الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الأجنبية : تطارد التمييز الذكوري في مخدع الزوجية !بقلم: رجب الطيب

تاريخ النشر : 2014-09-18
الأجنبية : تطارد التمييز الذكوري في مخدع الزوجية !
حين تتحول اليوميات غالى نص !
رجب الطيب
في أحدث إصداراتها , تجرب الروائية العراقية , المقيمة في أوروبا , عالية ممدوح , كتابة فصول من السيرة الذاتية , عبر مقاطع , أشبه باليوميات , لم تحددها وفق مرحلة زمنية محددة , ولكن أرتباطا بفكرة " الوطن " واللجوء , ورغم ان أجراءات الحصول على الأقامة في فرنسا , بعد تعذر الحصول على الجنسية , والتي جعلت منها " أجنبية " مقيمة , كانت محور النص , او تلك الأوراق / اليوميات , إلا أن انفتاح الذاكرة , على مصراعيها , جعل كل فكرة " الوطن " والأنتماء اليه , محل مراجعة , بل واُكثر من ذلك , ان السرد المتتابع , رغم تعرجه , يثير في النهاية السؤال : هل من الضروري أن تكون المرأة أجنبية في بلد آخر , أم أنه يمكنها ان تكون كذلك وهي في وطنها , ثم ما هو الوطن حقيقة ؟
يبدأ النص , أو اليوميات , التي على كل حال , ترتبت وفق تسلسل , كان بعضه منطقيا , أي ان مجموعة المقاطع التي تحدثت عن الأجراءات الأدارية والقانونية من أجل الحصول على اللجوء الأنساني , ومن ثم على الأقامة , كانت متتابعة في سردية تصاعدية , وصولا لنجاح الكاتبة في الحصول على الأقامة بعد مشقة وعناء , وقد بدأ النص , منذ لحظة أستدعائها من قبل القنصلية العراقية في فرنسا , لتبليغها , برفع زوجها عليها دعوى بالنشوز , الى ان حصلت على تلك الأقامة , لكن الجزء الأكبر من أوراقها كان يعود بها الى " الأعظمية " مسقط رأسها , الى سنواتها التي عاشتها في بغداد , ثم في بيروت , وبعد ذلك في المغرب , وكأنه كان مقدرا لجيلها " اللجوء " والرحيل من بلد لآخر , في رحلة نفي لمعنى الوطن , الذي يعني الأستقرار والهدوء .
لقد أستعاضت الكاتبة في الواقع بمجموعة من الأصدقاء , الذين كانوا يحيطونها بالود والحب , ويفعلون من أجلها , كل ما يمكنهم القيام به , من أجل ان يكون بمقدورها ان تواجه المعاناة اليومية , المحفوفة بالخوف الدائم , والناجمة عن مركب القهر , المتمثل بأحوال الوطن , بما فيه من تمييز ذكوري , ومن ثم ببيروقراطية الغرب , وأصراره على الحصول على كل الأوراق الأصلية العديدة , حتى يتم التعريف على الشخص , ومن ثم منحه , صك الأقامة .
وفي السياق , تنجح الكاتبة كثيرا , بيومياتها , التي تبدو للوهلة الأولى , أنها يوميات عادية , يمر بها كل مواطن أو مواطنة من مواطني الشرق الأوسط , في رصد الخوف الكامن في قعر ذاتها , والذي معه , ترتعد فرائصها , من كل عارضة , يمكن ان تفرض عليها الرجوع " للوطن " , حيث توحي الكلمات والفواصل والحروف , بقدرة غير محدودة للزوج على أجبارها على العودة , والطاعة , تنفيذا للقرار القضائي بأعتبارها " ناشزا " يتوجب أعادتها لبيت الطاعة الذكوري .
وإذا كانت المعاناة في الوطن , تدفع من يعانون من الأغتراب فيه الى هجرته , والتوجه , في الأغلب الى الغرب حيث الحرية والحقوق الأنسانية , إلا أن اللجوء , الذي يجعل منك " أجنبيا " ليس الا خيار من يلجأ من الرمضاء بالنار , وما من ملاذ لعالية ممدوح بالذات , إلا اللغة , حيث وجدت ذاتها , او وجدت فيها وطنها , الذي تحقق عبره ذاتها ووجودها وكرامتها الأنسانية , ليس فقط لأنها " تحققت " من خلال اللغة العربية , وبعد ان كتبت عدة نصوص روائية , أستثنائية , ولكن لأنها أيضا أكتشفت حين كانت تخضع لدروس تعلم اللغة الفرنسية , انها ل تحبها , وانها فاشلة جدا في تلك الدروس , " تعلم اللغة الفرنسية يستفزني تماما _ أغلاط الضمائر والأفعال , تبدو لي كل أستاذة جنرالا حربيا _ بيوت المعلمات , أخبر صديقاتي عن كل هذا الأرهاب اللغوي الذي وقعت تحت أسره _ الأليانس " .
الرفض على طريقة غاندي !
لعل عالية ممدوح بشخصيتها الوادعة , والتي عاشت شبابها مناضلة يسارية كما معظم أبناء وبنات جيلها , قد وجدت في هذة الأوراق , التي ليست بالضرورة ان تكون قد كتبت كيوميات , أي انها كانت تكتب وفق الرزنامة اليومية , في أجندة الوقت , بل هي أرادت ان تفتح للذاكرة , حتى تصد " حالة الأغتراب " التي وصفتها , بكونها أجنبية , ليس هنا فقط , بل ومنذ او ولدت , وتيتمت من جهة الأم وهي في الثالثة , ولأنه الأب الشرقي لا يعوض أبناءه حنان الأم , خاصة أذا كن بنات و فقد وجدت في جدتها " وفيقة " تعويضا عن الأثنين , لعل عالية وجدت في هذة التقنية في الكتابة وسيلة لتتحرر من درامية النص الروائي , ومن محدداته , التي تحيط بالبناء الروائي وتطور الشخصيات , لتترك للذاكرة ان تسجل ما تتذكره و والذي عادة ما يكون أهم ما تحتفظ به , وفقط أن تتبع خيط " الأغتراب " الموازي للشعور بكونها اجنبية , هو ما ربط بين هذة المقاطع السردية .
ومنذ ان كانت في صبية صغيرة , كانت هذة طبيعتها , ينتباها الغضب , وتمارس الرفض ولكن على طريقة غاندي , أي الرفض السلبي ," كنت أقول نعم لكل طلب , لكن لا أنفذه , يافعات طائشات كنا , محاطات بنساء جد واقعيات , جدتي لغتها قرآنية , عمتي توقفت عند المتوسطة , ( يبدو ان جدتها توفيت عام 66 ) أبي البوليسي الأول الذي واجهته , توفي وانا على اعتاب السادسة عشرة _ بيت الجحيم " , هكذا تسمي البيت الذي نشات فيه , وشهد طفولتها .
اللجوء الى اللغة
وكما تستند الى أسلوب الرفض السلبي و هي تقاوم غيرتها وأغترابها , وجدت عالية ممدوح ضالتها في اللغة والكتابة , منذ ان كانت تعيش حياتها مع زوجها , حيث كانا متوافقين في كل شيء , وعملا معا في مجلة الفكر المعاصر , الى ان نجحت رواياتها التي كتبتها تباعا , ولخصت فيها حياتها , بعد ان فشلت نماذج العائلة وكذلك نماذج الأوطان التي عاشت فيها , بدءا من بيت الأهل , بيت ابيها في المعظمية , مرورا ببيت زوجها , وحتى ان أبنها وحفيدها , لا يعشان معها , ولم تكن بغداد , بيروت , الرباط , وحتى باريس , الا بيوتا عابرة , فقط وحدها اللغة التي شيدت لها رواياتها " المحبوبات " هي من حفظت لها وجودها وكينونتها , " حياة المرء بالضبط هي رزمة من الأوراق , تعلمت الحسنة الثانية من وجودي هنا كأجنبية , وهو الأستنساخ ص 55 " . وهي على قدر ما سدرت عن بيوت : من بيت الطاعة الى بيت العمر , مرورا ببيوت عديدة , مثل بيت نهلة , بيت الجحيم , بيت بلقيس ( حيث تروي واقعة جمعتها مع محمود درويش ونزار قباني , حين دعتها صديقتها وجاراتها في بيروت , بلقيس الراعي , زوجة نزار للغداء , وكان دوريش مدعوا ايضا ) , بيت القانون الفرنسي , بيوت المعلمات , بيت القرد العاري , بيت الغبار الناعم , بيوت الأصدقاء , بيت الخوف العتيق , بيت هيلين , بيت الجارة , بيت النوم , بيت اللسان , البيوت الألكترونية , بيوت الألات , بيت البوعزيزي , بيت الثمالة , بيت أبي , بيت المرضى , الى بيت النمل , مرت عالية ممدوح في فصول التاريخ , هائمة , تبحث عن ذاتها , فلم تجدها إلا في بيت اللغة !
معارضة دائمة :
لم تعترض فقط عالية ممدوح على الأجراءات المعقدة التي " تذبح " طالبي اللجوء الأنساني , فقط , ولكنها أيضا اعترضت على ما يسمى بقانون الأندماج , والذي " يفرض " على طالبها تعلم اللغة , وبعد ذلك العادات والتقاليد , ولا يأخذ بعين الأعتبار حق الأنسان في الأحتفاظ بلغته , وثقافته , وأشيائه الخاصة , " بدا لي ما يسمى بقانون الأندماج نوعا من الأذى الجسدي والروحي لي شخصيا _ يتيمة اللغات " , وهكذا بقيت " أجنبية " هنا في بلاد النور , كما كانت هناك في بغداد , التي كانت تعتبر مدينة الدنيا قبل ألف عام , تماما كما هي نيويورك عام 2000 " لنغير أوطاننا , أدونها دون لعثمة ,الأجنبية كنت هناك وما زلت هنا في فرنسا ص 93 _ في الدرجة الصفر من الوطن " . هكذا تقدم عالية ممدوح أضافة للمكتبة , نصا مفتوحا ومنفتحا , ربما بتأثير الربيع العربي , وثورة الأتصالات , وجملة من الأفكار , التي تجعل من أنتماء الأنسان , دون حواجز او محددات , مفتوحا على الأفق الأنساني , ليدرك بانه ليس المكان هو السبب الوحيد لأغترابه , ولكن جملة من المحددات السياسية والأجتماعية , التي لم تكتمل , بأبعادها الأنسانية الكاملة , ولا في اي مكان , بعد .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف