الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ديمقراطية إسرائيل المزعومة بقلم :زاهر بن حارث المحروقي

تاريخ النشر : 2014-09-17
ديمقراطية إسرائيل المزعومة
بقلم :- زاهر بن حارث المحروقي
هناك من ينظر باعجاب إلى الديمقراطية الإسرائيلية، خاصة من الأوساط الغربية التي تَعتبر الدولة العبرية واحةً للديمقراطية وسط صحراء من الديكتاتوريات العربية، وقد وصل هذا الإعجاب إلى بعض العرب الذين عانوا من الاستبداد طويلا، لدرجة أن يكتب كاتب عربي مقالا يمتدح فيه وضع العرب الإسرائيليين؛ في وقت كانت الآلة الحربية الصهيونية تعمل جرائمها في غزة، مستشهدا ببعض المواقف التي امتدح فيها العرب الحكومة الإسرئيلية. وقد لا نختلف مع الكاتب في أنّ هناك ميزات قد تكون موجودة في إسرائيل وغائبة عن الوطن العربي، إلا أنّ المعطيات العامة أثبتت أنّ هذه الديمقراطية المزعومة تقوم على عنصرية وتمييز بين مواطني إسرائيل، حيث يُعتبر اليهود الغربيون مواطنين من الفئة الأولى، ثم يليهم يهود الشرق، في حين يقبع أبناء الأقلية العربية من عرب فلسطين المحتلة في المرتبة الأخيرة، وهم المواطنون الحقيقيون وأبناء البلد الأصليون، وقد يأتي بعدهم يهود الفلاشا الذين تم جلبهم من إثيوبيا، وهو تقسيم يتناقض مع أبسط مبادئ الديمقراطية التي تشترط وحدة المواطنة ومساواة المواطنين.
في دراسة نشرتها مؤسسة التأمين القومي الإسرائيلية بشأن معدلات الفقر، ظهر أنّ المواطنين العرب هم أكثر الفئات تضررا من الأوضاع الاقتصادية السيئة، إذ تشير أرقام التقرير إلى ارتفاع كبير في نسبة الفقر وعدد الفقراء في صفوف المواطنين العرب، في دلالة واضحة على زيف الديمقراطية الإسرائيلية، ومع أنّ عدد العرب كبير إلا أنّ اللغة العبرية هي لغة الدولة، هذا غير الاتجاه إلى جعل الدولة يهوديةً، ممّا يعزز الهوية اليهودية على حساب الهوية العربية والإسلامية والمسيحية، وهذا يتناقض تماما مع مبدأ الديمقراطية.
ولكن هل تختلف إسرائيل عن بقية الدول في ديمقراطيتها..؟! إنّ الحرب الصهيونية على غزة أثبتت أنّ إسرائيل لا تختلف عن أيّ دولة من دول العالم. وللرد على السؤال نعتمد على ما قاله البروفيسور الإسرائيليّ، "زئيف شطرنهيرل" المحسوب على ما يُسّمى باليسار الصهيونيّ، في حديثٍ نشرته صحيفة "هاآرتس" الاسرائيلية، حيث أوضح أنّ الوضع في إسرائيل بات صعبًا للغاية بالنسبة للفئة التي تُغرّد خارج السرب وتنتقد الحكومةَ الغارقة في المشروع الاستيطانيّ، لافتًا إلى أنّ من يُطلِق تصريحًا خلال الحرب على غزّة بات معرّضًا للخطر من قبل اليمينيين المتشدّدّين، الذين تتعامل معهم السلطات في تل أبيب بقفازات من حرير. ويرى البروفيسور أنّ الديمقراطيّة في إسرائيل تتآكل وستستمر بالتآكل، حيث وصلت إلى الدرك الأسفل خلال الحرب الأخيرة على غزّة، لأنّ المثقفين الإسرائيليين أقدموا على الخيانة، وتركوا الثقافة ولحقوا بالقطيع، وأنّ وسائل الإعلام العبريّة أعلنت عن إفلاسها المُطلق، "وبالتالي فإنّه من الصعب، - إنْ لم يكُن مستحيلاً -، الوقوف ضدّ هذا القطيع، لأنّه سيقوم بدهسك بسهولةٍ بالغةٍ، فوظيفة المُثقف والإعلامي لا تتمثل في التصفيق لنظام الحكم".
يرسم البروفيسور "شطرنهيرل" صورة عن الداخل الإسرائيلي لا تختلف عن صورة أيّ دولة ديكتاتورية حيث يصف وضع الجامعات الإسرائيلية بأنها قامت بالسير وفق ما تُمليه عليها الحكومة، حيث طلبت كافة الجامعات الإسرائيليّة من كوادرها عدم توجيه الانتقادات للحكومة وللجيش الإسرائيليّ على حدّ سواء، وهو يرفض مقولة أنّ الحرب فُرضت على إسرائيل، ويرى أنه كان بإمكان الحكومة الإسرائيليّة الرد على الصواريخ بشكل نسبيّ ولكن ليس بالطريقة التي فعلتها، ويرى أنّ أعضاء الحكومة الإسرائيلية "لأنّهم لا يعلمون ما هي الديمقراطيّة، وما هي حقوق الإنسان، فإنّهم يكرهون العرب كرهًا حقيقيًا، الأمر الذي يجعلهم يؤمنون بأنّ الحياة المشتركة بين اليهود والعرب مستحيلة".
إنّ كل ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية يتنافى تماما مع الديمقراطية، وها هي تمنع كل معارض سياسي من دخول إسرائيل، كالعالم اليهودي والناشط السياسي البروفيسور "نعوم تشومسكي"، والدكتور اليهودي والناشط السياسي "نورمان فلينكشتاين" الذي سبق وأن طُرد من الجامعة الإسرائيلية، بعد أن نشر كتابه" صناعة الهولوكوست" الذي اعتبر فيه أنّ الهولوكوست هي عبارة عن آلة تستخدمها إسرائيل لجمع النقود من العالم على شكل تعويضات للإبادة التي تعرّض لها اليهود، وهي الورقة التي تسمح لإسرائيل أن تبرر كل انتهاكاتها في غزة وفي أيّ مكان آخر، وفي مقابلة تلفزيونية مع د. "فلنكشتاين" يقدم قصة لها مغزاها إذ يقول: " بعد أن قصفت إسرائيل غزة؛ قامت بالتحقيق حول الجرائم التي ارتكبها الإسرائيليون هناك، ووجدت جريمة واحدة فقط، وهي أنّ جندياً إسرائيلياً سرق بطاقة تأمين، وسحب 400 دولار". وهو يعني أنّ إسرائيل لم تعتد على الأرواح البريئة، ولم تدمر البنية التحتية، وإنما ديمقراطيتها جعلتها تحاسب جنديا على خطأ ارتكبه، وهو سرقة بطاقة تأمين و 400 دولار...!!
إنّ قضية ديمقراطية إسرائيل لم تنطل على اليهود أنفسهم، إذ قالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، إنّ أكثر من نصف اليهود فى إسرائيل يعتبرون إسرائيل دولة صهيونية لا ديمقراطية، وأظهر الاستطلاع الذى أعده المعهد الإسرائيلي للديمقراطية أنّ 56,3% من المشاركين يعتبرون إسرائيل دولة صهيونية، فيما قال 34% منهم، إنّ التعريف الأهم هو أن تكون إسرائيل "دولة يهودية".
لا بد أن نعترف – مضطرين -، أنّ إسرائيل تتميز عن البلدان العربية في كثير من الأمور، خاصة في المجالات العلمية والصناعية بمجاليْها المدني والعسكري، وتتفوق على الدول العربية مجتمعة في مجالات البحث العلمي وغيرها، كما أنها تتميز بالتخطيط الإستراتيجي على المديَيْن القريب والبعيد، وبأنّ جامعاتها تحتل المراكز الأولى على مستوى جامعات العالم، وغير ذلك كثير، ولكن بالمقابل يجب أن نعترف بأنّ أيّ خطأ أو خلل فمِنْ أنفسنا، إذ أننا نعيش على الهامش، ونحتل الدرجات المتدنية في كل مجالات الحياة، فلا عجب أن ينبري البعض ويُعجب بالديمقراطية الإسرائيلية المزعومة، ويُعجب بالتطور العلمي والتكنولوجي، وبالصناعات الإسرائيلية وبغيرها، لأنّ كل ذلك مفقود في أوطاننا ولا نعيش إلا "اللحظة"، ثم إننا نعاني معاناة شديدة في مجال التعليم، وحقوق الإنسان، فهناك المعتقلات وهناك قيدٌ للحريات وهناك تعذيب في السجون، وهناك الكثير؛ إلا أنّ كل ذلك لا يعطي الحق لإسرائيل أن تدّعي أنها دولة ديمقراطية وسط غابة من الديكتاتوريات، فعربُ 48، أو من يسمونهم "عرب إسرائيل" يعانون أشد المعاناة، وليس أدل على ذلك من كلام أحمد الطيبي عضو الكنيست الإسرائيلي الذي قال إنّ الوزراء الإسرائيليين دائما يحرّضون ضد العرب، وأنّ اليهود يطالبون من عرب الداخل أن يكونوا معهم ويقفوا إلى جانبهم في المعركة؛ وإن لم يفعلوا ذلك فيعتبرونهم أعداء.
لقد ألقت مجموعة من الضباط والجنود الإسرائيليين بلغت 43 فردا، قنبلة إعلامية وسياسية كبيرة، يوم 12/9/2014، تتضمن شهادات واعترافات تأنيب ضمير حول ما قاموا به ضد الفلسطينيين، في عريضة كشفوا فيها عن رفضهم المشاركة بأعمال ضد الفلسطينيين وعن استنكافهم عن أداء الخدمة في وحدتهم، وأكدوا عدم قدرتهم ضميريا على مواصلة أداء الخدمة والمساس بحقوق ملايين البشر، مشيرين إلى وقوع الفلسطينيين تحت نظام عسكري ويتعرضون للتنصت والتجسس الاستخباراتي، مما يتنافى تماما مع مبدأ الديمقراطية، بل إنّ المجموعة دعت ضباطَ الاحتياط الإسرائيليين الآخرين لرفع صوتهم ضد هذه الآثام بغية إنهائها، معتبرين أنّ مستقبل إسرائيل يتعلق بهذه الآثام، وبالتأكيد عندما تصل الأمور إلى هذه الدرجة؛ فإنّ ذلك يدل على فظاعة ما قام به الجيش الإسرائيلي، ويمكن الرجوع إلى هذه الفظائع عن طريق مقال في صحيفة يديعوت أحرونوت تحت عنوان "فعلناها ولكن لم نعد قادرين" عدد 12 سبتمبر.
إنّ الدولة الصهيونية ماضية في تحقيق أهدافها وفق مخطط مرسوم بعناية، وهي دولة عنصرية بامتياز، ودولة دموية منذ اللحظات الأولى لإنشائها، ومع ذلك فإنّ هناك أصوات من داخل إسرائيل ومن اليهود، تؤمن أنّ الديمقراطية الإسرائيلية كذبة كبرى.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف