الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

التعذيب في الوطن العربي بقلم:د.عادل عامر

تاريخ النشر : 2014-10-21
التعذيب في الوطن العربي بقلم:د.عادل عامر
التعذيب في الوطن العربي
الدكتور عادل عامر
يحيي العالم اليوم العالمي لمناهضة التعذيب الذي يصادف اليوم السادس والعشرين من حزيران وهو اليوم الذي شهد ميلاد اتفاقية مناهظة التعذيب ومختلف ضروب المعاملة القاسية والإنسانية والمهينة بتاريخ 26/06/1987م وقد صادق على هذه الإتفاقية أكثر من 147 دولة. وعلى الرغم من مصادقة دول عديده على هذه الإتفاقية إلا أن الغالبية العظمى تمارس التعذيب ضد شعوبها أو ضد شعوب أخرى حتى تلك الدول التي تعتبر نفسها واحة احترام مواثيق ومباديء حقوق الإنسان.
وقد فشلت اللجنة الأممية المعنية بمناهضة التعذيب وضروب المعاملة القاسية من الحد من وباء التعذيب الذي ينتشر في كثير من الدول وينهش أجساد الأبرياء على مختلف أجناسهم وأعمارهم نساءً ورجالا أطفال وبالغين.
الإنسان العربي تكالب عليه المعذبون من كل حدب وصوب فإضافة إلى الأنظمة الأمنية التي تعتقل وتعذب دون حسيب ورقيب ،الولايات المتحدة الامريكية  خلال غزوها للعراق وما تسميه الحرب على الأرهاب سقط آلاف الضحايا فريسة للتعذيب المنهجي الذي اعتمد من أعلى مستوى في الهرم السياسي للدول التي شاركت في الغزو وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة وبريطانيا.
المشاهد التي خرجت من سجن أبو غريب صدمت العالم لكن هذه الصدمة والإستنكار الواسعين لم تقد إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم وبقيت الدعاوى التي رفعت في الولايات المتحدة وبريطانيا حبيسة الإجراءات وتم التعامل معها على أنها شأن مدني ممكن ان تستوجب التعويض مما اضطر عدد من المحامين في بريطانيا إلى اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية حيث قبلت المحكمة الدعوى بسبب عجز القضاء والحكومة البريطانية عن التحقيق في هذه الدعاوى على الرغم من تراكم الأدلة.
ورث النظام الطائفي الذي انشأته قوات التحالف في العراق منظومة التعذيب حيث بدأ التعذيب يتخذ بعدا طائفيا فعانا المكون السني من اعتقالات عشوائية وتعذيب وحشيي في سجون سرية وعلنية ،وبناء على اعترافات انتزعت تحت التعذيب صدرت أحكام إعدام بحق المئات كما توفي المئات تحت التعذيب، ورغم التقارير الدولية التي تحدثت عن استشراء التعذيب الوحشي والتحذيرات من أن هذا المنهج سيقود إلى إنفجار إلا أن المجتمع الدولي فشل في إلزام الحكومة العراقية بوقف التعذيب المنهجي واستمر في دعم الحكومات العراقية المتعاقبة على وجه الخصوص حكومة المالكي، فكانت الصورة التضحية بمنظومة حقوق الإنسان مقابل النفط. التعذيب المنهجي في العراق وما نتج عنه من كوارث كان أحد أسباب ثورة المكون السني بشكل أساسي فبدأت الثورة باحتجاجات سلمية واعتصامات مطالبة بإنهاء التعذيب واطلاق الأبرياء من السجون الطائفية إلى أن حكومة المالكي لم تستجب واستمرت في نهجها مما أدى إلى إنفجار شامل أدى الى تحول الثورة إلى ثورة مسلحة تدور رحاها حتى هذه اللحظه في مدن العراق. كذلك في العديد من الدول العربية كان التعذيب المنهجي سببا رئيسيا في اندلاع ما يسمى بالربيع العربي الذي بدأ في تونس وامتد الى مصر وليبيا وسوريا أحدثت هذه الثورات عقب فترة وجيزة من تحقيق بعض مطالبها برحيل رؤوس الأنظمة تحسن طفيف في ملف التعذيب وسرعان ما عادت الأمور إلى سابق عهدها في ليبيا ومصر والدولة الوحيدة التي نجت وحققت انجازات كبيرة في هذا المجال هي تونس.
وفي سوريا التي تعتبر الأخطر في التصنيفات العالمية في الوطن العربي من حيث ممارسة التعذيب حيث يمارس الجنود وعناصر الأمن هواية التعذيب منذ زمن بعيد واشتدت عمليات التعذيب عقب الثورة السورية حيث راح ضحية التعذيب مئات الآلاف بين قتلى وإعاقات مستديمة ولا زال عشرات الآلاف يعانون في سجون النظام والضحايا يتزايدون. في مصر عقب الثالث من تموز 2013 حدثت ردة على مباديء ثورة 25 يناير2011 حيث شنت السلطات الجديدة حملات اعتقال كبيرة في صفوف المعارضين للأنقلاب وبدأ التعذيب المنهجي يتصدر المشهد لكسر إرادة المعارضين مما تتسب في وفاة أكثر من 60 معتقلا نتيجة التعذيب والمعاملة القاسية والإهمال الطبي وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الدولة المصرية فالعنف الذي تمارسه إدارة السجون وسلطات الأمن بحق المعارضين غير مسبوق في أي عهد.
إنهيار منظومة القيم والأخلاق لدى العديد من القوى المدنية والمؤسسات الإعلامية التي تحرض على العنف ضد المعارضين وصمت منظمات حقوق الإنسان وتآمرها بإنكارها انتشار  التعذيب أدى إلى استشراء التعذيب في كل مكان في الشوارع حيث يسحل ويضرب النساء والرجال والأطفال وفي أقسام البوليس ومراكز الأمن ومعسكرات الجيش والسجون السرية والعلنية تستخدم وسائل موحدة أهمها الصعق بالكهرباء والتعليق لانتزاع اعترافات تؤدي في كثير من الأحيان إلى مقاصل الإعدام و في المحاكم يشاهد الضحايا في الأقفاص يعاملون معاملة مهينة ويشتكون من التعذيب لكن دون مجيب،وتلتقط كاميرات الإعلام مشاهد لهؤلاء الضحايا أطفال ونساء مع أحراز مفترضه لتبث خبرا عاجلا"القبض على خلية إرهابية" . في فلسطين المحتلة يعاني الفلسطينيون من التعذيب الذي تمارسة قوات الإحتلال بشكل يومي في كل المدن الفلسطينية والسجون دون أي رادع فعمليات التعذيب التي تمارسها أجهزة الأمن الإسرائيلية بحق الأسرى أطفالا ورجالا ونساء لا زالت مستمرة كما هي منذ عام 1967،ولا يقتصر التعذيب والمعاملة المهينة على السجون فخلال أنشطة قوات الإحتلال في المدن الفلسطينة ومداهمة المنازل تعتدي بالضرب على المواطنين  وليس أدل على ذلك المشاهد التي صورت لجنود وهم يعذبون أطفالا بشكل سادي في الشوارع.
إضافة للتعذيب الذي تمارسه أجهزة الأمن الإسرائيلية تتناوب ستة أجهزة أمنية تابعة للسلطة الفلسطينية على اعتقال وتعذيب النشطاء السياسيين بشكل أساسي ضد الإحتلال فطوال سنوات وبعد المصالحة وفي ظل الحملة الأمنية الإسرائيلية لا زالت أجهزة أمن السلطة تعتقل وتستدعي وتعذب وتعتدي بالشتم والسب على المعتقلين على خلفية أنشطة مناهضة للإحتلال كتلك الخاصة بالتضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام . إن الدول التي لم نأت على ذكرها لايعني أنها لا تمارس التعذيب فمعظم الدول ومنها الخليجية لا تسمح مطلقا بمعارضة فعالة لأنظمتها وكل من يتجرأ ويقدم ولو بكلمة واحدة على معارضة هذه الأنظمة يسام سوء العذاب.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان تدعو القوى المدنية والسياسية إلى التوحد من أجل مواجهة وباء التعذيب الذي يستشري في كثير من الدول العربية عبر البرامج التثقيفية والتعبوية لبيان خطورة التعذيب على المجتمع  واستخدام كافة الوسائل السلمية  والقانونية لمواجهة التعذيب المنهجي والمنظم الذي تمارسه الدولة.  إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تدعو الأمم المتحدة إلى تفعيل دور مجلس حقوق الإنسان واللجنة المعنية بمناهضة التعذيب لممارسة دور أكبر وعملي لمواجهة الأنظمة التي تمارس التعذيب كما يتوجب فرض عقوبات  قاسية على الأنظمة التي تمارس التعذيب من أجل إخضاعها لمباديء العدل والقانون.
الجميع يعلمون بأن المعاملة في السجون الأمريكية، سواء في الولايات المتحدة أو خارجها معاملة لا إنسانية، وقد وجهت منظمات حقوق الإنسان من قبل عدة مرات مذكرات احتجاج إلى الإدارة الأمريكية تنتقد فيها تلك المظالم التي تتنافى واللوائح الدولية المتعلقة بمعاملة السجناء والأسرى. و"التعذيب الجسدي والنفسي" مهين للكرامة الإنسانية ومرفوض لا من قبل الشعوب وسائر منظمات حقوق الإنسان فحسب، وإنما من قبل كثير من الحكومات والدول المتقدمة.. ولكن نشر الصور عن مشاهد التعذيب قد أحدث دوياً كبيراً في الأوساط الإعلامية وانعكس ذلك على المشهد السياسي العام في العراق الذي لم يعد مقبولاً برمته، حيث الاضطراب الأمني والقلق على مستقبل العراق كدولة يزداد، حتى أن الإدارة الأمريكية بالذات قد اضطرت تحت ضغط "الحدث الهائل" الذي كاد يبتلعها أن "تبدي أسفها" و تعلن عن "اعتذارها" وعن "استعدادها لتعويض المتضررين والمعذبين" عما لحق بهم من غبن وظلم وإهانة لكرامتهم البشرية، كما أكدت على أنها ستقوم بملاحقة مرتكبي تلك "الجرائم الخطيرة" قانونياً وبشكل حاسم، وسارعت إلى تغيير بعض المسئولين الكبار عن إدارة سجونها في العراق، واستقبلت وفود منظمات مهتمة بالسجون ومعتقلات الأسرى مثل الصليب الأحمر الدولي ولجنة العفو الدولية، ووقف كل من وزير الدفاع الأمريكي والقائد العسكري الأمريكي في العراق أمام نواب الكونغرس ليعلنا عن مسؤوليتهما ويدليا بمعلومات عما كانا يعلمانه عن "التعذيب والتنكيل والمعاملة المهينة" في السجون. كما وقف الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش أمام شاشات التلفزيون الأمريكية والعربية ليظهر امتعاضه عما حدث واستعداده لمعاقبة المسئولين عن تلطيخ سمعة بلاده بذلك الشكل القذر، وقد تطير بعض رؤوس النظام الكبيرة سياسياً بسبب هذه الجرائم ضد الإنسانية، عندما يشعر الرئيس الأمريكي بأن مستقبله السياسي بات في خطر. وحقيقة فإن هذه الجرائم التي أخذت حيزاً كبيراً في الصحافة الأوربية والأمريكية والعربية قد وضعت ذرائع أهم وأوراق لعب أقوى في أيدي سائر القوى والجماعات والأنظمة وأجهزة الإعلام والشخصيات المعارضة للسياسة الأمريكية ولوجودها في العراق، وبخاصة الأوربيين الذين لم تترك لهم الإدارة الأمريكية حصة من قرص الحلوى العراقية. وقد تتحدث بعض أبواق الصحافة العربية طويلاً عما حدث حتى الآن في السجون الأمريكية في العراق وخارجها.. ولكن ألم يكن سجن "أبو غريب" الشهير بالوحشية التي ترتكب فيه ضد المعتقلين موجوداً في مكانه على أرض العراق منذ سنين طويلة قبل إسقاط نظام البعث ولا تزال مئات السجون والمعتقلات العربية الشبيهة به في طول العالم العربي وعرضه مليئة بالذين هدرت كرامتهم وعذبوا تعذيباً رهيباً مصحوباً بكل أنواع الانتهاك لكرامة الإنسان، فلماذا لم تتحدث الصحافة العربية ولا تتحدث عن ذلك بهذا الشكل الذي فضحت فيه أمريكا؟ولماذا لا يقف رئيس نظام عربي أمام شاشة التلفزيون كما وقف الرئيس الأمريكي ليعلن عن اعتذاره لشعبه عما ألحقه به نظامه من إهانة وما مارسه زبانيته ضد المواطنين من ممارسات دنيئة وقذرة ومهينة؟ لماذا لا يبدي حكام العرب أسفهم عما يدور في معتقلاتهم السرّية ولا يقومون بتقليد الإدارة الأمريكية التي ستجري المحاكمات لضباط الجيش والمدنيين المسئولين عن تلطيخ سمعتها في العالم؟ لماذا هذا الهجوم الكبير على دونالد رامزفيلد وغض النظر عن أشباهه في كل العالم العربي من رؤساء فروع المخابرات ووزراء الداخلية ومسئولي القوات الخاصة الذين لم يتركوا جريمة ضد الإنسانية إلا وارتكبوها؟التعذيب وأنواع المعاملة القاسية هي قيام صاحب السلطة أياً كان أباً أو مدرساً أو زوجاً أو مالكاً أو حاكماً بمعاملة مرؤوسيه أياً كانوا معاملة لا تحترم آدميتهم أو حقهم في الحياة والصحة وبالتالي يتم إخضاعهم جسدياً أو نفسياً لظروف غير إنسانية وايا كانت انواع امتهان آدمية الانسان وتجلياتها ومهما كانت المبررات التي يمكن تقديمها دفاعا عن مصالح ممارسيها فهي منافية لكافة الأعراف والمواثيق والعهد الدولية الى جانب القيم والمعتقدات البدائية لبني البشر ومما لاشك فيه أن الأديان جميعا قد ركزت على آدمية الانسان.
الإبداع في التعذيب والقسوة:
لو سألك شخص ما عن هبه إيجابية تقدمها لشخص آخر لوجدت الأمر محدوداً في هبه مالية أو عينية أو وظيفة أو كلمة طيبة، ولكنك لن تجد أبعد من ذلك، لكن لو سألك شخص ما عن معاملة سيئة تقوم بها تجاه شخص آخر لبدأ الإبداع الذي لا ينتهي. فمن الاختطاف إلى أنواع السجن إلى التعذيب البدائي إلى التعذيب بالأدوات الحديثة والكهرباء إلى الاغتصاب الوحشي. ومن المعروف أن أكثر المعرضين للضعف هم الأطفال والنساء وسوف أقوم بالتركيز عليهم لأن العنف الموجه ضد البالغين معروف جيداً لدى العامة.
عدم الاعتراف بالآخر مصدر القسوة:
إن الديمقراطية تعني احترام الآخر وسيادة الحوار وبالتالي الابتعاد عن العنف في التعاطي مع الآخرين لكن غياب الديمقراطية كما هو الحال في الوطن العربي وبلدان العالم الثالث بسبب من سيادة الرؤيا احادية الجانب أو الشعور بامتلاك الحقيقة المطلقة وبالتالي انعدام الاعتراف بالآخر، إن ذلك يقود أولئك الذين يعتقدون بأنهم أصحاب الحقيقة المطلقة من الآباء تجاه أبنائهم أو الرجاء تجاه النساء أو أصحاب الأعمال تجاه الأجيرين أو الحكام تجاه مواطنيهم، يعتقدون بان كل من يخالف رأيهم هو عاق وفاسد وشيطاني أو مجرم وخائن وخارج عن الصف وبالتالي فإنه من الضروري ايقافه بكل السبل مهما كانت بشاعتها بما في ذلك التخلص منه جسدياً.
التعذيب في القانون الدولي:
تنص المادة الأولى في اتفاقية مناهضة التعذيب على أنه "لأغراض هذه الاتفاقية يقصد بتعبير التعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدياً كام أم عقلياً يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص أو من شخص ثالث على معلومات أو اعتراف أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه أنه ارتكبه،هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه،هو أو أي شخص ثالث، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أياً كان نوعه ...". وتقدم لجنة الدول الأمريكية لمنع التعذيب والمعاقبة عليه تعريفاً أوسع بحيث يعطي شمولية أكثر فهو "استخدام أساليب ضد شخص ما بهدف مسح شخصية الضحية أو إضعاف قدراته الجسدية والعقلية حتى لو لم تسبب ألماً جسدياً أو مرضاً عقلياً".اما قانون روما الأساسي للحماية الجنائية الدولية المعتمد عام 1998 فإنه يعرف التعذيب على نحو "إلحاق ألم مبرح أو معاناة سواء كان جسدياً أو عقلياً بشخص محتجز أو واقع تحت السيطرة".كما أن المادة الخامسة من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان تشير بوضوح إلى أنه "لا يجوز اخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أوالمهنية" وهناك نصوص شبيهة أيضاً في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وتشير المادة السابعة من العهد المذكور مثلاً إلى عدم جواز اعتماد أية أقوال أو شهادات أو اعترافات أخذت بالقوة "إنه من المهم حتى يقع العدول عن الانتهاكات أن يمنع القانون اللجوء اليها أثناء اجراءات التقاضي إلى استعمال أو الاستشهاد بالأقوال أو الاعترافات المنتزعة عن طريق التعذيب أو أي معاملة أخرى محظورة".
الديمقراطية والعدالة ضمانا حماية الانسان:
إن البشرية جمعاء وفي مقدمتها مجتمعات الوطن العربي وبلدان العالم الثالث تقف أمام تحدى حقيقي في سبيل السعي لإقامة مجتمع مدني قائم على أسس من الديمقراطية والعدالة الانسانية والاجتماعية بضمانات القوانين والدساتير الإنسانية العصرية. تحلم البشرية والمسلمون منهم في المقدمة بذلك الفجر الإنساني العظيم الذي سينزل فيه عيسى ابن مريم أو يسوع المسيح إلى الأرض لإقامة العدل , والحلم عادة يأتي بسبب الحاجة، فالبشرية بحاجة ماسة إلى سيادة العدل وحين يصاب المرء بالعجز عن تحقيق أهدافه يلجأ مضطراً إلى الحلم لكن الحقيقة دائماً هي الأساس وحتى في البعد الديني للموضوع فالإسلام مثلاً يحض على الشروع في العمل الجدي المباشر "اعقل وتوكل" الخليفة عمر بن الخطاب ضرب الرجل المستكين الزاهد في المسجد وصرخ به "لقد أمت علينا ديننا" فكان ذلك دعوة للخروج إلى الشارع والعمل وهو الذي قال "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً"  والجميع يعرف الوصية الشهيرة للخليفة أو بكر الصديق لجيشه "لا تقطعو شجرة .. لا تقتلوا شيخاً ...". كما أن الإسلام قد حرم وأد البنات وحض على التخلص من العبودية ويسوع المسيح عاش حياته من أجل تخليص أتباعه من الرق والعبودية وغم تعرضه وأتباعه لشتى صنوف القهر والتعذيب إلا أنه صاحب القول الشهير "من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر" وهو أيضاً من قال "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر" وهو يقصد أن أحداً لا يملك الحقيقة أو الحق المطلق. من المعروف أن العقوبات الجسدية في الإسلام قد وضعت لها شروطاً خاصة جداً تصل إلى حد التعجيز فعقوبة الزنا اشترط لها أربع شهود عدول وشروط تعجيزية أخرى، وعقوبة السرقة لم تشمل أبداً السرقة من أجل القوت أو الحاجة الشخصية الماسة.
مأساة الإفلات من العقاب:
لم يتمكن أحد من تقديم هتلر أو موسوليني أو هولاكو او مناحيم بيغن  أو الحجاج وغرهم وغيرهم إلى المحاكم، إن أرواح أولئك الذين قتلوا أو اختفت آثارهم منذ زمن بعيد وحتى الآن لأسباب الاختلاف بالرأي هي التي ينبغي لها أن تقود شعوب العالم للعمل سوياً من أجل ايجاد آليات مناسبة لمحاكمة أولئك الذين يرتكبون جرائم ضد الإنسانية أينما كانت ولعل في وجود المحكمة الجنائية الدولية بارقة أمل بشأن ذلك لأن ذلك سوف يساهم في ردع من يملكون القدرة اليوم على ممارسة جرائم التعذيب وانتهاك حقوق وحريات البشر رغم كل المحاولات الأمريكية لتقزيم دور هذه المحكمة الا ان مجرد وجوده يبشر بامل ما نحو توجه جديد للأسرة الدولية.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف