لا مؤخذاة ..
يعتبر بدء دولة الاحتلال تطبيق قرارها المتعلق بكتابة كلمة " آرامي" إلى جانب كلمة مسيحي في بطاقات الهوية للمواطنين المسيحيين من فلسطينيي الداخل جريمة جديدة تضاف الى قائمة جرائمها الطويلة .. لخدمة أهدافها الرئيسية بتفتيت المجتمع الفلسطيني الى طوائف وفرق مختلفة متباغضة و هدفها الاهم هو جعل – اسرائيل – دولة اليهود فقط .. هذه الاهداف التي تبذل لها كل غالِ ونفيس في سبيل تحقيقها - يساعدها بعضنا - بكل سهولة .. فبعد أن واجه الشاعر محمود درويش قبل خمسين عام الاحتلال الاسرائيلي في قصيدته الخالدة بطاقة هوية - سجل أنا عربي – يرفض فيها التمييز بين مكونات المجتمع الفلسطيني وتجزئته الى طوائف وفرق ، يخرج أعوان – اسرائيل – الذين بثتهم في كل مكان بالوطن العربي فنراهم في السنوات والشهور الاخيرة يقومون بالقتل والتهجير واكراه الناس على تغيير معتقداتهم تحت عنوان خبيث – الخلافة الاسلامية - .. فما يحصل الان هو نتيجة حتمية لقرون طويلة من ثقافة تغلغلت في عقول الغالبية العظمى من الشعوب العربية ثقافة الغاء الاخر والجهل والتخلف وتجيير الدين لخدمة الحاكم وحاشيته ..و أوضح مثل ما تقوم به الجماعات الارهابية في العراق وسورية.. لتبرز النرجسية والوحشية و ثقافة الافضلية والغاء الاخر ، الاستعلاء والفوقية .. فان انكارنا المتواصل لوجود هذه الامراض ساهم في تفشيها في المجتمعات العربية فكانت العامل الحاسم في تفتيت وتجزئة المجتمعات العربية ..
فما يحدث في الوطن العربي أبدع وبرع المخرج عمرو سلامة في فيلم لا مؤاخذة بابرازه لاشكالية الدين في مصر والاضطهاد الديني الذي يتعرض له غير المسلمين في المجتمع المصري وهو ما ينطبق تماما على المجتمعات العربية الاخرى .. فالاضطهاد الديني من القضايا البارزة المحرم الخوض فيها لاعتبارات وحجج واهية والاصل في منع الحديث عنها او ابرازها هو المصالح الخاصة ربما تكون حزبية جماعية وهي بالتأكيد بعيدة كل البعد عن الدين وان تلفحت بردائه .. فالاصل هنا هو المحافظة على وضع ما للسيطرة، فبالاختلاف والتفتت والتشرذم يمكن لاي مجموعة ما – مهما كان حجمها صغيرا ام كبيرا - السيطرة والتحكم بمجاميع كبيرة من البشر بكل سهولة ويسر ..
لا مؤاخذة الاحتلال يفتت على اساس كنا – نحن - قد بنيناه لاجل هذا الغرض خدمة لاهداف رخيصة ودنيئة ومصالح شخصية بحتة .. قبل أن نلوم الاحتلال يجب أن نلوم ونقوّم سلوكنا وأنفسنا .