الأخبار
بعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكريا بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيينمسؤولون أميركيون:إسرائيل لم تضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح..وحماس ستظلّ قوة بغزة بعد الحربنتنياهو: سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس خلال الأيام المقبلة
2024/4/23
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

في ذكرى استشهاد الشهيد / البطل احمد عبد العزيز بقلم م. محمد يحيى- عبد الرحمن الفرا

تاريخ النشر : 2014-09-21
في ذكرى استشهاد الشهيد / البطل احمد عبد العزيز بقلم م. محمد يحيى- عبد الرحمن الفرا
بسم الله الرحمن الرحيم

في ذكرى استشهاد الشهيد / البطل احمد عبد العزيز

بقلم / م. المهندس محمد يحيى- عبد الرحمن الفرا

* في مثل هذا اليوم من سنة 1948 استشهد البطل احمد عبد العزيز قائد قوات المجاهدين العرب في حرب فلسطين... ونحن في هذا المقام لا يسعنا إلا أن نذكر هذا البطل ومساعديه وقواته حتى يكون القدوة لهذا الجيل والاجيال القادمة وحتى نزكي روح الجهاد والوفاء لديهم.
* ولد شهيدنا/ البطل احمد عبد العزيز في 20/7/1907 في مدينة الخرطوم حيث كان والده الأميرالاى (العميد) محمد عبد العزيز قائد الكتيبة الثامنة بالجيش المصري في السودان، وقد كان والده وطنيا مخلصا فقد وقف مع الشعب أثناء مظاهرات 1919 وسمح لجنوده بالخروج من ثكناتهم للمشاركة في المظاهرات مع الشعب مما أدي إلى فصله من الجيش بسبب غضب الانجليز عليه.
* على خطى والده نشأ أحمد عبد العزيز فقد أشترك في مظاهرات 1919 وهو في الثانية عشر من عمره وكان وقتها في المدرسة الثانوية، وفى العام 1923 دخل السجن بتهمة قتل ضابط انجليزي ثم أفرج عنه وتم إبعاده إلى المنصورة. التحق أحمد عبد العزيز بالكلية الحربية بعد تخرجه من المدرسة الثانوية وقد تخرج منها عام 1928التحق بعدها بسلاح الفرسان ثم قام بتدريس التاريخ الحربي في الكلية الحربية.
* بعد قرار تقسيم فلسطين وقبل انتهاء الانتداب البريطاني لها في 14/5/1948 وبعد ارتكاب العصابات الصهيونية المذابح بحق شعب فلسطين الأعزل... ثار غضب العالم العربي والإسلامي وانتشرت الدعاوى للجهاد في كل أرجاء الوطن العربي.
*كان أحمد عبد العزيز أحد الذين استجابوا لدعوة الجهاد فقام بتنظيم المتطوعين وتدريبهم وإعدادهم للقتال في معسكر الهايكستب القريب من مطار القاهرة الدولي، وقد وجهت له الدولة إنذار يخيره بين الاستمرار في الجيش أو مواصلة العمل التطوعي فما كان منه إلا أن طلب بنفسه إحالته إلى الأستيداع وكان برتبة القائمقام (عقيد).... وبعد ان تكررت وكثرت هذه الاستقالات من ضباط وجنود الجيش المصري وكان معظمهم من تنظيم الاخوان المسلمين واصبحت ظاهرة لفتت نظر قيادة الجيش التي قامت بدراستها وعلى ضوء ذلك اتخذت هذه القيادة قرارا بالسماح لمن يريد التطوع لجهاد في حرب فلسطين من ضباط وجنود الجيش المصري دون الحاجة للاستقالة حيث ابدت استعداد الجيش لتوفير احتياجات المجاهدين من العتاد والتموين... كان هدف قيادة الجيش من ذلك هو الاستحواذ على هذه القوات وان تكون تحركاتهم تحت سمعهم وبصرهم... ومن أمثلة ذلك ما جاء في برنامج الاعلامي المشهور/ احمد منصور (شاهد على العصر) الذي بثته فضائية الجزيرة مع الفريق اول/ سعد الدين الشاذلي والذي اصبح رئيسا لاركان الجيش المصري في حرب 1973 حيث ذكر الشاذلي انه كان ضابطا في الحرس الملكي في ذلك الوقت وبعد سماعه عن احمد عبد العزيز والمتطوعين اتخذ قرارا بالتطوع وعلى ضوء ذلك توجه الى قائد الحرس الملكي يهدف الاستقالة الا ان قائده قد عنفه رافضا هذا الطلب... وكما ذكر فقد فوجئة بعد ساعتين من هذه المقابلة بنداء طابور لقوات الحرس الملكي وخرج عليهم قائد الحرس واخبرهم بأن الملك قد اصدر قرارا بالسماح لاي فرد بالتطوع للقتال في حرب فلسطين دون الحاجة للاستقالة ولكن من خلال سرية خاصة بالحرس الملكي... وبالفعل كان ما كان وتوجهت هذا السرية الى فلسطين واشتبكت في عدة معارك منها معركة ديرسنيد الشهيرة.
* وبعد ان جمع ما امكنه الحصول عليه من الاسلحة والذخائر من قيادة الجيش ومن مخلفات الحرب العالمية الثانية اتجه برفقة قواته وقوات المجاهدين المغاربة بقيادة البطل/ احمد زكريا الوردياني الذي انطوى وقواته تحت قيادة البطل احمد عبد العزيز حيث وصلوا الى مدينة العريش يوم 3/5/1948 ... حيث كان في  استقبالهم وحسب التنسيق المسبق  المجاهد عبد الرحمن الفرا رئيس بلدية خان يونس وعضو الهيئة العربية العليا لفلسطين، وبرفقته كل من الشيخ / محمد عواد رئيس بلدية الفالوجة والسيد/ مصطفى العبادلة مختار عائلته.. وهناك تم عمل اجتماع وبحضور ضابط المخابرات المصرية / عبد المنعم النجار والسيد/ عبد الهادي شعبان مندوبا عن حركة الاخوان المسلمين والضابط / كمال الدين حسين الذي اصبح عضوا في حركة الضباط الاحرار فيما بعد والتي قامت بالانقلاب على النظام الملكي في مصر واقامة النظام الجمهوري بالاضافة الى اليوزباشي عبد العزيز حماد الذي اصبح فيما بعد مديرا لمكتب رئيس الجمهورية اللواء/ محمد نجيب .. وفي هذا الاجتماع تم الاتفاق على خطة لادخال قوات المجاهدين الى فلسطين عبر خط السكك الحديدية خوفا من ان تكون الطرق الاسفلتية ملغومة بالإضافة لوجود القوات البريطانية على الطريق الاسفلتي عند رفح على حدود فلسطين مع مصر.

* عاد عبد الرحمن الفرا ومرافقيه الى خان يونس حيث قام بتشكيل لجنة من وجهاء المدينة وكبار عائلاتها وكذلك دعوة مندوبين من اعضاء الهيئة العربية العليا وجيش الانقاذ الفلسطيني لاصطحاب فرق المجاهدين وتوزيعهم حسب الخطط التي تم وضعها... وكانت الخطة لادخال هذه القوات تحتاج الى جمع اكبر عدد من الدواب في منطقة خان يونس (جمال وخيل وحمير وبغال ...الخ). لتقوم هذه الدواب بسحب معدات المجاهدين من مكان تجمعهم في رفح سيناء الى خط السكة الحديد الذي يقع غرب الطريق الاسفلتي بمسافة لا تقل عن كيلو متر واحد... على ان يتم وضع عجلات هذه المركبات بين قضبان السكة الحديد فوق الفلنكات ويتم سحبها ليلا الى خان يونس دون الحاجة الى تشغيل موتوراتها او انوارها حتى لا يتم اكتشاف امرها.. وباشراف المجاهد / عبد الرحمن الفرا وبعض مرافقيه مثل شقيقه سعيد الفرا ومصلح زعرب استمرت هذه العملية حوالي 7 ايام اختلط فيها الليل بالنهار وكلما وصلت فرقة منها الى خان يونس كانت تأخذ مكانها  في مدرسة خان يونس للبنين كنقطة ارتكاز.. حيث يكون في استقبالها الدليل الفلسطيني والذي يقوم بدوره بالتوجه بها الى الاماكن المحددة لها حسب الخطة الموضوعة.
* وبمجرد انتهاء عملية وصول جميع هذه القوات وبوصول قائدها البطل / احمد عبد العزيز اتخذ قرارا بمهاجمة اول مستعمرة يهودية في طريقه عند دير البلح (مستعمرة كفار دروم ) بهدف تحريرها حيث استشهد في تلك المعركة عدد كبير من قوات المجاهدين وفي خان يونس دفن أول شهيد من هذه الفرقة وهو العريف "فتحي الخولي" وقد شارك  في جنازته البطل أحمد عبد العزيز نفسه بجوار رئيس البلدية/ عبد الرحمن الفرا, وتم دفن الشهيد في الطرف الغربي من المقبرة الرئيسية آنذاك قرب خان الخضار. حيث خرجت خان يونس عن بكرة ابيها في هذه الجنازة وبعد ان ووري جثمانه الثرى القى البطل احمد عبد العزيز كلمة مؤثرة شكر فيها اهل المدينة ورئيسها وقال.. انه جاء مع اخوانه المتطوعين لتحرير فلسطين وحماية المسجد الاقصى المبارك والفوز بالشهادة على هذه الارض المباركة.
 ثم اخذ اتجاهه الى مدينة غزة حيث كان يرافقه من مدينة خان يونس الحاج موسى الصوراني عضو الهيئة العربية العليا الى مدينة غزة ومنها الى مدينة بئر السبع ثم الخليل محررا بذلك كل صحراء النقب.. وعند وصوله الى مدينة الخليل انضم اليه القائد الاردني/ عبد الله التل الذي انشق عن الجيش العربي الاردني واضعا نفسه وقواته تحت امرة البطل احمد عبد العزيز   
قبل أن يبدأ البطل الجهاد كان يجهز قواته نفسيا فكان يخطب فيهم قائلا: "أيها المتطوعون، إن حربا هذه أهدافها لهي الحرب المقدسة، وهي الجهاد الصحيح الذي يفتح أمامنا أبواب الجنة، ويضع على هاماتنا أكاليل المجد والشرف، فلنقاتل العدو بعزيمة المجاهدين، ولنخشَ غضب الله وحكم التاريخ إذا نحن قصرنا في أمانة هذا الجهاد العظيم...".
بدأ أحمد عبد العزيز أول ما وصل إلى بيت لحم باستكشاف الخطوط الدفاعية للعدو، وكانت تمتد من تل بيوت ورمات راحيل في الجهة الشرقية الجنوبية للقدس بالقرب من قبة راحيل في مدخل بيت لحم الشمالي حتى مستعمرات بيت هكيرم وشخونات هبوعاليم وبيت فيجان ويفنوف ونشر قواته مقابلها. عندما بدأت قوات الجيش المصري الرسمية تتقدم إلى فلسطين عرضت على أحمد عبد العزيز العمل تحت قيادتها، فتردد في بادئ الأمر لأن عمله مع المتطوعين كان يمنحه حرية عدم التقيد بالأوضاع والأوامر العسكرية ولكنه قَبِلَ في آخر الأمر.
كانت مستعمرة رمات راحيل تشكل خطورة نظرآ لموقعها الاستراتيجي الهام على طريق قرية صور باهر وطريق القدس بيت لحم، فقرر أحمد عبد العزيز يوم 24 مايو1948م القيام بهجوم على المستعمرة قاده بمشاركة عدد من الجنود والضباط من قوات الجيش الأردني.
بدأت المدفعية المصرية الهجوم بقصف المستعمرة زحف بعدها المشاة يتقدمهم حاملو الألغام الذين دمروا أغلب الأهداف المحددة لهم، ولم يجد اليهود إلا منزلا واحدا احتمى فيه مستوطنو المستعمرة، حيث انتشر خبر انتصار أحمد عبد العزيز
*في الوقت الذي استطاعت قوات الفدائيين بقيادة البطل أحمد عبد العزيز من تكبيد العصابات الصهيونية خسائر فادحة فقطعت الكثير من خطوط اتصالاتهم وإمداداتهم، وساهمت في الحفاظ على مساحات واسعة من أرض فلسطين وفي يوم 11/6/1948  قبلت الحكومات العربية الهدنة مما أعطى للصهاينة الفرصة لجمع الذخيرة والأموال وأعادت تنظيم صفوفهم. حيث قاموا باحتلال قرية العسلوج (وكانت مستودع الذخيرة الذي يمون المنطقة ) لقطع مواصلات الجيش المصري في الجهة الشرقية وفشلت محاولات الجيش المصري الذي دخل إلى ارض فلسطين يوم 15/5/1948 لاسترداد القرية فاستعانوا بالبطل أحمد عبد العزيز وقواته التي تمكنت من دخول هذه القرية والاستيلاء عليها. حاول بعدها الصهاينة احتلال مرتفعات جبل المكبر المطل على القدس حيث كان هذا المرتفع أحد حلقات الدفاع التي تتولاها قوات أحمد عبد العزيز المرابطة في قرية صور باهر، ولكن استطاعت قوات أحمد عبد العزيز ردهم وكبدتهم خسائر كثيرة.
* بعد اعلان الهدنة وقبول الحكومات العربية لها لم يلتزم بهذه الهدنة البطل احمد عبد العزيز واسمتر في تطهير المستطونات الاسرائيلية الكائنة غرب مدينة القدس وبيت لحم حتى يوم 13/7/1948 عندما تسلم قائد القوات المصرية في فلسطين البرقية التالية :-
من راح الى قائد القوات المصرية
ع.ح94
بلغ احمد عبد العزيز أن يوقف إطلاق النيران في ساعة 200 . يوم 17 يوليو وان يسحب قواته في القدس الى الخلف .. افد
 توجه بعد ذلك البطل احمد عبد العزيز الى القاهرة عبر القطار. حيث كانت بطولات قوات المجاهدين بقيادته قد وصلت الى ابناء الشعب المصري العظيم عبر تقارير المراسلين الحربيين المرافقين لهذه القوات وقوات الجيش المصري.. حيث اخذت هذه البطولات والانتصارات بألباب وعقول ابناء مصر الذين ما لبثوا ان توجهوا الى محطة السكك الحديدية بالقاهرة لاستقبال بطلهم العائد من الحرب المقدسة وما ان استقل سيارته حتى قامت حشود الجماهير من الشعب المصري برفع سيارته وهو بداخلها.. كان مشهدا عظيما وخالداً لفت نظر السرايا (الحكومة المصرية) وكذلك الضباط الاحرار حيث اصبح احمد عبد العزيز يمثل خطرا على كلاهما فالاولى وهي السرايا ليس من مصلحتها ظهور شخصية وطنية قائدة فذة بهذه الدرجة قد تقوم بأدوار تهدد استقرارها وكذلك اصبحت هذه الشخصية منافسة قوية لتنظيم الضباط الاحرار الذي يعد العدة للانقضاض على السلطة وازاحة النظام الملكي.
وما ان عاد بطلنا الى ارض فلسطين وفي يوم 22/8/ 1948 دُعي أحمد عبد العزيز لحضور اجتماع في دار القنصلية البريطانية بالقدس لبحث خرق الصهاينة للهدنة، حيث حاول معه الصهاينة أن يتنازل لهم عن بعض المواقع التي في قبضة الفدائيين، لكنه رفض، وأتجه في مساء ذلك اليوم إلى المجدل  بناء على دعوة قائد الجيش المصري اللواء احمد بيك المواوي  حيث مقر قيادة الجيش المصري لينقل إلى قادته ما دار في الاجتماع. .. وعندما اوشكت السيارة التي تقله دخول مقر قبادة الجيش المصري بصحبة اليوزباشى صلاح سالم أطلق الرصاص، فأصابت إحداها أحمد عبد العزيز فاستُشهد في الحال.
* بعد استشهاد البطل احمد عبد العزيز وبعد صدور قرار مجلس الامن بالهدنة استطاعت فلول العصابات الصهيونية اعادة ترتيب اوضاعها حيث وصلت اليها كميات كبيرة من الأسلحة المتطورة بالاضافة الى استلامها جميع مخازن الاسلحة والذخائر لقوات الانتداب البريطاني على فلسطين والتي انسحبت بعد انتهاء الانتداب يوم 14/5/1948... حيث قامت هذه القوات بعمل هجوم معاكس على اماكن تموضع الجيوش العربية وعلى ضوء ذلك كله صدرت اوامر الانسحاب الى الجيش المصري من مدينة أسدود حتى حدود مصر مع فلسطين (رفح) الا ان القائد الجديد للجيش المصري اللواء احمد فؤاد صادق تمرد على هذا القرار وقٌدر له الحفاظ على المنطقة التي سميت فيما بعد قطاع غزة.. اما الجيش الاردني والعراقي الذي وصل حتى شاطئ مدينة ناتانيا على ساحل البحر الابيض المتوسط  فقد انسحبت قواتهم من مناطق اللد والرملة وناتانيا وما حولها حتى حدود ما سمي بعد ذلك بالضفة الغربية.
  لقد تحدث المجاهد عبد الرحمن الفرا لابنائه عن تلك الفترة بأن قال لهم بأن احمد عبد العزيز بقواته من المجاهدين المصريين والمغاربة والاردنيين ومعهم المجاهدين الفلسطينيين كادوا ان يحرروا فلسطين ويقضوا على فكرة انشاء دولة اسرئيل لولا الهدنة وخيانة وضعف حكومات الدول العربية في ذلك الوقت.
والغريب انه بعد انتهاء حرب 1948 وإعلان قيام دولة إسرائيل ضمن حدودها (1948-1967)... وعودة قوات المجاهدين الى بلادهم وفي يوم 8/12/1948  اصدر رئيس وزراء مصر النقراشي باشا قرارا بحل جماعة الإخوان المسلمين في مصر بعد تزايد شعبيتها وقام بإعتقال اعدادا كبيرة من هؤلاء المجاهدين العظماء... وفي يوم 28/12/1948 تم اغتيال النقراشي باشا وبعدها مباشرة وبتاريخ 12/2/1949 تم اغتيال مؤسس ومرشد حركة الاخوان المسلمين الاستاذ حسن البنا.
* ضياع حكومة عموم فلسطين
بعد اعلان قيام دولة إسرائيل، وفي خضم المعارك التي اعقبت دخول الجيوش العربية الى فلسطين، طلبت الهيئة العليا من السلطات المصرية السماح لها بالإشراف على قطاع غزة لتحتفظ، ولو رمزياً، بحقها في فلسطين كلها. وفي 22/9/1948 اعلنت الهيئة العربية العليا، وكانت في منزلة الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، قيام حكومة عموم فلسطين في غزة. لكن السلطات المصرية لم تسمح لهذه الحكومة بممارسة مهماتها من غزة، بل طلبت منها الانتقال الى القاهرة، وافتتاح مكاتبها هناك. أما ادارة شؤون قطاع غزة (الذي نجا مع الضفة الغربية من الاحتلال الصهيوني) فستكون من صلاحيات السلطة المصرية.

وبناء على دعوة سابقة من الهيئة العربية العليا لفلسطين، أقرّ عقد مؤتمر وطني فلسطيني في مدينة غزة في 1/10/1948. وبناء عليه توجه الحاج امين الحسيني الى غزة، حيث خفت جموع الشعب الفلسطيني الى استقباله والترحيب به، وكان في مقدمة الحضور من أهل القطاع نائبه في غزة الحاج موسى الصوراني، وعدد من انصاره ومؤيديه من رؤساء البلديات والشخصيات مثل عبد الرحمن الفرا رئيس بلدية خان يونس، والسيد ابو شرخ رئيس بلدية المجدل والشيخ محمد عواد رئيس بلدية الفالوجا، والشيخ عبد الله ابو ستة رئيس اللجنة التنفيذية للاجئين الفلسطينيين، والدكتور مطر ابو كميل. وفي الموعد المحدد افتتح المؤتمر برئاسة المربي الأستاذ خليل السكاكيني وقد حضر المؤتمر 85 عضواً تم اختيارهم ليمثلوا الشعب الفلسطيني، علماً بأن الدعوة كانت قد وجهت الى 150 شخصاً يمثلون البلديات والمجالس المحلية والغرف التجارية واللجان القومية ومختلف الهيئات. وقد حالت ظروف كثيرين دون تلبية الدعوة ولكن معظمهم ارسل برقيات تأييد الى هذا المؤتمر وما سيتوصل إليه من قرارات. وانتهى المؤتمر باعلان استقلال فلسطين على النحو التالي:
«بناء على الحق الطبيعي والتاريخي للشعب العربي الفلسطيني في الحرية والاستقلال، هذا الحق المقدس الذي بذل في سبيله زكي الدماء، وقدّم من اجله الشهداء، وكافح دونه قوى الاستعمار والصهيونية التي تألبت عليه وحالت بينه وبين التمتع به، فإننا نحن اعضاء المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في غزة هاشم نعلن هذا اليوم الواقع في الثامن والعشرين من ذي القعدة سنة 1367هـ وفق أول تشرين الأول سنة 1948 استقلال فلسطين كلها التي يحدها شمالا سورية ولبنان، وشرقا سورية وشرق الاردن، وغربا البحر الأبيض المتوسط، وجنوبا مصر، استقلالا تاما، واقامة دول حرة ديموقراطية ذات سيادة يتمتع فيها المواطنون بحرياتهم وحقوقهم، وتسير هي وشقيقاتها الدول العربية متآخية في بناء المجد العربي وخدمة الحضارة الإنسانية، مستلهمين في ذلك روح الأمة وتاريخها المجيد مصممين على صيانة استقلالنا والذود عنه. والله تعالى على ما نقول شهيد».
وتألفت حكومة عموم فلسطين على النحو التالي:
أحمد حلمي باشا عبد الباقي رئيساً للوزارة
جمال الحسيني وزيرا للخارجية
ميشال ابكاريوس وزيرا للمالية
عوني عبد الهادي وزيرا للشؤون الاجتماعية (قبل الوزارة ثم استقال)
رجائي الحسيني وزيرا للدفاع
الدكتور حسين فخري الخالدي وزيرا للصحة
سليمان عبد الرزاق طوقان وزيرا للمواصلات (رفض الوزارة)
الدكتور فوتي فريج وزيرا للاقتصاد
علي حسنا وزيرا للعدل
يوسف صهيون وزيرا للدعاية
أمين عقل وزيرا للزراعة
وانتدب أنور نسيبه سكرتيرا عاما لمجلس الوزراء.
وفي اليوم الذي انعقد فيه المؤتمر الوطني الفلسطيني بمدينة غزة أي في 1/10/1948 عقد في عمان مؤتمر فلسطيني برئاسة الشيخ سليمان التاجي الفاروقي، واختير الشيخ سعد الدين العلمي نائبا للرئيس، وعجاج نويهض سكرتيرا، وهاشم الجاعوني والدكتور نور الدين الغصين كاتبين للمؤتمر. وانتهى المؤتمر بإصدار قرارات كان من أهم ما جاء فيها:
«نظراً للصلات الوطنية والروابط القومية بين فلسطين والمملكة الاردنية الهاشمية فإن المؤتمر يعلق على صاحب الجلالة الملك عبد الله المعظم أكبر الآمال في حفظ حقوق عرب فلسطين وصيانة عروبتها ومقدساتها. والمؤتمر واثق كل الثقة من ان جلالته لن يقبل ان تفرض على عرب فلسطين حلول من قبل تلك الفئة من متزعمي فلسطين سابقا الذين ضج الشعب الفلسطيني خلال الثلاثين عاما الماضية من سوء تصرفاتهم وأنانيتهم. والمؤتمر يفوض جلالته تفويضاً تاماً مطلقاً في أن يتحدث باسم عرب فلسطين، ويفاوض عنهم، ويعالج مشكلتهم بالشكل الذي يراه. وهو الوكيل عنا في جميع شؤون مستقبل فلسطين، كما ان المؤتمر يؤيد جلالته في كل خطوة يخطوها في سبيل حل قضية فلسطين ويعتبره المرجع الوحيد لعرب فلسطين الذين منحوه كل ثقتهم واخلاصهم واكيد ولائهم ووفائهم».
وقرر المؤتمر إرسال برقية الى الهيئة العربية العليا لفلسطين يقول فيها بأنه «نزع منها ثقة عرب فلسطين فهي لا تمثلهم ولا يحق لها أن تنطق باسمهم او تعبر عن رأيهم، لأن الحكومات العربية قد احتضنت قضية فلسطين، وهي اصبحت وديعة بين ايدي ملوك العرب الذين يطمئن الشعب الفلسطيني الى مساعيهم في سبيل صيانة عروبتها وتحقيق حريتها».
ظل الحاج امين الحسيني ورجاله في غزة بعد انتهاء المؤتمر الوطني الفلسطيني على امل ان تباشر حكومة عموم فلسطين اعمالها في قطاع غزة على اعتبار ان هذا القطاع أرض فلسطينية، وان من الطبيعي ان تكون هذه الحكومة فيه، لتتولى تدبير الشؤون الفلسطينية، ولكن حكومة محمود فهمي النقراشي عارضت ذلك بشدة، وطلبت من اللواء حسين سري عامر المدير العام لسلاح الحدود الملكي المصري ان يتوجه الى غزة ويحضر معه الحاج امين الحسيني. وفي 10/10/1948 اضطر الحاج امين إلى ان يترك مدينة غزة في سيارة اللواء حسين سري. وحسب التعليمات غادرت السيارة غزة ليلاً حتى لا يشعر الناس بهذا الإجراء وتحدث امور غير مستحبة ولا ترضى عنها السلطات المصرية.
ولم تستطع حكومة عموم فلسطين ان تباشر أي نوع من صلاحياتها تجاه وطنها وشعبها وضيقت عليها جامعة الدول العربية الخناق مالياً حتى توقفت عن دعمها ومساندتها، وبدأ الوزراء والمسؤولون بتقديم استقالاتهم واحداً بعد الآخر، وانتهى الامر بهذه الحكومة في شقة متواضعة للغاية في ميدان مصطفى كامل بالقاهرة، ثم تلاشت واختفت وكأنها لم تكن، ولم يبق من آثارها بين الناس غير جوازات سفر خضراء انيقة تحمل اسمها ولكنها لا تسهل لحاملها مهمة السفر بل تعقده، ما اضطر الناس الى التخلص منها والحصول على اية جنسية عربية او وثيقة سفر صادرة عن بلد عربي آخر. أما الضفة الغربية فقد صارت في عهدة الملك عبد الله، ولم يبق من فلسطين إلا اسم «القضية».

المراجع:
1-    الفرا ، عبد الرحمن ، يوميات عبد الرحمن الفرا بخط يده، (1936- 1962).
2-    المبيض ، سليم عرفات ، يوميات المجاهد / عبد الرحمن الفرا "أبو اسعد" ، سنة 2012 – مطبعة الأرقم – غزة، أربعة أجزاء
3-    موقع ويكابيديا ، أحمد عبد العزيز (عسكري)

4-    موقع فلسطين ، ضياع حكومة عموم فلسطين
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف