الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رسائل لا تقرأ.. تقرأ بحـَذر بقلم:بلال القيسي

تاريخ النشر : 2014-10-23
رسائل لا تقرأ.. تقرأ بحـَذر بقلم:بلال القيسي
 رسائل لا تقرأ.... تقرأ بحـَذر
قراءة في مجموعة شعرية للشاعرة العراقية ابتسام ابراهيم
   بلال القيسيالنرويج
قبل أن أشَرع في كتابة رأيي بخصوص مجموعة شعرية صدرتْ مؤخرا لشاعرة عراقية عهدتُ على نفسي أن أقرأها مرتين علـّني أجد  فيها ما يجعلني  أدير ظهراً لما كـُتب  لكني وجدت نفسي أفتح ورقة و أفكر ملياً في ما قد أكتبه وكيفية ملائمته لجهد مبدعة شقتْ طريقها بصعوبة وسط عائلة لا تعترف بالمواهب الادبية.
شاعرة  مهذبة أزهرتْ وأبدعتْ و أربأت بنفسها عن مخاضات النصوص الإيروتيكية و على حد تعبير أديسون (ان المرء ذو الخيال المهـَّذَّب متاحٌ لكثير من المُتع التي لا يستطيع أن يمارسها غير المهذبين).
يتسم شعر ابتسام ابراهيم بالنزعة الجماعية فقصائدها مستمدة من الواقع , من حيث  الجمال الفني فهي نصوص ذات نتاج معاناة جمعية , تتحدث بأسلوب شيق وسلس عن احوال من حولها..تملك احساسا كبيراً بمشكلات الحاضر وتعلن بكل صراحة وقوفها بالضد من نظرية الفن للفن,لذلك أرى في قاموس الشاعرة خصوصية وتدفقاً لغوياً( شخصي ابتداعي) وهي تكتب النص بعفوية صادقة مشحونة بصور شعرية تخص الوجع الذي تألفه الذات المتصالحة مع الوقت.
تهتم ابتسام بإبراز الجو المكاني في النص (السماء لعينيك فقط تبتسموالعصافير لأجلك فقط تزقزق)هنا حددتْ ملامح المكان ورسمتْ صورة قصصية لحوار بين الاخر والأشياء من حوله عكستْ حالات اخرى وليَّ الحزنُ والصمتُ وانتظار المطريطغى العنصر الديني على هذا النص بالذات حيث قابيل هو مهد الشر لكنها تسمي الاخر هابيل أي =لابدَّ من وجود  الخير كي يبرز الند بالندِّ,و تتكئ القصيدة(سميتك قابيل) على عنصر آخر هو عنصر الذكرياتعلى رصيف الذاكرةِ نيرانٌ....تندلع في رأسيتصوير في غاية المهارة لحالة استعادة الذكريات بحرقة وتأثير الاستعارات اللفظية في بناء النص والسؤال هنا: هل للذاكرة رصيف  وكيف تندلعُ النيران في الرأس وأي رأس تقصد؟
من ابرز سمات النص خلق جو متوازي بين قابيل وهابيل من حيث البناء والتحليل والدرامية في اجواء زمكانية,قصائدها ذات قيمة فنية في ذاتها الى جانب ما قد يكون لها  من قيمة وثائقية ذا النون لا تغضبْ فالرب اجتبانا لأضرحةٍ عجلى تمشي في المقابر على هونوتدسُّ في عرضِ الموتِ أضلاعناأعترف أني وقفتُ طويلاً امام هذا النص حيثُ أجدني و لأول مرة كقارئ نهم ومتخصص باللغة العربية وآدابها , مزاوجة رائعة  بين قصص القران الكريم والشعر  وصياغة الحدث بأسلوب قرآني شيق جسدتْ فيه الشاعرة صورة ناطقة لتفجير مرقد النبي يونس (ع)  بأبسط الكلمات.
 (شيء يقلق الذاكرة) نجد فيها تعبيراً صارخاً عن ضغوط مختلفة تعصف بالإنسانمازلتُ افترشُ رغيفَ الخبز في دربِ كلَّ قرارٍ إتخذتهُهنا يبادر الى ذهن القارئ سؤال مـُلّح كيف يفترش الانسان رغيف الخبز وبأي وسيلة ؟فلو أجرينا مسحا لطبيعة البشر وحياتهم  نجد ان توفير لقمة العيش يتصدر قائمة الاحتياجات البشرية وربما هي صرخات مكبوتة تتأنسن بين محتوياتها الاشياء لشحن النسق اللغوي ولرفد الخطاب الشعري بفضاءات ناريةالوقت سنبلة حبلى تشبيه عال وتصوير الوقت  ككائن ولود يتمخض عن اشياء قد تربك الوجود وقد ترفده بابتسامات وهذا الكائن الانثى تمخض عن ثلاثين حبة هراء حيث  يجعلك الرقم  تقف عنده فقد كررتْ ابتسام الفاظ العقود في اغلب قصائدها (عشرين صفحة من ألودِّ - عشرون فتيلا ًمبللاً-وغيرها) الإحصاءات التي شكلت إنعطافة إستفهامية جريئة في قصائدها وطريقة إيصال المضمون بأبهى صورة للمتلقيالوقت سنبلة = الوقت انثى =سنبلة حبلى=انثى تنتظر مولودا حبلى=صيغة زمن الحاضر= تمخضتْ= الماضي بصيغة المستقبل ,الشاعرة تنتقل من مشهد لآخر وتجعل النص اكثر ادراكا للفجوة الموجودة بين الوجود والموجود بميتا جمالية تعددية, حيث تقف ابتسام في مواجهة الاشياء وقدرة هذه الاشياء على اثارة الارادة بأيقاظ الصراع بين الانا والانا العليا,جاذبية النصوص لدى ابتسام تتمثل في الجسر الممتد بينها وبين من حولها بالكشف عن حالات الخوف والاضطهاد الفكري الذي يتعرض له الانسان في وقت المتغيرات الحالية خصوصا الاقليات الدينية كما في (أبحثُ فيك) و (اعتراف)
 واعترف ان ابتسام ابراهيم شاعرة بارعة في استعمال الاقنعة الشعرية ,فالقناع لديها  هو قابيل وجه الشر , وجه التسامح كما في عيسى ,وجه المعجزات كوجه موسى ورمزا للعفة والوقار كوجه يوسف, وقناع الوجه الاخر والمتمثل بالمرايا ,فتعكس الصورة التي تريدها ومن زاوية تتبناها .
 في نص (شطرنج) محاولة ناجحة لخلق موقف درامي واضح و حقيقي في الصراع الازلي القائم بين الثوار وجور السلاطين حيث تقولكي يعيش فخامته ويعيد الكـّرة
 اما في نص (شـَبـَه) فنجد التوتر الشديد على استدعاء الماضي في العلاقة  الدراماتيكية بين شخصية الاب وشخصية الناص(الشاعر).
 كذلك نص (رسالة عرفان) والذي ينساب بهدوء المشاعر الانثوية بعيدا عن الاسفاف والابتذال   وهي -كشاعرة شابة- اثبتت قدرتها الشعرية في وقت قصير بابتعادها عن لغة الترف والتزويق وقصائد المجون حيث تجد نفسك امام خزين لغوي وحضاري وتجسيد تاريخي لأحداث المجتمع ومعرفة لحجم القلق والمعاناة الذي تعيشه المرأة وسط مجتمع ذكوري فهي لا تكتب شعرا ذاتيا وحتى صوت الانا في نصوصها يحمل عبقاً جماعياً حيث تمتلك قدرة عالية في التعبير والوضوح والغموض بالإضافة الى الدقة اللغوية والنحوية.
فهي تفهم جدلية العلاقة بين الشعر والجمهور لذلك تجاوزتْ وبكل لباقة  الرقعة الضيقة للشعر ولكني اجهل تماما سبب عدم استفادة الشاعرة من اجادتها للغات اجنية في الاطلاع على شعر الحضارات الاخرى باللغة الاصلية والتمسك بقراءة النصوص العربية لشعراء عرب فقط..ربما لو فعلتْ لاستطاعتْ ان تفتح خزائن لغوية اخرى  يصعب على غيرها الوصول اليها وأخيراً اتمنى لهذه المبدعة الهادئة ان تتمسك بما عندها من موهبة وتغذيها كي ترتقي سلم الابداع كما تفعل الان بطريقة صائبة.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف