الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

والآن ذهبت السكرة وجاءت الفكرة: تساؤلات ما بعد العصف المأكول؟ بقلم:د. أحمد يوسف

تاريخ النشر : 2014-09-02
والآن ذهبت السكرة وجاءت الفكرة: تساؤلات ما بعد العصف المأكول؟ بقلم:د. أحمد يوسف
والآن ذهبت السكرة وجاءت الفكرة:
تساؤلات ما بعد العصف المأكول؟
د. أحمد يوسف
تحدث معي العديد من الإخوة والأصدقاء حول ما هو مطلوب عمله خلال المرحلة القادمة، باعتبار أن الحرب التي فرضت على شعبنا قد وضعت أوزارها، والآن نحن مطالبون بمعالجة تداعياتها والسهر على أوجاع الناس وأحزانهم، حيث إن حجم الخسائر في الأرواح وجرحى المعارك والاستهداف الصهيوني للحجر والشجر كان هائلاً، وهذا يستدعي جهوداً لإعادة الإعمار هي – بالتأكيد - فوق طاقتنا جميعاً، ولكن إذا ما توحدت الصفوف والمواقف خلف قيادة حكيمة يمكننا أن نتجاوز كل ذلك، وأن نخرج أقوى مما كنا في كل مواجهاتنا السابقة مع الاحتلال؛ باعتبار أن الضربة التي لا تقتلني تقويني، وأن نفرض على العدو الإسرائيلي خيارات صعبة لم تكن في سابق حساباته.
وتأسيساً على ذلك، فإننا نود الإشارة إلى مجموعة من النقاط، وهي بمثابة خارطة الطريق لمواجهة التحديات التي فرضتها علينا تجليات وويلات الحرب الأخيرة على قطاع غزة، وهي كالتالي:
أولاً) شكل الحكومة القائمة والتعديلات المطلوبة؛ وذلك بهدف بقائها كعنوان وطني للجميع، تشمر عن ساعديها وتضع في سلم أولوياتها سرعة إيواء النازحين، من خلال صرف مساعدات عاجلة تمكن البعض من استئجار شقق سكنية لفترات مؤقتة، وإقامة عدة مخيمات (تجمع كرفانات) بخدمات أفضل مما هو متاح - الآن - في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وذلك لحين بناء تجمعات وأبراج سكنية تحتضن الجميع.
ومع الجهود لإعادة ترتيب أوضاعنا الداخلية ووزراتنا من جديد، فإن هناك ضرورة للتركيز على ما يتم عرضهمن عطاءات يتقدم بها المجتمع الدوليلإعادة الإعمار، وتسهيل دخول كل الاحتياجات الأساسية لقطاع البناء والتعمير.. لا شك بأنحكومة التوافق برئاسة د. رامي الحمد الله يمكنها أن تحقق بعضاً مما نرجوه ونتطلع إليه، وتنال شرف الثقة بحمل أمانة المسئولية في هذا الوقت العصيب من حياة شعبنا، ولكن وحتى لا يقال بأن هناك حكومة ظل في قطاع غزة، نناشد الأخ الرئيس أبو مازن بالعمل على توسعة الحكومة، واختيار المزيد من الوزراء من قطاع غزة، وذلك بهدف تحقيق التوازن واستيفاء ضرورات ما استجد من أوضاع بعد العدوان الأخير على القطاع، وأهمية وجود ثقل وزاري وازن في غزة، لقطع الطريق أمام إيحاءات بأن هناك حكومة ظل تديرها حركة حماس من خلف الكواليس الرسمية، أي أن قطاع غزة ما يزال رهينة بيد حركة حماس، كما يحاول البعض الترويج لذلك.
ياسيادة الرئيس.. تفضلوا تعالوا بكل ثقلكم إلى غزة واختبروا مصداقيتنا، فنحن كشعب وتنظيمات أهل هذا الوطن، ونحن أيضاً شركاء السياسةوالمقاومة فيه؛ ونحن بجاهزية أخلاقية عالية ومستعدون لأن نكون طرفاًفي المغنم والمغرم، ولذا اسمحوا لنا – يا سيادة الرئيس - أن نتبادل الرأي والمشورة في كل ما يعزز وحدتنا الوطنية، وفي كل ما يزيد من تعميق وتوطيد منسوب الثقة بيننا، وذلك لكي نحافظ على ما حققناه بدماء أطفالنا ونسائنا وأبطالنا الأشاوس، وبصمود أهلنا جميعاً من كسب سياسي وإنجاز وطني في معركتنا الأخيرة مع الاحتلال.
ثانياً) وحدة فصائل المقاومة؛ إن البلاء الحسن والأداء البطولي الذي قدمته الكتائب والسرايا والألوية العسكرية من مختلف الفصائل الوطنية والإسلامية في معركة العصف المأكول يفرض على الجميع العمل بروح الفريق الواحد، وأن يكونوا يداً واحدة على من عادانا، وهذا يستدعي أن تكون هنا وحدة رأي وموقف في الميدان، وأن يكون هناك تعاون وتنسيق استراتيجي في ساحات الوغى، والعمل على تطوير مشترك لمختلف القدرات العسكرية والإمكانيات القتالية، والتوافق على مركز قيادي مشترك للعمليات وإدارة المواجهات مع الاحتلال،وذلك في سياق ترتيبات متفق عليها مع المستويات السياسية والحركية لكل فصائل العمل الوطني والإسلامي، حتى لا يتفرد أحدٌ باتخاذ قرارات مصيرية قد تأخذنا جميعاً إلى أقدار ومصائر لم تكن في وارد الرؤية الاستراتيجيةلمشروعنا الوطني وتطلعات شعبنا لمعركة التحرير والعودة .
ثالثاً) طبيعة العلاقة مع المقاومة؛ يتوجب النظر إلى هذه التشكيلات المسلحة باعتبارها تمثل الدرع الحصين لحماية الوطن، ويمكن تنسيق العمل معها من خلال وزارة الداخلية، بحيث يتكامل العطاء والعمل، وتتضافر الجهود وتتناغم بكل ما يحقق الأمن والاستقرار للجميع.
فالمقاومة اليوم هي جيشنا الوطني، وهي الساهر - بإخلاص وتفاني - على حدود الوطن وثغور كرامتنا الوطنية، وهذا يوجب علينا جميعاً كحكومة وحركات إيجاد آليات لكيفية التواصل معها، وذلك بالشكل الذي لا يُعرِّض مواقف القيادة السياسية وتحركاتها في المحافل الدولية للانتقاد والحرج، والإساءةلحالتنا الفلسطينية وإظهارنا في المشهد الوطني وكأننا "شركاء متشاكسون".!!
رابعاً) الموقف من التنسيق الأمني؛ حيث المطلوب رؤية مغايرة لما هو قائم من أشكال التواصل الأمني مع الاحتلال، وهذا مطلب لا تختلف عليه كل فصائل العمل الوطني والإسلامي، فوقف التنسيق الأمني يحتاج إلى موقف شجاع يليق بما تم إنجازه على أرض المعركة، بحيث لا نوفر - طائعين - لهذا العدو المعلومات التي تمس أمننا القومي، وتضعف من تماسك بنياننا الداخلي., وهذه مسألة وعد الرئيس أبو مازن على مراجعتها إذا ما استمر التعنت الإسرائيلي برفض التوصل لتسوية سياسية.
خامساً) إصلاح العلاقة مع مصر؛ ليس هناك أحد داخل ساحتنا الفلسطينية يرغب أن يسود التوتر ويتسع الخلاف في علاقاتنا مع الشقيقة مصر، ولذلك لا بد من بذل الجهود لإصلاح "ذات البين" بيننا وبينهم، فهم عنوان كبرياء الأمة وعمودها الفقري، والكل فينا بحاجة للآخر، ومصر الآن هي الضامن لما بيننا وبين إسرائيل من اتفاقات.. وإذا ما استقرت أوضاعها السياسية والأمنية، فهي مؤهلة أكثر من غيرها لحشد الجهد العربي وتعبئة الأمة للعمل من أجل فلسطين وقضية شعبها.
وعلى نفس الوتيرة والسياق، يتوجب أيضاً تعزيز العلاقات بقوة مع إيران ودول الخليج، وخاصة مع الإمارات والسعودية.
سادساً) وطن عنوانه الكرامة والتوافق، المطلوب منا جميعاً التعامل معشعبنا العظيم بما يعزز من هيبته وكرامته، ضمن سياسات وضوابط لا تمنح يداً طليقة لأي جهاز أمني أن يتصرف وكأنه الوصي وحده على الوطن والمواطن، فهو الذي يُحيي ويميت؛ يرفع أقواماً ويضع آخرين.!!
سابعاً)الاستعانة بالكل الوطني والإسلامي، وتوخي الابتعاد عن سياسة حمل السلم بالعرض، فالأعباء أكبر من طاقة أي فصيل، والعودة للمؤسسة الرسمية أحمد، لأن معناها القضاء نهائياً على محاولات إسرائيل تأبيد الانقسام، والاستفراد بالضفة الغربية والعمل على ابتلاعها التدريجي بالتهويد والاستيطان، وترك قطاع غزة يئن من جراحاته وأزماته بلا رحمة أو شفقة من أحد.
ثامناً) فتح وحماس والعلاقة بنفسية اجتماعية ووطنية تعكس روح "هذا أخي"، وليس بسلوك الإخوة الأعداء، وهذا يتطلب توطين الذهنية لدى الطرفين بأننا سنعمل معاً من أجل تعزيز قدرات مشروعنا الوطني، والعمل بأجندة وطنية واحدة، لا تسمح للمناكفات السياسية أن تأخذ طريقها إلى الواجهات الإعلامية ومجالس الدواوين لتمزيق نسيجنا الوطني من جديد.
تاسعاً) المشروعات الوطنية الكبرى، وأموال إعادة الإعمار، التي ستقدمها الدول الغربية ليس هناك من سبيل لتنفيذها إلا من خلال حكومة التوافق، وبالتنسيق المباشر مع الرئيس أبو مازن.. هذا واقع يجب التسليم به وتوطين القناعة بتفاصيله، حيث إن المجتمع الدولي وإسرائيل ستضع مراقبة لكل شاردة وواردة من هذه الأموال، وذلك لضمان عدم وصول أي شيء منها لأيدي القوى الإسلامية.
عاشراً)الشراكة السياسية: طريق الوفاق والاتفاق؛بالرغم أننا في حربنا الأخيرة مع الاحتلال قد حققنا إنجازاً كبيراً، كان بنبرة الشارع الفلسطيني هو صمود عظيم بنكهة الانتصار، إلا أن الحالة المأساوية التي تمر بأهلنا بسبب الدمار الهائل الذي خلفته جرائم الحرب، التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد البشر والشجر والحجر خلال عدوانه الهمجي على قطاع غزة، تضعنا جميعاًفي فصائل العمل الفلسطيني؛ الوطنية والإسلامية، أمام مسئولية كبيرة لا يمكن أن يتحملها أحد إلا في ظل أجواء من الاتفاق والتفاهمبإطار من الشراكة السياسية التي تحفظ جميع مكونات الكل الوطني، وتمنحه مساحة للتحرك في الحشد والتعبئة والفعل المقاوم.

إن وجود شعب مقاوم تحت الاحتلال يستلزم تأكيد شراكة الجميع في وضع الرؤية الاستراتيجية للوطن.. إن كل ما حولنا يشي بحاجتنا إلى تفكيك كل بؤر التوتر ومضخات التصعيد الحزبي، والسماح بانسياب الجهد الوطني والإسلامي في عملية تكاملية، تعاظم من إمكانيات صمودنا في وجه مخططات الأعداء الذين يمكرون بنا الليل والنهار.
ختاماً؛ إن الشراكة السياسية كمصطلح للتعايش وحل النزاعات الداخلية، هو آلية سبق وأن تعاطت معها الكثير من شعوب العالم، وخاصة تلك التي مزقتها الحروب الطائفية والأثنية والدينية، حيث وجدت في الشراكة السياسية طوق النجاة الذي يحمي من الغرق ويوفر الأمن والأمان للجميع.. ونحن وإن كنّا في مجتمعنا الفلسطيني أكثر انسجاماً وتجانساً في تركيبتنا الاجتماعية، إلا أن النبرة الحزبية والفصائلية قد نخرت في عظام شعبنا، واستوطنت نخاعنا الشوكي بشكل بات يهدد أساسات مشروعنا الوطني، ومستقبليات نسيجنا الاجتماعي وفعلنا المقاوم.
لذلك، ونحن - اليوم - نتحرك باتجاه تحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء حالة الانقسام السياسي، واستعادة وحدة نسيجنا السياسي، علينا أن نؤسس لمرتكزات استمرار الوفاق والاتفاق والوحدة فيما بيننا، وعلى أصحاب الحناجر ومنتحلي صفة الصقور أن يكفوا ألسنتهم عن لغة الاتهام والتجريح، والذي سبق لشعبنا تجرع غثائياتها على الفضائيات صبح مساء.
إن على الجميع أن يفهم بأننا شعب يحتاج إلى من يمدَّ لنا يد العون الإنساني والسياسي والمعنوي، وهذا يستدعي أن نكون صفاً واحداً، يخاطبنا الأخرون بالقول: "إنك شعب جئت على قدر"، فينتصر لمظلوميتنا كل حرٍّ في هذا العالم. وعلينا أن نتذكر جميعاً أنه لا يمكن بناء وطن على قاعدة من الخلاف والتحريض والخصومة، حيث إن البيت المنقسم على نفسه لا يمكنه الصمود.
إن الطريق للتعايش والحفاظ على مقدرات شعبنا وقوى الفعل المقاوم فيه، والذي شرّفنا جميعاً بما قدمته من بطولات وتضحيات في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، تتطلب منا أن نبني نظاماً سياسياً قائماً على مفهوم الشراكة، حيث يتمثل فيه الجميع بحسب حجمه وقاعدته الشعبية العامة، ولا يتفرد فيه طرف دون الآخر، وأن تؤخذ فيه أمهات المسائل بالإجماع، وينطبق على حالة التعامل فيه مقولة أبي بكر (رضي الله عنه) للأنصار في اجتماع السقيفة: "لا تفتاتون بمشورة ولا تُقضى دونكم الأمور"؛ أي أنكم معنا على الحلوة والمرة، شركاءٌ في الدم، شركاء في القرار، وهذا الوطن نحرره معاً ونبنيه معاً.
إن الشراكة السياسية تعني إشراك جميع مكونات الشعب الحزبية والفصائلية في صنع القرار وآلية اتخاذه، بنية الوصول إلى تحقيق المصلحة العامة والهدف المشترك، دون استئثار أي طرف من الأطراف بغرض الهيمنة أو استخدام حق الفيتو، الذي من شأنه أن يُخرج الشراكة من مفهومها الحقيقي إلى مفهوم المحاصصة، مع مراعاة أن تأخذ الأغلبية وجهة نظر الأقلية (الحزبية) بعين الاعتبار، كي لا يصل الأمر إلى الاستبداد والتغول من قبل الأكثرية أو حملة البندقية.
أتمنى بعد تجربتنا الدامية، وهوان دموعنا وصراخات الاستغاثة من حرائرنا على الناس من شعوب أمتنا، أن نتكيف جميعاً على قبول بعضنا البعض، وأن نعمل بروح أن الوطن هو ساحة التدافع وبذل الجهد، وهو سقف الجميع وملاذهم الآمن.
إن سرعة التعامل مع تداعيات ما بعد الحرب، وتحديات جبر الخواطر المكسورة، والبيوت المكلومة، هي محطة الاختبار الحقيقية لمصداقيتنا جميعاً كفصائل وقوى وطنية وإسلامية.. لا شك أننا اليوم نفرح بما أنجزناه في ساحة المواجهة مع جيش الاحتلال وتم النظر إليه كانتصار للمقاومة، ولكن علينا أن نعي أن الانتصارات تنحني هاماتها للشهداء.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف