الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المخاض بقلم: السيد الهبيان

تاريخ النشر : 2014-08-31
المخاض
قصة السيد الهبيان
أنتظر السقوط الأخير..وأترك الثوانى تتقاطر من عمرى ..مثل قطرات الماء التى تتقاطر أمامى من إناء مثقوب ولا أفكر فى إصلاحه.. جاعلا من حياتى معبرا ينقذنى من العدم بعد أن بدت لى بلا معنى .. دونما اهتمام بلحن الموت الذى يسرى فى جسدى.. وأتركه يمضى فى شرايينى بلا ارتجافة خوف ترعشنى.. أو أترقب ما سيتمخض عنه المستقبل المجهول ..فما الفائدة أن أمارس لعبة انتظار الآتى الذى لا يأتى ..
فى العادة يكون انتظار الآتى مشدودا بأمل نتوقع أن تحين لحظته فى وقت مجهول المجىْ..
لكن بدا لى أننى أنتظر المستحيل بعد أن تراءت لى الشجرة العجوز التى تحمل أحلامى تتكسر أغصانها الواحد تلو الآخر.. ثم هوت أمامى جثة هامدة ضاعت منها الحياة..بينما المستقبل المجهول دائما يبدو مطموس المعالم.. لذلك إذا ماترقبته أشعر بخشية تزيد من قلقى ورهبتى..خوفا من أن يأتى عكس ما أريد.
تمضى الثوانى والدقائق والساعات .. وتمر الأيام.. وتتابع الشهور .. وتتالى السنوات بفصولها التى تتكرر بترتيب لايتغير .. ويستمر الزمن مثل قطار سريع بلا محطات توقف..يطوى بين النسيان مايريد ..ويترك بصمات التذكر على أشياء تولد محفورة فى الذهن.. ويوحى أحيانا بأن الآتى سيكون مثل باقة زهور جميلة.. أو يرسمه بخطوط ملتوية مجهولة المعالم.. وقد تنتهى إلى اليأس.
ــ هذه هى الحياة..
ــ لافرح يدوم ؟ا,,
ــ هذه هى الحياة ..
ــ لاحزن يدوم ؟ا..
ــ هذه هى الحياة ..
ــ لا لقاء يدوم..
ــ هذه هى الحياة ..
ــ لافراق يدوم ..
ــ هذه هى الحياة ..
إجابة واحدة لاتختلف رغم تعدد المعانى والأشياء.. ورغم اختلاف من يجيبوا بها.. وكأنها اصطلاح تعارف عليه الجميع ليتردد دونما تغيير.
********
شوارع المدينة مليئة بنظرات الخوف..أراه مزروعا فى أحداق العابرين الذين يعيشون وسط غابات قلق كثيفة .. لايبدو لهم مخرجا منها.. وعبر عتمة الليل أسمع الصدى الطالع من رحــم الذكريات .. يتردد فى ذهنى مثل نداء مخنوق.
ــ لننس كل شىء..
ــ كيف ؟ا..
ــ ..........
ــ كيف ؟..
ــ لا أدرى .
ثم زفرت من صدرها تنهيدة قبل أن تدارى عجزها بالصمت ..
لم أثقل عليها بإلحاحى لتشرح لى كيف ننسى لأوافقها على اقتراحها..ومضيت أحدق فى وجهها.. واجهتنى..تلاقت نظراتنا للحظات.. تراءت لنا خلالها صور المشوهين والعجـــزة ..وخلفها شواهد قبور الموتى ..بدت لى ــ الشواهد ــ فى عينيها مزروعة فى خطوط منتظمة.. استحالت فى عينى إلى غيم حزن.. تجاوزته باللجوء إلى الصمت ..كما تفعل هى عندما تتعثر الكلمات على شفتيها..ولا تستطيع أن تخرجها..
حين كنا صغيرين ..كانت الحياة بالنسبة لنا جزرا من الأحلام الوردية.. نروى أشجارها من نهر الفرح الذى كان يغمرنا.. وكنا نرى العالم من خلال صور شاعرية مفرحة.. تتراءى لنا فى نظراتنا الملهوفة إليها.. وكانت الضحكات إذا ماتوقفت على شفاهنا ظلت الابتسامة مكانها دون أن تخبو.. ببساطة كنا كأنا لم نخلق إلا للسعادة.. ولحياة الجميلة فى عالم بديع.. مستقبله مضــىء ..وخال من الأوجاع والمرارة.. ومن الحقد والضغينة .. لكننا عندما كبرنا كبرت معنا الهموم ..وأخذت أحلامنا تهرب منا الواحد تلو الآخر.. إلى أن هربت كلها ولم يبقى لنا إلا الحقائق المرة..
" ــ قولى أى شىء..
ــ ليس الأمر بهذه البساطة..
ــ إذن كيف فكرت أن ننسى ؟ا..
ــ مجرد خاطر خطر لى ..
ــ من يخطر له شىء عليه أن يفكر كيف سيكون..
ــ ظننت أن المحاولة تكفى ..
ــ إذن فأنت تريد أن نحاول ؟..
ــ إذا استطعنا ..
ــ من المستحيل أن ننسى حقائق مؤكدة تبدو أمام أعيننا ..
ــ لن نخسر شيئا إذا ماحاولنا ..
ــ لا أريد أن أخدع نفسى وأتجاهل الواقع الذى نعيشه .."
ساعات مرت فى زمن لحظات وهى تواجهنى بنظرات تأمل بدت فى عينيها.. أخذت أحـدق فى وجهها.. ثم أمعنت النظر فى عينيها ..رأيت مسافات تتمدد بطول الزمن .. وشوارع قديمة ضاعت معالمها ..فلم أستطع التعرف عليها.. لكننى مضيت أمشى تحت مصابيح مطلية باللون الأزرق.. عجز الضوء القاتم عن تبدبد عتمة الليل أمام عينى.. وجدت نظراتى مقيدة مكانها ..تصدها نظراتها التى كانت تتأمل بها لوحة الماساة المرسومة على جبهتى.. وبدت كأنها تبحث عن خطوطها ..بحثت عن الأمانى والأحلام التى استرسلت فيها معى من قبل.. لكنها اكتشفت أننا كنا نبنى قصورا على شرفات الغيوم التائهة..كرهت اللحظة التى نعيشها .. وتمنيت أن تتلاشى من الوجود..لكنها ظلت ماضية بلا توقف..عجزت عن الاستمرار فى مواجهتها..فنكست
رأسى .
مدت يدها إلى أسفل ذقنى ورفعت وجهى لأواجهها.. توقعت أن تحدثنى.. لكنها ظلت تواجهنى فى صمت.. شعرت به كسوط تلهب به وجهى.. بدوت فى استسلامى لها مثل طفل صغير يتلقى عقابه عن خطأ وقع فيه.. ولم ينته العقاب ــ بالنسبة لى ــإلا عندما حولت وجهى عنها,, وأدرت ظهرى لها .
********
ضوء المصابيح يبدو خافتا .. لكنى أحاول من خلاله أن أحدد مكان خطواتى.. وبالرغم من ذلك أتعثر وأتعرض للسقوط .
بين سطور الصحف كنت أقرأ كثيرا عن مشاريع الكهرباء وتقويتها.. الآن أجد مكانها آخر الاختراعات التى توصلت إليها عقول اللصوص.. وأحدث الأساليب التى ابتكرتها زوجة أب فى تعذيب أولاد زوجها من امرأة تزوجها قبلها.. أقرأ أيضا ماتم فى قضايا الاختلاسات إذا لم أجد الجديد منها.. والمشاهد الأخيرة فى قصص خيانات الزوجات والأزواج.. والتى يتكرر حدوثها فى بيت واحد .. يجمع بين الزوج والزوجة فى صدفة نادرة الحدوث .. تجمع بينهما على فراش دعارة .. وتضع كل منهما فى موقف الجانى والمجنى عليه..أما الصدق المغلف فأجده فى صفحة الوفيات.
********
بنفس الخطوات الغريبة أمشى بين الناس.. أكتشف أننى أحظى من البعض باهتمام عابر.. أشعر بالغرابة التى تتبدد على رابطة الحزن التى تجمع بيننا. . يتراءى لى أننى أمشى فى اتجاه حياة أخرى.. أحاول أن أحدد معالمها فى ذهنى.. أجدها بلا رسم ولا لون محدد.. للحظة أتذكر طوابير الجنازات التى تتكرر بترتيب لا يتغير.. الجسد الذى فارقته الحياة داخل النعش المحمول على الأكتاف.. وخلفه موكب المشيعين الحزين.. فى مقدمته الرجال المهرولين خلف النعش ..ووراءهم النساء المتشحات بالسواد .. وما أن يوارى الجثمان داخل قبر ليختفى فيه بعد رحلة قطعها فى الحياة.. يعود الجميع فى ممارسة مراسيم العزاء.
********
أعود لأنتبه إلى العالم حولى.. أشعر بالضياع فيه أكثر.. علمتنى الأيام وتعلمت منها أن أكون أو لا أكون.. وهذا يعنى أننى أقف فى مواجهة الحقيقة دائما ولا أفكر فى الهروب منها.. لذلك فقد تعودت احتمال الآلام والأوجاع مهما تكاثرت .. ولا أشكو أو أتذمر من ثقلها الذى يرهقنى ويجعلنى أنوء من حملها.. لكن ضياعى الذى يبدو كأنه دائم الاستمرار .. يجعلنى أشعر بأننى أنزلق إلى هاوية لا قرار لها.. أحاول التوقف عن السقوط فيها .. وأتسلق بنظراتى قمة بداية جديدة .. أحاول أن أقف عليها وأتخيل ماسيكون وراء الليل القاتم.
من بعيد يبدو لى شعاع ضوء يتسع شيئا فشيئا وهو يمتص عتمة الليل.. يخفف من جحافل الظلام.. عبر الطريق أرى الغموض وضوحا..وأحلامى تبدأ فى التحقيق الواحد تلو الآخـــــــر..تتراءى لى شموع السنوات الآتية وهى تضىء..وتخترق كثافة الظلام..
ألمح على شفتيها ابتسامة أمل .. اضمها إلى أحضانى فى اشتياق .. دوائر الزمن المقبض تتلاشى وتغيب معها أوقاتنا العصيبة.. وأعيش معها لحظات خالية من الحزن.. نأمل أن تكون بعيدة عن أقبية الخوف.. ونعبر أرصفة الغربة المزروعة فى طريقنا بخطوات غير مهزوزة.. أصطدم بجسد إنسان لم أنتبه إليه.. أتواجه مع وجه امرأة عجوز طال بها العمر.. أعتذر لها وأمضى بخطوات ثقيلة.. يتراءى لى ماكنت أفكر فيه كجنين داخل بطن امرأة حبلى ..تتماثل لى وهى تترقب لحظة النخاض .


&&&&&&&
السيد الهبيان
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف