الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سأهاجر.. فلم يعد على ارضي ما يستحق الحياه بقلم:إسماعيل احمد برغوت

تاريخ النشر : 2014-09-17
سأهاجر.. فلم يعد على ارضي ما يستحق الحياه بقلم:إسماعيل احمد برغوت
سأهاجر.. فلم يعد على ارضي ما يستحق الحياه

على هذه الأرض ما يستحق الحياة .... تلك كانت من اشهر مقولات الراحل الكبير محمود درويش، ولكن التساؤل هنا.. هل ما زال على هذه الأرض ما يستحق الحياة؟؟؟؟

باعتقادي انه يتوجب علينا أن نعتذر منك سيدي محمود درويش، فلم يعد شبابنا يرون أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة؛ فلم تعد رائحة الخبز في الفجر تغريهم ولم تعد فلسطين هي سيدة
الأرض بالنسبة لهم، لا ولم تعد أم البدايات والنهايات كما كنت ترها، ربما يجب علينا أن نعذرهم لان كثيراً منهم اصبح يشتهي لقمة الخبز وطعم الحياة الكريمة، لقد أنستهم ويلات الحروب المتتالية وصوت الصواريخ وقذائف الدبابات ومشاهد الدماء
والأشلاء أنستهم طعم السعادة ورائحة القهوة صباحاً على صوت أغاني فيروز، طحنتهم ظروفهم البائسة وحطمت الحروب آمالهم وأحلامهم، يتمت الآلاف من أطفالهم ورملت نسائهم، أقعدت الآلاف منهم بعاهات مستديمة، أصبحت الكهرباء اسمى أمانيهم، وأضحت فرص العمل نوعاً من الخيال بالنسبة لهم.

فمجرد تفكيرك بالهجرة أو الحديث عنها فيما مضى كان يعتبر نوعاً من الخيانة للوطن، كيف لا؟ وأنت تفكر بالرحيل عن ارض الرباط والجهاد تاركاً المجال لعدوك كي يستفرد بأرضك ويغتصبها، ثم انك كيف ترضي لنفسك أن تترك بلادك وخيراتها لتصبح متشرداً تتسول لقمة العيش في بلاد اللجوء.

كانت هذه الكلمات الرنانة فيما مضى تهز مشاعرنا وترق لها قلوبنا، أما اليوم وبكل اسف فقد تغيرت الأحوال وتبدلت الأفكار والمعتقدات، وأصبحت الهجرة هي الحلم الأكبر وهي
المخرج والحل السحري الذي يضمن الخروج من هذه الحالة المزمنة من العذاب والفقر والضجر وضيق الحال الذي أوصلتنا له تلك الحالة النتنة من الانقسام والتشرذم والاقتتال على السلطة لتحقيق بعض المكاسب السياسية والحزبية المقيتة التي جعلتنا
نشعر بالذل والهوان حتى أننا هنُّا على انفسنا ووصلنا إلى الدرجة التي اصبحنا نخشي أن نُعرف عن انفسنا باننا فلسطينيين ومن غزة تحديداً.


تري ما الذي وصل بنا إلى هذه الحالة وهل من العدل أن نلقي باللوم على شبابنا حينما يقررون التضحية بكل شيء من اجل الهجرة وحتى لو كانت النهاية هي الموت غرقاً، وحتى لو تحولت أجسادهم وأجساد أطفالهم الصغار طعاماً للأسماك.

هل تساءلتم يوماً ما الذي يدفع أب إلى أن يأخذ زوجته وأبناءه في رحلة نحو المجهول قد يكون مصيرهم فيها إلى الحياة الآخرة، وهل تساءلتم يوماً ما الذي يدعو شخص عاقل بالغ لان يقول " مهو أنا ميت ميت".


انه انعدام الأمل الذي تسببت به فصائلنا فانت ان لم تكن ابن فتح أو حماس فلا تحلم بالوظيفة ولا بحياة كريمة وان كنت محظوظاً ووجدت عملاً تتقاضى منه (30) شيكلاً في اليوم فكن متأكدا
أن صاحب العمل سوف يستعبدك بهذه الحفنة من النقود، وان كنت تعمل في محل أو ورشة فيجب عليك أن تنتظر من صاحب العمل بان يطلب منك أن تأتي يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع
لقلة العمل وعدم مقدرته على دفع الأجرة وهو ما سيجعلك تترحم على تلك الأيام التي كنت تعمل بها في إسرائيل أو حتى ان كنت قد سمعت عنها من احاديث أبيك.

فأهلا بك في غزة حيث لا وظائف ولا فرص عمل ولا كهرباء ولا حرية سفر، ولا امن ولا راحة نفسية، ولا حياة كريمة في ظل حالة غلاء فاحش وفقر متزايد، فاين الذي يستحق من أجله البقاء، لقد أصبحت جداول الكهرباء وفواتير المياه وديون السوبر ماركت وملابس المدرسة والقرطاسية اهم من تحرير فلسطين بالنسبة للمواطن الغلبان، فقبل أن نسال الناس عن تمسكهم بالثوابت وعن حبهم للوطن يجب على حكوماتنا الموقرة وقياداتنا الوطنية بكافة أطيافها أن توفر لهؤلاء حياة آدمية كريمة، من خلال خلق فرص عمل وتامين لقمة عيش لهم دون المس بكرامتهم.

فهل يشعر أُولي الأمر والقادة في شقي الوطن بإحساس أب يذهب طفلة إلى المدرسة بحذاء مقطوع وبلا مصروف يشتري به قطعة حلوي أو حتى رغيف خبز فارغ.


هل شعرتم بإحساس أب لا يمتلك ثمن علبة دواء لطفله بينما
يتمتع عِليةُ القوم في قطاعنا الحبيب باعلي درجات الرفاهية في افخم المطاعم واجمل الكافيات فهذا المواطن لا يحلم بجلسة مطلة على حمام سباحة ولا بعشاء في فندق على شاطئ البحر، انه يحلم
ببساطة بتامين لقمة عيش كريمة وشريط دواء وشنطة مدرسة وحذاء لطفلة.

هذا المواطن هو ذاته المواطن الذي يرى ويسمع بشكل يومي عن
الكم الهائل من الدعم والمعونات التي تتدفق بشكل مستمر على قطاع غزة.

وهل شعرتم بإحساس شاب بلغ الثلاثين من عمرة دون زواج أو عمل ودون الحصول على فرصة بطالة حتى.

فكيف تلقون باللوم على من يفكر بالهجرة رغم انه كان من الأجدر بكم لوم أنفسكم ولوم ضمائركم، أقول لقادة هذا الوطن، اعلموا أنكم ستسألون أمام الله عز وجل عن هذا المواطن الذي يبحث عن لقمة عيش، يبحث عن إحساس بتحقيق الذات يُشعره
بانه يفعل شيء أو يتخذ خطوات لتامين مستقبله قبل أن تدركه الشيخوخة وهو ينتظر الفرصة في بلد أصبحت فيه الفرص أشبه بالمعجزات.

فكيف تلوموا على اناس يبحثون عن الهجرة من وطن يدرك
فيه طالب الجامعة الذي ينفق علية والده بالدم والعرق - يدرك - انه لن يجد وظيفة أو فرصه عمل ويدرك أيضا انه سيستمر في الحصول على مصروفه من والده.

كيف نلوم على من يفكر بالهجرة في بلد يقضي فيه من درس البكالوريوس والماجستير والدكتوراه سنوات عمره وريعان شبابه في التطوع هنا وهناك على امل الحصول على فرصه عمل( بعد
عمر طويل إن شاء الله )، فانا اعرف الكثير من أبناء دفعتي في الجامعة والذين تخرجوا عام( 2003) مازالوا يبحثون عن فرصة عمل ونحن في عام 2014،!! نعم لقد مضى عليهم احد عشر عاماً وما زال البحث جارياً عن فرصة عمل أو وظيفة، علماً بان هؤلاء يعلمون بان بعض البيوت يكون فيها عشرة اخوه جميعهم
موظفون هم وزوجاتهم.

فانا شخصياً لا اشعر بالدهشة أو الاستغراب عندما اعرف أن
عدد كبير جداً من طالبي اللجوء هم من المثقفين وحملة الشهادات الجامعية وطلبة الدراسات العليا.


فقبل أن نطالب بمحاسبة تجار الهجرة والمهربين يجب على المسؤولين في هذه الوطن أن يحاسبوا انفسهم ويجب أن يُحاسب المسؤول عن وصولنا إلى هذه الحالة التي نحن عليها الآن .

امنحوا لأبناء هذه الأرض مبررات العيش، امنحوهم ادني
متطلبات الحياة الإنسانية أشعِروهم بانهم بشر وانهم أحياء يرزقون على امل أن تجعلوهم يفكرون الف مره قبل اتخاذ القرار بالهجرة أو الرحيل.

واعلموا أنكم لن تستطيعوا منع الناس من الهجرة بالقوة فالأولى بكم علاج السبب والقضاء على المرض من جذوره قبل استفحاله وقبل فوات الأوان، وقبل أن تفيقوا لتجدوا أن لا احد في غزة.

اللهم بلغت اللهم فاشهد.... الكاتب إسماعيل احمد برغوت
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف