الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

إغاثة قطاع غزة بين المسؤولية الوطنية والضمير الإنساني بقلم:د. مصطفى يوسف اللداوي

تاريخ النشر : 2014-09-18
إغاثة قطاع غزة بين المسؤولية الوطنية والضمير الإنساني بقلم:د. مصطفى يوسف اللداوي
د. مصطفى يوسف اللداوي
إغاثة قطاع غزة بين المسؤولية الوطنية والضمير الإنساني
انتهى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتوقف هدير الدبابات وأزيز الطائرات، ولم يعد سكان قطاع غزة يسمعون قصف الصواريخ، ولا دوي المدافع، ولا أصوات الانفجارات المرعبة.
فقد وضعت الحرب أوزارها وسكنت، وعاد جيش العدو النظامي إلى ثكناته، والاحتياطي إلى بيوته وبلداته، وتوقف التهديد والوعيد بمواصلة الحرب، واستئناف القتال، الذي حصد أرواح آلاف الفلسطينيين، وجرح أضعافهم، وأصاب بعاهاتٍ مستديمة، وجراحٍ بالغة المئات من أبناء شعبنا الفلسطيني.
توقفت الحرب بعد أن دمر العدوان الهمجي البيوت والمساكن، والمساجد والجمعيات، والمدارس والجامعات، والأسواق والحواري والطرقات، وأسقط البنايات العالية والعمارات السكنية الكبيرة، ولم يستثن الأراضي الزراعية، ولا المناطق الخالية، ولا الدواجن والأغنام والأبقار، ولا القطط والكلاب، ولا الخيل والحمير والبغال وبقية الدواب، وقد دمر وحرق مئات السيارات والعربات ووسائط النقل العامة والخاصة، وكأنه زلزالٌ مدمرٌ، أو بركانٌ ثائر، يرمي بحممه الحارقة كالقصر في كل مكان.
دفن الفلسطينيون شهداءهم، وعادوا من المقابر أدراجهم، وقد جففوا دموعهم، وكفوا عن البكاء عليهم، فهم عند ربهم أحياء يرزقون، وقد رضي سكان قطاع غزة بقضاء الله بما أصاب جرحاهم، واحتسبوا كل ما أصابهم في سبيل الله سبحانه وتعالى، الذي لا تضيع عنده الودائع ولا القربات والتضحيات، بل تصل إليه ويقبلها، ويجزي الخير والبركة عليها.
وهو الذي جلَّ شأنه لا يبخس الناس أشياءهم، ولا يهمل أقدارهم، ولا يحقر شأنهم، فلزم الفلسطينيون الصمت، ورفعوا أكفهم إلى قبلة السماء إلى الله بالدعاء أن يشفيهم، وأن ينظر إلى أحوالهم، وأن يرأف بهم وبأسرهم، كي يعود الجرحى إلى بيوتهم، وقد بروا من أمراضهم، وشفوا من جراحهم، واستعادوا صحتهم وعافيتهم، ليواصلوا حياتهم، ويستعيدوا فيها دورهم، ويقوموا فيها بواجبهم.
لكن قطاع غزة كله مدمرٌ كله، والحياة فيه قد أصبحت مستحيلة، والعيش فيه شاقٌ ومضني، ومتطلبات الحياة نادرةٌ ومستعصية، والأموال قليلة وشحيحة، وسوق العمل متوقف وعاطل، والمواصلات العامة والخاصة متعذرة، وهي غالية ومكلفة، ولا تتوفر سوى لميسوري الحال، والقادرين على الدفع والأداء، وهم بالقياس إلى عموم السكان وغالبية الأهل قلةٌ قليلة، بالقياس إلى الفقراء المعدمين، والمعانين المحتاجين، الذين يشكون من ضيق الحال، وقلة الحيلة، والعجز الذي فرضه العدو، وشارك فيه خلقه آخرون، وساعد على بقائه إخوانٌ وأشقاء، ممن أرضتهم معاناة الشعب، ولم يغضبهم عذابه وشقاؤه، ولم يسمعوا صراخه ولم يصغوا إلى أنينه.
لكن لا أصعب ولا أقسى من حياة اللجوء والشتات، والتشرد والضياع، والإقامة في الملاجئ وأماكن الإيواء، وفي المدارس والمساجد والتجمعات المؤقتة، أو في الخلاء تحت الخيام، أو في العراء فوق الأرض وتحت السماء، أمام ركام البيوت المدمرة، والمساكن التي باتت مخربة، ولم تعد صالحة للسكن.
هذا اللجوء والشتات هو أسوأ أنواع المعاناة، وأشد الكروب، وأبلغ معاني الذل والهوان، عندما لا يجد الأب ما يستر به زوجته وبناته، ولا ما يقيهم من غول الأيام، وقسوة الحياة، إذ تعيش أغلب الأسر في غرفةٍ واحدة، يختلط فيها الذكور والإناث، مع الأب والأم، وربما يجتمع في المكان الواحد غيرهم، من أسرةٍ واحدةٍ أو أكثر، إذا علمنا أن العدو قد دمر كلياً أكثر من أربعين ألف بيتٍ ومنزل، وخرب جزئياً أكثر منها.
وفي الوقت نفسه يتعذر على المواطنين استئجار بيوتٍ جديدة، إما لعدم وفرتها بعد عمليات الدمار الواسع الذي لم يبقِ على الكثير من البيوت سليمة، أو لارتفاع كلفة استئجارها، وعدم وجود قدرة مالية لأغلب السكان، أو بسبب امتناع بعض أصحاب العقارات عن تأجير بيوتهم لنشطاء أو معروفين، خوفاً من استهدافهم فيها وقصفها، وغير ذلك من الأسباب القاهرة، التي تحول دون احساس سكان قطاع غزة بالراحة والطمأنينة، استعداداً لمواجهة مرحلةٍ جديدة من الاعمار والاستقرار.
ربما يرى البعض أن المجتمع الدولي، والدول العربية والإسلامية يتحملون المسؤولية الأكبر عن معاناة سكان قطاع غزة، إذ أن عليهم أن يمارسوا دورهم في الضغط على دول القرار الكبرى، التي تملك القدرة على إجبار العدو وإكراهه، ليسمح بإدخال مواد البناء المختلفة، وغيرها مما يحتاجه السكان للعيش الكريم، ليتمكنوا من مواصلة الحياة، وإعادة إعمار بيوتهم ومساكنهم المدمرة.
لا أقلل هنا من دور وواجب المجتمع الدولي والعربي، بل أستعظمه وأفتقده، وأبحث عنه وأنتظره، وأشجع عليه وأستحث العالم للقيام به، وأدين التقصير فيه، وأشجب المعوقين له، والمانعين القيام به، وهو الذي أراه دوراً إنسانياً أخلاقياً قيمياً، ينبغي الإسراع في القيام به، والإخلاص في تأديته، دون انتظارٍ لسماع شكوى، أو التقدم بطلب، فما تراه أمُ عيونهم أبلغ من كل طلب، وأصدق من كل شكاة.
لكنني أحمل المسؤولية الأولى والأكبر لقوى الشعب الفلسطيني المنظمة، وفصائله المختلفة، ولسلطته الحاكمة، وقيادته المتنفذة، ولكل قواه الوطنية، الذين تأخروا عن نصرة الشعب، ولم يعجلوا في مساعدته، ولم يصرفوا لأغلبهم معونةً تساعدهم على الاستئجار أو البحث عن بديلٍ مؤقت.
بل إن هناك من يتهمهم أنهم يفرقون في المعاملة، ويميزون بين السكان، فيصرفون للبعض ممن يخصهم، ويتخلون عن غيرهم من العامة أو من أتباع غيرهم، رغم أن المعاناة واحدة، والناس كلها في الهم والشقاء والبؤس سواء.
فحتى ينهض العالم لنصرتنا، وتخف الأمم لنجدتنا، ويسرعوا إلى تقديم العون لنا، علينا أن نتفق فيما بيننا، وأن نهب لنصرة بعضنا، وأن نكون صادقين في تعاملنا، منصفين في حكمنا، عادلين في توزيعنا، فلا نظلم فريقاً ونحرمه، ونحسن إلى آخرٍ ونغدق عليه، ولا نفرق بين جريحٍ مسؤولٍ وآخرٍ مغمور، ولا بين شهيدٍ مدني وآخر عسكري، ولا نخلق بين الناس عداوةً، ولا نشعرهم بأنهم طبقاتٍ وفئاتٍ، وأصنافاً وجماعات، ودرجاتٍ ومستوياتٍ، بل إنهم جميعاً أبناء شعبٍ واحد، وأصحاب قضيةٍ مشتركة، إنهم مفردة الحرب الأولى، وأداة الصمود الأساسية، وسبيل النصر الأوحد، فلا نخطئ معهم، ولا نسيئ إليهم، ولا نتأخر عنهم.
 

[email protected]             بيروت في 18/9/2014
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف