الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

القتل باسم الله تعالى بقلم : زاهر بن حارث المحروقي

تاريخ النشر : 2014-09-14
القتل .. باسم الله تعالى
بقلم :- زاهر بن حارث المحروقي
لم يتشوه الإسلام كما تشوه الآن بيد أبنائه، وهذا لا ينفي أن يكون التاريخ الإسلامي قد مرّ بفترات دميوية كثيرة، وأنّ النصوص المؤسّسة للعنف موجودة في التراث الإسلامي، بمعنى أنّ ما يحصل الآن له جذوره التاريخية، وقد حصل القتل باسم الله ضد المخالفين بل حتى ضد المختلفين، وتم استدعاء الله من قِبل كل طرف يقاتل الطرف الآخر، إلا أنّ ما جعل الناس الآن تركز على العنف الإسلامي، هو وجود آلات التصوير والقنوات الفضائية التي تنقل الأحداث بالصوت والصورة، حتى شاهد العالم وحشية المسلم ضد أخيه، وتم ربط ذلك بالدين، وهو من ذلك بريء.
إن كل المشاهد التي شاهدها العالم ابتداء من المذابح التي تمت في سوريا والعراق وباكستان والصومال، إلى التطهير العرقي والعنف ضد الأقليات، تشير إلى أنّ الإنسان المسلم، وربما الإنسان في كل مكان، مجرد أن يتراخى القانون أو أن تضغف الدولة، فإنه سيظهر على حقيقته ويلجأ إلى العنف، وينفّس عن تراكمات الخلفيات التاريخية التي غذتها النصوص والكتب والمحاضرات والتفسيرات الخاطئة للقرآن الكريم، إضافة إلى الفتاوى المشجعة على العنف وعلى إلغاء الآخر، ومن هنا لا أرتاح من كثرة المبالغة فيما يردده الناس عن تسامح العمانيين، فماذا إذا صلى السني وراء الإباضي أو الشيعي وراء السني أو عكس ذلك؟ ثم ماذا إذا تزوج سني من إباضية أو عكس ذلك؟ إنّ ذلك طبيعي، فلا ينبغي التركيز عليه وكأننا أتينا بشيء خارق، فالشخصيةُ الحقيقية تظهر دائما عند اختفاء القانون، ولن نكون استثناء عن الآخرين.
وهناك نقطة يلجأ إليها الكثيرون، وهي القول إنّ الإرهاب ليس له دين أو مذهب، وقد يكون هذا صحيحا ولكن كلما ردّدنا هذه العبارة فمعنى ذلك أننا نقر بأننا إرهابيون وبأننا لسنا وحدنا في هذا المقام، وهنا المسألة تختلف لأننا دائما نردد بأنّ ديننا دين رحمة ودين الإنسانية وغير ذلك، وكل ذلك صحيح إلا أنّ التطبيق على أرض الواقع يدل على غير ذلك تماما.
إنّ العنف الذي طبقته داعش قد جنى على الفقه الإسلامي، ولكن ليست داعش وحدها في هذا الميدان، فوسائل القتل باسم الله تعددت واختلفت مشاربها، إلا أنّ داعش هي الأبرز في الساحة الآن، وقد لخّص الكاتب "ناجح إبراهيم" أسباب وأنواع القتل باسم الله في مقال جميل تحت عنوان "جناية الميليشيات الشيعية والتكفيرية على الفقه الإسلامي"، والكاتبُ أحد قادة الجماعات الإسلامية الذي قضى أكثر من نصف عمره متنقلا بين السجون المصرية، وأحدُ قادة المراجعات الإسلامية الشهيرة؛ حيث يقول إنّ فقهاء الإسلام ظلوا يعتبرون حفظ النفس من الضرورات الخمس في الإسلام، ولكن أتى البعض ليخرق في الدين والفقه والشريعة خرقا لم يرتق حتى اليوم، فبعضهم أباح القتل بالجنسية مثل القاعدة التى أباحت قتل الأمريكان واليهود، وبعضهم أباح القتل بالمذهب مثل الميليشيات الشيعية وداعش ومن سار على دربها، وبعضهم أباح القتل بالاسم مثل الميليشيات الشيعية، أوالقتل بالوظيفة مثل المجموعات التكفيرية التي تنتشر في مصر كأنصار بيت المقدس التي تقتل ضباط وجنود الشرطة والجيش دون أن تعرفهم، فيكفي وظيفتهم مبررا لقتلهم. ويقدم ناجح إبراهيم تفصيلات عن كل هذه الأنواع، ولعله يجدر بي أن أنقل ما كتبه عن القتل بالمذهب، وهو القتل الذي ابتدعه فريقان كلاهما عدوٌ للآخر، ولأنّ كل طرف يتهم الطرف الآخر ويعمل على محوه من الوجود، وكل طرف لا يرى إلا جرائم الطرف الآخر، فيقول عن الفريقين، أولهما الميليشيات الشيعية والتي قامت بمذابح لأهل السنة في العراق بعد زوال حكم صدام حسين، وكأنّ كل هؤلاء مسؤولون عن جرائم صدام أو كأنهم الذين قتلوا سيدنا الحسين رضي الله عنه، ومن هذه الميليشيات؛ ميليشيات "المهدي" و"بدر" و"عصائب أهل الحق". وثانيهما داعش والمجموعات القاعدية فى العراق فهي تكفّر كل الشيعة فى كل مكان، فضلا عن تكفيرها للكثير من أهل السنة وتستبيح دماءهم، وهي تقتل أيّ شيعي لمجرد أنه شيعي.. وكلا الفريقين لا يفهم شيئا من قوله تعالى "أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" و"أنْ لَيْسَ لِلْإنْسَانِ إلا مَا سَعَى"، وقوله تعالى "كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ" وأنّ الإنسان - مسلما أو غير مسلم - معصومُ الدم في الأصل، وأنه ليس معنى أن يكون هناك إنسان غير مسلم أو على غير مذهب أهل السنة أن يكون مباح الدم أو المال أو العِرض.
إنّ العلاج يتطلب إجراء عدة عمليات جراحية، بل إلى استئصال بعض الأجزاء السرطانية حتى لا ينتشر المرض ويعم البلاء، وأولى أسباب العلاج هي الاعتراف بوجود المرض، وإلا فلن ينفع العلاج، فالمسألة تحتاج إلى إعادة صياغة المناهج الدراسية لأنها هي الأساس في تفريخ الإرهابيين، وهي الأساس في تكوين النشء خاصة في البدايات، لأنّ مسألة السيطرة على فكر الشباب مع انتشار وسائل الاتصالات الحديثة أصبحت صعبة، والأمر يحتاج إلى إعادة التركيز على النصوص وعلى الموروثات، وإلى عدم التركيز على نقاط الخلاف أو التركيز على الجانب الدموي في التاريخ الإسلامي، والنتيجة سوف تظهر بعد حين، لأنّ جيل الآن ليس إلا نتاج ما غرسته المناهج التعليمية والنصوص الإسلامية وأقوال العلماء والفتاوى التي ما أنزل الله بها من سلطان، فإذا كانت هناك النية في التغيير والإصلاح فيجب أن تنبع من الداخل لا أن تُفرض من الخارج، والأنظارُ تتجه الآن إلى السعودية باعتبارها الحاضن للفكر الوهابي، وكلُ الحركات التي لجأت إلى العنف إنما جاءت من الفكر السلفي الذي دعمته السعودية، فنتج عنه القاعدة وطالبان وبوكو حرام وداعش وجيش النصرة وغيرها من التنظيمات، وقد بدأت الأصوات الآن تنطلق بقوة من داخل السعودية نفسها تبحث عن الحل، ويكفي إلقاء نظرة سريعة على أيّ عدد من أعداد الصحف السعودية حتى يأخذ المرء الفكرة العامة عن التوجه الجديد، وهو توجه محمود رغم أنه تأخّر كثيرا حتى اقتربت النيران من السعودية نفسها، وفيما كتبه د. حمزة السالم في جريدة الجزيرة السعودية يستحق القراءة، بعد أن يذكر جمود الفكر السلفي، يرى أنّ الوهابية أصبحت عبئا على الدولة والمجتمع السعودي، كما أنّ ما كتبته د.هيا عبد العزيز المنيع، في جريدة الرياض عدد 6/9/2014، تحت عنوان "هل نحن نصنع بيئة الإرهاب؟"، فيه نقاط تستاهل أن يقف عندها الباحثون عن الحلول، إذ ترى أنّ الإشكال الذي نعيشه أنّ المنتج الفكري يهيئ بيئة مناسبة لزراعة ثقافة التطرف والتشدد، بمعنى أننا نهيئ أبناءنا للاختطاف الفكري ومن ثم الجسدي، حيث أغلقنا منافذ الاختلاف الفكري وثقافة الاستنباط والتفكير والاستنتاج، بل وأكثرْنا من قيود التضييق في كافة أمور حياتنا متكئين في ذلك على باب "سد الذرائع" الذي وجد فيه علماؤنا كرسياً للراحة، وهو الباب الذي ساهم في عرقلة الكثير من التحولات الإيجابية، والمحصلةُ الطبيعية لذلك هي نموٌ مخيف للفكر المتطرف والمتشدد بجانبيه اليميني واليساري، وتقول إنّ "شواهد الانتماء للقاعدة ثم داعش يقابلها أيضا شباب ملحد، في مجتمع لا يضاهيه أيّ مجتمع آخر في التلقين الديني".
إنّ فكر المراجعات الذي يقوم به الكتاب والأكاديميون السعوديون، يعطينا الفرصة بأن نقول ما نراه، لأنّ هناك حساسية عند البعض عندما نتكلم عن "الوهابية"، إلا أنّ الأمر خرج الآن عن السيطرة وأصبح الكل يبحث عن الحل، والغريب أنه في الوقت التي تُجرى فيه هذه المراجعات هناك، فإنّ هذا الفكر بدأ ينتشر عندنا وبدأت تظهر بوادره عند بعض شباب الإباضية، وهو مؤشر خطير. وفي كل الأحوال فإنّ الله سبحانه وتعالى بريءٌ من كل القتل الذي تم ويتم وسيتم باسمه.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف