الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الصوت في القصة بقلم : سعاد الورفلي

تاريخ النشر : 2014-08-31
الصوت في القصة دراسة نقدية أدبية تحليلية بقلم : سعاد الورفلي


الصوت في القصة

" ذات مساء رائع كان إيفان ديمتريفيتش تشرفياكوف ، الموظف الذي لايقل روعة جالسا في الصف الثاني من مقاعد الصالة يتطلع في المنظار إلى أجراس كورنيفيل ........وفجاة تقلص وجهه وزاغ بصره ، واحتبست أنفاسه ، وحول عينيه عن المنظار وانحنى .......و...إتش ..!! عطس"
من قصة " وفاة موظف" أنطون تشيخوف

الصوت في القصة موضوع يقْصر المقام في شرحه وتفسيره والتعرض له.
فهو موضوع مهم له من الدلالات الرمزية العميقة ماله ..
ونحن إذ نقرأ ونطالع الكثير من القصص ، سنقف عند مجموعة تشدنا إليها تلك المجموعة التي تستعمل الصوت في سطورها القصصية .
أما عن النص الذي بدأنا به مقالتنا، فقد تعرضنا لمقطوعة من قصة " وفاة موظف " وهي من مجموعة قصصية لأنطون تشيخوف بعنوان : السيدة صاحبة الكلب . سنجد لمغزى الصوت ملامح كثيرة في قصص أنطون ، فالسطر الأخير الذي يتحدث فيه الكاتب عن الرجل الذي يمسك المنظار ، ويصفه عندما تقلص وجهه وزاغ بصره وانحبس نفسه وفي لحظة إبعاد المنظار عن عينيه انطلق العطاس فجأة " أتشي " هذا هو الصوت في القصة ..فالصوت إيقاعه أكبر من سرد القصة ذاتها ، وكثير من القصاص يقللون من أهميته ؛ ونادرا ما يوظفونه بين سردياتهم القصصية .
عادة ونحن أطفال حينما نتجمع حول شاشة التلفاز نترقب " الرسوم الكرتونية " تلك التي تحكي قصصا عالمية ، فكان المميز في تلك القصص (صوت حوافر الخيول ، وصرير عرباتها ...صوت الديكة صباحا ، صوت طنين النحلة ...زقزقة الطيور ..حفيف الأشجار ...خرير المياه ...ثغاء الشياه ....أصوات بعض الطيور(غاق غاق ) صوت الحمام (هوهو..هوهو) صوت الضفدع (نق نق نق) خرير الماء (تك تك) الريح زوووووووو...
الصوت هو المحرك للقصة ...فالراوي لاننتبه إليه كثيرا حينما يسرد قصة " سندباد ..أو الأميرة ..أو المشاغبين " بيد أننا نركز بعمق على الأصوات منتظرين انتهائه من روايته كي نسمع الأصوات ؛ فهي التي تؤثر أكثر في وجداننا وتشدنا لما بعد الحركة الصوتية .
في قصة الحرباء لتشيخوف "وفجأة يسمع أتشوميلوف صوتا يقول : آه إذن فأنت تعض أيها الملعون ..أمسكوه يا أولاد ..العض الآن ممنوع ..أمسك ..آه ويتردد عويل الكلب ..ويشرع خريوكين في الكلام وهو يتنحنح فيقول أتشوميلوف بصرامة وهو يسعل ويحرك شاربيه : هَم ..حسنا حسنا ويقول شخص من الجمع : يبدو أنه كلب الجنرال جيجالوف !
الجنرال جيجالوف ؟ هَم .. انزع عني المعطف يا يلديرين ...أف ..ياللحر !"
فما يلوح في المجموعة القصصية لتشيخوف ، تردد الصوت في أرجاء قصصه ....أمر مستحب له وقعه الدرامي الفني ، إصدار النحنحة كقوله مثلا : هَم ْ هَم ْ ...إشارة للفهم أو التعجب ..أهــ ...هم ..أوف ...
كل هذه الكلمات مدلولات صوتية ، حينما لا نستحضرها في الكتابة القصصية ؛ فإن أغلب القصص ستصبح مملة ومبتورة من أشياء كثيرة تلزمها ... فالصوت صار لازما من لوازم القصة الفنية ، كما للوصف مكانة مهمة لايقل الصوتُ عنها أهمية .

وإذا عدنا إلى قصص الأطفال تلك التي تتحدث عن المغامرات والفضاء والكواكب ؛ سنجد النبرة الصوتية مرتفعة بل عالية جدا ..وتتمثل هذه القصص في لون يسمونه ( الكومكس)ألوان ...وأصوات ..وحركات
قرأت في إحدى القصص التي تحكي حرب النجوم مرادفات صوتية ، بل بوسعي أن أقول : سمعتُ أصواتا منذ طفولتي ومازالت راسخة في ذاكرتي حتى اللحظة ..ففي القصص الكونية يسمعون أصواتا أكثر من الحروف السردية مثل" انطلقت المركبة بقوة زووووووووم .....صوتٌ قوي هز أركان المكان باف باف بم بم ..شعرت ُ أن أجنحة النوافذ تتداخل زْززززْ ازززززز ...كانت السيارة منطلقة كصاروخ فوغ فوووووووغ
صرخت الفتاة ...آآآآخ آآآخ ..شعر الشرير المراوغ بالمرارة : أعععع أع"
فهذه الإشارات تحكي حالات وهيآت مهمة في بناء القصة ، مهمة لشد الانتباه ومهمة في التأثير الوجداني ....
لماذا أتذكر قصة كرتونية تتحدث عن حرب النجوم بأصواتها وأصوات المحركات ..منذ عشر سنوات أوأكثر مضت ..ولاأتذكر قصة إنشائية جميلة تُسرد سردا طويلا متشابكا ، أستمتع بها في وقتها وأنساها مع مرور الزمن . ؟
للصوت دلالة قوية عميقة في بناء القصة دراميا وتخييليا ، ويتأكد هذا أكثر في قصص الأطفال المصورة و الملونة(الكومكس ) لنقرأ معا جملا مقتطعة من مجلة ماجد : هل ستنام بدون طعام ؟
بخ نم وأنت صامت !
خزانة ملابسكما ضيقة أووف
وفي صباح اليوم التالي : ها بماذا تشعر يا بني . ؟
كفى ..صوت الشخير مزعج خ خ خ خ "
ربما يقول قائل ٌ : إن لزوم قصص الأطفال يختلف بنائيا عن القصص التي تلتزم شروطا معينة لبنائها فنيا ..إلا أن الأمر غير ذلك ، فالتجديدالنوعي في قلب القصة له ماله من جوانب تشد القارئ ، تخرجه من قالب الكلاسيكية ، تشركه في المشاعر الصوتية ، تحدِّثه أنها تتنفس بنفسه وتحْدث صوتا كما يحْدثه في حالة غضبه ..سعاله ...نومه ...شخيره .. خطواته ...همهمة طعامه ..مضغه ....وحتى ارتشافه للماء واندلاقه في معدته وقت العطش الشديد ..إعجابه ....كلها إيماءات صوتية ..تثير نوافذ خلفية في مخيلة القارئ ، فبتلك الإثارة والنقلة يحدث الانفتاح ، وبذاك الانفتاح يحدث الإقبال ...وبالإقبال تعيش اللحظة ..تتذوقها ..تغمرك فتتوغل فيها ...تشعر أنك أنت ...
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف