الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

في مواجهة الإبادة الجماعية المحتملة، ما هي فائدة المتاحف؟ بقلم:عمر القطان

تاريخ النشر : 2014-08-30
في مواجهة الإبادة الجماعية المحتملة، ما هي فائدة المتاحف؟

في الوقت الذي كان العالم يشاهد برعب كبير حجم الدمار الهائل الذي انصب على أهلنا في غزة خلال الأسابيع الماضية، تركزت جهوده على توفير الإغاثة الإنسانية والسعي إلى وقف إطلاق النار غير المشروط. أما في المتحف الفلسطيني، وهو مشروع أطلقته قبل عدة سنوات مؤسسة التعاون (وهي مؤسسة فلسطينية مستقلة، تكرس نفسها لتوفير المساعدة التنموية والإنسانية المستدامة في فلسطين)، وجدنا أنفسنا في حالة من الخدر والشعور بالعجز في وجه هذه المذبحة، بينما صبت المؤسسة كل طاقاتها في الإغاثة الطارئة. إلا أن دورنا كمؤسسة ثقافية كان أقل وضوحاً.
في الحقيقة، تساءل فريق عمل المتحف الفلسطيني عما يمكن أن يقوم به في مواجهة مثل هذه الأحداث، وعن ماهية دوره في هذه المرحلة الحرجة. يسعى المتحف الفلسطيني إلى رواية التاريخ الفلسطيني، كوسيلة في حفظ جزء من الذاكرة الوطنية الجمعية، مع التأمل فيها ومحاولة استخلاص دروس مهمة منها. ومع الأسف، فإن الرواية الفلسطينية تزخر بالأمثلة على محاولات الإبادة الاجتماعية والثقافية ضد شعبنا، خلال الخمس والستين عاماً الأخيرة، ابتداء من نكبة عام 1948 التي طردت على إثرها إسرائيل أكثر من ثلاثة أرباع مليون فلسطيني من بلادهم، ودمرت قراهم وبلداتهم، ومسحت الكثير منها عن الوجود، تلاها احتلال القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة، وطرد 250,000 فلسطيني آخرين في العام 1967. تبع هذا كله حرب لبنان عام 1982، والتي قتلت فيها إسرائيل عشرات الآلاف من المدنيين اللبنانيين والفلسطينيين، والتي انتهت بمجزرة صبرا وشاتيلا وقتل ما بين 800- 3000 مدني على أيدي قوات الكتائب اللبنانية تحت إشراف إسرائيلي، والقمع الوحشي لانتفاضتين شعبيتين.كل هذا مع استمرار المصادرة الإسرائيلية لأرضنا ومواردنا المائية، وبناء المستوطنات غير المشروع على أراضي الضفة الغربية، وبناء جدار الفصل العنصري، وإقامة الحواجز العسكرية على امتداد أرضنا، وأخيراً وليس آخراً، ثلاث حروب على قطاع غزة منذ العام 2008. والسؤال المطروح هنا هو:هل من الممكن أن تكون دراسة وتوثيق هذه الجرائم التاريخية ضماناً لئلا تحدث مجدداً؟ وإذا كان هذا غير ممكن، فلماذا نتكبد عناء بناء متحف يسجل هذه الجرائم ويوثق لها؟
إحدى الإجابات الممكنة تكمن في مفهوم الصمود، الذي أثر بعمق في الخطاب الثقافي والسياسي الفلسطيني، ويعدُّ مبرراً رئيساً لوجود المتحف الفلسطيني. منطق هذاالمفهوم ينبع من أننا، كفلسطينيين، علينا الاستمرار في بناء حياتنا ومؤسساتنا، في مواجهة الجبروت العسكري الإسرائيلي وبالرغم منه: هذا هو الشكل الأبسط والأكثر حيوية وفاعلية من أشكال المقاومة، وهو طريقة لتأكيد وجودنا المادي وحضورنا الثقافي على أرضنا، في الوقت الذي ندرك فيه تماماً أن موازين القوى السياسية تقف ضدنا. وجزء هام من عملية المقاومة هذه يكمن في الحفاظ على ذاكرة الماضي، لا سيما توثيق الظلم الذي ارتكب ضد شعبنا.
إن ما شهدناه في الأسابيع الأخيرة يؤكد على أن هذا الجهد لا يمكنه القضاء على إمكانية تكرار محاولات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي مرة أخرى، والتي قد تشكل جزءّ جزءاً من مخططات، أو، على الأقل، من لاوعي مفكريالحركة الصهيونية،حيث أنها واجهت حتى اليوم فشلاً ذريعاً في إفراغ فلسطين التاريخية من سكانها العرب، ولكنها، في ذات الوقت، ترفض رفضاً قاطعاً أن تعترف بحقوقهم في إطار سلام عادل وشامل. ويمكن أن نرى في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، وفي الدعوات الصريحة التي رافقتها لكبار السياسيين الإسرائيليين، خلال الأسابيع الأخيرة، لطرد، أو حتى لإبادة الفلسطينيين، ، على أنها قد تكونهذه الحربنوعاً من البروفا لمثل هكذا سيناريو. وبالطبع، فإن هذا ليس أمراً يمكن للمتحف الفلسطيني منعه، وكل ما يمكنه القيام به هو رفع مستوى الوعي بين الفلسطينيين والعالم، بأن ما حدث خلال نكبة عام 1948 يمكن أن يحدث مرة أخرى، وهذه المرة على نطاق كارثي أوسع. وبهذا يأمل المتحف الفلسطيني في أن يشكل صفارة إانذار–إاذا صح التعبير- لأهوال المستقبل المحتملة.
على المتحف الفلسطيني أيضاً أن يوفر منصة لنا نحن الفلسطينيين، لنتمكن من خلالها من التفكير ملياً بمسؤولياتنا كشعب تجاه أحداث الماضي والمستقبل، وبعد كل هذا، النظر في الأسباب التي جعلت الماضي يؤول إلى ما آل إليه، وماذا كان علينا أو ما يجب علينا الآن القيام به لتغيير واقعنا.هذه الأسئلة يود كل متحف مختص بالتاريخ والثقافة أن يطرحها زواره على أنفسهم،.وهي مهمة لأنها تتمتع بقوة تمكينية: فهي تذكرنا بأننا لسنا مجرد ضحايا للتاريخ، ولكننا أدواته أيضاً، وهكذا، في نفس السياق، بإامكان المتاحف أن تشكل مباعثاً للأمل. وفي حالتنا نحن الشعب الفلسطيني، فإانناما زلنا هنا،،سواءأكانفي الوطن أوالمنفى، وما زلنا مستمرين في إسماع صوتنا وحشد الدعم والتأييد لقضيتنا، وثقافتنا يحتفى بها حول العالم، بعد أن تعرضت لعقود طويلة إلى التشويه والإقصاء، هذا كله يعني حتماً أن المستقبل ملكاًلنا، وليس لأولئك الذين يحاولون إقصاءنا والقضاء علينا.
ولكن،في حين أن مسؤولية المتحف الفلسطيني الأولى تكمن في أن يكون شاهداً على الانتهاك الأخلاقي في حرب غزة، وفي تكريم شهدائها، إلا أنه لا يمكن أن يتجاهل مهمته الأكثر تعقيداً وأهمية، والتي تتمثل في تحليل هذه الأاحداث، والتساؤل حولها، والسعي في نهاية المطاف إلى فهم أسباب حدوث الكارثة. علينا أن نتساءل عما كان يجب علينا القيام به لمنعها، ولماذا لم نتمكن من ذلك. فمن الضروري جداً توثيق جرائم الماضي والحاضر، ولكن من الأهم أن نتساءل كيف يمكن لمجتمع أن يقاوم محاولات القضاء عليه وأن يمنع الكوارث عن نفسه، لكي يبني مستقبلاً عادلاً وآمناً لمواطنيه، هذه حتماً هي المهمة الأصعب، والتي تواجه كل المؤسسات الثقافية التي تعمل في خدمة شعب مهدد بالإبادة الجماعية.

عمر القطان- عضو في مؤسسة التعاون، ورئيس فريق عمل المتحف الفلسطيني
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف