الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سرفيس دمشق بقلم هلا تيسير ابوبكر

تاريخ النشر : 2014-10-01
سرفيس دمشق بقلم هلا تيسير ابوبكر
سرفيس دمشق
بقلم / هلا تيسير ابوبكر
الجزائر:
هي نفس السماء التي تغطينا زرقاء جميلة يكثر فيها الغيم أحيانا و تصفو مرارا و تروينا مطرا و حبا و حنينا أعواما , هو نفس القمر , نفس الهلال و نفس البدر و نفس الهواء , بل هي أنفسنا التي تبدع في التقلب و الحنين باختلاف مواقيت الزمن .
اختارني الزمن أن ينزعني من مهجري في الجزائر التي قضيت فيه عمري و يأخدني جولة بمزاج عربي لثلاث سنوات الى دمشق لأعيش مع السوريين ما ذاقوا من مرارة الحرب الطاحنة كما عشنا معهم سابقا الأكثر من الحلو و الأقل مرارة في الوطن العربي كفلسطينيين و اختارني الزمن أيضا أن أعيش مع أهلي في اليرموك نكبة شعبي الثانية...ربما هو عدل الهوية فالأم التي لا تشعر بمخاض ابنها يقال أنها أقل الأمهات أمومة و هويتي تزداد فلسطينية كل عام و كل خطوة في حياتي ترسم خارطة هذه الهوية أكثر و أكثر .....
عندما عدت الى الجزائر هده المرة كهاربة من تلك الحرب التي لا تعني لها دمعة أم أيا كانت ...
عدت الى برد بيوت الايجار التي لم يكن منهم يوما بيتي و دفئ أحبتي الذين لطالما كانوا أكثر من أهلي , لكن شيئا تغير في روحي أنا كما غيرت الحرب كل حياتنا , شيئ تغير في السماء ليس لأني اعتدتها لقرابة الثلاث سنوات مليئة بالطائرات الحربية في دمشق بل لأنها أخذت كثيرا ممن نحب في تلك السنوات و أخذت لدمشق نفسها أكثر ما تحب و أكثر مايجعلها باهية ...أخذت حب أبنائها لبعض و لأنني تذكرت أو عرفت أن قسوة هذا الوطن الحنون الجزائر و هي العبارة التي كنا نرددها باستغراب "قسوة الوطن الحنون" لم تأت من فراغ بل لتغض هذه الأرض البصر عن السماء التي أخذت لها أيضا كثيرا ممن تحب في العشر السنوات السوداء التي عاشتها الجزائر.
ان أردت أن تقرأ قليلا عن ملامح هذا الوطن لا تفتح كتاب تاريخ أو سياسة كما ينصحك المثقفون من وراء مكاتبهم , ان أردت أن تفهم قليلا ما عليك الا أن تركب الحافلة ......
ربما ستضحك ان أخبرتك مسبقا أن أقل مشوار في الحافلة سيستغرق معك ساعة داخل العاصمة الجزائرية و في تلك الساعة قد يمنحك الحظ مقعدا و غالبا لن تنال الا مكان ضيق لتقف لا يسع الا لقدميك ...
ببطء الحافلة ستقرأ ما يكفيك من آلام الناس في وجوههم المتعبة و ستنصت لحديث يومي لن تمل منه : " ياخو امشي ..لازم اديرنا باتة سردين بش تبوجي " معناه " يا أخي تحرك هل يجب أن تجعلنا كعلبة السردين لتمشي " , " سخانة ياخو سخانة " معناه " حر يا أخي حر" ولا تستغرب ان سمعت ذلك في الشتاء و تتناول الناس أحاديثها اليومية و ستأتي اليك عجوز تشكي لك زوجة ابنها و تبكي و تضحك و تقدم لك قليلا من الخبز ...و ستسمع حديث فتاة مع صديقتها عن مصيبتها بما فعل بها حبيبها السابق و سيخبرك شابا بأن راتبه لا يكفيه الا أكله و شربه و مواصلاته الجحيمية ....,توقفت الحافلة عند موقف ذات يوم و اذا بوجه غريب استضافه هذا العالم ......
انه أخونا السوري الكردي أو الفلسطيني أو الشامي أو ..لا يهم فقد جمعتنا ذات الشدة من الألم من جديد بعدما تخلينا عن جمعة الحب ,السوري و نقطة هو الضيف الجديد في الحافلة ...
يأتي الوجه الأكثر تعبا الأكثر سردا لتاريخ أمتي العربية لتصبح القصص السابقة اليومية قصص رفاهية رغم تعب أصحابها ...
6 ساعات طريق و 5 ساعات بالأكثر عمل هكذا كان يمضي يومه ابن عم أمي و صديقه اللذان كان يقضيان رحلة أشبه بالسفر ليصلان الى عملهما و يعودان منه , رحلة الذهاب الى العمل تستغرق 3 ساعات بين التنقل من محطة الى أخرى و بين زحمة الطريق و شقاء انتظار الحافلة لينتقلان من "بوسماعيل" الى "بيرتوتة" و هي مناطق تقع غرب العاصمة الجزائرية و رحلة العودة تستغرق نفس المدة , علما أن المسافة بالسيارة تستغرق فقط نصف ساعة الا أن سيارات الأجرة في الجزائر شحيحة و باهظة الثمن ........
اللاجئ السوري أكثر ماعاناه في لجوئه في الجزائر هي هذه الحافلة التي كانت أشبه بقارب الموت البطيء , لا شيء يذكر ألم البعد عنك يا دمشق مثل القوارب و الحافلات و الطائرات التي أخذت أحبتك الى المجهول , تفاصيل صغيرة أرهقت أبناءك مثل ما أرهقك بعدهم ....
رحلة الحافلة في الجزائر أكثر ما يميزها أنك تستمتع بجمال الجزائر الساحر و لكنك من ثقل الحمل يبدأ هذا الجمال بسماع همومك اليومية فركوب هذه الحافلة يعلمك الانتظار مجددا و في الانتظار حنين و ذكريات و صور تعيد لك ما رحل بغفلة عين و عندما يصرخ عامل الحافلة المكلف بجمع الدراهم باسم الموقف الذي يجب أن تنزل عنده ستشعر بألم الطريق التي أوصلتك الى هنا كأنك الأرض التي تدوسها عجلات الحافلة .
بعد شهر و نصف ابن عم أمي هاتفنا بصوت جنوني طالبا منا أن نعجل وضع اسمه بالسفارة الفلسطينية حيث أن الاجراءات سابقا تتطلب وضع اسم الشخص المسافر في السفارة قبل أسبوع على الأقل من موعد سفره و عندما أتى الينا كان كاليتيم الذي أيقن أن أمه مازالت حية و عرف الطريق اليها ...,حاولنا اقناعه بكل السبل لكنه أبى و فضل العيش بدون عمل ومع القذائف و في ظل الحرب مع أحبته , حاولنا اقناعه بأن رائحة البارود ستخنقه لكنه أصر أن رائحة الياسمين الشامي ستعيد انعاشه ان اختنق ...
أكثر ما ضايق ابن عم أمي هي الحافلة و عندما شعر أن الرحلة أطالت به أكثر من اللازم علا صوته بشوق الظمآن "وقف وقف .....موقف كفر سوسة بلا ,,,,لك وقف مو سامع
كاتبة
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف