الأخبار
38 شهيداً في عدوان إسرائيلي على حلب بسورياالاحتلال الإسرائيلي يغتال نائب قائد الوحدة الصاروخية في حزب الله17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطيني
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

التاريخ يكذب، ويجامل بقلم: عبد الرازق أحمد الشاعر

تاريخ النشر : 2014-10-19
التاريخ يكذب، ويجامل بقلم: عبد الرازق أحمد الشاعر
التاريخ يكذب، ويجامل

يوم انقلب سينيكا على تراجيدياته، وأخرج إلى العدم من باطن التاريخ تنينا يتنفس قبحا، كان عليه أن يختار موتة سنمار تناسب وجهه المتغضن، لكن عروق الرجل التي تلوت أكثر مما يجب تحت جلده الرقيق لم تطاوع شفراته الحادة، مما اضطره إلى غمس عروقة الباردة في ماء دافئ. وعندما تفجرت مصبات الحكمة لزجا وفاقا، تنفس أهل روما الصعداء. وفي غرفة الغاز نفسها التي أشعلت فتيل روما، تحول الجسد الهرم إلى دخان وكربون ورائحة لا تطاق.
أما التاريخ الذي وثق حريق روما بالجرافيتي والأحبار السوداء، فلم يستطع الوقوف هازئا عند رأس نيرون، لأنه كان مجرد معتوه يلعب بالثقاب فوق جسد بناه ومجد شيده. فليذهب سينيكا إلى الجحيم، وليعزف الناجون من غرف الدخان من أوتار قيثارة الموت نشيدا وطنيا يمجد من بنى وشيد وحرق. وليغفر من بقي حيا لمن بقي ميتا رائحة الموت التي تنبعث من كل أرجاء الوطن. ولتعش روما ومن بنى وهدم.
من يستحق الانتحار أيها التاريخ القادم من سفر البداوة: أولئك الذين طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد، أم الذين يوحون إلى أوليائهم ليزدادوا إثما؟ وكيف تشمت صفحاتك الصفراء وآلاف المشيعين بمن خطط لنسف روما، بينما تسقط من أوتار قيثارتك الصاخبة كل خطايا الطغاة، وإن كانت بحجم زنا المحارم وقتل ذوي القربى الذين لا حول لهم ولا جدار؟ فليعش نيرون بين حروفك الملتوية المتعرجةآلاف الصفحات، وليذهب البائسون الذين لم يسمعوا صوت قيثارتك الرتيب إلى إخمص الصفحات ليزدادوا كمدا.
سيقول المخلفون من المؤرخين لولا وسوسة سينيكا، لما تحول ملاك روما البرئ إلى تنين عازف، لكن صغار الأيك، والعصافير التي شمت روائح المهانة تنبعث من أكباد أفراخها تعرف أن سينيكا لم يكن سوى شيطان قنينة حبسه نيرون ليرتشف سقطات حكمته كلما تعطش للدماء، كانت يهودية المنبع أو رومانية الهوى. ليمت سنمار آلاف المرات، لأن التاريخ قدر عليه الموت بعد أن كتب رسائل حكمته اللزجة ليمهر بها خطايا الشيطان.
من يدفع ثمن البؤس الذي تعانيه الشعوب أيها الباحثون في أوتار الحرائق عن مبررات عتق؟ وكيف يرقص على أحبار المؤرخين من زكمت أنوفهم رائحة الحرائق؟ كيف نقنع الواقفين فوق براكين الحزن وأطلال الفرح أن سينيكا يستحق اختيار الموت، وأن نيرون الذي زنا بأمه قبل أن يقتلها كان مجرد ريشة طيعة في يد سينيكا المعروقة.
في بطون الكتب، سيجد القانونيون ما يفرقون به بين الأصابع وأعواد الثقاب، وسيلوون رؤوس الكلمات ليصبح سنمار حديث المجالس، ويتحول نيرون بجرة قلم إلى مجرد نغمة حالمة تتردد أصداؤها في ربوع وطن يحترق. سيموت سينيكا، ويموت نيرون، لأن التاريخ الذي أجل حتفهم حتى نهاية روما ما زال يحيك سلاسل الأكاذيب ليضعها فوق جيد الجندي المجهول الذي ظل يبكي روما حتى الوتر الأخير.
التاريخ ينسى، ويجامل، ويغمض عينيه ويدير ظهره وقفاه. لكن رائحة الدخان والشواء أصدق أنباء من دماء سينيكا وقيثارة نيرون. ولسوف تظل روما لابسة ثوب الحداد ترفل في سوادها آلاف الصفحات حتى يغير المؤرخون ألوان مدادهم ومصباته. أما القابعون خلف جدرهم السوداء ينتظرون عدالة القضاة، فلربما ينتظرون طويلا ..
عبد الرازق أحمد الشاعر
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف