قصة قصيرة بقلم : سعاد الورفلي
حدود
1
ارتسمت على شبّاك حجرته خيوط برق اختلطت بأثاث الحجرة، مظهرة وجوها مختلفة الأشكال…وجه بأنياب وشيء بعينين مجوفتين، تقلّب على فراشه، لم يشعر بالنعاس تضاعف نظره نحو الحائط ؛ بدأ المكان مسرحا لعرائس خيال الظل.
2
في صباح اليوم التالي استشعر ثقل بدنه، مازال يتمنى ويلح أن ينام أكثر، لكن الضجيج تحت نافذته يمنعه من اشتهاء النوم، يقطع عليه وصلة الحلم التي تألفت في ذاكرته الخلفية؛ أراد استعادتها… لكنه فشل!
3
وهو يجر قدميه في شارع ممتد الأطراف، يحده من الشمال دكانة الرجل الزنجي بائع الخردوات، وقناني الغاز وعراوي الأبواب .. وحتى الأمشاط .. كلما اقترب منه شعر بامتعاض وضيق، تذكر مهنة والده التي أتت عليه في ظهيرة يوم حارق عندما تسرب الغاز ومات متسمما… فقد تداركوه بعد أن انتفخ جسده وتورمت عيناه وتغيرت ملامح وجهه… تذكر طفولته التعيسة وعمه المتسلط، وقصة زوجة والده وأخاه الصغير الذي كان سرا لم ينكشف إلا بعد وفاة والده مباشرة.. ذلك الصندوق المخبأ في الدكان كان مكتوبا عليه «هذي أمانة عيت سعيد» كان والده يقصد- عائلته الأخرى!
4
غيّر طريقه تلقاء ناحية أخرى، محدثا نفسه بالوظيفة والراتب ( كم سيقبض من دراهم معدودة تساعده على إكمال عش الزوجية، إلا أن بيت عمه المتسلط مازال قبالته، يحتوي قصصا غريبة، سحر، ربط، ابنة عمه التي تعمل جاهدة على سلب فؤاده، عمه الذي يحيك المؤامرات لينزع عنه ملك أبيه المتألف من بيت كله حفريات، ومزرعة مليئة بالدجاج روائحها تثير الانفعال.. يقبع فيها فرن أمه التي لايغادر وجهها الحزن– دائما– تجلس تحت شباك حجرته مسردة حكايتها التعيسة مع زوجها الذي خدعها وتزوج عليها ولم تكتشف السر إلا بعد موته، مؤكدة أن ما أصابه نتيجة نيتها الطيبة!
5
الشارع المحاط بالذكريات الأليمة، حجرته وأكوام القصص التي تمتلئ بها «هذا حبل الفلقة، هذا قميص المدرسة التي كرهها.. وذلك جهاز عروسته التي تنتظر موعد الزفاف.. الشباك الذي امتلأ محيطه بالقصص، فأصوات الناس، الشباب الذين لايكفون عن التصفير، السيارات الناعقة دونما سبب… وأمه هي الأخرى كل صبح تجلس تحت نافذته داعية على ضرتها وابنها بالوبال، صوت جاراتها مؤمِّنات،
حدود حاصرته حتى بات غريبا.
٭ قاصة وكاتبة ليبية
حدود
1
ارتسمت على شبّاك حجرته خيوط برق اختلطت بأثاث الحجرة، مظهرة وجوها مختلفة الأشكال…وجه بأنياب وشيء بعينين مجوفتين، تقلّب على فراشه، لم يشعر بالنعاس تضاعف نظره نحو الحائط ؛ بدأ المكان مسرحا لعرائس خيال الظل.
2
في صباح اليوم التالي استشعر ثقل بدنه، مازال يتمنى ويلح أن ينام أكثر، لكن الضجيج تحت نافذته يمنعه من اشتهاء النوم، يقطع عليه وصلة الحلم التي تألفت في ذاكرته الخلفية؛ أراد استعادتها… لكنه فشل!
3
وهو يجر قدميه في شارع ممتد الأطراف، يحده من الشمال دكانة الرجل الزنجي بائع الخردوات، وقناني الغاز وعراوي الأبواب .. وحتى الأمشاط .. كلما اقترب منه شعر بامتعاض وضيق، تذكر مهنة والده التي أتت عليه في ظهيرة يوم حارق عندما تسرب الغاز ومات متسمما… فقد تداركوه بعد أن انتفخ جسده وتورمت عيناه وتغيرت ملامح وجهه… تذكر طفولته التعيسة وعمه المتسلط، وقصة زوجة والده وأخاه الصغير الذي كان سرا لم ينكشف إلا بعد وفاة والده مباشرة.. ذلك الصندوق المخبأ في الدكان كان مكتوبا عليه «هذي أمانة عيت سعيد» كان والده يقصد- عائلته الأخرى!
4
غيّر طريقه تلقاء ناحية أخرى، محدثا نفسه بالوظيفة والراتب ( كم سيقبض من دراهم معدودة تساعده على إكمال عش الزوجية، إلا أن بيت عمه المتسلط مازال قبالته، يحتوي قصصا غريبة، سحر، ربط، ابنة عمه التي تعمل جاهدة على سلب فؤاده، عمه الذي يحيك المؤامرات لينزع عنه ملك أبيه المتألف من بيت كله حفريات، ومزرعة مليئة بالدجاج روائحها تثير الانفعال.. يقبع فيها فرن أمه التي لايغادر وجهها الحزن– دائما– تجلس تحت شباك حجرته مسردة حكايتها التعيسة مع زوجها الذي خدعها وتزوج عليها ولم تكتشف السر إلا بعد موته، مؤكدة أن ما أصابه نتيجة نيتها الطيبة!
5
الشارع المحاط بالذكريات الأليمة، حجرته وأكوام القصص التي تمتلئ بها «هذا حبل الفلقة، هذا قميص المدرسة التي كرهها.. وذلك جهاز عروسته التي تنتظر موعد الزفاف.. الشباك الذي امتلأ محيطه بالقصص، فأصوات الناس، الشباب الذين لايكفون عن التصفير، السيارات الناعقة دونما سبب… وأمه هي الأخرى كل صبح تجلس تحت نافذته داعية على ضرتها وابنها بالوبال، صوت جاراتها مؤمِّنات،
حدود حاصرته حتى بات غريبا.
٭ قاصة وكاتبة ليبية