الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تطور الأداء العسكري للقسام بقلم:د. محمد إبراهيم المدهون

تاريخ النشر : 2014-10-21
تطور الأداء العسكري للقسام بقلم:د. محمد إبراهيم المدهون
تطور الأداء العسكري للقسام
د. محمد إبراهيم المدهون
رئيس أكاديمية الإدارة والسياسة

عدوان همجي شرس وغير مسبوق تعرض له قطاع غزة على مدار (51) يوماً ارتقى في هذا العدوان أكثر من (2140) شهيداً جلهم من الأطفال (544) طفل، و(382) من النساء والباقي من الشيوخ والرجال.
وأصيب أكثر من (11) ألف بلغ عدد الأطفال المصابين منهم (3285) ومن النساء (2089) والباقي من الشيوخ والرجال.
حيث بلغ عدد الهجمات العدوانية (60664) من البر والبحر والجو استهدفت المدنيين والمنازل (16002) والمساجد ودور العبادة (169) والجمعيات والمصارف (41) والمرافق الخدمية (27) ومرافق صناعية وتجارية (324) وبلغت الخسائر الاقتصادية ما يقارب 3.5 مليار دولار.
وفق التقديرات الصهيونية، فقد نمت قدرات القسام العسكرية بشكل كبير لأسباب عدة منها الانسحاب أحادي الجانب في عام 2005م ونجاح حماس في الانتخابات في عام 2006م وتشكيل حكومة وفرت الغطاء والشرعية، وكذلك بعد حسم قطاع غزة وإجهاض محاولة الانقلاب في 2007م وبعد الصمود في عام 2008-2009م.
يتعاظم دور كتائب الشهيد عزالدين القسام لاعباً رئيسياً في المعركة على المستقبل الفلسطيني، وقد مثل التطور اللافت لأداء القسام الميداني والعسكري والأمني والإعلامي والنفسي في السنوات الأخيرة نقطة ارتكاز في تطور مشهد الصراع الصهيوني الفلسطيني بشكل عام.
وقد مثَّل الاستعداد القسامي النفسي والتهيئة الفكرية والعقدية علاوة على الإعداد الميداني للمواجهة في كل لحظة نقطة فارقة في تحقيق مكون جوهري في رسم معادلة الصراع. ورغم هذا الاستعداد للقتال الذي قدم القسام فيه مؤشرات واضحة قبل حرب (51) يوم الأخيرة، إلا أن القتال الميداني مثَّل الاختبار الحقيقي لتعاظم قوة القسام وقدرته على فرض معادلات جديدة وتحقيق متغيرات هامة.
شكَّل عدوانا 2009م و2014م علاوة على موجة 2012م التحدي العسكري الأكثر خطورة الذي واجه القسام منذ انطلاق حماس وتصدرها قيادة الشعب الفلسطيني في عام 2006م عبر صندوق الانتخابات.
ويمكن قراءة أداء القسام بشكل موضوعي ودراسة التطور الذي تحقق على هذا الأداء بالشكل التالي:
تتمتع كتائب القسام اليوم بهيكل هرمي ومستوى تدريب جيد وتشكيلات عسكرية وتخصصات متنوعة حيث تتكون كتائب القسام من 6 ألوية واللواء في العادة يتكون من 5000 مقاتل تقريباً ويضم 4 - 5 كتائب ويقدر عدد عناصر القسام بـ 30 ألف مقاتل يتوزعون على العديد من الوحدات والكتائب التي تنتشر في قطاع غزة حيث لكل وحدة مهام معينة مناطة بها ومواقع معينة تعمل انطلاقا منها.
في عدوان الفرقان ركز الأداء العسكري للقسام على القدرة البرية للدفاع وصد توغلات جيش الإحتلال وتحسين القدرة الصاروخية وتوسيع نطاقها وقد واجهت كتائب القسام ميدانياً صعوبات جمَّة لم تحقق المطلوب بالشكل الجيد ولكن حالة الصمود الأسطوري شعبياً ومقاومة منعت حالة الانكسار رغم فداحة الثمن.
ولم يتمكن القسام حينها من تسجيل اختراقات مربكة جداً للعدو مثل أسر جندي او اسقاط طائرة أو تدمير دبابة بشكل تام وخلافه...
كانت (إسرائيل) تعتقد قبل عدوان 2014م وفي قتال 2008-2009م تحديداً بأن مقاتلي القسام لديهم خبرة ضئيلة جداً في القتال، ولكن ما وقع على تخوم غزة في العدوان الأخير أبرز للعالم مقاتلي القسام نخبة محترفة جريئة مبدعة حتى صورت بعض وسائل الإعلام الأمريكي أن مقاتل القسام الأكثر حرفية في العالم.
في عدوان 2008 كان من الواضح أن الاحتلال كان يمتلك ما أسماه بنك أهداف متعددة ومتنوعة، وكانت الأهداف الحكومية الرسمية ضمنها مما وسع قاعدة بنك الأهداف واستطاع الاحتلال اغتيال وزير الداخلية الفلسطيني الشهيد سعيد صيام، ولكن في عدوان 2014م كان بنك الأهداف الصهيوني فارغاً منذ الضربة الأولى وتميز بالعشوائية.
بالتأكيد فإن الروح الوثابة والجرأة المتناهية والإقدام الفدائي الذي تميز به مقاتلو القسام منحهم هذه الصورة التي جسدت ملامح جديدة لم يعهدها العالم وقد كانت بارزة في اقتحام موقع ناحل عوز والإجهاز من نقطة صفر على عشرات جنود النخبة لجيش الاحتلال. والإنزال خلف خطوط العدو والأسر وحرب الأنفاق الشرسة. منح جنود القسام امتيازاً غير مسبوق وصورة غير معهودة شطبت مزاعم الاحتلال بأنهم هواة وخبرتهم ضئيلة. وقد برزت بشكل خاص وحدة النخبة.
في هذا المضمار /
في عام 2008-2009م تمثل النجاح العسكري الرئيس لكتائب القسام بالاستمرار في إطلاق صواريخ المقاومة طيلة أيام العدوان ولكن كان هناك تراجع بمستوى رشقات الصواريخ مع زيادة أيام العدوان والتي استمرت فقط (22) يوماً، ويمكن القول أنه قد نجح العدوان في استهداف عدد من منصات إطلاق الصواريخ وكذلك عدد من المجاهدين.
في العدوان الأخير 2014م أبهرت استعدادات كتائب القسام ومفاجآت الميدان الجميع وأرعبت العدو وتم الانتقال من استراتيجية الدفاع إلى الهجوم منذ اليوم الأول للعدوان حيث قصفت القسام ولأول مرة حيفا بأحد عشر صاروخاً جديداً (R160) ووسعت بشكل لافت مديات الصواريخ ونالت تل أبيب نصيباً وافراً منها وأضافت تقنيات تضليلية للقبة الحديدية عبر (22) صاروخاً من نوع (جي 80) جعلت القسام يحدد بدقة وقت إطلاق الصواريخ كتحديٍ معجز للاحتلال وتوسعت بقعة الزيت لمديات صواريخ القسام بأنواعها لتشمل جل الأرض المحتلة واستمر إطلاق الصواريخ والقذائف بشكل منتظم ومتعاظم ومتنوع على مدار (51) يوماً من العدوان، حيث بلغت (3334) صاروخاً من أنواع قسام وكاتيوشا وجراد وكانت مؤثرة وأوقعت قتلى وجرحى في صفوف الاحتلال، حيث قامت وحدة المدفعية وهي قوة الردع الأساسية للقسام بإمطار غلاف غزة وجيش العدوان بآلاف قذائف الهاون وصواريخ 107 و(64) صاروخ سجيل 55 و(185) صاروخ إم (75) وخمس صواريخ فجر 5 ، حيث لأول مرة يهرب أكثر من نصف سكان الكيان إلى الملاجئ وأماكن الإيواء وهجرة أكثر من نصف مليون من غلاف غزة وتعطيل مطار اللد وعدم انتظام الدراسة.
كما تمكن القسام من تسجيل اختراقات عسكرية نوعية ومنذ اليوم الأول حيث كان الهجوم من البحر على قاعدة زيكيم العسكرية وباستخدام الضفادع البشرية لأول مرة حيث شكل هذا المشهد تطوراً لافتاً في أداء القسام أربك حسابات الاحتلال، كما عزز ذلك ضربات متلاحقة فاقت قدرة جيش الاحتلال على الصمود وكانت الأنفاق وخاصة الأنفاق الهجومية والتي تم تجهيزها على مدار سنوات عبر وحدة الهندسة المسؤولة عن التصنيع وحفر الأنفاق والتي كانت كلمة السر في تدمير معنوية جيش الاحتلال وتحييد قدرته الجوية القاسية ومنها واجه القسام وحدات النخبة من خلال عمليات التسلل خلف خطوط العدو واقتحام القواعد العسكرية ومن مسافة صفر أوقعوا فيهم قتلاً وأسراً لم يعهدوه، ونفذوا عديد الاقتحامات والالتحامات خارج حدود قطاع غزة الحالية، علاوة على حالة الاستبسال الفدائية في الدفاع في تخوم غزة والتي مثلت وحدة المشاة جزءاً منها، كما لعبت وحدة الدروع المسؤولة عن التصدي للمدرعات والدبابات عملاً نوعياً بتفجير عدد من الآليات وقتل عدد من جنود العدوان، وبرز في هذا العدوان وحدة الدفاع الجوي كوحدة جديدة اربكت حركة الطيران العدواني وأسقطت عدداً من طائرات الاستطلاع، مما جعل حالة انهيار مبكرة تصيب قوات النخبة وهذا شكل ضغطاً كبيراً على القيادة السياسية لاتخاذ قرار سريع بالانسحاب الانهزامي مع أول إعلان للتهدئة . والذي عقب عليه نتنياهو بأنه " انسحاب بغرض حماية الجنود من القتل أو الخطف ". علاوة على المفاجآت المربكة والمرعبة للعدو والمتمثلة في طائرات أبابيل بنماذجها الثلاث والتي انتجتها وحدة القوات الجوية والقدرة المعلوماتية العالية وبندقية (غول) ودقتها والقنص المتكرر.
وأسند كل ذلك وحدات رئيسة في القسام حيث يعتبر المكتب الاعلامي للقسام من أركان الحرب المعاصرة فمن خلاله تم ضرب الجبهة الداخلية للكيان في الصميم حيث لا تصل الصواريخ ومن خلاله تم كشف الجرائم التي يقترفها العدو والبطولات التي يسطرها المجاهدون والذي اكتسبت هيبة ومصداقية في هذا العدوان، ومَثّل أبو عبيدة الناطق باسم القسام أيقونة الحرب.
ومن الوحدات المهمة جداً الإسناد والإمداد والتموين والتي عملت على توفير الدعم اللوجستي للكتائب المنتشرة على حدود القطاع من سلاح وذخيرة وغذاء وادوية ووقود.
وكذلك وحدة الاشارة والاتصالات، ومركز القيادة الذي يقوم بتوزيع المهام ونشر التعميمات والقيام بالحرب الالكترونية من التشويش على المحطات الفضائية الاسرائيلية واختراق الترددات العسكرية والمواقع الالكترونية الاسرائيلية. وقد بدا واضحاً مستوى السيطرة والتحكم لدى القسام في هذا العدوان .
وقد مثلت هذه الصدمات التي أبرزت جنود القسام بشكل استثنائي في ميدان نزال يحتاج جرأة فائقة وتحدياً غير تقليدي بصورة (البطل الأسطوري) الذي لا يُقهر وهذا شكل رافعة رئيسة للالتفاف الشعبي حول المقاومة وبرنامجها وأدائها مما شكل حاضنة شعبية وقدرة على الصمود استثنائية رغم شراسة العدوان ودموية المجازر. وميدان القتال العسكري أوقع عدداً من القتلى الصهاينة بشكل غير مسبوق، حيث أن تسريبات صحيفة هآرتس تحدثت عن (1600) جندياً، وأقر غسان عليان أنه في اليوم الأول البري قُتل (88) جندياً في حين عدد شهداء القسام لم يتجاوز (200) في المواجهة الميدانية.
وفي الختام:
وباختصار فإن عدوان 2008م تجاوز توقعات القسام واستعداده الميداني وقدراته العملياتية ووفق الاحصائية الرسمية (الإسرائيلية) بلغ عدد الصواريخ التي اطلقها القسام (600) صاروخ معظمها محلي الصنع وعلى غلاف غزة، ولكن تمكن القسام من الاستمرار في إطلاق الصواريخ حتى اليوم الأخير للعدوان وهذا شكل إنجازاً رغم انخفاض معدل إطلاق الصواريخ. والسبب في ذلك يعود إلى استهداف مباشر للمجاهدين مطلقي الصواريخ وصعوبة نقل الصواريخ ومعدات الإطلاق وتوغل قوات جيش الاحتلال في أكثر من مكان في مدينة غزة تحديداً.
بالتأكيد فإن موازين القوى ليست متكافئة بين جيش الاحتلال وكتائب القسام ورغم ذلك فقد سطر مجاهدو القسام وقوى المقاومة أسطورة وملحمة عز نظيرها أعادت الاعتبار للجندي العربي عموماً. وكذلك أعادت الاعتبار لأخلاق المحارب النبيل فقد سقط جيش الاحتلال أخلاقياً بهذا الاستهداف المجرم السادي للمدنيين وما قابله من حرص متسامٍ بتجنب المدنيين.
لقد تم اختبار القسام في الميدان عبر " الجرف الصامد" ولكن القسام ميدانياً أثبت أنه " جرف هار " لجيش الاحتلال الذي أخفق في حماية نفسه من الانهيار الميداني والأخلاقي فضلاً عن حماية جمهوره مما شكل معلماً جديداً ومشهداً غير مألوف سيمثل حالة تصاعدية لرغبة المقاومة العارمة التي تجيش في الصدور من المحيط إلى الخليج والتي مثلت فيها صورة جنود القسام يقتحمون موقع ناحل عوز العسكري وإذلالهم لجيش النخبة معلم الانتصار وملامح مستقبل سطره شباب غض في عمر الزهور في مطلع العشرينات جلهم كان في العاشرة من عمره حين انسحب الاحتلال من غزة في عام 2005م ولكنها تجليات القدر الإلهي " فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا " (الإسراء: 5).
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف