الأخبار
بعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكريا بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيينمسؤولون أميركيون:إسرائيل لم تضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح..وحماس ستظلّ قوة بغزة بعد الحربنتنياهو: سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس خلال الأيام المقبلة
2024/4/23
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

كيف نحوّل إنجازات دحر العدوان على غزة إلى رافعة لنهوض وطني شامل بقلم: د. ممدوح العكر

تاريخ النشر : 2014-08-31
كيف نحوّل إنجازات دحر العدوان على غزة إلى رافعة لنهوض وطني شامل بقلم:
د. ممدوح العكر
ليس من شك ان روحا ً جديدة تدب الآن في مفاصل وشرايين، وربما في أعصاب الجسد الفلسطيني أيضاً . لَكَأنها عودة الروح لهذا الجسد الذي أرادوا له ان يتمزق ، أن يترهل ، أن يتيه ، وأن يغيب عن الوعي . تماماً كما كان حال عودة الروح لدى إنطلاقة المقاومة الفلسطينية عام 1965التي انطلق بها شعبنا الفلسطيني كطائر الفينيق من بين رماد نكبة 1948. و كعودة الروح أيضا ًعندما انطلق طائر الفينيق من جديد عام 1988 انتفاضةً حملت رداً شعبياً عبقرياً أعاد الإعتبار ل م. ت. ف. وللقضية الفلسطينية .

روح ٌ جديدة نراها تدب سعياً للتمرد على التمزق ، والترهل ، على التيه وفقدان البوصلة ، وقبل ذلك وبعده على محاولات " كي الوعي ". ولا يحتاج المرء كي يدرك كُنْه هذه الروح سوى ان يرصد سلوك المواطن الفلسطيني ، صغيره قبل كبيره ، تجاه مقاطعة كل ما هي سلعة إسرائيلية في أسواقنا ، وان يتابع مدى الإحساس بالعنفوان و بالكبرياء وبالإعتداد بكل ما له علاقة بالمقاومة. وأكاد أقول أنه حتى لغة القيادة الفلسطينية في رام الله نراها في الأيام الأخيرة قد اكتسبت نفسا ً أصلب ، وأضحت تتحدث بثقة وربما بجدية اكبر عن ضرورة تغيير المسار الذي تم سلوكه طوال اكثر من 20 عاما ً.

ليس لدي من شك أن الهدف الأهم ( وكثيراً ما عبر عنه قادة إسرائيليون بتعبير " كيّ الوعي " ) لمبالغة اسرائيل في سلوكها المتوحش رداً على أي فعلٍ فلسطيني مقاوم هو كسر الإرادة الفلسطينية في المقاومة ، ومحو فكرة و ثقافة المقاومة من قاموس ومن وعي الإنسان الفلسطيني . وقد تجلّت هذه السياسة الصهيونية بشكل خاص طوال الخمسين يوما من العدوان الأخير على غزة باستهداف المدنيين بشكلٍ لا سابق له ، وتدمير البيوت والأبراج السكنية ، والبنية التحتية بما في ذلك محطة الكهرباء وشبكات المياه والإتصالات ، والمدارس والجامعات والمستشفيات وسيارات وطواقم الإسعاف والمساجد والمعامل والمصانع والمزارع ...كل ذلك ليس فقط لضرب المقاومة والمقاومين بل وبشكل أساسي أيضاً لتلقين كل إنسان فلسطيني ، سواء في غزة أو في الضفة والقدس أو في أي مكان ، درساً بأنه سيدفع ثمناً فادحا ً يجعله يرفع إصبع سبابته على شفتيه علامة التوبة ، و يتردد الف مرة قبل التفكير ، مجرد التفكير ، في القيام بأي فعل مقاوم . هذا هو كي وعي الانسان الفلسطيني الذي سعوا ويسعون اليه بشكل ممنهج .

اعتقد ، بدون أية مبالغة ، أن أهم إنجاز تم بعد خمسين يوما من بسالة وصمود المقاومة والتفاف واحتضان الشعب الفلسطيني لها ، رغم فداحة التضحيات ، هو عودة الوعي هذه ، وعودة الروح للشعب الفلسطيني ، العودة الى بوصلة المقاومة ، أي شكلٍ من أشكال المقاومة ، وما أكثرها . كل أشكال المقاومة مهمة وفعالة شريطة ان نحسن استخدام الشكل المناسب في الوقت المناسب وفي المكان المناسب ، فبهكذا بوصلة وبهكذا رؤية يستطيع كل إنسان فلسطيني، أينما وجد ، ان ينخرط في شكلٍ او أخر من أشكال المقاومة . المهم ان نجعل الاحتلال مكلفاً ، المهم ان نجعل المحتل يدفع يومياً ثمن احتلاله. : ماديا ، واقتصاديا ً ، وسياسيا ، وقانونيا ً، ومعنويا ودوليا . انتهت أيام الجدب والخراب وفقدان البوصلة ، و التي لم يكن الاحتلال فيها مكلفا ً له وحسب ، بل أكثر من ذلك كان يكسب يومياً أرضاً ، واستيطاناً ، واقتصاداً وتعميقاً لاحتلاله و سيطرته وإذلاله الذي وصل الى حد أن فرض علينا التنسيق الأمني معه ، في مفارقة مهينة لم يسبق لها في تاريخ حركات التحرير والإستقلال مثيل .

وعودة الروح لإرادة وثقافة المقاومة صاحٓبٓها مباشرة ً إنجاز هام آخر وهو تصحيح معادلة العمل الوطني من منظور ان العمل السياسي ( بما في ذلك اي عملٍ تفاوضي ) يجب أن يكون مكملا ً للفعل المقاوم على الارض واستثماراً حقيقيا له ، وليس بديلا ً له ، ولا بمعزل عنه ، ولا بالتفاف عليه . كلاهما معا يشكلان وجهين لعملة واحدة متكاملة ولا انفصام بينهما . الفعل المقاوم على الأرض يزرع ، والعمل السياسي بكل أشكاله يحصد ثمراً حقيقياً وليس ثمرا ً خبيثا ً لا علاقة له ببذار الزرع كما حصل في أوسلو بعد الإنتفاضة الأولى .

لا شك ان هناك إنجازات أخرى يمكن ، بل ومن الضروري التقاطها وإبرازها . ولكنني أترك ذلك الآن حتى لا أُطيل . ذلك ان همي الأساسي من هذا المقال ان أتحدث عن ماذا بعد ، وماذا نحن فاعلون بهذه الإنجازات .

تقتضي الضرورة الملحّة والمسؤولية الوطنية أن نلتقط بسرعة ما أمامنا من فرصة كبيرة لاستثمار هذا المناخ الإيجابي لتحويل صمود المقاومة البطولي وإنجازاتها بعيدة المدى الى رافعة للنهوض الوطني على طريق تحقيق أهداف شعبنا في إنهاء الاحتلال وحق تقرير المصير مجسّدا ً بحق العودة وحق إقامة الدولة المستقلة ذات السيادة غير المنقوصة على كامل الأرض الفلسطينية التي احتلت عام 1967 . وفي هذا السياق اعتقد ان الضرورة القصوىً تقتضي ، في ما هو قادم من أيام ، ان نعطي الأولوية لما يلي :

- اولا ً : العمل فورا ً على تعزيز المصالحة وطي ّ صفحة الانقسام نهائيا ً من اجل الوصول الى وحدة وطنية حقيقية عبر شراكة جدية و حقيقية في كل ما يتعلق بالشأن العام والقضايا المصيرية ( بما في ذلك ما يتعلق بقرارات الحرب والسلم) ، وفق المهمات التي تم تحديدها في اتفاقات المصالحة .

والخطوة الأولى والمحكّ الحقيقي لجدية النوايا في هذا المجال تبدأ بتفعيل الإطار القيادي المؤقت ل م. ت. ف.( لتضم الى جانب القوى المنضوية في المنظمة كلا ً من حماس والجهاد وممثلي المجتمع المدني ، و مستقلين ، مع حضور واضح للمرأة والشباب في كل هذه هذه المكونات ) دون المزيد من التلكؤ والتردد . لن يغفر لنا التاريخ عن كل يوم نتأخر فيه عن المبادرة الى تفعيل هذا الإطار القيادي المؤقت ، خاصة بعد ان أنجزنا وفداً موحدا ً لمفاوضات القاهرة انعكاسا ً وانسجاما ً مع الوحدة الميدانية لفصائل المقاومة على الأرض . وليس من شك انه ما كان للمقاومة ان تنجز ما أنجزته وان تتمتع بحاضنتها الشعبية ، وما كان للوفد الموحد في القاهرة ان ينجز ما أنجزه لولا هذه الوحدة . وبالطبع فإن هذا الإطار القيادي المؤقت سيتولى الإشراف على ، ومتابعة المهمة الأولى والعاجلة لإيواء وإغاثة أهلنا في غزة وإعادة إعمارها. كما سيتولى وضع صيغ و خطوات إعادة بناء م. ت. ف. ، بما في ذلك توقيت وطبيعة أية إنتخابات قادمة . والى حين انتخاب مجلس وطني جديد ، يمكن لهذا الإطار المؤقت ان يدرس فكرة جديرة بالإهتمام وهي تشكيل " مجلس حكماء " كما فعلت عدة شعوب ودول في ظروف معينة و مراحل انتقالية من حياتها .

وتزداد الأهمية الملحّة لتفعيل هذا الإطار القيادي ، اليوم قبل الغد ، للحيلولة دون تدهور العلاقات ما بين السلطة وحماس بعد ان بدأت تظهر بوادر تنذر بذلك ، والتي من شأنها نسف كل ما تم من خطوات باتجاه المصالحة ، والعودة بنا الى كارثة الإنقسام . وهذا في حد ذاته كان احد الأهداف الإسرائيلية قبل ، وأثناء ، وبعد العدوان .

- ثانيا ً : وإذ ننهمك في ورشة وطنية في غزة ، نجنّد لها كل الطاقات والإمكانيات الذاتية والدولية ، من إجل إيواء من فقدوا مساكنهم ، وإغاثة المنكوبين ، وإعادة إعمار غزة علينا ان نكون في منتهى اليقظة والصرامة لمنع استيراد أو إستخدام أية مواد بناء إسرائيلية . ولا أحتاج للخوض في تفاصيل آليات ذلك والبدائل المتاحة .

- ثالثا ً : علينا المضي قُدُما ً ، وبدون المزيد من التأخير والتردد ، للتوقيع على ميثاق روما من أجل الإنضمام الى محكمة الجنايات الدولية . ومن غير المقبول إطلاقا ً مقايضة ذلك بأية وعود أو خطوات أمريكية أو دولية حول تحديد سقف زمني لإنهاء الإحتلال . كما أن من غير المقبول الإستجابة لأية ضغوط أو تهديدات لثنينا عن هذا التوجه . يجب ألا ندع اسرائيل تفلت من العقاب على كل ما ارتكبته من جرائم ضد شعبنا . يجب ملاحقة كل من ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من القادة الإسرائيليين السياسيين والعسكريين في محكمة الجنايات الدولية . ولا يجوز المساومة ، او التهاون ، أو ربط ، أو مقايضة هذا الملف بأي ملف آخر .

رابعا ً : تبني حملة و برنامج المقاطعة الشاملة لإسرائيل ، وسحب الإستثمارات منها وفرض العقوبات عليها ( برنامج ال BDS ) .

لا بد من الدعم والتبني الرسمي لهذا البرنامج بعد ان قطع شوطاً كبيرا ً وأخذت نتائجه توجع اسرائيل منذ تبني المجتمع المدني وحملة التضامن الدولية له . ومن المتوقع ان يكتسب زخما ً كبيرا إثر ما شهده العالم من المجازر التي قامت بها اسرائيل أثناء العدوان الأخير على غزة .

خامسا ً : المضي قدما ً وسريعا ً لفك الإرتباط باتفاقيات أوسلو والتزاماتها وخاصة المتعلقة بالتنسيق الأمني ، و لسحب مبدأ تبادل الأراضي من التداول . وقد يكون من الضروري أيضا ًفي هذا السياق سحب الرسالة المتبادلة ما بين الرئيس الراحل ياسر عرفات وإسحق رابين بتاريخ 9 أيلول 1993 والتي إضْطُرّ الرئيس الراحل الى إرسالها لرئيس الوزراء الإسرائيلي رابين عبر وزير الخارجية النرويجي هولست ، قبل اربعة ايام فقط من إحتفالية التوقيع على إعلان مبادئ اتفاق أوسلو يوم 13 أيلول 1993 في حديقة البيت الأبيض . وبدون تلك الرسالة ما كان رابين مستعدا ً للمضي قُدمُا ً في تلك الإحتفالية .

سادسا ً : اعتبار الرباعية الدولية وشروطها جزءا ً من الماضي . ولا دور لهذه الآلية الفاشلة في أي جهد سياسي مستقبلي.

ويجب ان نعتبر توني بلير شخصا ً غير مرغوب به في بلادنا ، فلا تطأ قدماه أرض فلسطين بعد الآن .

سابعا ً : لم يعد مقبولا ً أن نرضى بتاتا ً برعاية الولايات المتحدة لأي مسعى ً سياسي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي على طريق حل ٍ عادل ٍ للقضية الفلسطينية . ليس فقط بسبب تحيزها الكامل للمواقف الاسرائيلية طوال اكثر من 35 عاما ً مما سميت تضليلا ً بعملية السلام ، وعلى امتداد آخر ستة إدارات أمريكية متتالية ، كانت تلعب خلالها دور محامي الدفاع عن اسرائيل وحاميها القوي في وجه مجلس الأمن ، بل أيضا ً وبشكل خاص السلوك الأمريكي المساند للعدوان وإصرار البيت الأبيض صباح مساء ان اسرائيل ، في كل ما ارتكبته من عدوان انما كانت تمارس حقها في الدفاع عن النفس ! ولم يخجل رجل القانون أوباما من ذلك ، ولا من وصف أسْرِ المقاومة لجندي إسرائيلي معتد بأنه عمل «بربري وإرهابي» !
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف