عصافير ملونة
بقلم : ملكة الشريف
وصل حارته التي كبر فيها ،غيرت الحرب معالم الشارع الذي سار فيه مع أعوام عمره السبعة والعشرين، ونسمات الهواء التي يعشقها جاءته محملة ببقايا النار والبارود، خطوات فقط تفصله عن البيت أحس كأنها دهر.. سيلقي بجسده على أقرب أريكة اتنتظره .. تحت شجرة الياسمين ، أو الزيتون ..أو التين ..أو الدالية - حدث نفسه - لا يهم أي شجرة اليوم سأجلس تحتها ..المهم أني سأصل البيت .
بوابة البيت انفتحت بصوت يدق باب الحنين و الذكريات .
تأمل شجيرات البيت بعضها جف أغصانها ، وما تبقى من أوراقها الخضراء اكتست السواد من أثر القصف ، وانبعاث الدخان الكثيف من المناطق المجاورة ...
يفتح عينيه بقوة كأنه يخشى إغماضهما .. يلهث بشدة من هول ما رأى من دمار وخراب، فكان كمن يجري دهرا
القي بجسده المنهك على الأريكة المتهالكة في الممر الفرعي تحت شجرة الزيتون الكبيرة، وأخذ يتأملها وهي تتمايل مع نسمات شهر أيلول لتشكل سيمفونية حبلى بمقاطع حزينة وفرحة معا..
همس كأنه يحدثها: لا زلت تأبين الانكسار..
تناغم حفيف الأشجار وصوت كناره الوحيد ملأ فؤاده بأحزان كثيرة، لقد استهوته تربية العصافير الملونة "الكنار الهندي" و"الدويري" " والحسون" منذ صغره ، فكان يحتفظ بقفص نفقت فيه أنثى الدويري منذ شهرين تقريبا ، وكلما وضع له الطعام أحس بوحدة الطائر الملون الجميل ، وكان قد قطع وعدا على نفسه بشراء أنثى جديدة لتؤنسه، ولكنه في كل مرة كان يؤجله.. في كل مرة يجد حجة لتقاعسه .
.. أضاءت عتمة الذاكرة داخله همسات زوجته الرقيقة ، ،ووقع خطوات صغيرته "أيوش" كما كان يحب مناداتها ، وضجيج دراجة "أحمد " وهو يطلق العنان لها، ليستعرض قدراته في قيادة دراجته الصغيرة. وضحكاتهما وهما يفتحان ذراعيهما الصغيرين يتسابقان للفوز بقبلاته وحضنه.
أخذ ينادي تغريد .. أحمد ..آية
لم يسمع حينها سوى صوت صفير العصفور الملون الوحيد يستقبله بلحن حزين
ابتسم ، وقال الآن فقط فهمت حزنك
و عاد أدراجه يحمل ما تبقى من قواه الخائرة ليحضر للعصفور رفيقة جديدة .. لتؤنس وحدتهما معا..
بقلم : ملكة الشريف
وصل حارته التي كبر فيها ،غيرت الحرب معالم الشارع الذي سار فيه مع أعوام عمره السبعة والعشرين، ونسمات الهواء التي يعشقها جاءته محملة ببقايا النار والبارود، خطوات فقط تفصله عن البيت أحس كأنها دهر.. سيلقي بجسده على أقرب أريكة اتنتظره .. تحت شجرة الياسمين ، أو الزيتون ..أو التين ..أو الدالية - حدث نفسه - لا يهم أي شجرة اليوم سأجلس تحتها ..المهم أني سأصل البيت .
بوابة البيت انفتحت بصوت يدق باب الحنين و الذكريات .
تأمل شجيرات البيت بعضها جف أغصانها ، وما تبقى من أوراقها الخضراء اكتست السواد من أثر القصف ، وانبعاث الدخان الكثيف من المناطق المجاورة ...
يفتح عينيه بقوة كأنه يخشى إغماضهما .. يلهث بشدة من هول ما رأى من دمار وخراب، فكان كمن يجري دهرا
القي بجسده المنهك على الأريكة المتهالكة في الممر الفرعي تحت شجرة الزيتون الكبيرة، وأخذ يتأملها وهي تتمايل مع نسمات شهر أيلول لتشكل سيمفونية حبلى بمقاطع حزينة وفرحة معا..
همس كأنه يحدثها: لا زلت تأبين الانكسار..
تناغم حفيف الأشجار وصوت كناره الوحيد ملأ فؤاده بأحزان كثيرة، لقد استهوته تربية العصافير الملونة "الكنار الهندي" و"الدويري" " والحسون" منذ صغره ، فكان يحتفظ بقفص نفقت فيه أنثى الدويري منذ شهرين تقريبا ، وكلما وضع له الطعام أحس بوحدة الطائر الملون الجميل ، وكان قد قطع وعدا على نفسه بشراء أنثى جديدة لتؤنسه، ولكنه في كل مرة كان يؤجله.. في كل مرة يجد حجة لتقاعسه .
.. أضاءت عتمة الذاكرة داخله همسات زوجته الرقيقة ، ،ووقع خطوات صغيرته "أيوش" كما كان يحب مناداتها ، وضجيج دراجة "أحمد " وهو يطلق العنان لها، ليستعرض قدراته في قيادة دراجته الصغيرة. وضحكاتهما وهما يفتحان ذراعيهما الصغيرين يتسابقان للفوز بقبلاته وحضنه.
أخذ ينادي تغريد .. أحمد ..آية
لم يسمع حينها سوى صوت صفير العصفور الملون الوحيد يستقبله بلحن حزين
ابتسم ، وقال الآن فقط فهمت حزنك
و عاد أدراجه يحمل ما تبقى من قواه الخائرة ليحضر للعصفور رفيقة جديدة .. لتؤنس وحدتهما معا..