الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تقسيم الوطن العربي من برنارد لويس إلى رالف بيترز وصولاً إلى تنظيم داعش بقلم:ناصر دمج

تاريخ النشر : 2014-09-23
تقسيم الوطن العربي من برنارد لويس إلى رالف بيترز وصولاً إلى تنظيم داعش
بقلم:ناصر دمج
تقسيم الوطن العربي من برنارد لويس إلى رالف بيترز
وصولاً إلى تنظيم داعش

بقلم. ناصر دمج
   
تبوأ تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، صدارة المشهد الإعلامي والسياسي العربي والعالمي، بعد تمكن مقاتلوه من السيطرة على مدينة الموصل في محافظة نينوى شمال العراق بتاريخ 9 حزيران 2014م، وطرد رجال الدولة العراقية من مقراتهم ومكاتبهم في مدينة الموصل وجوارها؛ وفي مقدمتهم رجال الجيش والشرطة العراقيين؛ وسيعتبر هذا الأمر نقطة تحوّل مهمّة في تاريخ المنطقة العربية؛ وتاريخ مسيرة عمل تنظيم القاعدة وذريته منذ تأسيسه لغاية تاريخه، وقبل ذلك كان تنظيم (داعش) قد بسط سيطرته في كانون الثاني 2014م بالتعاون مع جماعات مسلحة أخرى على منطقة الفلوجه، وقطاعات مهمة من منطقة الرمادي غرب بغداد.

نشأة التنظيم
تشكّل تنظيم (الدولة الإسلامية في العراق) في نيسان 2013م، وفي ذلك الوقت كان جزء من تنظيم (القاعدة)، وكان على صلة وثيقة بـ (المجموعة الإسلامية المسلحة في سوريا، المعروفة بجبهة النصرة)، إلا أن هذه العلاقة انتهت في بداية عام 2014م واندلعت بينهما معارك شرسة في شرق وشمال سوريا، بعد ذلك أعلنت (داعش) رفضها العلني لسلطة وهيمنة الشيخ "أسامة الظواهري" زعيم تنظيم القاعدة، الذي كان قد طلب من (داعش) في نهاية عام 2013م التركيز على العراق وترك سورية لجبهة النصرة، وقامت بتغيرها اسمها ليصبح تنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام).
وكانت (داعش) في بداياتها تعمل تحت اسم (جماعة التوحيد والجهاد) بزعامة "أبو مصعب الزرقاوي" في عام 2004م، قبل أن يبايع هذا الأخير زعيم (القاعدة) السابق "أسامة بن لادن" ليصبح اسمه (القاعدة في بلاد الرافدين).
وبعد مقتل الزرقاوي انتخب "أبو حمزة المهاجر" زعيمًا للتنظيم، وبعد أشهر أعلن عن تشكيل تنظيم (دولة العراق الإسلامية) بزعامة "أبو عمر البغدادي"، لكن قوات الاحتلال الأميركي للعراق نجحت في نيسان 2010م في قتله مع مساعده أبو "حمزة المهاجر"، فاختار التنظيم "أبو بكر البغدادي" خليفة له، الذي كان مسجوناً في السجون الأمريكية في العراق؛ على خلفية علاقته بأبي مصعب الزرقاوي، أمير تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، وتم الاتفاق معه على المهام التي سيقوم بتنفيذها، بعد تمكينه من قيادة تنظيم (دولة العراق الإسلامية) ومنها إنشاء نسخة جديدة من تنظيم القاعدة باسم (الدولة الإسلامية في العراق) وخصص له من أجل هذه الغاية موازنة قدرت بـ 30 مليون دولار أمريكي، فتم بناء معسكرات تدريب خاصة به في صحراء الأنبار، ومن الجدير ذكره هنا بأن المسؤول الأمريكي السابق في وكالة المخابرات الأمريكية (مايكل فيكرز) هو الذي كلف بمتابعة "أبو بكر البغدادي"، والإشراف على عمليات تنظيم (داعش) داخل العراق وفي سوريا فيما بعد، ومن المعروف عن هذا المسؤول الأمريكي بأنه خبير في ملف (العصابات الإرهابية)، ويطلق عليه داخل دوائر المخابرات الأمريكية اسم (الذئب الرمادي) وهو من الذين عملوا لسنوات طويلة مع مستشار الأمن القومي الأمريكي "زيبغنيو بريجنسكي" خلال فترة الرئيس "جيمي كارتر"، ويعد "مايكل فيكرز" من أهم المهندسين المشرفين على برنامج الوكالة المركزية للاستخبارات لتفريخ وتدريب وتسليح الحركات المتطرفة، التي تضاعف حضورها منذ الغزو السوفييتي لأفغانستان في منتصف سبعينيات القرن العشرين، وهو حائز على جائزة وكالة الاستخبارات الأميركية، في مضمار التخطيط،  لإنجازه وتنفيذه مخطط استخدام (المقاتلين العرب) في أفغانستان لدحر القوات السوفيتية، الذين شكلوا فيما بعد تنظيم القاعدة.

وخدم "مايكل فيكرز" على مدار ثلاثة عشر عاماً في قوات العمليات الخاصة، من عام 1973م إلى  عام 1986م، راكم خلالها خبرة مميزة في العمل الاستخباري، بعد ذلك خرج من نطاق الخدمة الحكومية لمدة عشرين عاماً، خلالها تمكن من إكمال دراسته الأكاديمية التي انتهت بحصوله على شهادة الدكتوراه في منتصف تسعينيات القرن العشرين.

وعندما استدعى الرئيس "جورج بوش الابن" مستشار الأمن القومي السابق "زبينغو بريجنسكي" في نهاية عام 2006م للتخطيط لإخراج الجيش الأمريكي من العراق، قام برجينسكي باستدعاء "مايكل فيكرز" على الفور، وكلفه برسم خطة انسحاب الجيش؛ والإبقاء على مجموعه منه تعمل تحت إشرافه، وتكوين خلايا سرية من المتطرفين العرب والأجانب، لتبقى جاهزة للعمل تحت إمرته.
في عام 2007م تم تعينه رئيساً لوحدة (العمليات الخاصة والإرهاب) الكائنة مكاتبها في الطابق الثالث من وزارة الدفاع الأمريكية، وهناك بدأ مشواره المدمر في بناء مخططات تشكيل (تنظيم الدولة الإسلامية في العراق)، وغيره من التنظيمات التي ستخرج من الأدراج عند الحاجة لها.

أهداف داعش
تنقسم أهداف داعش إلى قسمين، الأول: "الهدف القريب أو العدو القريب" ويقصد به قتل المسلمين الآخرين، وخصوصًا الشيعة؛ وتصفية المملكتين، الأردنية الهاشمية والعربية السعودية، أما "الهدف الثاني أو العدو البعيد" يقصد به الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية كافة، دون ذكر إسرائيل؛ ولا في أي من أدبيات أو منشورات داعش، وهذا بحد ذاته يثير الدهشة والاستغراب، لأنه لا يعتبر إسرائيل عدو ولا بأي مرحلة من المراحل، وهذا أمر لم يسبق (داعش) إليه أحد من التنظيمات الإسلامية السلفية، كالقاعدة أو جبهة النصرة، أو الشيعية مثل حزب الله وغيره.
هنا من الممكن أن (داعش) قد انطبق عليها وصف علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، عندما قال مخاطباً الناس، قبل 1435عاماً، كما جاء في كتاب (الفتن) لـ "نعيم بن حماد"،  "عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قوله، إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّايَاتِ السُّودَ فَالْزَمُوا الْأَرْضَ فَلَا تُحَرِّكُوا أَيْدِيَكُمْ، وَلَا أَرْجُلَكُمْ، ثُمَّ يَظْهَرُ قَوْمٌ ضُعَفَاءُ لَا يُؤْبَهُ لَهُمْ، قُلُوبُهُمْ كَزُبَرِ الْحَدِيدِ، هُمْ أَصْحَابُ الدَّوْلَةِ، لَا يَفُونَ بِعَهْدٍ وَلَا مِيثَاقٍ، يَدْعُونَ إِلَى الْحَقِّ وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهِ، أَسْمَاؤُهُمُ الْكُنَى، وَنِسْبَتُهُمُ الْقُرَى، وَشُعُورُهُمْ مُرْخَاةٌ كَشُعُورِ النِّسَاءِ، حَتَّى يَخْتَلِفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ يُؤْتِي اللهُ الْحَقَّ مَنْ يَشَاءُ".
قادة داعش
عرفت الأسماء الصريحة لبعض قادة داعش، بعد إصدار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في حزيران 2014م قرار يدين فيه تنظيم (داعش)، وفرض عقوبات على اثنين من قادتها هما: حامد حمد حامد العلي، وزير مالية (داعش)، وأبو محمد العدناني، وزير إعلام (داعش)، أما وزير حرب داعش فهو "أبو سليمان الناصر لدين الله"، وكان هذا الرجل مع أبو بكر البغدادي في معتقل (بوكا -  (Bucca الأمريكي في العراق، قبل أن يشق طريقه في عالم الجهاد، و "حازم عبد الرزاق الزاوي" وهو وزير الداخلية لدى التنظيم، و "أبو صفوان الرفاعي" وهو رئيس جهاز الأمن لدى التنظيم، و "عبد الرحمن البيلاوي"، وهو أحد القادة الكبار في داعش، وتقول بعض المصادر إنّه القائد العسكري الأعلى، وتوفي في شهر حزيران 2014م، و "أبو عمر الشيشاني"، وهو من الشيشان، لكنه شخصية مهمّة في التنظيم، كان قائدًا لمجموعة تابعة له تسمى بجيش المهاجرين في سوريا قبل أن ينشقّ وينضمّ لداعش، و "شاكر وهيب الفهداوي"، وهو ملقّب بـ "أسد الصحراء"، و "عبد الله الجنابي" وهو شخصية رئيسية في تنظيم القاعدة.
وتنقسم القيادة العليا في (داعش) بين مجلس الشورى - مجلس وزاري مصغّر مع مجالات مسؤولية معيّنة مثل التجنيد، التمويل وتوفير الطعام - ومجلس عسكري مصغّر، مع قائد له. يعمل تحت لواء المجلس العسكري معيّنون بمجالات مسؤولية وخبرة مثل بناء شاحنات وعبوات متفجرة، أما زعيم التنظيم فانه يفرض سلطته على التنظيم من خلال شكلين من أشكال القيادة والتحكم وهما:
الأول. تشكيل وحدة اغتيالات داخلية تقتل المنحرفين عن الطريق.
الثاني. بسط سلطة دينية متمكنة، تمارس دورها من خلال حكومة الأمراء المحليّين، وهم مسؤولون عن مناطق سيطرتهم، وقادة عسكريّون موثوقون.
استنتاج
يستفاد من هذه الإطلالة على خلفية تكوين تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، ومعرفة أهدافه المعلنة؛ ومعرفة جزء من قادته، هو الإمساك بطرف خيط غاياته الكامنة تجاه الوطن العربي، وهي مسألة يستدل عليها أيضاً من خلال طبيعة المهام التي ينفذها التنظيم في المشرق العربي، والتي تستكمل جميعها مهمة تفتيت الأمة العربية على أسس دينية وعرقية ومذهبية، وهي المهمة التي بشر بها مشروع "برنارد لويس -Bernard Lews " لتقسيم الوطن العربي؛ وجددها الجنرال الأمريكي "رالف بيترز - Ralph Peters" ضمن مشروعه الشهير (حدود الدمBlood borders ) وأسس لها على الأرض تنظيم القاعدة، عندما كان الهدف محدد بنشر الخراب والدمار في الدول العربية، وبعض الدول الإسلامية، واستكملها تنظيم (داعش) من خلال حربه المدمرة فوق التراب السوري والعراقي ضد العرب والمسلمين.
إذن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) هو امتداد طبيعي للتنظيم الأم وهو (القاعدة)، ويحمل خصائصها وصفاتها القاعدة المذهبية والسياسية، وشبه نشأتها وأصلها، يعني ذلك بأنه كان هناك مهمات متتالية مطلوب من كلا التنظيمين انجازها، فطلب من التنظيم الأول (القاعدة) التمهيد لبعث أجواء الفوضى الخلاقة والخراب، التي لا يمكن لها أن تكتمل إلا بشلالات من الدماء وفقاً (لكونزاليزا رايس) وهذا ما تم الانتهاء من تجهيزه قبل مقتل "أسامة بن لادن"، بحيث تنشأ مع تلك الفوضى ظروف تسمح للحكومات الوطنية طلب العون العسكري الغربي المباشر، وجلب المستعمر بآلاته العسكرية من جديد، وطلب من التنظيم الثاني (داعش) وريث التنظيم الأول، مباشرة عمليات تهجير السكان من مناطقهم ومدنهم، وفرزهم ومن ثم جمعهم خلف حدود دينية ومذهبية وإثنيه، وهذا ينطوي على عمليات قتل عنصري مروعة وشاقة من نقل وتهجير جماعي للسكان عبر الحدود القديمة المطلوب حذفها لصالح الحدود الجديدة، التي تم رسمها في وقت مبكر من ثمانينيات القرن العشرين ضمن مشروع "برنارد لويس -Bernard Lews " ومشروع "رالف بيترز - Ralph Peters" الشهير (حدود الدمBlood borders ) أي إعادة رسم حدود الدول العربية القائمة حالياً، على أساس بنوة الدم والعرق والدين، وليس على أساس انتمائهم الفطري والتاريخي للأوطان، وهذا من شأنه أن ينزع صفة العروبة والانتماء القومي عن الدول الجديدة وشعوبها، بحيث تصبح قوميتها ومذاهبها وأديانها هي قوميتها الجديدة، وهذه بيئة مثالية لقبول إسرائيل بين الدول الأثنية الجديدة، وهو أمر يترك مستقبلاً خيار تقبل إسرائيل من عدمه؛ وإقامة علاقات معها مرهون بظروف كل شعب من الشعوب، وليس بموقف جماعي مبنى على أسس قومية جامعة ضد إسرائيل.
وما يقوم به (داعش) حالياً ينطوي على تنفيذ وحشي كما ذكرت لمشروعي (برنارد لويس ورالف بيترز)، وهي مشاريع معتمدة كإستراتيجيات أمن قومي عليا لدى الكونغرس الأمريكي، ولدى حلف شمال الأطلسي، بعد توقف حرب الخليج الأولى عام 1988م، وقد أوشك هذا التنظيم على إقامة الدولة السنية فوق كامل منطقة الحدود السابقة بين دولتي العراق وسوريا، وإلغاء حدود سايكس بيكو، التي وصفها "رالف بيترز" بالظالمة للأقليات الدينية والعرقية في المشرق العربي، وهنا يجب أن لا يفوتنا أبداً ملاحظة دور المصالح الإقليمية والدولية المتداخلة والمعقدة في المنطقة العربية والتي تساعد جميعها في وصول الامبريالية العالمية المتجددة إلى أهدافها بسهولة ويسر، وفي هذا السياق كان ملفتاً للنظر عدم اتخاذ روسيا و إيران، الداعمتان الرئيسيتان للنظام السوري، الذي يقاتل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عدم التدخل لمصلحة ذلك النظام، بينما يواصل تنظيم الدولة تقويض مناطق نفوذه وسيطرته على التراب السوري، وعدم اتخاذ أي خطوة عسكرية لمنع سيطرة (داعش) على مناطق الرئيس "بشار الأسد"، وهو التنظيم الغريب عن الأرض السورية؛ ولا يملك عليها أي حاضنة شعبية، ويلاقي كل أنواع العداء من دول الجوار العربي والتركي والكردي والإيراني المحيط بسوريا والعراق؛ لكنه تمكن من دحر جيوش العراق وكردستان وسوريا، وسيطر على مئات القرى والمدن السورية والعراقية على طريقة (جنكيز خان) حيث يحرق المدن ويقتل الإنسان والحيوان؛ لخلق الرعب في المناطق المجاورة لدفعهم إلى الفرار وترك جميع ممتلكاتهم ومن ثم تتم السيطرة عليهم بالقوة والتنكيل.
تم ذلك كمحصلة لـ  10،000 عملية نفذها التنظيم في العراق وسوريا، خلال الفترة الواقعة بين حزيران 2013 و حزيران 2014م، من بينها 1000 عملية اغتيال، وتفجير 4000 عبوة ناسفة زُرعت في أماكن عامة ودور العبادة، أسفرت عن مقتل 8000 من المدنيين في العراق لوحده، وقيام التنظيم بمهاجمة العديد من السجون ومراكز التوقيف وتحرير مئات السجناء المتطرفين، مضاف إلى ذلك تمكن التنظيم بطرقة العديدة من تجنيد مئات الشباب العراقيين والوافدين العرب والأجانب، ويقدر عدد مقاتلي التنظيم بـ 50 ألف مقاتل، من بينهم 2000 مقاتل يحملون جوازات سفر أوروبية؛ ويمكنهم التنقل بسهولة عبر الحدود.
السؤال المطروح هنا، من أين يستمد تنظيم (داعش) كل هذه القوة ؟ التي تمكنه من قضم ما يريد من أراض إستراتيجية تضاهي مساحة المملكة المتحدة، وتحتوي على مطارات عسكرية وآبار بترول وغير ذلك؟
الجواب هو من الطائرات الغربية التي تمده بما يريد من معدات وتجهيزات عسكرية وغيرها، ولن يكون مفاجئاً لأحد العلم بأن حلف شمال الأطلسي قد أوكل مهمة مد تنظيم الدولة الإسلامية بما يريد للجيش الألماني، الذي لا تغادر طائراته سماء المنطقة التي يسيطر عليها (داعش)، أو سماء مخيمات اللاجئين السورين فوق الحدود الأردنية والعراقية والتركية، وهو الأمر الذي يفسر لنا أيضاً سهولة تحرك آليات وأرتال (داعش) العسكرية المكونة من 70 – 100 قطعة حربية في كل مرة تقريباً، بما فيها صواريخ بالستية منقولة من العراق إلى سوريا، قطعت كامل المسافة الواصلة بين مدينة الموصل في العراق ومدينة الرقة في سوريا؟

تنظيم داعش أغنى من تنظيم القاعدة
حقق تنظيم (داعش) قبل نهاية النصف الأول من عام 2014، نجاحًا باهرًا في تجنيد الأموال وتوفير مصادر تمويل دائمة وشبه دائمة له، حدث ذلك بعد سيطرته على العديد من آبار النفط في منطقة الموصل، وسرقته لمئات ملايين الدولارات من البنوك في المدينة، وسيطرته على معدّات عسكرية ميدانية وبالستيه، وقيامه بتنظيم حملة منظمة لجباية الضرائب من رجال الأعمال في الموصل، تصل إلى (8) ملايين دولار شهريًا.
كما أن تنظيم (داعش) سيطر على آبار نفط في شرق سوريا في نهاية عام 2012م، توفر له إيراداتها سيولة نقدية وفيرة، وقسم من بترول تلك الآبار يُعاد بيعه لنظام الأسد، ومعروف أيضًا بأن التنظيم نهب كل ما يمكن نهبه من مواد خام من سوريا وسرق قطع أثرية باهظة الثمن يعود عمر بعضها لأكثر من 8000 عام، من مواقع أثرية، واتضح من خلال معلومات عُثر عليها في كمبيوترات تمت مصادرتها من أعضاء في التنظيم، بأنه قبل سيطرته على الموصل كان بحوزته أموال وأملاك بقيمة 875 مليون دولار. وأضيف إلى ثروة التنظيم بعد احتلال الموصل 1.5 مليار دولار.
الانترنت احد مجالات عمل داعش
ورث تنظيم (داعش)، خبرة تنظيم القاعدة في استخدام شبكة الانترنت بشكل فعال، لخدمة برامجه وأهدافه وتواصله مع عناصره بدرجات آمان عالية نسبياً، علاوة على تمكنه من نشر تقاريره ومرسلاته الإعلامية الخاصة به، وتجنيد التبرعات والمتطوعين، وشكل الاستخدام المتقن لمواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيس بوك واجهة لحملاته الترويجية في العراق وسوريا وخارجهما، وتمكن من نشر فيديوهات مختلفة على موقع يوتيوب، وقد اعتبر مجال الانترنت أحد أسباب نجاح تنظيم (داعش) في تجنيد المقاتلين من الدول العربية والغربية.
استنتاج
كل ما تقدم يدلنا على أمر واحد، وهو منح كل جهة عربية في سوريا والعراق والسودان وفلسطين حالياً، واليمن وليبيا ومصر فيما بعد، كل ما يلزمها من إمكانيات لتقسيم بلادهم؛ والاحتفاظ بالجزء الذي تسيطر عليه والى الأبد، لهذا السبب لم يسقط نظام الرئيس بشار الأسد، ولو قتل هو شخصياً مثلما قتل أسامه بن لادن فلن يسقط نظامه، وسيبقى مشروعه قائماً من خلال (داعش) ونقيض (داعش) بصرف النظر عن المسميات.
لهذا السبب، أرى بأنه لن يكتب النجاح لمساعي الصلح الفلسطيني الفلسطيني، وعما قريب سنرى ليبيا تنشطر بالطريقة ذاتها، وسنرى انشطار سيناء عن مصر أيضاً، كما انشطر جنوب السودان عن شماله، وستصبح المناطق المقتطعة بحراب التقسيم جزء من ذاكرة الأوطان الجغرافية للأسف الشديد. 
 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف