الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

هل تزور العدالة الانتقالية فلسطين ؟ بقلم المحامي يوسف خالد سالم

تاريخ النشر : 2014-08-30
هل تزور العدالة الانتقالية فلسطين ؟ بقلم المحامي  يوسف خالد سالم
بسم الله الرحمن الرحيم
هل تزور العدالة الانتقالية فلسطين ؟
بقلم المحامي / يوسف خالد سالم

 
عندما خلق الله عزوجل الانسان جعل لكل مرحلة عمرية مجموعة من الاحتياجات البيولوجية والنفسية تراعي خصوصية هذه المرحلة وتلبي كافة الجوانب التي يحتاجها الانسان في تلك الآونة ، وهذا أقرب التشبيهات التي أراها لحياة الشعوب ، فالدول تمر بمراحل مختلفة يحكمها واقع سياسي واجتماعي ومصالحي في كل فترة زمنية ، حيث تحتاج هذه المراحل لمجموعة مبادئ وضوابط متغيرة بتغير متطلبات المصلحة الوطنية والأهداف الاستراتيجية وطموحات الشعوب السياسية والقومية على المديين القريب والبعيد.
ولا شك أن فلسطين منذ بداية الاحتلال الاسرائيلي وهي تمر بظروف صعبة ، تقتضي رسم خطط داخلية شاملة تؤسس لمواجهة المتغيرات في ظل ممارسات الغطرسة الاسرائيلية ومحاولاتها زعزعة الداخل الفلسطيني بكل الطرق ، هذه الخطط يجب أن تقوم على أسس احترام حقوق الانسان وعدم انتهاكها وترسيخ المسائلة والرقابة على مؤسسات الدولة وذلك لبناء مجتمع داخلي متين يؤمن بأن الاصلاح الداخلي هو الخطوة الاولى في طريق انهاء الاحتلال وقيام الدولة المنشودة ، وفي خضم هذا كله أصبح النص على المبادئ سالفة الذكر في القانون الأساسي  غير كاف لضمان تطبيقها بشكل حقيقي يصل الى الوضع المثالي المرغوب به .
لقد اصبح من الضروري وضع مجموعة المبادئ والأفكار المتعلقة بالمسائلة والرقابة والإصلاح المؤسساتي وضمان حماية الحقوق الاساسية للإنسان الفلسطيني في قانون اصطلح على تسميته ( العدالة الانتقالية ) ، فهو مصطلح حديث النشأة ظهر ابان الحرب العالمية الثانية في بعض الدول الغربية التي عانت من النازية الالمانية ، وبعد ذلك انتقلت التجربة لتصل دول العالم لتنجح في كثير منها مثل الأرجنتين وتشيلي وجنوب افريقيا ، والجدير بالذكر هنا أن ظهور هذا المصطلح بما يتضمن من مبادئ ومثاليات سببه التأسيس لمرحلة بناء جديدة عادة ما تلي اقتتالا داخليا أو حربا على الدولة ينتج عنه اختلال في مؤسسات الدولة حيث أن هذه الظروف متوفرة في فلسطين بوجود الانقسام السياسي والجغرافي الذي دام لمدة 8 سنوات وقيام اسرائيل بشن الحروب الثلاثة على قطاع غزة لاسيما الحرب الأخيرة والتي صاحبها تدمير للبنية التحتية بشكل كامل وتدمير ممنهج لمؤسسات الدولة ، كل هذه الظروف خلقت طقسا مثاليا لنمو فكرة العدالة الانتقالية والارتقاء بها لمستوى التجربة الفلسطينية .
فالعدالة الانتقالية تعنى بالمراحل الزمنية الانتقالية ، ومراحل بناء الدولة وترميم ما فسد منها على المستويات المختلفة ، وإصلاح منظومة حقوق الانسان ومنع وقوع الانتهاكات التي حصلت في الفترة السابقة سواء كان في الضفة الغربية أو قطاع غزة وترسيخ نمط جديد في التعامل مع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية للأفراد داخل المجتمع .
إن التجارب العربية في هذا المجال حديثة العهد وقليلة ولكن التجربة المغربية هي النموذج الأفضل في تطبيق فكرة العدالة الانتقالية ، فقد نجحت في تجربتها ورسخت الفكرة نظريا وعمليا متجاوزة كل العقبات والمشاكل التي واجهتها ، ولا اغفل حين أتحدث عن فلسطين وقوعها تحت الاحتلال ولكن المجتمعات القوية هي صاحبة النفس الأطول في الصمود  ضد الاستعمار أما المجتمعات الصدئة فأنها تأكل نفسها حتى تفنى ويبقى الاحتلال وحده يسلب الأرض وينتهك العرض .
إن المرحلة التي نمر بها حاليا هي اشد المراحل الحاحا لسن قانون العدالة الانتقالية الذي ينظم مجموعة الأسس التي تحفظ الحقوق الاساسية للفرد في الدولة ، بما يضمن جبر الضرر ورد الاعتبار للأشخاص المضطهدين خلال فترات الاقتتال الداخلي أو الحروب ، والعمل على ترميم المستوى الرقابي والإصلاح المؤسساتي وفق خطط زمنية واضحة تستند للقانون والمتاح من الموارد البشرية والمادية  ، والبدء بنية حقيقية بتنفيذ برنامج المصالحة الوطنية بشقيه السياسي والمجتمعي ، وفقا لارادة تحترم الفرد وحقوقه وتعوضه عن كل تجاوز أو ضرر تعرض له من أي جهة كانت .
وان حدث ذلك فان هذا  سَتٌخْلق ذاكرة جماعية من خلال ارشيف وطني سيحفظ ما عاصره الشعب الفلسطيني على مدار 8 سنوات لترسم الخطوط الحمراء المحرم علينا العودة اليها في المستقبل ، هذه الذاكرة الجماعية ستقوم باستخلاص العبر والتمعن في النتائج وستكون الحافز الأكبر لوضع الاستراتيجيات الوطنية الشاملة في طريق تقوية المجتمع الداخلي وبناء مؤسسات الدولة .
وحتى ينتقل مصطلح ( العدالة الانتقالية ) من مجرد مبادئ وقواعد مجردة الى تطبيق على أرض الواقع ، وجب علينا الاستفادة من التجارب العربية مع مراعاة خصوصية كل تجربة والأخذ بعين الاعتبار الظروف الخاصة بالقضية الفلسطينية .
بمعنى آخر أن الدول العربية ومنها لبنان قامت بإنشاء وزارة العدالة الانتقالية والتي تعنى بتطبيق الافكار المكونة  لمفهوم العدالة الانتقالية كقواعد تراعي المراحل الزمنية الانتقالية التي تمر بها الشعوب والدول ، وكذلك أيضا قيام مصر بإنشاء وزارة مشابهة بعد ثورة 25 يناير لعام 2011 ، لكل ما سبق وجب على القيادة الفلسطينية في هذه المرحلة الاستفادة من فكرة العدالة الانتقالية وخوض التجربة في محاولة جدية لترتيب المجتمع الداخلي ليكون السيف الصلب في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي بكافة مكوناته ، ما يستتبع قرار بسن قانون العدالة الانتقالية واستحداث وزارة على غرار ما حدث في الدول العربية والغربية والتي تنظم عمل القانون والرقابة على مؤسسات الدولة وتنظيم كافة الأسس المكونة لاصطلاح العدالة الانتقالية ، أو اسناد مهام وزارة العدالة الانتقالية لهيئة وطنية كالقائمة في فلسطين باسم الهيئة المستقلة لحقوق الانسان ( ديوان المظالم ) .
ختاما أقول إن بناء المجتمع على اسس سليمة كالشفافية والإصلاح المؤسساتي ، واحترام الانسان الفلسطيني هو مقدمة للحرية والانعتاق من الاحتلال ، فلا يتحرر انسان مكبل ، ولا ينتصر مجتمع منقسم ، ولنبدأ مرحلة الاعمار في قطاع غزة والضفة الغربية على مستوى الحجر والبشر ، لنصنع ارثا للأجيال القادمة ، تستطيع من خلاله الاستناد على داخل قوي لمواجهة التحديات الخارجية والارتقاء بالقضية الفلسطينية الى أن يكتب الله لنا الحق في تقرير المصير .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف