علم تصنيع الفقر.. هو فنّ صناعة الإرهاب
بقلم: زليخة زيتوني
الفقر، لفظة ثقيلة في مدلولها ومعانيها، تحيل إلى مفاهيم "صادمة" للقيم الإنسانية، مثل مفاهيم: الحرمان والاحتياج والضعف والعجز واللاعدالة.. لا سيما في عصرنا الراهن رغم التطوّر الذي حقّقه الإنسان وما بلغه من أسباب الرفاهية في الحياة اليومية، حيث أشارت التقديرات بأن ثلاثة من أثرياء العالم تتجاوز ثرواتهم ما يعادل الناتج المحلي لأفقر ثمانية وأربعين دولة مجتمعة، كما أشارت التقديرات أن ثروات مائتي ثريّ من أثرياء العالم تتجاوز نسبة أربعين بالمائة من دخل سكّان العالم مجتمعين.. وقبل حوالي عشر سنوات وفي مؤتمر الأرض بجوهانسبرغ، وصف الرئيس الأسبق لجنوب إفريقيا "ثابو إيمبيكي" معضلة الفقر قائلا:"العالم اليوم أصبح جزيرة أغنياء تحيط بها بحار من الفقراء". ويبدو أن كلّ يوم يمرّ على هذا العالم، تزداد فيه معضلة الفقر عمقا وتعقيدا، وتُضاف مفاهيم أخرى تحيلُ إليها لفظة الفقر، مثل الإرهاب والتطرّف والقهر والظلم..
ويبدو أن هناك فقرا "طبيعيا" هو ذلك الذي له تاريخٌ يمتد إلى وجود البشر على الأرض، وله في كل وطن جغرافية وخرائط، وهو الذي اعتنت به الدراسات الاجتماعية والاقتصادية وحاولت أن تجد له التعريفات والأسباب والحلول.. وهناك فقرٌ "غير طبيعي"، هو تصنيعٌ الفقر وتسويقه وفرضه على كثير من الشعوب، فمثلا، إفقار شعوب إفريقية في مالي والنيجر وغيرهما هو ضمانة لرفاهية شعب آخر في دولة أوروبية.. وزراعة الفتن والحروب و"حماية" الفساد في بلدان عربية بما يُفقر شعوبها ويحرمها من ثرواتها، هو ضمان لاستمرارية السيطرة على ثرواتها من طرف دول غربية معيّنة..
لقد دُرس الفقر كقضية اقتصادية واجتماعية وأخلاقية وإنسانية، ولكنه لم يُدرس كقضية أمنية لها علاقة بإنتاج العنف والتطرّف والإرهاب.. ووُضعت الخطط والبرامج وخُصّصت الميزانيات المهولة من أجل التسلّح والاستعداد لمواجهة "احتمالات" وافتراضات لحروب وهمية قد لا تحدث أبدا، ولم تُخصّص البرامج الجادة لمحاربة الفقر، فانتشار الفساد والإصرار على استمرار الحكومات والأنظمة في طريق الإفلاس على حساب ثروات الشعوب، هو دليلٌ على أن الفقر هو صناعة وأن هناك من هم مُكلّفون بتصنيعه في أوطانهم من أجل أهداف وغايات قد تكشف الأيّام أنها شكلٌ من أشكال "الاستعمار المُعاصر"..
لماذا تمتلك بعض الدول العربية ثروات طبيعية فوق الأرض وفي باطنها، ولكنها غارقة في الفساد والعبث وشعوبها تعاني من الفقر؟ وهل ثروات العالم العربي عاجزة عن تحرير الشعوب العربية من فقرها؟ ولماذا يستأثر العالم العربي بالأزمات التي تستنزف ثرواته وتعرقل استقراره وتعيقه أن يضع خطواته على طريق التنمية والعلوم والمعارف؟.. هي أسئلة، يبدو أن العالم العربي قد شُغل عن البحث فيها لأنه مُنشغل بمنتوجات الفقر التي تزلزل كيانه كل يوم.. وللحديث بقية في موضوعات قادمة.
بقلم: زليخة زيتوني
الفقر، لفظة ثقيلة في مدلولها ومعانيها، تحيل إلى مفاهيم "صادمة" للقيم الإنسانية، مثل مفاهيم: الحرمان والاحتياج والضعف والعجز واللاعدالة.. لا سيما في عصرنا الراهن رغم التطوّر الذي حقّقه الإنسان وما بلغه من أسباب الرفاهية في الحياة اليومية، حيث أشارت التقديرات بأن ثلاثة من أثرياء العالم تتجاوز ثرواتهم ما يعادل الناتج المحلي لأفقر ثمانية وأربعين دولة مجتمعة، كما أشارت التقديرات أن ثروات مائتي ثريّ من أثرياء العالم تتجاوز نسبة أربعين بالمائة من دخل سكّان العالم مجتمعين.. وقبل حوالي عشر سنوات وفي مؤتمر الأرض بجوهانسبرغ، وصف الرئيس الأسبق لجنوب إفريقيا "ثابو إيمبيكي" معضلة الفقر قائلا:"العالم اليوم أصبح جزيرة أغنياء تحيط بها بحار من الفقراء". ويبدو أن كلّ يوم يمرّ على هذا العالم، تزداد فيه معضلة الفقر عمقا وتعقيدا، وتُضاف مفاهيم أخرى تحيلُ إليها لفظة الفقر، مثل الإرهاب والتطرّف والقهر والظلم..
ويبدو أن هناك فقرا "طبيعيا" هو ذلك الذي له تاريخٌ يمتد إلى وجود البشر على الأرض، وله في كل وطن جغرافية وخرائط، وهو الذي اعتنت به الدراسات الاجتماعية والاقتصادية وحاولت أن تجد له التعريفات والأسباب والحلول.. وهناك فقرٌ "غير طبيعي"، هو تصنيعٌ الفقر وتسويقه وفرضه على كثير من الشعوب، فمثلا، إفقار شعوب إفريقية في مالي والنيجر وغيرهما هو ضمانة لرفاهية شعب آخر في دولة أوروبية.. وزراعة الفتن والحروب و"حماية" الفساد في بلدان عربية بما يُفقر شعوبها ويحرمها من ثرواتها، هو ضمان لاستمرارية السيطرة على ثرواتها من طرف دول غربية معيّنة..
لقد دُرس الفقر كقضية اقتصادية واجتماعية وأخلاقية وإنسانية، ولكنه لم يُدرس كقضية أمنية لها علاقة بإنتاج العنف والتطرّف والإرهاب.. ووُضعت الخطط والبرامج وخُصّصت الميزانيات المهولة من أجل التسلّح والاستعداد لمواجهة "احتمالات" وافتراضات لحروب وهمية قد لا تحدث أبدا، ولم تُخصّص البرامج الجادة لمحاربة الفقر، فانتشار الفساد والإصرار على استمرار الحكومات والأنظمة في طريق الإفلاس على حساب ثروات الشعوب، هو دليلٌ على أن الفقر هو صناعة وأن هناك من هم مُكلّفون بتصنيعه في أوطانهم من أجل أهداف وغايات قد تكشف الأيّام أنها شكلٌ من أشكال "الاستعمار المُعاصر"..
لماذا تمتلك بعض الدول العربية ثروات طبيعية فوق الأرض وفي باطنها، ولكنها غارقة في الفساد والعبث وشعوبها تعاني من الفقر؟ وهل ثروات العالم العربي عاجزة عن تحرير الشعوب العربية من فقرها؟ ولماذا يستأثر العالم العربي بالأزمات التي تستنزف ثرواته وتعرقل استقراره وتعيقه أن يضع خطواته على طريق التنمية والعلوم والمعارف؟.. هي أسئلة، يبدو أن العالم العربي قد شُغل عن البحث فيها لأنه مُنشغل بمنتوجات الفقر التي تزلزل كيانه كل يوم.. وللحديث بقية في موضوعات قادمة.