والفضل ما شهدت به الأعداء بقلم : حماد صبح
" والفضل ما شهدت به الأعداء " حكمة عربية عميقة عريقة . وموروثنا في منظومه ومنثوره يحوي كنوزا موفورة من الحكم وصائب الآراء والنظرات في كل حالة من حالات نفس الإنسان وفي كل شأن من شئون حياته . ومن يقرأ شيئا من هذه الكنوز خاصة إن كان أجنبيا غريبا عن الثقافة والعقلية العربية ، ولا يعرف شيئا عن سوء حال عرب اليوم _ على فرض أن هناك في العالم من لم يسمع بسوء حالهم _ فأول ما يبدر إلى خاطره الظن أن عرب اليوم من أهدى الناس أقوالا وأسلمهم أفعالا ، فإذا طالع ما يقولونه وما يفعلونه فسيصدم صدمة قاسية ، ويسأل : كيف لم يفد هؤلاء الناس من كنوز الحكمة وصائب الآراء والنظرات التي أنتجها أسلافهم ؟ وقد يعلل ذلك بأنهم لم يطلعوا عليها إلا قليلا ، وغير ذلك من التعليلات واجتهادات التفسير . اقتضاني الكتابة في هذا الموضوع توالي طائفة من الآراء والإدلاءات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة تتصل بحماس وحزب الله الحركتين اللتين قاتلتا إسرائيل في معارك طاحنة رهيبة ، وصنعتا قدرا من التوازن في تلك المعارك آلم إسرائيل حتى النخاع ودفعها إلى توجهات ومسلكيات ما كانت لتقدم عليها لولا تأثيرات تلك المعارك الدامية . من أيام قال يعلون وزير دفاع إسرائيل إن حسن نصر الله كان مصيبا حين وصف في 2000 المجتمع الإسرائيلي بأنه أوهن من بيت العنكبوت ، وتلك السنة هي التي حرر فيها حزب الله جنوب لبنان من احتلال إسرائيل . وفي تصريح آخر قال يعلون :" اجتياح غزة ليس نزهة " ، وفي كلامه إقرار بقدرة المقاومة ممثلة في حماس والجهاد الإسلامي وسواهما من حركات المقاومة الفلسطينية الأخرى على تدفيع إسرائيل تكلفة مرهقة مؤلمة إن هي دخلت القطاع لاحتلاله ولو مدة قصيرة . وفي الحرب الأخيرة على غزة لوحظ سرعة انجحار ليبرمان وزير الخارجية وبينيت وزير الاقتصاد وزعيم البيت اليهودي عن دعوتهما القيادة الإسرائيلية لاحتلال القطاع ، وبعد الحرب لم نسمع لهما صوتا في هذا الاتجاه بعد أن استقينا خطل وزلل ما كانا يتوهمانه من سهولة ذلك الاحتلال . وفي نفس الموجة اعترف بني جانتس رئيس الأركان الإسرائيلي بشجاعة رجال القسام بقوله :" واجهنا مقاتلين شجعانا . من يركض خلف دبابة ويحاول وضع عبوة عليها ففعله فعل أناس شجعان ". وتحدث الباحث الإسرائيلي عوزي رابي عن حال حماس وحقيقتها موضحا أن " لدى حماس قدرة واسعة ومثيرة للإعجاب ، وهي حركة جماهيرية لديها قاعدة واسعة جدا " ، وليكن في بالنا إذ نقرأ كلام عوزي أنه متخصص في شئون حماس ، ويراقب ما صغر وما كبر من أقوالها وأفعالها . ثناء الأعداء غالبا ثناء صادق اضطروا له اضطرارا ، وهو في جوهر الأمر ثناء غير مباشر على أنفسهم لاعترافهم بمحاسن ومزايا عدوهم ، فتلك صفة نادرا ما تكون في الأعداء ، والسائد بينهم التقليل ولو من باب الحرب النفسية من مزايا العدو ومحاسنه . وفي ثناء الأعداء توعية لشعبهم تبين حقيقة العدو الذي يصادمونه ليهيئوا أنفسهم لتلك المصادمة . واستغربت رد متحدث باسم حماس على امتداح جانتس لشجاعة القسام . قال المتحدث إن رجال القسام ليسوا بحاجة لشهادة جانتس المعترفة بشجاعتهم . واضح أن في الرد تعجلا لا موجب له . والمستغرب الأعجب أن يهون فلسطينيون وعرب من مكاسب المقاومة ومنجزاتها ، وأسباب التهوين والتقليل واضحة منكشفة . والمحقق أن هؤلاء الأقرباء في شهاداتهم وآرائهم أبعد ما يكونون عن أي فضل حتى ليقال في مثل هذه الحال تخصيصا : الفضل ما جحدته الأقرباء .
" والفضل ما شهدت به الأعداء " حكمة عربية عميقة عريقة . وموروثنا في منظومه ومنثوره يحوي كنوزا موفورة من الحكم وصائب الآراء والنظرات في كل حالة من حالات نفس الإنسان وفي كل شأن من شئون حياته . ومن يقرأ شيئا من هذه الكنوز خاصة إن كان أجنبيا غريبا عن الثقافة والعقلية العربية ، ولا يعرف شيئا عن سوء حال عرب اليوم _ على فرض أن هناك في العالم من لم يسمع بسوء حالهم _ فأول ما يبدر إلى خاطره الظن أن عرب اليوم من أهدى الناس أقوالا وأسلمهم أفعالا ، فإذا طالع ما يقولونه وما يفعلونه فسيصدم صدمة قاسية ، ويسأل : كيف لم يفد هؤلاء الناس من كنوز الحكمة وصائب الآراء والنظرات التي أنتجها أسلافهم ؟ وقد يعلل ذلك بأنهم لم يطلعوا عليها إلا قليلا ، وغير ذلك من التعليلات واجتهادات التفسير . اقتضاني الكتابة في هذا الموضوع توالي طائفة من الآراء والإدلاءات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة تتصل بحماس وحزب الله الحركتين اللتين قاتلتا إسرائيل في معارك طاحنة رهيبة ، وصنعتا قدرا من التوازن في تلك المعارك آلم إسرائيل حتى النخاع ودفعها إلى توجهات ومسلكيات ما كانت لتقدم عليها لولا تأثيرات تلك المعارك الدامية . من أيام قال يعلون وزير دفاع إسرائيل إن حسن نصر الله كان مصيبا حين وصف في 2000 المجتمع الإسرائيلي بأنه أوهن من بيت العنكبوت ، وتلك السنة هي التي حرر فيها حزب الله جنوب لبنان من احتلال إسرائيل . وفي تصريح آخر قال يعلون :" اجتياح غزة ليس نزهة " ، وفي كلامه إقرار بقدرة المقاومة ممثلة في حماس والجهاد الإسلامي وسواهما من حركات المقاومة الفلسطينية الأخرى على تدفيع إسرائيل تكلفة مرهقة مؤلمة إن هي دخلت القطاع لاحتلاله ولو مدة قصيرة . وفي الحرب الأخيرة على غزة لوحظ سرعة انجحار ليبرمان وزير الخارجية وبينيت وزير الاقتصاد وزعيم البيت اليهودي عن دعوتهما القيادة الإسرائيلية لاحتلال القطاع ، وبعد الحرب لم نسمع لهما صوتا في هذا الاتجاه بعد أن استقينا خطل وزلل ما كانا يتوهمانه من سهولة ذلك الاحتلال . وفي نفس الموجة اعترف بني جانتس رئيس الأركان الإسرائيلي بشجاعة رجال القسام بقوله :" واجهنا مقاتلين شجعانا . من يركض خلف دبابة ويحاول وضع عبوة عليها ففعله فعل أناس شجعان ". وتحدث الباحث الإسرائيلي عوزي رابي عن حال حماس وحقيقتها موضحا أن " لدى حماس قدرة واسعة ومثيرة للإعجاب ، وهي حركة جماهيرية لديها قاعدة واسعة جدا " ، وليكن في بالنا إذ نقرأ كلام عوزي أنه متخصص في شئون حماس ، ويراقب ما صغر وما كبر من أقوالها وأفعالها . ثناء الأعداء غالبا ثناء صادق اضطروا له اضطرارا ، وهو في جوهر الأمر ثناء غير مباشر على أنفسهم لاعترافهم بمحاسن ومزايا عدوهم ، فتلك صفة نادرا ما تكون في الأعداء ، والسائد بينهم التقليل ولو من باب الحرب النفسية من مزايا العدو ومحاسنه . وفي ثناء الأعداء توعية لشعبهم تبين حقيقة العدو الذي يصادمونه ليهيئوا أنفسهم لتلك المصادمة . واستغربت رد متحدث باسم حماس على امتداح جانتس لشجاعة القسام . قال المتحدث إن رجال القسام ليسوا بحاجة لشهادة جانتس المعترفة بشجاعتهم . واضح أن في الرد تعجلا لا موجب له . والمستغرب الأعجب أن يهون فلسطينيون وعرب من مكاسب المقاومة ومنجزاتها ، وأسباب التهوين والتقليل واضحة منكشفة . والمحقق أن هؤلاء الأقرباء في شهاداتهم وآرائهم أبعد ما يكونون عن أي فضل حتى ليقال في مثل هذه الحال تخصيصا : الفضل ما جحدته الأقرباء .