الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

غــــــــــزَّة ... ومعالم الانتصار بقلم:م.بســـَّام المناصـــرة

تاريخ النشر : 2014-08-30
بسم الله الرحمن الرحيم
غــــــــــزَّة ... ومعالم الانتصار
بقلم/
م.بســـَّام المناصـــرة
كاتب وناشط شبابي

       واحد وخمسون يوماً لم تكن عابرةً في قاموس قطاع غزة الذي امتلأ بالمفردات المعبّأة بالحقّ والمعاني الزاخرة بالعزّة، تعرَّض فيها شعبنا لألوانٍ شتّى من الصراع، جمعت في طيّاتها مفارقات الأيام ومتاهات الحياة، جسّدتها حربٌ صهيونيّةٌ شرسةٌ -غير متكافئة- لم يشهد لها ثغرُ الأرض مثيلاً؛ فلم تذر أخضراً ولا يابساً إلا أتت عليه، كما لم تستثني محرَّماً أو تُبرز احتراماً لقيمٍ أو مبادئ دولية.
       ولعلّ ما يدور حالياً بعد إعلان وقف إطلاق النار بين الاحتلال الصهيوني الباغي والطرف الفلسطيني المتمثل في فصائل المقاومة وعلى رأسها حركة حماس في تهدئةٍ بوساطة مصرية وضمانات دولية هو التشكيك بجدوى الحرب ومدى اعتبار نتيجتها بالنصر لأيٍ من الطرفين، وعليه؛ أقول بكل ثقةٍ -رغم اختلال توازن القوّة العسكريّة بين الطرفين- إن غزة انتصرت على عدوّها بفضل الله، ولعلّ معالم هذا الانتصار تتمثل في محاور عدة، على النحو التالي:
أولاً: المحور الاستراتيجي:
      إن نتائج المعارك العسكرية لا تقاس بحجم الخسائر البشرية والمادية بقدر تحقيق الأهداف واستثمار المخرجات، وممّا لا شكّ فيه أن حكومة الاحتلال غامرت بهذه المعركة واضعةً -في بادئ الأمر- نصب أعينها هدف إضعاف حركة حماس وتدمير بنيتها التحتية ووقف إطلاق الصواريخ، فلم يتحقق هذا الهدف، فمنذ اليوم الأول والصواريخ منهمرة، وقد كانت الكلمة العليا لها بضرب حيفا وكل المدن المحتلة في اللحظات الأخيرة قبيل بدء سريان الاتفاق، وسرعان ما تغير الهدف -بعد التأكد من فشلهم في تحقيقه- إلى تدمير الأنفاق، وشنّت من أجله عمليةً بريةً محدودةً، ولم يتحقق الهدف ذاته -وفق اعترافات قادة الكيان- واستمرار عمليات المقاومة وتقاريرها الإعلامية المؤكدة لفعالية الأنفاق، وسرعان ما تغير الهدف إلى نزع سلاح المقاومة، الأمر الذي لم يتحقق، ولم يُكتفَ بذلك، حتى تغيّر إلى إعادة حماس إلى التفاوض مُكرهةً؛ فلم تعد وكانت صاحبة القرار؛ حتى اشتد الوطيس في المعركة لتجبر الاحتلال على تغيير هدفه إلى إعادة الهدوء إلى الأراضي المحتلة، عندما تم إجبار مستوطني غلاف غزة على الفرار تحت ضربات المقاومة في تطور بارز لأدائها، ولم يعد الهدوء إلا من خلال اتفاق شامل وفق ما أرادته المقاومة الفلسطينية من مطالب شعبها.

ثانياً: المحور العسكري والعملياتي:
     لا شك أن الخسائر البشرية والمادية التي تكبدها القطاع فادحةٌ؛ إلا أن طائرات الاحتلال وآلاته العسكرية المدجّجة لم تستطع إخضاع شعب المقاومة؛ فكانت أهدافها تتمثل في ضرب المدنيين والعوائل، ولم تسجّل انجازات عسكرية باستثناء اغتيال قادة القسام الثلاثة في رفح في عملية تآمرية من خلال مخابرات عربية لم تُسجّل العقلية العسكرية أو الأمنية الصهيونية انجازاً فيها، غير أن تطور المقاومة على صعيدي التخطيط والتكتيك أربك العدوّ وفاجأ أركانه؛ فكانت عمليات التسلل خلف خطوطه والاشتباك من مسافة صفر وأسر الجنود وقتل وجرح آخرين من بينهم قادة في الجيش، في أوج العملية البرية المحدودة على حدود القطاع، والتي لم يجرؤ فيها المحتل على الولوج إلى داخل الأراضي فيه، إضافة إلى العمليات النوعية في عسقلان من خلال وحدة الكوماندوز البحري القسامي ومباغتة العدوّ من حيث لا يحتسب، علاوة على تنظيم وتوجيه دفّة الميدان بالتصعيد والتهدئة حسب متطلباته واختيار الأداة المناسبة والسلاح الأمثل لتوظيفهم في المعركة بما يتناسب مع حاجة الواقع للضغط واستقراء النتائج، فكانت أهداف المقاومة تتجسّد في بنكٍ معدٍ لديها في حين أن بنك أهداف العدو باءت بالفشل الذريع.

ثالثاً: المحور السياسي والسيادي:
     إن من معالم انتصار غزة سياسياً وحدة الموقف الفلسطيني - وإن لم يكن على المستوى المطلوب- في مواجهة الغطرسة الصهيونية والمؤامرة الدولية والخلوص إلى وفدٍ مفاوضٍ موحّدٍ يحكمه الميدان المقاوم؛ مما أحرج أطرافاً لا تريد لغزة نصراً وأجبر آخرين على التعامل بواقعية مع مطالب فصائلها، والاهتمام بها بعد صمودها السياسي بعد أن كانت الورقة المصرية غير قابلة للتعديل أو النقاش.
     إن المقاومة انتصرت بغزة سياسياً حينما حققت مطالب شعبها من رفعٍ كاملٍ للحصار وفتحٍ لجميع المعابر دون استثناء وإزالة المنطقة العازلة وتوسيع مساحة الصيد ووقف سياسة الاغتيالات ورفع القيود على الأموال، كما انتصرت سيادياً من خلال تأكيد الموافقة الأولية التي يتبعها تفاصيل تنفيذية على إنشاء الميناء البحري والمطار - وإن كنت أتوقع مماطلة الكيان إن لم يكن تنصله من ذلك ونقضه وهذا ديدنه- وهو ما يمثل أسس ومقوّمات السيادة الفلسطينية على الأرض.
      وانتصرت غزة سياسياً من خلال إعادة القضية الفلسطينية ومقدساتها إلى الواجهة الدولية وتعزيز عدالتها وفضح الاحتلال الصهيوني أمام الرأي العام بعد أن كانت تتعرض لمحاولات عدة للتغييب والتبديل والتزوير في خضم دهاليز المفاوضات العقيمة التي مكنت الاحتلال وكيانه واستيطانه وتخاذلت -ولا أريد قولاً أنها تنكّرت- عن حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية.
     ورغم هذه الصورة المشرقة في هذا المحور إلا أن المعركة السياسية ما زالت قائمة وستشتد في قابل الأيام والأسابيع القليلة القادمة، وهي أكثر تعقيداً من سابقاتها، وأعتقد جازماً أن قادة الكيان وصهاينة العرب وتجار القضية لن يسمحوا لغزة بأن تستشعر أي مخرجات فعلية على أرض الميدان ليصلوا بمجتمعنا -وفق اعتقادهم- إلى حقيقة أن المقاومة وبال عليهم ولم تحقق لهم شيئاً؛ إلا أن ما يشكّل أملاً لدينا هو امتلاك المقاومة في قطاع غزة أوراق قوة، ليست على المستوى العسكري فحسب وإنما في مستويات أخرى ربما يفصح المستقبل القريب عن بعضها، وأجزم كذلك أن ما لم يأخذه "نتنياهو" بالقوة لن يناله غيره بإذن الله.
رابعاً: المحور الإعلامي والجماهيري:
      لقد انعكس الأداء الإعلامي لفصائل المقاومة على توجيه الميدان واستثمار المخرجات المثلى التي ينشدها الطرف الفلسطيني، وقد استند هذا التميز إلى المصداقية التي تمتع بها الطرف نفسه والمهنية العالية والإبداع في بث الرسائل وإعداد التقارير الصحفية والمؤتمرات ونشر البيانات التي من شانها التأثير على سير المعركة عسكرياً وسياسياً ونفسياً، والتي تفضح جرائم المحتل وتبرز عدالة القضية؛ وهو ما قاد إلى التفاف رسمي وشعبي كبير في المجتمعات العربية والدولية حول شعبنا وقضيته، حتى أصبح قادة المقاومة رموزاً يهتف لها ويُشاد بها، وهذا ما افتقده قادة مثلث الإجرام الصهيوني المتمركز في (نتنياهو، يعلون، غانتس)، فما كان من مؤتمراتهم سوى محاولة لترميم نفوس جنودهم وجبهتهم الداخلية من خلال تزوير الحقائق وتزييف الواقع الفعلي وهذا ما اكتشفه الصهاينة الذين باتوا يعتمدون على رواية الإعلام المقاوم التي أثبتت صحتها بعيداً عن التضليل، لذا فقد فقدت دولة الكيان في هذه المعركة صورتها أمام المجتمع الدولي واهتزت أركانها على المستويين الرسمي والشعبي؛ مما دفع وزيرةً لتقديم استقالتها لسوء تعامل حكومتها البريطانية في الحرب على غزة. كما اتضح الالتفاف الشعبي واحتضانه خيار المقاومة في قطاع غزة على وجه الخصوص؛ وهذا ما دفع قادة الإجرام إلى الانتقام من حاضنتها من خلال استهداف الأبراج السكنية، في محاولة لتعرية المقاومة والتأليب عليها وفض الإجماع الشعبي، في حين لم تتوفر الحاضنة لدى قادة الكيان بل وتعدى الأمر إلى مطالبتهم بالاستقالة والمحاكمة وإنهاء الحرب بأي ثمن، ووفقاً لاستطلاع تلفزيون العدو والذي نُشر بتاريخ 29/8 فإن غالبية المستوطنين يقرون بانتصار حماس والمقاومة الفلسطينية، فيما اعترفت زعيمة حزب ميرتس الصهيوني بأن عملية "الجرف الصامد" وفقاً لتسميتهم قضت على ما تبقّى من قوة الردع لديهم، علاوة على تصريحات عديدة لقادة الكيان يقرّون بها تلميحاً أو تصريحاً عن فشل عدوانهم على غزة.

خامساً: المحور الاستخبارتي والأمني:
     لقد شكَّل تطور المقاومة وأداؤها الميداني ضربةً موجعة لاستخبارات العدو -وفقاً لاعترافات جهاز الشاباك- حيث اتضح من خلال مجريات الأحداث أنه لا يمتلك المعلومات الحقيقية والكافية عن المقاومة طيلة فترة إعدادها؛ فلم يسعفه ما لديه على القضاء على ترسانة الصواريخ أو الأنفاق أو الوصول إلى القيادات الفلسطينية، مما أربك حساباته، حيث كان يعتمد على أرقام محددة لديه حول قدرات المقاومة كماً ونوعاً، إلا أن كتائب القسام فاجأته بصواريخ ذات مدى 160كم، إضافة إلى صناعة بندقية القنص القسامية والتي تحمل اسم الغول ذات المدى القاتل ل2كم، علاوة على صناعة طائرات أبابيل دون طيار والتي لها مهام مختلفة في مفاجأة أذهلت استخبارات العدو وشلت أجهزته الأمنية مقراً بفشل معلوماته الاستخبارية؛ فلا يمكن الاستهتار بقدرات حماس العسكرية وعقول قادتها وفقاً لأقوال أحد خبراء الهندسة لديهم.
     كما أن أجهزة أمن المقاومة وجّهت صفعةً أخرى للأداة الرئيسة التي يعتمد عليها العدوّ في عدوانه على الأرض، من خلال ملاحقة العملاء، والضرب بيد من حديد ضد كل من يثبت تورطه، من خلال محاكم ثورية، اعترف العدوّ من خلالها بفقدان الاتصال بعدد من عملائه. وفي المقابل، سجّل العدو انتصار أمن القسَّام ورصده حينما اعترف بأنه يرصد تحركات جيشه على الحدود ويتربص بقادته. كما شكّلت الأجهزة الأمنية في قطاع غزة نموذجاً حيوياً في إدارة المعركة وتثبيت الجبهة الداخلية ومكافحة الإشاعات ومعاقبة مروجيها وملاحقة المحتكرين والتجار ممن يستغلون الظروف التي تعصف في القطاع.
 
سادساً: المحور الأخلاقي والقانوني:
     لقد أبرزت المعركة القيم والأخلاق التي تتمتع بها فصائل المقاومة فيما تجرَّد منها الاحتلال الصهيوني في عدوانه، وتجسد ذلك من خلال استهداف الجنود في المعركة وجهاً لوجه دون استهداف المدنيين العزل والذين كانوا بنك أهداف الإجرام الصهيوني كما أنه تم تحذير الصهاينة من التجمعات ومطالبتهم بالبقاء في الملاجئ أو الأماكن المحصنة خشية الصواريخ في حين كانت صواريخهم منهمرةً مستهدفة المنازل والعمارات على رؤوس ساكنيها، فانتصرت المقاومة أخلاقياً رغم شراسة العدوان والمجازر المرتكبة، حيث كانت تعمل وفق خطّة محدّدة وليس بردّة فعل قذرة -وفقاً لما أعلنه القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف-.
    كما أن العدو اليوم يستعدّ للملاحقة القانونية في المحافل الدولية -بعد توقيع معاهدة روما- لمحاسبته على جرائمه التي اقترفها ضد الآمنين في قطاع غزة، حيث لم يستثنِ من أهدافه مدارس إيواء النازحين أو المستشفيات والمساجد والمؤسسات مما دفع مؤسسات حقوق الإنسان الدولية للمطالبة بفتح لجان تحقيق وإدانة الاحتلال وتقديم قادته للعدالة.
وعليه، نحن أمام معركة قانونية -لم تبدأ بعد- يجب أن تنصبَّ الجهود بقيادة فصائل العمل الوطني والإسلامي والمؤسسي لها لملاحقة قادة الصهاينة في المحافل الدولية تحقيقاً لنصرٍ محقّق بإذن الله فيها.
انتصار غزة له ما بعده ... وعلى ثقةٍ أننا سنشهد بإذن الله سقوط أنظمة حاكمة وعصابات متآمرة في غضون الأشهر القادمة ... وغداً أذكركم إن قُدِّرت لي الحياة أو تذكرون.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف