قوارب الموت وجحيم المتوسط...
بقلم:م .أحمد نبيل المدهون
كاتب فلسطيني
الهجرة ظاهرة قديمة ولدت مع الانسان منذ الأزل ,ودافعها
الأساسي يتبلور في البحث عن مقومات الحياة الأساسية والأمن ,والتي تنتزع من بعض الأماكن فتكن الهجرة الخيار الأوحد .....
تعج وسائل الاعلام العالمية في هذه الآونة بحادثة غرق القارب ,والذي كان يقل مهاجرين من عدة دول عربية أبحر من الاسكندرية ,وفي ظروف غامضة أغرق ,الفيصل في هذه الحادثة أن هذا القارب كان يقل عدد كبير نوعا ما من سكان قطاع غزة ,سكان غزة الذين ضاقت بهم السبل وهم من خاضوا حربا طاحنة على مدار واحد وخمسين يوما ,وبعد حصار دام لأكثر من ثماني سنوات والحياة في ظل أوضاع مادية صعبة للغاية ,وكانت فئة الشباب الأكثر معاناة وبالأخص الخريجين والذين بات عددهم اليوم يناهز 160 ألف خريج بلا عمل ,ونسبة بطالة تقارب 60% بعد الحرب الأخيرة على غزة ,والتي دمرت خلالها البنية الاقتصادية .
فقد كثير من الشباب الغزي الأمل في حياة كريمة والاستقرار ,فوجد ملاذ وفرصة للحياة من خلال الهجرة الى القارة البيضاء ,باحثا عن ظروف أفضل متوهما بأن هنالك بلاد الأحلام ,فحاول أن يلتقط الحلم ,و وضع مبلغ من المال في يد مهرب جشع كي يمهد له الطريق من خلال الابحار عبر المتوسط وصولا الى ايطاليا ,ومن هناك كي يعبر نحو الدول الاسكندنافية ويحصل على اقامة أو لجوء ,وهنا تبدأ حياة ملؤها السعادة حسبما يخيل لهم .
يضعون أرواحهم على أكفهم في وسط بحر هائج ,تتقاذف فيه الأمواج ,والموت يحيط بهم من كل جانب ,سيمكثون في البحر قرابة العشر أيام ,القارب ممتليء بالمهاجرين غير الشرعيين وبحمولة تفوق قدرة القارب ,يحملون معهم القليل من المال والزاد ,فقد تركوا في أوطانهم كل شيء ظنا منهم بأن الوطن الجديد سيعطيهم الحياة والسعادة.
لن ألوم من هاجروا وتركوا الوطن ,لأنه وللأسف الوطن لم يهبهم شيء كي يربطهم فيه ,بل وحقيقة هنا فإن المناكافات والتراشق الاعلامي والسياسي بين حماس وفتح خلال السنوات الماضية هو من زاد من معاناة الشباب ,وعمل على تراجع اقتصاد البلاد ,وكذلك اهمال الحكومة في غزة لدورها في توظيف الشباب وخلق فرص عمل مما جعل أعداد الخريجيين تصل لأرقام مهولة تحتاج لسنوات كثيرة وتطوير وبرامج كي يتم استيعابهم ,ولربما مغادرة الكثيرين منهم الى دول عربية للعمل كما كان في السابق .
الهجرة ظاهرة خطيرة جدا ,ولها انعكاسات ستكون بمثابة الطامة على البلاد اذا ما استمرت وزادت وتيرتها ,لذلك على حكومة التوافق أن تقوم اليوم بواجبها نحو القطاع ,وخلق فرص عمل للشباب والخريجيين ,وحل مشكلة موظفي غزة, وكذلك حل لمشكلة ارتفاع مستوى المعيشة .
وأدعو الشباب الى التريث قليلا وتحمل الظروف الصعبة والاستثنائية التي تمر بها البلاد ,وبدلا من التفكير في الهجرة وخوض غمار رحلة الموت واهدار الأموال والطاقات الشبابية ’يجب البحث عن طرق وحلول ,والاتجاه نحو اقامة المشاريع الصغيرة .
اليوم كنت على لقاء على قناة رؤيا الفضائية ,وسألني المذيع لو كانت متاحة لك الفرصة كي تهاجر الى أوروبا هل ستفعل ؟
أجبته وبكل حزم أني باق على هذه الأرض وسأدفن بها ,وأين جمال الحياة بعيدا عن الأهل والأقارب والأصدقاء ,فلا تلك الدول ثقافتها تتوافق مع ثقافتنا ولا كذلك العادات ,وكذلك فقد وهبني الله الشرف بالوجود على أرض الرباط فكيف لي بالرفض لهذه الهبة والمنة من الله .
فنحن نحاتج الى الصمود والبقاء على أرضنا ,وأن نبني وطنا ونطالب بحقوقنا وعودتنا الى أرضنا ,وهجرتنا الوحيدة ستكون نحو أرض الأجداد هناك حيث توجد دولة الكيان الزائلة بإذن الله.
بقلم:م .أحمد نبيل المدهون
كاتب فلسطيني
الهجرة ظاهرة قديمة ولدت مع الانسان منذ الأزل ,ودافعها
الأساسي يتبلور في البحث عن مقومات الحياة الأساسية والأمن ,والتي تنتزع من بعض الأماكن فتكن الهجرة الخيار الأوحد .....
تعج وسائل الاعلام العالمية في هذه الآونة بحادثة غرق القارب ,والذي كان يقل مهاجرين من عدة دول عربية أبحر من الاسكندرية ,وفي ظروف غامضة أغرق ,الفيصل في هذه الحادثة أن هذا القارب كان يقل عدد كبير نوعا ما من سكان قطاع غزة ,سكان غزة الذين ضاقت بهم السبل وهم من خاضوا حربا طاحنة على مدار واحد وخمسين يوما ,وبعد حصار دام لأكثر من ثماني سنوات والحياة في ظل أوضاع مادية صعبة للغاية ,وكانت فئة الشباب الأكثر معاناة وبالأخص الخريجين والذين بات عددهم اليوم يناهز 160 ألف خريج بلا عمل ,ونسبة بطالة تقارب 60% بعد الحرب الأخيرة على غزة ,والتي دمرت خلالها البنية الاقتصادية .
فقد كثير من الشباب الغزي الأمل في حياة كريمة والاستقرار ,فوجد ملاذ وفرصة للحياة من خلال الهجرة الى القارة البيضاء ,باحثا عن ظروف أفضل متوهما بأن هنالك بلاد الأحلام ,فحاول أن يلتقط الحلم ,و وضع مبلغ من المال في يد مهرب جشع كي يمهد له الطريق من خلال الابحار عبر المتوسط وصولا الى ايطاليا ,ومن هناك كي يعبر نحو الدول الاسكندنافية ويحصل على اقامة أو لجوء ,وهنا تبدأ حياة ملؤها السعادة حسبما يخيل لهم .
يضعون أرواحهم على أكفهم في وسط بحر هائج ,تتقاذف فيه الأمواج ,والموت يحيط بهم من كل جانب ,سيمكثون في البحر قرابة العشر أيام ,القارب ممتليء بالمهاجرين غير الشرعيين وبحمولة تفوق قدرة القارب ,يحملون معهم القليل من المال والزاد ,فقد تركوا في أوطانهم كل شيء ظنا منهم بأن الوطن الجديد سيعطيهم الحياة والسعادة.
لن ألوم من هاجروا وتركوا الوطن ,لأنه وللأسف الوطن لم يهبهم شيء كي يربطهم فيه ,بل وحقيقة هنا فإن المناكافات والتراشق الاعلامي والسياسي بين حماس وفتح خلال السنوات الماضية هو من زاد من معاناة الشباب ,وعمل على تراجع اقتصاد البلاد ,وكذلك اهمال الحكومة في غزة لدورها في توظيف الشباب وخلق فرص عمل مما جعل أعداد الخريجيين تصل لأرقام مهولة تحتاج لسنوات كثيرة وتطوير وبرامج كي يتم استيعابهم ,ولربما مغادرة الكثيرين منهم الى دول عربية للعمل كما كان في السابق .
الهجرة ظاهرة خطيرة جدا ,ولها انعكاسات ستكون بمثابة الطامة على البلاد اذا ما استمرت وزادت وتيرتها ,لذلك على حكومة التوافق أن تقوم اليوم بواجبها نحو القطاع ,وخلق فرص عمل للشباب والخريجيين ,وحل مشكلة موظفي غزة, وكذلك حل لمشكلة ارتفاع مستوى المعيشة .
وأدعو الشباب الى التريث قليلا وتحمل الظروف الصعبة والاستثنائية التي تمر بها البلاد ,وبدلا من التفكير في الهجرة وخوض غمار رحلة الموت واهدار الأموال والطاقات الشبابية ’يجب البحث عن طرق وحلول ,والاتجاه نحو اقامة المشاريع الصغيرة .
اليوم كنت على لقاء على قناة رؤيا الفضائية ,وسألني المذيع لو كانت متاحة لك الفرصة كي تهاجر الى أوروبا هل ستفعل ؟
أجبته وبكل حزم أني باق على هذه الأرض وسأدفن بها ,وأين جمال الحياة بعيدا عن الأهل والأقارب والأصدقاء ,فلا تلك الدول ثقافتها تتوافق مع ثقافتنا ولا كذلك العادات ,وكذلك فقد وهبني الله الشرف بالوجود على أرض الرباط فكيف لي بالرفض لهذه الهبة والمنة من الله .
فنحن نحاتج الى الصمود والبقاء على أرضنا ,وأن نبني وطنا ونطالب بحقوقنا وعودتنا الى أرضنا ,وهجرتنا الوحيدة ستكون نحو أرض الأجداد هناك حيث توجد دولة الكيان الزائلة بإذن الله.