الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رحلة الموت بحثا عن الحياة..بقلم اسيل الروبي

تاريخ النشر : 2014-10-01
رحلة الموت بحثا عن الحياة..بقلم اسيل الروبي
رحلة الموت بحثاً عن الحياة

بعد العدوان الاسرائيلي الاخير على قطاع غزة والذي باتت مشاهده متكررة عبر فصول مسرحية دولية هزلية ، زادت حدة الظروف  سوء  والماُ فلا تجد حي ولا شارع الا وقد كتب قصص  مؤلمة لأسر شهداء او جرحى  او دمار لمنازل ومساجد ومرافق عامة ولم يبقى مكان الا وطالته صواريخ الاحتلال الصهيوني ، الى جانب  التواطئ والصمت الدولي  الرهيب امام الجرائم الوحشية التي ارتكبت في حق المدنيين العزل ، لم يفكر الغزيين بشيء سوى البحث عن الحياة من خلال  خوض معركة طويلة مع الموت ، معركة مع قوارب الموت  التي قد تسلب حياتهم الى الابد ، فلم يعد هناك خيارات امام مواطني غزة سوى الهجرة هروبا من الواقع المرير الذي خلف ورائه  الدموع والاوجاع والويلات دون أي حراك مثمر لوقف الظلم والعدوان الصهيوني  في حقهم ، ولم  تكن هناك أي خطوة  جدية تكسر من خلالها حصار قطاع غزة بل الامور تأزمت اكثر فاكثر .والاستمرار في اغلاق المعابر كافة مما ادى الى شبه شلل كامل في الحياة وانتشار الفقر والبطالة ولم يعد هناك مستقبل يشرق ظلمة حياتهم ، فالخيارات محدودة امام المواطنين  الى ان نشأة في الآونة الاخيرة  فكرة  الهجرة رويدا رويدا  اصبحت  خيار اساسي لا بديل له.
 خرجوا ليبحثوا عن الحياة في طريق الموت  ليقفوا بين فكي اسد جائع كل ما يهمه  فقط جمع  اكبر عدد ممكن من المهاجرين  المتعطشين للحياة الامنة وبذلك يجمع مبالغ طائلة  من خلال حصد اروح المحتاجين الذين باعوا كل ما يمتلكون  من اجل تامين المال لربما يشترون به حياة بعيدة عن الفقر والقصف والظلم الصهيوني ...الا ان  احلامهم  الوردية انقلبت الى كابوس حقيقي  سرق منهم  حياتهم الى الابد حينما  صعدوا السفينة التي كانت لهم بمثابة العصى السحري التي  سترسلهم الى الامان  سفينة الحياة ، لم يكن يعلمون انها سفينة الموت  ، التي سلبت منهم ارواحهم في عرض البحر واصبحت جثامينهم  طعام للأسماك التي طالما اشتهوا ان يأكلونها ومنعهم الحصار والاحتلال  من الصيد .
هكذا بدأت رحلة الموت بعد توجه الاف  الغزيين  لسفر عبر الانفاق ومنهم عبر معبر رفح البري ..تاركين ذكرياتهم واوجاعهم خلفا ضنا منهم  انهم سيصلون بر الامان  من خلال الهجرة الى الدول الاوروبية التي ستأمن لهم حياة كريمة .
فجمعوا ما تبقى لهم  بعد العدوان  الاخير على  قطاع غزة ومنهم من استدان المال من معارفه واخذ زوجته واطفاله متوجها الى الاسكندرية  ليلتقون بالمهربين تجار الارواح  ليسلموهم الاموال ويخبروهم عن رحلة الموت  وخط سير السفن وعليهم ان ينتظروا كي يكتمل عدد المهاجرين الذي يزيد عددهم عن تحمل السفينة البالية ، دون خوف على حياة المهاجرين فهدف المهربين الاول والاخير زيادة رصيدهم  المالي .
وبعد ان يكتمل العدد من وجهة نظر المهربين تبدأ الرحلة المخيفة التي رسموها  بصورة امنة وسلسة لكن عليهم الصبر لمدة 5 الى 6 ايام في عرض البحر يأكلون القليل من التمر ويشربون القليل من الماء الذي جلبه معهم ليبقيهم على قيد الحياة فقط  لا يسمن ولا يغني من جوع ، وخلال الرحلة  عليهم التنقل من قارب الى قارب او من سفينة الى سفينة وكل مرة يكون الحال اسوء والسفينة اضعف  فيواجهون امواج البحر المجنونة  دون حماية  فمنهم من يسقط من شدة الامواج  لعدم جلوسه في مكان امن اومن كثرة ازدحام المهاجرين فلا يوجد مكان لتقف فيه او ان تمسك  بشيء قد يساعدك في ثباتك اثناء المعركة  بين السفينة المهترئة وجبروت وعظمة البحر فينجو من ينجو ويسقط من يسقط وتستمر الرحلة .
يقترب  المهاجرين من  أي سفينة عابرة او يجدهم  خفر السواحل حسب الوجهة التي اتجهت اليها السفينة  قد تكون  ايطاليا التي تركزت عليها اغلب الرحلات كونها الاقرب ، ثم يتم اجلاء ركابها وفق عدة اجراءات  معقدة ويتم فحص المهاجرين بشكل دقيق ووضعهم في حجر صحي الى ان يتم التأكد من سلامتهم وبعدها يتم  التعامل معهم بشكل رسمي وتامين مساكن تأويهم الى ان يحصلوا اعلى  الاقامة وامتيازاتها وبذلك تنتهي رحلة العذاب وتبدأ حياة جديدة.
لكن يبقى وجه اخر لرحلة الموت تلك ، فهناك من القوارب والسفن التي تغرق وسط البحر ولا يتم انقاذ الا عدد قليل جدا من المهاجرين لا يتجاوز عدد اصابع اليد من بين مئات المهاجرين ، كما حدث في الآونة الاخيرة مع السفينة التي غرق على متنها اكثر من 550 مهاجر من بينهم  اكثر100طفل ،من السوريين وجنسيات اخرى غالبيتهم من الاسر الفلسطينية من قطاع غزة ومن الشباب الذين تركوا اسرهم بحثا عن مستقبل افضل يستطيعون من خلاله اعانتهم  وتامين حياتهم  .
لم يكن يعلموا ان هذه الرحلة التي اختاروها  للهرب من الموت على يد الصهاينة انها ستكون ملاذهم الاخير ستسرق منهم ارواحهم وتلقي بأجسادهم المنهكة من وجع الاحتلال والفقر الى قاع البحار لتتحول الى غذاء للأسماك، نعم لفضوا انفاسهم الاخيرة وهم ينظرون الى بعضهم البعض يتساقطون من على ظهر السفينة الى البحر وسط صراخ الاطفال والنساء ليموت شخص تلوى الاخر ، ورغم كل النداءات  والاستغاثات من المهاجرين قبل غرق سفينتهم لكن لا حياة لمن تنادي ، لتعوم جثامينهم على سطح البحر ومنهم من اخذتهم الامواج الى جهة غير معلومة ، رحلوا من الظلام الى الظلام ، قتلت احلامهم وامالهم في العيش بأمان وراحة بال تاركين ورائهم ذويهم يبكونهم حرقة والم بين امل في نجاة احدهم  او املا في ايجاد جثامينهم والقاء نظرة الوداع الاخيرة واكرامهم بالدفن والصلاة عليهم  الا ان العديد منهم فقدوا دون رجعة احياء ام اموات بجعبتهم العديد من الاسرار. وهذا بعد ان دب خلاف بينهم وبين المهربين  ليقوم المهربين بضربهم وشتمهم وتعمد صدمهم  بسفينتهم  وكانت السبب الرئيسي في حدوث هذه الجريمة المتعمدة التي تعد الابشع من بين حوادث الغرق التي شهدناها  في السنوات الاخيرة .
وبذلك انتهت رحلة الموت بالموت  نهاية موجعة خطفت احلام  المهاجريين  وهم يتساءلون باي ذنب قتلنا ، ليعود الخيار الاخير البقاء  في السجن الجماعي الكبير قطاع غزة رغم الحصار رغم الفقر رغم الالم  ، و العالم بأجمعه  صامت دون حراك ينظرون موت الغزيين  بالبطيء وموت مستقبلهم  وسلب حريتهم  ، ويبقى الاحتلال الصهيوني  ممسكا بقبضة من حديد لكل منافذ الحياة الغزية بمعاونة عربية امريكية تختلف ابعادها عن السابق .
ويبقى الصراع الاخوي  الشعرة التي قصمت ظهر البعير وشكلت نقطة ضعف من خلالها سمحت للعدو الصهيوني  استغلال الانقسام الداخلي في رسم الاستراتيجيات  وتحقيق الاهداف ومحاولة اضعاف الجبهة الداخلية وتجنيد اكبر عدد ممكن من العملاء  ونشرهم بين صفوف المواطنين  لخدمة الخطط الاسرائيلية في تعزيز الانقسام  وتضييق الخناق  على المواطنين .
لطالما كان ومازال  الفلسطينيون  الضحية الاولى والاخيرة من المسلسل السياسي  الذي طالت احداثه ومشاهده دون جدوى  فلا عين ترى  المذابح الصهيونية ولا اذن تسمع  صرخات وويلات الضحايا  ولا ضمير يصحى ، ويبقى الامل يقف على اعتاب  الوجع لعل القادم اجمل بإذن الله .


بقلم : اسيل الروبي
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف