الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الأحداث .. ضحايا أم مجرمون ؟ بقلم المحامي يوسف خالد سالم

تاريخ النشر : 2014-10-01
الأحداث .. ضحايا أم مجرمون ؟ بقلم المحامي  يوسف خالد سالم
بسم الله الرحمن الرحيم
الأحداث .. ضحايا أم مجرمون ؟
بقلم المحامي / يوسف خالد سالم

إن الله خلق الأشجار وفق منظومة رعاية خاصة ، فتبدأ ببذرة لا ترى بالعين ، وتضحي مع كل كوب ماء تسقى به  لوحة خلابة حتى تمسي شجرة يأكل غارسها ثمرها وهو يدرك تماما ما كان لها أن تصبح على هيئتها الأخيرة لولا رعايته وتقويمه لكل اعوجاج شاب فروعها .
وهكذا هو الطفل ، منذ أن يعلن بصيحته الاولى قدومه الى هذا العالم وحتى بلوغه سن الرشد ، فهو أمانة تبقى في عنق ولي أمره والمجتمع والحكومة ، حتى يبلغ اشده ويصبح قادرا على رسم ملامح حياته .
إن  الأحداث في فلسطين بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص هم ضحية وضع اقتصادي واجتماعي وأمني ، فالحدث في نهاية الأمر طفل لا يفكر بعقلية الاجرام التي قال بها لمبروزو أو النفسية السوداء التي تبناها فرويد ، فهو مجرد ضحية لقلة الوعي والإرشاد من ذويه أو أقربائه ، وربما يكون أسير موقف معين وضع فيه فلم يجد من يقوَّم سلوكه أو يبعده عن أصدقاء السوء الذين عادة ما يكونوا سببا في انحراف تفكيره ، لذا فعادة ينسلخ الحدث من طفولته نتيجة ظروف معينة تكون في غالبها ظروفا اقتصادية واجتماعية ليتوه في صحراء الجريمة ويجد العقوبة اسبق من النصح ، ويقابل من يكبل يده قبل أن يقابل من يأخذ بيده ويرشده .
إن وقوع فلسطين تحت وطأة الاحتلال يسبب خللا كبيرا في كافة مكونات المجتمع ولكن الطفل الطفل كان أكثرها تأثرا بالنتائج ، فبات الطفل لا يفكر كما أطفال العالم بألعابه وكراس رسمه ، بل حمل مسئولية الرجولة قبل أوانها بحكم المعاناة اليومية التي تتسبب فيها غطرسة الاحتلال الاسرائيلي وزاد على ذلك الانقسام الداخلي خلال الثمانية سنوات الأخيرة ، وفي مواجهة هذه المشكلة وجب على الجميع اعتبار الحدث ضحية لا مجرما و البحث عن سبل علاج المشكلة أولى من دفنها مؤقتا .
 إن دور النيابة العامة في موضوع محاكمة الاحداث مهم ، ولكن وبرأيي يشوبه بعض القصور في قطاع غزة فالأصل في النيابة العامة أن تكون ( خصما شريفا )  فمن الواجب عليها حين تتعلق المحاكمة بالحدث أن تتعامل مع الأمر بطريقة مختلفة ، بمعنى آخر عليها استبدال دورها الهجومي والذي يهدف لإثبات تورط الحدث بالجريمة ، والمطالبة بأقصى العقوبات بالعمل ضمن منظومة متكاملة لرعاية هؤلاء الأحداث وإخراجهم من وحل الجريمة التي سقطوا به مرغمين غير مختارين.
وفي المقابل فإن جهودا تبذل هناك خلف الستار تذكر فتشكر ، فكل العرفان لأولئك الجنود المجهولين في وزراة الشئون الاجتماعية وبعض مؤسسات العمل المدني والأهلي خصوصا تلك التي كانت سببا في انشاء ( محكمة الأحداث ) في قطاع غزة ، ومتابعتها الحثيثة لشأن الأحداث والتنسيق مع ذوي العلاقة لتفعيل هذه المحكمة ، والنأي بهؤلاء الأحداث عن المحاكمات الاعتيادية التي ربما لن تراعي خصوصية وضعهم نتيجة ضغط العمل في محاكم قطاع غزة .
إن تطبيق القوانين المتعلقة بمحاكمة الأحداث والتي صدرت لتراعي خصوصية وضعهم من شأنها أن تصون حقهم في محاكمة تلائم ( طفولتهم المسلوبة ) هادفة هذه التشريعات لإعادة هؤلاء الأحداث الى قطار الحياة الخالية من الجريمة ومحاولة دمجهم في المجتمع ، ولكي يحصل ذلك يجب على السلطة التشريعية تطوير القوانين الناظمة لشئون الأحداث بما يواكب احتياجاتهم وتطور منسوب الجريمة ارتفاعا وانخفاضا وصولا الى عدالة تتيح لهؤلاء الأحداث محاكمة عادلة وفترة اصلاح مجدية تضمن عودتهم للمجتمع قبل فوات الفرصة وقبل أن يلتحقوا بركب المجرمين ليقضوا باقي أعمارهم بين الجريمة والسجن .
هنا لا أعفي أحدا من مسئولية حماية الأحداث خاصة الأسرة والمدرسة والمسجد ، فالكل يقع على عاتقه مسئولية الوقاية لتكون خيرا من قنطار ندم ، لذا يجب محاربة كل ما من شأنه تحويل الطفل الى حدث خاصة ظاهرة عمالة الأطفال والتي تعتبر البوابة الأوسع لجرائم الأحداث.
إن وقوع الأحداث في وحل الجريمة يوجب عددا من الاجراءات التي تهدف لإعادة تقويم سلوكهم بدون آثار سلبية قد تؤثر على بناء شخصيتهم مستقبلا ، هذا البرنامج يبدأ من اجراءات المحاكمة السريعة والرحيمة في ذات الوقت ، وبعد ذلك اعداد برنامج تأهيلي للحدث أثناء قضاءه فترة العقوبة لا تقتصر فقراته على الجانب المهني فقط ، فهناك أحداث لديهم قدرات علمية لم يستثمرها أحد من قبل ، قدرات كامنة لا يتم الاهتمام بسبب ظروف معينة ، لذا يجب أن يتضمن هذا البرنامج مواد علمية ليخرج الحدث من ( الاصلاحية ) الى المجتمع حائزا على الحد الأدنى من العلوم التي قد يبني الحدث بعد خروجه دراسته عليها .
وكذلك يجب أن يركز هذا البرنامج على الشق النفسي العلاجي ومعرفة اسباب ارتكاب كل حدث لجرمه ومحاولة التدخل عبر لجان متخصصة تعالج الخلل الذي أفضى لجريمة في النهاية .
ختاما أدرك أنه لا يخلو مجتمع من جرائم الأحداث ولكن ( درهم وقاية خير من قنطار علاج ) وان وقع المرض فالعلاج المنظم و الشامل يحقق نتائجه بسرعة وفاعلية كبيرة ، لذا فالمسئولية تقع على الجميع من منطلق قوله صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف