الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

امرأة من غـــــــزة بقلم سليم عوض عيشان ( علاونه )

تاريخ النشر : 2014-10-24
امرأة من غـــــــزة بقلم  سليم عوض عيشان ( علاونه )
" امرأة من غـــــــزة "
قصة قصيرة
بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونه )
غـــــزة الصمــــود والمحبة
+++++++++++++++++
(( امرأة من غزة ))

إهداء متواضع ..
إلى الحبيبة " غزة " ..

وإلى كل.. " امرأة من غزة "... وإلى جميع نساء غزة .. ورجالاتها الأشاوث .

مقدمة :

(( كل النصوص كتبتها بقلمي ..
إلا هذا النص.. فلقد كتبته بدمي ))
الكاتب
------------------------

(( امرأة من غزة ))

" اهدئي يا صغيرتي .. اهدئي قليلاً .. دعي عنك الخوف .. دعي عنك البكاء .. فهذه الأصوات الهادرة المزمجرة ما هي سوى أصوات القصف العشوائي اليومي المعتاد .. وهي على كل حال بعيدة عنا بعض الشيء .. إنها في الأحياء المجاورة " .
تهدأ الطفلة بعض الشيء .. تكف عن البكاء .. تتمالك نفسها قليلاً .. تلقي بنفسها إلى أحضان أمها .. تزرع جسدها في جسد الأم .. تدفن رأسها ووجهها في صدر أمها .
أصوات الانفجارات المتتالية تهدر صخباً وضجيجاً ورهبة .. تصاب الطفلة مرة أخرى بالخوف .. الارتعاش .. وبنوبة جديدة حادة من البكاء .
تعاود الأم محاولاتها من أجل تهدئة الطفلة من جديد .. تفهمها بأن القصف الصاخب ما زال بعيداً .. رغم أنه في اقتراب تدريجي .
تقترب أصوات الانفجارات والطلقات الرشاشة أكثر .. يزداد بكاء الطفلة أكثر فأكثر .. الطرقات المتتالية على الباب الخارجي للمنزل .. تتبعها طلقات رعناء في كل اتجاه .. يصبح بكاء الطفلة صراخاً مدوياً .. تحاول الأم تهدئتها بلا جدوى .. فالطفلة تشعر بالخطر المحدق بهما وقد وصل حيت تتواجدا .
صوت تهاوي الباب الخارجي يتناهى إلى الأسماع .. تصل الأصوات الصاخبة إلى باب الحجرة .. تنهال الضربات المتلاحقة على باب الحجرة بصلافة وعنجهية .. يتبعها زخات من الرصاص الأرعن ، تحاول الطفلة مرة أخرى أن تختبئ في جسد أمها .. وتحاول أن تدفن رأسها ووجهها في صدرها بقوة .. طلباً للحماية .
ينهار باب الحجرة.. يسقط إلى الأرض مترنحاً .. تتساقط إلى جانبه قطع الحجارة المتباينة فتحدث جلبة وضوضاء صاخبة .. تصرخ الطفلة صرخة مدوية وقد أصابها الخوف الشديد .. وبعضاً من قطع الحجارة المتساقطة .
كالشيطان ينتصب مقهقهاً .. أطلق زخات الرصاص في كل اتجاه داخل الحجرة .. كادت بعض الطلقات أن تصيب الأم وطفلتها .. يواصل الشيطان ضحكاته وقهقهاته .. تنهض المرأة من مكانها .. تتصدى له .. يزيحها بقوة بمقدمة سلاحه مرة .. وبمؤخرته مرة أخرى .. يتقدم عدة خطوات أخرى .. تتبين إلى جانبه رجلين قميئين .. هما أقرب إلى القردة منهما إلى بني البشر .. كفحيح الأفعى ينفث أحدهما سمومه :
- سيدتي .. هذا هو الجنرال ( ... ) القائد العسكري العام لمنطقة الجنوب .. وأنا المرافق العربي .. وهذا الآخر هو أحد جنود جيش المستعربين .
نظرت إليه بازدراء .. انتقلت ببصرها إلى الجنرال !! الذي يدعي بأنه القائد العسكري للجنوب !! فزادت من نظرات الازدراء والاحتقار .. وإلى الجندي الذي يدعي أنه من جيش المستعربين..!! .. أشاحت بوجهها بعيداً عنهم وقد شعرت بالغثيان والقرف .
هتفت بصوت مدوٍ مجلجلٍ كالرعد :
- إنه الشيطان الأكبر .. وليس الجنرال .. وأنتم كلابه الذين تحرسونه .. أنت تنطق بلسانه القذر .. وذاك يرى بعيونه التي ستفقأ ذات يوم .. وغزة منكما براء .
راح المرافق يقوم بترجمة الكلمات المتلاحقة من المرأة للجنرال .
أرغى .. أزبد .. هدر وزمجر .. أطلق عدة صليات في كل الاتجاهات .. كادت بعضها أن تصيب المرأة والطفلة .. صرخ بعدة كلمات بعصبية ..
حاول المرافق أن يترجمها للمرأة .. نظرت نحوه بعيون تقدح شرراً .. صرخت به بصوت قوي راسخ :
- لا أحتاج لمساعدة أمثالك في الترجمة .. فأنا فهمت كل ما قاله هذا الشيطان .. فأنا أكثر منك علماً وثقافة .. وأكثر من سيدك هذا أيضاً .
التفتت ناحية الشيطان الأكبر .. حادثته بجرأة وثقة بلغته .. سألته عما يريده ؟؟ .. أخبرها بأنه يريد تفتيش المنزل كله .. ويريد إحضار كل سكان المنزل .. أخبرته بأن هذه الحجرة هي الوحيدة التي نجت من قصفهم اللعين .. واعتدائهم الأهوج الأحمق .. فلقد تهدم المنزل بالكامل كما العديد من البيوت المجاورة نتيجة القصف المتواصل .. وأخبرته بأن لا أحد في المنزل سواهما .. هي والطفلة .. فهما فقط من نجتا من الموت نتيجة قصف غزة .. قتل غزة .. حرق غزة .
سألها عن اسمها فأجابته .. قهقه عالياً .. كفحيح الأفعى نفث سمومه :
- إذن .. فهو أنت ؟؟!!
- نعم .. أنا ..
- أنت مطلوبة للعدالة .. للقضاء .. للقانون ..
- أية عدالة تلك التي تدعيها ؟؟!! .. وأي قضاء ذلك الذي تتشدق به ؟؟!! .. وأي قانون ذلك الذي تتحدث عنه .. لقد قضيتم على العدالة عند مجيئكم .. وقتلتم القضاء منذ حضوركم .. وخرقتم كل القوانين والأعراف منذ أن دنستم ثرى فلسطين .
- أعرف .. أعرف بأن " لسانك طويل " .. أعرف بأنك تجيدين التنظير .. وأنه لا يشق لك غبار كما تقولون .. وهذا كله يؤكد ويثبت صدق التهمة المنسوبة إليك ... والتي تستحقين المحاكمة عليها ..
- وما هي تهمتي ؟؟!! .. أنا امرأة مسالمة .. لا أجيد القتال ولا فنون الحرب .. وأيضاً .. فأنا لا أملك سلاحاً .. ولو أنني كنت أملكه لما ترددت لحظة في استعماله لمقاومتكم ... وأنتم من يستحق المحاكمة .. والحكم عليهم بالإعدام ..
قهقه الشيطان بشكل صاخب طويلاً .. هدأ .. زمجر :
- لا .. بل أنت تملكين السلاح القوي .. وتستعملينه بحنكة ودراية .. إن السلاح الذي تستعملينه أقوى من ألف سلاح بيد ألف رجل مقاوم .. ونحن نعرف ذلك جيداً .. وسوف نبحث عن ذلك السلاح .. سوف نبحث عن جسم الجريمة .. لكي نثبت إدانتك بالجرم المشهود .
بإشارة من يده ، أمر كلبه المرافق أن يقوم بالتفتيش في الحجرة .. فاندفع " الكلب " وراح يتشمم ويبحث في كل الأرجاء .. تناثرت الملابس والأشياء في كل اتجاه .. تبعثرت المحتويات في كل مكان .. هدرت المرأة .. زمجرت .. استنكرت .. حاول الكلب الآخر " المتعاون " أن يلطف الجو قليلاً .. ابتسم ابتسامة صفراء كسحنته .. تتمتم :
- أرجوك سيدتي .. لا تغضبي .. نحن نقوم بواجبنا ..
- اخرس ... اخرس أيها الكلب اللعين ... أنت جاسوس .. عميل .. قذر .
هدرت المرأة مزمجرة بصوت مجلجل كالرعد .. وهي تصوب ناحيته نظراتها النارية الحارقة .. وفعلاً .. فقد خرس المتعاون .. ولم ينبس ببنت شفة .
أنهى الكلب المسلح المستعرب عمله .. اقترب من الشيطان الأكبر وهو يلهث كلهاث الكلاب .. يحمل بين يده أشياء وأشياء .. تناولها الشيطان الأكبر منه وهو يبتسم ابتسامة صفراء عريضة .. كفحيح الأفعى نفث سمومه :
- إذن .. فلقد عثرنا على ما نريد .. ها هو الدليل .. ها هو جسم الجريمة .. ها هو السلاح الذي تستعملينه سيدتي ..
- لا تقل سيدتي .. فأنا لا يشرفني أن أكون سيدة من هم أمثالك .. ثم .. ما هو السلاح الذي تدعيه ؟؟!! .. وما هي التهمة التي تريد أن تلصقها بي ؟؟ .
- التهمة هي التحريض .. والسلاح هو الكلمة .. الأوراق ... والأقلام هذه .. هل تنكرين بأنك صاحبة هذه الأوراق .. وهذه الأقلام ؟؟
- لا .. لن أنكر .. فأنا كاتبة .. أديبة .. صحفية .. وهذه هي أدوات عملي المهني .
- لا .. بل هي السلاح الخطير الذي تستعملينه ضدنا ..
- إذا كنتم تخشون الكلمة ، فلماذا جئتم لاحتلال فلسطين واغتصابها ؟؟!!.. لماذا جئتم تحرقون غزة .. وللمرة الثالثة خلال ب ضعة أيام ؟؟؟!!
- جئنا لكي تنعموا بالحرية .. بالأمن .. بالاستقرار .
- أية حرية تلك التي تدعيها أيها المعتوه ؟؟!! وأي أمن ذلك التي تتشدق به أيها الفاجر ؟؟!! .. وأي استقرار ذلك الذي تتحدث عنه أيها القاتل ؟؟!! .. ألا ترى كبت الحريات .. وها أنت تمارسها الآن .. الآن ضدي .. وقتل الكلمة الوطنية الحرة .. تماماً مثلما قتلتم كل ما هو وطني وحر .. ألا ترى الخوف .. العنف .. الموت الذي حاق بفلسطين وغرة منذ قدومكم ؟؟ .. ألا ترى الخراب .. الدمار .. منذ احتلالكم المشؤوم لبلدنا الآمن ؟؟ .. ألا ترى ؟؟!!..
- اسكتي ..
قاطعها بحدة .. صرخ الشيطان هادراً .. رفع يده محاولاً أن يهوي بها إلى وجهها ..
أمسكت بيده بقوة .. هدرت مزمجرة :
- لن أسكت .. لن أسكت .. سوف أسمع صوتي للعالم أجمع .. ولتسكت أنت .. لتخرس أنت .. ولتخرس كل أبواق دعاياتك .. وكل الأفاقين ..وكل الكلاب التي تلتف حولك .. وتلهث من ورائك .. من أمثال هذه الكلاب الضالة التي جئت بها إلى هنا .. وها هي تقف إلى جانبك .. والتي سيلقى بجثثها النتنة ذات يوم في مزابل التاريخ .
هدر الشيطان الأكبر أكثر فأكثر .. نبحت الكلاب من حوله .. كشرت عن أنيابها ومخالبها .. حاولوا التهجم على المرأة .. حاولوا التطاول عليها .
أنشبت فيهم أظافرها بقوة .. حاولت أن تبعدهم عنها بكل ما لديها من عزيمة .. تلفتت حولها .. لم تجد ما تدافع به عن نفسها ..
بسرعة البرق كانت تخلع فردة حذائها .. وبسرعة أكبر كانت تقذفها نحو وجه الشيطان الأكبر .. خلعت فردة الحذاء الثانية .. قذفتها بسرعة البرق نحو وجه الكلب المسلح .. فأصابت الهدف تماماً في كلتا الحالتين .. قذفت نحو وجه " المتعاون – العميل " بكتلة لزجة ملتهبة ضخمة من فمها .. فارتطمت بوجهه بقوة .
جن جنون الشياطين الثلاثة .. صوب الشيطان الأكبر سلاحه الأتوماتيكي نحو المرأة .. ضغط على الزناد .. شاركه الكلب المسلح في الجريمة .. ثم فروا هاربين .
سقطت المرأة على الأرض مضرجة بدمائها .. سمعت عند بعد صوت أقدام الشياطين وهي تبتعد مولية بالفرار .. وسمعت صوتهم الذي يشبه نباح الكلاب الضالة وعواء الذئبة المتوحشة..
نظرت حولها .. رأت الدماء تنساب من سائر جسدها لتأخذ أشكالاً معينة .. ارتسمت ابتسامة ملائكية رائعة على محياها .. راحت تقرأ الحروف والكلمات .. التي نقشتها الدماء المنهمرة من الجسد .. والمنسابة على الأرض .. راحت تقرأها وترددها بسعادة غامرة ...
" امـــرأة مــن غـــزة "
اقتربت الطفلة الصغيرة من الأم وهي تبكي .. تئن .. تتألم .. ترتعش .. ضمتها الأم إلى صدرها .. إلى قلبها بحنو .. بحب .. بحنان .. ربتت على رأسها ووجهها .. قبلتها بحرارة ..
هدأت الطفلة قليلاً .. كفت عن البكاء .. عن الأنين .. نظرت نحو وجه الأم .. رأته يشع نوراً غريباً .. وهاجاً .. بينما الابتسامة الملائكية الرائعة تغطي الوجه بالكامل .
مدت الأم بيدها نحو صدرها .. بحثت بين طيات ملابسها الداخلية عن شيء كانت تحتفظ به وتخبئه بحرص وعناية ..
بعد لحظات .. كانت تخرج يدها من صدرها .. وهي تطبق بقوة على شيء ما .. تناولت يد طفلتها البريئة الغضة .. وضعت ذلك الشيء في راحة اليد الصغيرة .. أقفلت عليه الأصابع بقوة .. هدأت الأصوات .. كل الأصوات .. هدأت النفوس .. كل النفوس ..
ارتسمت ابتسامة ملائكية بعرض الكون على محيا الطفلة الصغيرة .. عندما كانت تفتح راحة يدها .. ليقع بصرها على هدية الأم الغالية ..
هتفت ببراءة وعذوبة :
- إنه قلــــــــــــــــم !!!
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف