الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عشاق المدينة(١) بقلم: نزهة الرملاوي

تاريخ النشر : 2014-10-22
عشاق المدينة(١) بقلم: نزهة الرملاوي
عشاق المدينة (1)
خارج أسوار المدينة في حي الشيخ جراح تسكن اميرة مع عائلتها ، في بيت جدها القديم ، تحيط بالبيت أشجار السرو والزيتون والأزهار والورود تزين جنبات المدخل ، قالت اميرة وبدت نظراتها اكثر تعمقاً وأكثر تعلقا بملامح الأمكنة والطرقات ، حتما سأعود يوما ، ربما تفارقك اقدامي لأيام او سنين ، لكني سأعود يوما ، ورأت ان تنفرد في احدى الزوايا ، لتهرب من عجة المكان ونظرات المارة ، سارت بهدوء في شارع صلاح الدين ، وأخذ داخلها يتنفس الهواء المقدسي بشدة ، رغم تلوثه بدخان السيارات وزحمة المارة وأصوات البائعين الا انه الهواء المعشوق في قلب العاشقة ، رائحة القهوة والبهارات تلطف الأجواء بعض الأحيان ، والنعنع والخضرة المدللة امام الفلاحات ترسم لها الصورة بدقة وبجمالية فوق الأرصفة ، وهذه الأقواس المنحنية في يسار الشارع تقف شامخة رغم تبديل الوجوه وانكسارات الزمن والوجع المتكرر في هذا الوقت العصيب.
بدأت الدموع تتدحرج من عينيها ، وأخذت تلملم ما استطاعت منها ، وتمسحها دون ملاحظة الآخرين قدر الاستطاعة .....سألت نفسها الى أين اذهب ؟
مشت أيقنت ان الطريق تأخذها لشركة الكهرباء ، وقفت امام الشباك تنتظر اخر المراجعين عند حسن .
اهلًا اهلًا حبيبتي ردد حسن كيفك حالك؟ لم تخبريني انك قادمة .

أجابت : الحمد لله بعد انتهائك من العمل نتكلم .
أجاب حسن : هيا نذهب لنحتسي قهوة او عصير ، وتابع قائلا : والله مفاجأة ، ما الذي جاء بك ؟
أجابت : لا أستطيع الرحيل معك الى قطر يا حسن والاستقرار هناك ، لقد حاولت جاهدة إقناع نفسي لكني أخفقت في ذلك .
خيم الصمت ....وبدأ داخلها بالصراخ ونادى مستغيثا :
يا الهي! كيف بي ان أترك المدينة الحبيبة وهي المحفورة في قلبي، وعقلي؟ وكيف لي ان اترك حبيبي حلم صبايا وبلسم روحي ؟؟؟؟؟كيف بي رمي حبي نحو الهاوية وبلا اكتراث ؟؟؟؟لا....مستحيل...أكاد أشعر بأنّ رأسي ينفلق الى نصفين....مستحيل!
كيف لي ان اترك البيوت والعبق الساحر في الارجاء المقدسة ؟؟؟ كيف أترك الحارة ، والشارع والقنطرة..؟؟؟
قال حسن : ماذا ؟ ولماذا؟ هل علم احد بذلك ؟ هل أخبرت اهلك بهذا القرار ؟
قالت : جئت إليك بعد ان مهدت لأهلي ذلك ، أسمعني ....انا اعرف ما تعنيه القدس ، وحب القدس وعشق القدس داخلك ،فلطالما تغنيت بمعالمها وحيطانها وأزقتها وحاراتها ورائحتها ، فهي الساحرة التي تأسر العيون بجمالها والسلطانة التي تحكم القلوب بعشقها الأبدي ، وهذا حالي يا حسن ، لا تستغرب ، فلقد تيقنت اني لا أستطيع التنفس بهواء غير هوائها ، ولا أستطيع النوم الا بين أحضانها ، ولا أستطيع النمو الا تحت شمسها ، ولا السمر الا بين نجومها وقمرها ، ولا أستطيع سماع شيء الا سماع مآذنها وإجراس كنائسها..... ماؤها سر وجودي وأسوارها وآثارها عنواني وتاريخي رغم تزييف العناوين ، والعبث بأصالتها الا انها الشامخة في عصر الانكسار والانحلال والانهزام ، احبها ولا أستطيع ان أعيش بدونها .
أجابها حسن والدموع تختنق خلف جفونه : هل احببت القدس اكثر مني ؟ واكثر من حلمنا بالثراء والنعيم هناك ؟ لقد انتهوا من اجراء المعاملات لنا ، وعمي هناك أسس لي شركة لأكون مديرها ، هل تخليت عني ؟ هل تخليت عن حبنا ؟ هل احببت القدس اكثر من اي شيء ؟ من الاستقرار من الأحلام من العيش الرغيد ؟
قالت وقد تنهدت بعمق : نعم اكثر وأكثر من اي وقت مضى ، احس اني ما خلقت للابتعاد عنها ، بل خلقت للحياة والموت فوق ثراها ، أتشعر بحالي يا حسن ؟
وانتهى بهما المطاف في بيت والد حسن أخبرته اميرة بقرارها اللا متردد ، وأجاب وقد تراءت أمامه صورة من الماضي امتزجت بنفس الشعور ونفس الكلمات حين حظي ببعثة الى أوروبا لدراسة المحاسبة والإدارة والعمل والاستقرار هناك عند أقربائه ، فرفض للسبب ذاته، حب القدس لا يستطيع الا ان يسجد لله انه ابن للقدس معجون بتربتها، مروي من سبلها ، طائر في فضائها رغم تلوث المكان والزمان بالتزييف والتحريف وكتابة الأساطير الكاذبة ، الا ان الأصل في الكتابة محفور في صخرها في كل حجر بنى أسوارها ، ومداخلها ومخارجها وسراديبها وقناطرها ، يشع من روحها نور يحضن كل العاشقين ، لشبابيكها حكايات خطفت أنظار المارة على مر السنين والعصور وخباتها في فضائها ، ولابوابها قصص احتفظت بأصوات البشر هناك وخباتها في حجارة الحارات واقواسها ، ولشمسها معنى اخر ، يعني نهار البقاء في عصر الظلام على أسطح المنازل ، في الأحياء وفي الأجواء وفي المخارج وفي المداخل ، للأيام فيها ألوان وللشهور فيها ذكريات مزجت من عبق التاريخ وزهر الياسمين المتدلي على الحيطان ، رسم من رائحته الف قصة حب مقدسية ، للأسواق والخانات والتكايا فيها معانٍ اخرى غير التي تعرف ، لا يعرف معناها الا العاشق ، يعجز اللسان عن الكلام امام قداستها وعظمتها وشموخها وعزها وانتصاراتها وتحدياتها وهدوئها وانفعالاتها وغضبها وابتساماتها ، هي المميزة عبر التاريخ والعصور، انها المعشوقة ونحن عشاقها المتيمون ، يخيم الصمت ان أردنا التغزل بقدسنا الحبيبة
قفا نبك بين الدور والمنازل .......بسقط اللواء ولا اجد مقاتل
نزهة الرملاوي
15/8/2014
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف