشيات والقوى المتحركة واللجان الأمنية للتعامل مع مؤيدي البرلمان الشرعي بلغة الصواريخ والقذائف والرصاص والموت. وبدا المشهد وكأننا امام فيلم خيال علمي مرعب استخدم فيه مخرجه كل انواع التقنيات الحديثة التي وفرها العلم.
نحن تحت قصف صواريخ الجراد والمدفعية الثقيلة تدوي قريبا جدا لتزرع الخوف والرعب في صفوف النساء والأطفال والشباب فيضطرب التوازن ويسقطون على الارض لتُروى بدمائهم الطاهرة, والراجمات الأخرى تنفث الدخان والغازات الخانقة, فما اشبه الليلة بالبارحة, فقذافي الامس قصف درنة مدينة الصحابة بتهمة وجود التكفيريين وأنتم اليوم لم يسلم منكم أي شبر في ليبيا. أي مفارقة تلك وأي صلفٍ بان على وجه الاسلام السياسي.
عض الشباب على اصابعهم ندما على سوء الاختيار, شدوا نزيف جرحاهم بثيابهم الممزقة, وحملوا الشهداء وهم في شك مما يحدث. صمتُ عاهرُ اشرف منه العاهرات يلفُ الجميع. لا استثني احدا, فالشريف هو الذي ترك الحلبة مبكرا احتجاجا ونأى بضميره. استفاق الشارع من هول الصدمة, وتأمل في برلمانه الذي خاطر بحياته وركب الموت من اجل ان يرى النور إلا أن البرلمان الوليد قرر الذهاب بعيدا رغم دموية الحدث ومأساوية الموقف.
ان الادانات الخجولة التي فاه بها البرلمانيون لا تدفع عنهم تهمة المباركة على ما حصل والمشاركة في رسم المشهد. أي نفاق اكثر واوضح من هذا! وأية جاهلية مقيتة تنحلُ موتا اصفر اكثر من هذا! لقد سقطت كل الاقنعة وبانت وجوه من يقودون البلد رمادية كالحة رسم العهر عليها ملامحه, كما تعرت الاحزاب الاسلامية التي ركبت موجة الدين وغيرها فقتلت وهجرت الالاف ودمرت البنى التحتية والمؤسسات.
ان ايقاع الحياة تغير كثيرا فالليبي اليوم اكتسب خبرة وازداد معرفة بما يدور خلف الكواليس فحاسة شمه لا تخطئ , وما عاد زيف الشعارات والوعود ينطلي عليه فهو بالحدس يرى , كما ان السنوات الأربعة التي مرت زوّدته بثقافة انتخابية تؤهله ان يحسن الاختيار .ان الخيار في الانتخابات القادمة لن يكون بالتأكيد للأحزاب والقبيلة والقرابة والجهوية والقومية ولا للعامل الديني كذلك. سيكون الاختيار لمن يصنع من جسده جسرا لعبور هذا الشعب الذي ضحّى الكثير ولم يحصل حتى على القليل. لقد ايقن المواطن عن تلمس ان الدين لله والوطن للجميع وعلى رجال الدين ترك السياسة لرموزها ويتفرغوا لأمور دينهم. لقد استفاق الشعب من خدره الروحي على رصاص المليشيات والدروع والكتائب يحصد شبابه المسالم, وقيادات الأحزاب ورجالاتهم في خرس, وهي تتفرج من على شاشات البلازما مشهدًا دراميًا قلّ نظيره. طفولة مشردة , ايتام وأرامل, أميّة وجهل، بطالة الى جانب أمن مفقود , ثم فساد فاحت روائحه وهو يرى ويسمع بثرواته التي لم تسخّر لتحسين نمط حياته وتغيير صورته امام العالم تذهب الى جيوب اعضاء المؤتمر والوزراء ووكلائهم يسلحون بها ميليشياتهم ويهربون بها الى الخارج على مرئى ومسمع من الجميع. استميحكم عذرا يا مؤتمرنا المنتهي الصلاحية: ان اصراركم سادتي الكرام على اعادة نفخ الروح في مؤتمركم بعد أن شبع موتا يخفي وراءه مشروعا مريبا بانقلابٍ فاشل, وهو دليل على عدم وطنيتكم ورغبتكم الشرهة في التحكم بكل مفاهيم الدولة من خلال زرع بيادقكم – كما كان يفعل القذافي- في جميع المرافق الحيوية ويؤكد ذلك اصراركم على الاستمرار في ذلك ونبذكم للحوار وخرقكم للاتفاقات.
تريدون حصر جميع السلطات في ايديكم لتكونوا الحكام وتمسكوا بكل الرقاب وتفصّلون شكل الحكم وفقا لمقاساتكم أنتم. ولكن الشرفاء افسدوا عليكم حلمكم العصيّ على القبول والتطبيق. اما مجالس الثوار التي دعوتم اليها, وهبّ الشعب معارضا فقد اردتم لها ان تكون ذراعكم الضارب لكل معارضة, وهذا ما برهنت صحته مجريات الاحداث في بنغازي وطرابلس, حين تم قصف المطارات وحرقت محطات تخزين الوقود ولن ننسى حين اجلي الشباب المؤيد للبرلمان الشرعي بالقوة والضرب من ميدان الشهداء, واحتل الساحة انصاركم وقوى اسنادكم وردعكم ورجال امنكم المتخفية بلباس مدني يحملون السلاح وهم يدافعون عن انقلابكم على ارادة الشعب الليبي ويؤيدون فرض سياستكم الفاشلة. كانت تلك مظاهرة حكومية بأمتياز, توفرت لها كل اسباب الحماية والدعم والاعلام المنافق بوجهه الرمادي القبيح . فيا ترى متى سيتحرك ضميركم الغائب ليرى دموع الصغار ويسمع بكاء الارامل والنساء على الازواج والاخوة والأبناء, وكان في وسعكم عبر وساطات الاصدقاء من حكام الغرب والولايات المتحدة وبعض الحكام العرب ان تفعلوا الكثير، لكن فاتكم القطار.
كذلك لم تفعلوا شيئا للنازحين والمهجرين والسجناء القابعين في السجون منذ سنوات. حلّ الخراب ونزح السكان وهجرت المدن, ويبست المزارع وماتت الاشجار، وانهارت الصحة وانحل التعليم, حدث كل هذا ولم يفعل مؤتمركم وحكوماته المتتالية شيئا، فكيف تطلبون من الشعب أن يلدغ من نفس الجحر مرتين.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف