الأخبار
17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

يوم في حياة معلمة بقلم : سعاد الورفلي

تاريخ النشر : 2014-08-31
من مجموع مقالات سلسلة تربوية
بقلم : سعاد الورفلي

الأطفال من حولي كباقة أزهار ملونة بألوان الطبيعة الخلابة.
كل ما في حياتي مجموعة كراسات وخطوط تلاميذ ؛ تصغر أصابعُهم كثيرا عن قلم طويل يمتشق بينها ..
أحببتهم حتى كأني أمهم وهم أولادي الذين عشتُ من أجلهم طوال حياتي ..تلك اللحظة غيرت كثيرا في مجرى حياتي ؛ أتذكر يومها أن السحب غطت وجه السماء والـأمطار تتساقط...ونصف من في المدرسة قد تغيب عن حصصه ..
أما أنا لم أستطع لحظة أن أغيب عن أطفالي الذين أشعر بهم كل لحظة كقطعة مني . تدثرت بمعطف فرو أنيق ..وسحبتُ حقيبتي ،وبيدي الأخرى كيسا ملئت كراسات وضِعت عليها طوابع من رسوم تشكيلية شتى ..
دخلتُ الفصل ...ياإلهي !...كم كان الفصل باردا ..وتلاميذي تصطكّ أسنانهم الصغيرة ببعضها ..التفتُّ نحو السبورة لأكتب عنوان الدرس بخط عريض ،وما إن هممتُ بالكتابة حتى سمعت صوتا ضعيفا رقيقا ؛جعل الدموع تنساب مني ولم أتمالك نفسي إلا ونور بحضني ...لقد نطقت كلمة أشعرتني أنني الأم التي تدثر كل هؤلاء بحنانها ولطفها وعطفها ..
أتدرون ماذا قالت نور؟ قالت ..ماما ماما أنا بردانة ..
رأيتها تقترب مني وحذاءُها الصغير يكاد ينسلخ من قدمها ..ظهرت ساقاها نحيفتين تماما؛ وهي ترتجف ..ضممتها نحوي وأنا أخفف من وطأة البرد القاتم على ضلوعها الصغيرة وأسنانها المرتعشة ،وضعتُ يدي على جبينها ؛ فوجدتها تلتهب ..آه لقد ارتفعت حرارتها ..نور مريضة ..حملتها وظللتُ أجري بين ممرات المدرسة طالبة الإسعافات الأولية بالمدرسة ..لكن- للأسف - لاوجود للاحتياطات الأساسية ، فماكان مني إلا أن توجهتُ بنور إلى حجرة المدرسات حيث كان دافئة ومرتبة مددتها على سرير جانبي ..وأخرجتُ مناديل من حقيبتي ،بللتها ووضعتها على جبينها حتى تخف حرارتها ...ذلك اليوم لم تتوقف الأمطار ..ولم أعطِ دروسا لتلاميذي ..بل جمعتهم كلهم بحجرة المعلمات ورأيت وجوه بعضهن تستنكر فعلي ..فعدد التلاميذ كثير والحجرة تضيق بالجميع ..لكنني قلت لهن : هؤلاء التلاميذ يشعرون بالبرد وفصلهم بارد جدا ...
انتظرتُ نهاية الدوام حتى نخبر أهل نور أن ابنتهم مريضة .. مر الوقت وعاد كل التلاميذ لبيوتهم يحملون حقائبهم ويتقافزون كالطيور عبر كل حفر المياه المملوءة بمياه المطر.
لكن نور ..لم يأتِ أحدٌ للعودة بها ...وهي مازالت ترتجف ووجنتاها محمرتان من أثر الحرارة ..
قلت في نفسي ما العمل ؟؟؟نور لاتستطيع الوقوف ..وفي نفس الوقت لم يسأل أحد عنها ...
المعلمات هممن بالعودة لبيوتهن سأبقى لوحدي مع نور والجو بدأ يبرد أكثر والسحب تكاثفت أكثر ..ما العمل ياربي .؟
وردت ببالي فكرة ..حملت نور ..وأخبرتها أنني سأعود بها للبيت ..تمسكت بكلتا يديها وقالت لي : ماما هل ستنقليني لبيتك.؟
ابتسمت والخوف يشملني والأمومة تقتحمني ...إلا أنني استفسرتُ جيدا عن عنوان بيتها من الإدارة ..وتوجهتُ إلى بيتها ..كان بيتا صغيرا يأتي في أقصى أطراف حي شعبي قديم طرقت الباب ..فخرجت امرأة شابة استغربتني ثم سألتني ماذا حدث ؟
فأخبرتها القصة ..تلك المرأة هي أم نور ...وزوجها قد اختفى منذ سنين ولاتدري عنه أي شيء ..تذكرت قولها : أنها أم لثلاثة أولاد من بينهم نور ..يكابدون في هذه الحياة ولايستطيعون العيش بمفردهم فهي بين الحين والآخر تذهب لتمكث مع أهلها فترة وعندما تتضايق أو تحدث مشكلة تعود لمنزلها الشعبي القديم الذي تركه لها زوجها واختفى .
عدت ونور تملؤني بابتسامتها وصوتها يلاحقني في كل الاتجاهات: ماما
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف