الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الإسراع في إعمار قطاع غزة وإغاثة أهلها واجب ديني ووطني بقلم:الشيخ الدكتور تيسير التميمي

تاريخ النشر : 2014-09-19
هذا هو الإسلام
الإسراع في إعمار قطاع غزة وإغاثة أهلها واجب ديني ووطني
الشيخ الدكتور تيسير التميمي/قاضي قضاة فلسطين رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي سابقاً أمين سر الهيئة الإسلامية العليا بالقدس www.tayseer-altamimi.com ، [email protected]
بدأ الحديث عن إعادة إعمار قطاع غزة وإغاثة أهله فور أن وضعت الحرب أوزارها في العدوان الإسرائيلي ، هذا العدوان الهمجي الذي دمر عشرات الآلاف من البيوت والمدارس والمساجد والمشافي في قطاع غزة ، هذه الحرب الغاشمة التي ارتقى نتيجتها ألفان ومائتا شهيد إلى بارئهم عز وجل ، وجرح ما يزيد عن اثني عشر ألفاً من أبنائها ، وشرد مئات الآلاف منهم ، وظهر لغط كبير حول ذلك ، وظهرت أيضاً وجهات نظر مختلفة للبدء بإعمار قطاع غزة مما أدى إلى تعثر ذلك ، وكنا نتوقع أن يبادر الجميع فور انتهاء العدوان على غزة بإعادة إعمار ما دمرته الحرب ، ولكن بعد مرور شهر تقريباً على وقف العدوان لم يبدأ الإعمار ، وما زال مئات الألوف من أهل غزة دون مأوى يليق بكرامتهم الإنسانية ، فأردت في هذه العجالة أن أبين الحكم الشرعي وتوجيهات الإسلام في هذا الموضوع :
يعتبر التكافل الاجتماعي في الإسلام من أوسع أبواب العطاء ، فقد وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأبلغ صورة تجعل الأمة كياناً واحداً حياً بقوله { مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى } رواه مسلم .
ولضمان التكافل في الأمة فقد غرسه الإسلام في نفوس أبنائها باستشعار علاقة الأخوة بينهم ، قال تعالى { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } الحجرات 10 ، وبما تقتضيه الأخوة من الإيثار ، قال صلى الله عليه وسلم { لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه } رواه البخاري ، ووضع له نظماً بعضها فرائض وأركان ، وبعضها واجبات أو مندوبات ، ومن الأمثلة عليها فريضة الزكاة ونظام النفقات الواجبة والميراث ، ومنها صلة الأرحام والتطوع بالصدقات كالعطاء والإقراض والأوقاف وكفالة الأيتام . ولا يقتصر التكافل على تقديم الصدقات ، بل يشمل بناء وتنمية المجتمع والإغناء عن ذل الحاجة والسؤال ، قال عمر بن الخطاب [ إذا أعطيتم فأغنوا ] ، ولا يقف التكافل عند حد سداد الحاجات المادية والمالية بين الناس ، بل يتجاوز ذلك ليكون نظاماً لتربية الروح والضمير والسلوك الاجتماعي في الأسرة والمجتمع ، فمدلولات البر والإحسان والصدقة تتضاءل أمام هذا المفهوم الشامل للتكافل .
شرع التكافل في الإسلام لتحقيق الحياة الكريمة وتلبية الاحتياجات الأساسية للناس ؛ حيث تُستَثار جميع الطاقات الكامنة والظاهرة ، وتتضافر الجهود والإمكانيات سواء المالية والبشرية بحيث لا يسمح بتعطيلها أو تبديدها ، فهو إسهام متفاوت من كل فرد في حياة المجتمع ، ولذلك حذر الإسلام من غياب التكافل الاجتماعي باعتباره قريناً للتكذيب برسالة التوحيد ، قال تعالى { أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ } الماعون 1-3 .
أما غياب التكافل فيؤدي إلى الطغيان الاجتماعي وظهور الغنى الفاحش بجانب الفقر المدقع ، حيث تتكدس الأموال في يد فئة محدودة فقط من الناس ، ويعاني الآخرون مرارة الحرمان ، قال تعالى { مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب } الحشر 7 ، مما يضيع وظيفة المال الذي هو عصب الاقتصاد ، فالمال أصلاً مال الله فلا ينفق إلاَّ على الوجه الذي يريده سبحانه ، قال تعالى { وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } النور33 ، وهو وإن كان ملكاً خاصاً للأفراد ؛ إلا أنه ملك للأمة ، قال تعالى { وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً } النساء 5 .
لذا نهى الله تعالى عن كنز الأموال وتركها بغير إنفاق أو تنمية أو تزكية ، قال تعالى { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ } التوبة 34-35 . يبدأ التكافل بالفرد ، فكل إنسان مسؤول عن نفسه أولاً ، يلبي مطالبها ويقضي حوائجها ، ولا يحرمها أو يقتر عليها ، قال صلى الله عليه وسلم { ابدأ بنفسك فتصدق عليها ... } رواه مسلم ، وفي الأسرة يكون التكافل بين أفرادها ؛ حيث تقوم العلاقة بينهم على التكامل وتوزيع المسؤوليات داخل البيت فيما بينهم ، فيعين قويُّهم ضعيفَهم ، ويكفل غنيُّهم فقيرَهم ، ويرعى كبيرُهم صغيرَهم ، بما يضمن قوة الأسرة وبقاءها : فالوالدان يتحملان مسؤوليات مشتركة في القيام بواجبات الأسرة ومتطلباتها تجاه بعضهما وتجاه أبنائهما ، ويحمل الأبناء مسؤولية عظيمة تجاه بعضهم وتجاه آبائهم ، ويتحمل القادرون نفقة أخوتهم وأقاربهم الفقراء لقوله صلى الله عليه وسلم فيما يزيد عن نفقة النفس { فإن فضل شيء فلأهلك فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا } أي بين يديك وعن يمينك وعن شمالك رواه مسلم .
أما التكافل الاجتماعي الشامل للمجتمع فقال صلى الله عليه وسلم فيه { أيما أهل عَرْصَةٍ أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله تعالى } رواه أحمد ، والعرصة هي الحي ، وقال صلى الله عليه وسلم { ما آمن بي من بات شبعاناً وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم } رواه الطبراني ، وإنما يكون ذلك لأن الأمة ترتبط بوشائج وعلاقات تجعلها كياناً واحداً ، قال صلى الله عليه وسلم { المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك أصابعه } رواه البخاري . ولعل الأرامل وذوي الشهداء والأسرى أولى الناس بهذا التكافل ، قال صلى الله عليه وسلم { الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار } رواه البخاري . وليس اختلاف الدين مانعاً من التكافل بين أفراد المجتمع الواحد ، روت عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم قال لها عند توزيع لَحْمِ الأضحِيَة { اهْدِي جَارَنَا اليَهُودِيّ } .
فإسراع أبناء هذه الأمة التزاماً بتعليم الإسلام العظيمة بالإسهام في إعادة إعمار غزة وإغاثة أهلها بتقديم كل أسباب الحياة الكريمة لهم وهم الذين ضحوا بكل شيء بأرواحهم وأموالهم وممتلكاتهم في الدفاع عن هذه الأرض المباركة وعن قضيتنا العادلة بنفوس مطمئنة راضية ، فمن واجب الأمة أن تضع كل إمكانياتها المادية وهي كثيرة لهم ، فلا يجوز التقاعس في أداء هذه الفريضة التي أوجبها الله سبحانه وتعالى على المسلمين
فعلى الأغنياء أن يخصصوا زكوات أموالهم وصدقاتهم لصالح أهل غزة ، وإنني أقترح في هذا المجال وقف دينار ذهبيّ عن كل عائلة لقطاع غزة على مستوى العالم الإسلامي ، وأن تتولى الإشراف على ذلك منظمة التعاون الإسلامي جمعاً وتوزيعاً ، وأن يقوم بدفعه أغنياء الحي أو المدينة عن فقرائهم الذين لا يستطيعون دفعه ، فتنفيذ هذا المشروع في رأيي لن يجعل غزة رهينة المؤتمرات الدولية أو المانحين الذين يملون شروطاً تتنافى مع كرامة شعبنا الذي ضحى وما زال ـبنخبة أبنائه من الشهداء الأبرار والأسرى الأماجد والجرحى الأبطال في سبيل الله وفي تحقيق آمال الشعب الفلسطيني في إنهاء الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال ، قال تعالى { وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ } الأنفال 72 .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف