متفائل من غزة
بقلم رسام الكاريكاتير حنفي ابو سعدة
في بلادنا لا تحمل شمس الفجر الجديد أي جديد سوى ان تصدح لك ان ثمة يوما من ايام عمرك قد هرب منك بلا رجعة ,ولا بواكي على الايام , فالحياة هنا هي يوم واحد تم استنساخه بنفس التفاصيل والعناوين ونفس الوجوه الهائمة غربة في شوارعها الى آلاف الايام ,ولا شيء يثير الاستفزاز اكثر من سؤال احدهم لك كيف حالك اليوم ؟
صفحات الحياة في بلادنا كلها سوداء واكثر الصفحات اشراقا وبياضا هو ذلك اليوم الذي يمر دون خبر عن فاجعة او كارثة او مخطط استيطاني اوتصريح لمسؤول سياسي .
العناوين السوداء كثيرة اخرها الهجرة تلك اللعنة القديمة الجديدة التي حلت على شبابنا في محافظات الوطن الجنوبية _قطاع غزة _والذين هم بالأساس مجموعة من المهجرين واللاجئين الذين لا تزال العقلية الصهيونية والاسرائيلية تصر على ملاحقتهم وتهجيرهم وهذه المرة الى الدار الاخرة ,ومن نجا منهم من آلة الحرب وبطش العدوان تركتهم في ظروف حياتية ومعيشية كما لو كانوا اموات لم يذوقوا طعم الراحة الازلية ,فغدا الموت لهم امنية حتى لو كان في بلدان استعصت شواطئها على أحلامهم .
شبابنا وخريجونا وعمالنا وموظفينا ومدرسينا وتجارنا واطفالنا اصبحوا مجرد تعويذة وطلاسم سحرية يصعب فهمها , هائمة على وجوهها , وقد استعصت كل حروف لغات العالم على ان تستنطق ما في ضلوعهم من خوف وفزع ولعنات وسخط على كل شيء واي شيء .
التفاصيل اليومية التي تتناولها احاديث الناس كثيرة مملة مؤلمة ولم تتغير
الانقسام .... رفعت الصحف وجفت الاقلام ....والاحلام
الإعمار .... ستفنى الأعمار قبل الإعمار
الرواتب .... بعد انهاء الانقسام وقبل حكومة الوحدة الوحدة والوفاق .. قضية اشبه بفزورة البيضة والدجاجة وايهما قبل الاخر
الشباب الخريجين والوظيفة .... قد تبدوا الجنة أملا قريبا لبعض الغافلون والساهون اذا ما قورنت بالأحلام الوردية المتعلقة بالوظائف وفرص العمل والتشغيل
المفكرين والباحثين والخبراء الاستراتيجيين .... إما مفكر في الهجرة او باحث عنها او خبيرا في طرقها ووسائلها
المياه .... مشروع استثماري مربح لأصحاب رؤوس الاموال الكبيرة حيث قريبا سنشتري المياه كما نشتري الكولا (للضيوف فقط )
القيادة السياسية .... رجال اصحاب رؤية وخبرة نضالية واعمدة مقاومة ونضال طويلين احتلوا في قلوب شعبهم ومؤيديهم مكانا مرموقا متوجا بالحب والتقدير لكنهم رجال بلا حول لهما ولا قوة امام غطرسة القوى الاقليمية في المنطقة
غزة .... مشروع مخضب بالدم و بالطفولة الذبيحة و بالرجال الصادقين ومسرح لكل المزايدات السياسية ولا اعرف لماذا لم يفكر الحزب الاشتراكي في الكوالالمبور وجزر القمر في زيادة حصته من مقاعد البرلمان عبر استغلاله لازمة غزة ودمائها
كاتب هذه السطور .... اكثر أهل غزة تفاؤلا
تلك هي بعض عناوين الواقع الحياتي الذي خلفه الحصار الاسرائيلي ماديا اقتصاديا ومعيشيا وما خلفه الانقسام السياسي معنويا ونفسيا على شبابنا ورجالنا .
قد تكون هذه اسباب كافية للدعوة للهروب والهجرة من هذا الواقع المؤلم وهذا صحيح , لكن من ناحية ثانية هذه الاسباب هي نفسها ايضا ما تدعونا للبقاء بل والاصرار على البقاء والصبر والصمود فهذا هو ردنا على محتلنا ومحاصرنا ولان هذه البلاد ليس لها سوى شبابها وادمغتها المفكرة وسواعدها البناءة ,وهي الارض التي احتضن ثراها جثامين اخوتنا واقاربنا واصدقائنا وجيراننا الذي ارتقوا شهداء لكي نحيا فيها لا ان نهرب منها بحجة سوء الاوضاع وغياب الافق السياسي لحل يحمل بعض الامل لسكان هذه البقعة المنكوبة في المنطقة .
وكما هي امانة في اعناق ساستها وقادتها والذين تقع عليهم مسؤولية احتضان آمال الشباب ومواساة آلامهم والعمل بكل جهد على التخفيف من اعباء الحصار عليهم وحمايتهم من الوقوع في شرك المهربين والساقطين , فانها ايضا امانة في اعناق الشباب واولياء امورهم وليس الهروب هو سمة شباب غزة واهلها مع بالغ تقديرنا لحق كل باحث عن فرصة للحياة الكريمة لنفسه ولأبنائه بعيدا عن اجرام وارهاب دولة مجرمة ساقطة كدولة الاحتلال الاسرائيلي .
بكل مشاعر الالم والاسى ننعى الذين ارتقوا في حادثة غرق السفينة , وندعو كل مهتم وباحث ومسؤول في بلادنا وخارجها ان يعمل بكل جهد يملكه سواء بالقرار او الافكار او القلم او الاغنية واللحن او الريشة وان نصطف على شواهد قبور الذين ارتقوا شهداء او امضوا زهرة اعمارهم معتقلين لنأخذ منهم درسا صغيرا في التضحية والبذل والصبر لأجل بلاد كانت قدرنا وكنا قدرها لاجل بلاد حتما سنطوي صفحة انقسامها وخلافها واحتلالها و لحماية بلادنا وانفسنا وشبابنا من لعنة الهجرة ولعنة اليأس
بقلم رسام الكاريكاتير حنفي ابو سعدة
في بلادنا لا تحمل شمس الفجر الجديد أي جديد سوى ان تصدح لك ان ثمة يوما من ايام عمرك قد هرب منك بلا رجعة ,ولا بواكي على الايام , فالحياة هنا هي يوم واحد تم استنساخه بنفس التفاصيل والعناوين ونفس الوجوه الهائمة غربة في شوارعها الى آلاف الايام ,ولا شيء يثير الاستفزاز اكثر من سؤال احدهم لك كيف حالك اليوم ؟
صفحات الحياة في بلادنا كلها سوداء واكثر الصفحات اشراقا وبياضا هو ذلك اليوم الذي يمر دون خبر عن فاجعة او كارثة او مخطط استيطاني اوتصريح لمسؤول سياسي .
العناوين السوداء كثيرة اخرها الهجرة تلك اللعنة القديمة الجديدة التي حلت على شبابنا في محافظات الوطن الجنوبية _قطاع غزة _والذين هم بالأساس مجموعة من المهجرين واللاجئين الذين لا تزال العقلية الصهيونية والاسرائيلية تصر على ملاحقتهم وتهجيرهم وهذه المرة الى الدار الاخرة ,ومن نجا منهم من آلة الحرب وبطش العدوان تركتهم في ظروف حياتية ومعيشية كما لو كانوا اموات لم يذوقوا طعم الراحة الازلية ,فغدا الموت لهم امنية حتى لو كان في بلدان استعصت شواطئها على أحلامهم .
شبابنا وخريجونا وعمالنا وموظفينا ومدرسينا وتجارنا واطفالنا اصبحوا مجرد تعويذة وطلاسم سحرية يصعب فهمها , هائمة على وجوهها , وقد استعصت كل حروف لغات العالم على ان تستنطق ما في ضلوعهم من خوف وفزع ولعنات وسخط على كل شيء واي شيء .
التفاصيل اليومية التي تتناولها احاديث الناس كثيرة مملة مؤلمة ولم تتغير
الانقسام .... رفعت الصحف وجفت الاقلام ....والاحلام
الإعمار .... ستفنى الأعمار قبل الإعمار
الرواتب .... بعد انهاء الانقسام وقبل حكومة الوحدة الوحدة والوفاق .. قضية اشبه بفزورة البيضة والدجاجة وايهما قبل الاخر
الشباب الخريجين والوظيفة .... قد تبدوا الجنة أملا قريبا لبعض الغافلون والساهون اذا ما قورنت بالأحلام الوردية المتعلقة بالوظائف وفرص العمل والتشغيل
المفكرين والباحثين والخبراء الاستراتيجيين .... إما مفكر في الهجرة او باحث عنها او خبيرا في طرقها ووسائلها
المياه .... مشروع استثماري مربح لأصحاب رؤوس الاموال الكبيرة حيث قريبا سنشتري المياه كما نشتري الكولا (للضيوف فقط )
القيادة السياسية .... رجال اصحاب رؤية وخبرة نضالية واعمدة مقاومة ونضال طويلين احتلوا في قلوب شعبهم ومؤيديهم مكانا مرموقا متوجا بالحب والتقدير لكنهم رجال بلا حول لهما ولا قوة امام غطرسة القوى الاقليمية في المنطقة
غزة .... مشروع مخضب بالدم و بالطفولة الذبيحة و بالرجال الصادقين ومسرح لكل المزايدات السياسية ولا اعرف لماذا لم يفكر الحزب الاشتراكي في الكوالالمبور وجزر القمر في زيادة حصته من مقاعد البرلمان عبر استغلاله لازمة غزة ودمائها
كاتب هذه السطور .... اكثر أهل غزة تفاؤلا
تلك هي بعض عناوين الواقع الحياتي الذي خلفه الحصار الاسرائيلي ماديا اقتصاديا ومعيشيا وما خلفه الانقسام السياسي معنويا ونفسيا على شبابنا ورجالنا .
قد تكون هذه اسباب كافية للدعوة للهروب والهجرة من هذا الواقع المؤلم وهذا صحيح , لكن من ناحية ثانية هذه الاسباب هي نفسها ايضا ما تدعونا للبقاء بل والاصرار على البقاء والصبر والصمود فهذا هو ردنا على محتلنا ومحاصرنا ولان هذه البلاد ليس لها سوى شبابها وادمغتها المفكرة وسواعدها البناءة ,وهي الارض التي احتضن ثراها جثامين اخوتنا واقاربنا واصدقائنا وجيراننا الذي ارتقوا شهداء لكي نحيا فيها لا ان نهرب منها بحجة سوء الاوضاع وغياب الافق السياسي لحل يحمل بعض الامل لسكان هذه البقعة المنكوبة في المنطقة .
وكما هي امانة في اعناق ساستها وقادتها والذين تقع عليهم مسؤولية احتضان آمال الشباب ومواساة آلامهم والعمل بكل جهد على التخفيف من اعباء الحصار عليهم وحمايتهم من الوقوع في شرك المهربين والساقطين , فانها ايضا امانة في اعناق الشباب واولياء امورهم وليس الهروب هو سمة شباب غزة واهلها مع بالغ تقديرنا لحق كل باحث عن فرصة للحياة الكريمة لنفسه ولأبنائه بعيدا عن اجرام وارهاب دولة مجرمة ساقطة كدولة الاحتلال الاسرائيلي .
بكل مشاعر الالم والاسى ننعى الذين ارتقوا في حادثة غرق السفينة , وندعو كل مهتم وباحث ومسؤول في بلادنا وخارجها ان يعمل بكل جهد يملكه سواء بالقرار او الافكار او القلم او الاغنية واللحن او الريشة وان نصطف على شواهد قبور الذين ارتقوا شهداء او امضوا زهرة اعمارهم معتقلين لنأخذ منهم درسا صغيرا في التضحية والبذل والصبر لأجل بلاد كانت قدرنا وكنا قدرها لاجل بلاد حتما سنطوي صفحة انقسامها وخلافها واحتلالها و لحماية بلادنا وانفسنا وشبابنا من لعنة الهجرة ولعنة اليأس