الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سميح القاسم و لوركا....لقاء ما بعد الموت بقلم عيسى قراقع

تاريخ النشر : 2014-08-28
سميح القاسم و لوركا....لقاء ما بعد الموت بقلم عيسى قراقع
سميح القاسم و لوركا....لقاء ما بعد الموت

بقلم عيسى قراقع

رحل الشاعر الفلسطيني "طائر الرعد، سميح القاسم في نفس اليوم الذي توفي فيه شاعر اسبانيا العظيم " فيديريكو جارسيا لوركا"، وقد التقى الشاعران الكبيران أخيرا في لحظة الموت، بعد انتظار طويل على المسافات الصعبة، وبعد رحيل ملحمي تفوق على التاريخ، و كل أشكال الاضطهاد السياسي، عندما عبروا معا فوق جسر القصيدة من الأندلس إلى القدس.

كان سميح القاسم يبحث عن لوركا في شوارع مدريد، وفي دهشتها، سحرها وحضارتها وقصورها وحدائقها، وفي سجونها وقبورها، وينادي على هذا الشاعر الثوري الذي الهم الثورة الأدبية والثقافية والسياسية في اسبانيا، حتى صارت موشحاته وأشعاره ومسرحياته سيفا و غضبا سلط على الفاشية، وتحولت قصائده إلى شرارات ألهبت حماس الشعب للوقوف بوجه الدكتاتور فرانكو وأنصاره.

فدريكو
الحارس أطفأ مصباحه
إنزل
أنذا منتظر في الساحة
مشتعلا بلهيب الوردة
قلبي تفاحة

طورد لوركا وسجن وعذب، كما طورد سميح القاسم واعتقل بسبب قصائدهما الغاضبة والمتوقدة والرافضة للظلم والقهر والتمييز العنصري، اقتربا كثيرا من الموت، فأعدم لوركا يوم 19//8/1936 ، في نفس اليوم الذي توفي فيه سميح القاسم، فمنح الموت وظيفة إنسانية ، حارسا على باب المدينة الضائعة المفاتيح، برغم تيقظ الموت وقوة حراسته ، فتوحد مع لوركا، وحمل الحياة نيابة عنه في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي للشعب الفلسطيني، عندما تشابه العالمين الدمويين لهذين الشاعرين، وقد التقيا في آب أخيرا بعد أن جمعتهما القصيدة وأصوات الحرية.

ظل سميح القاسم ينتظر في ساحة غرناطة قدوم لوركا، ليحتفلا معا بزوال الاستعمار وبرحيل الفقر وانتصار الإنسانية والديمقراطية، يحمل معه من الرامة ذخائرا من حب وقصائد، سلام فلسطين إلى شاعر اسبانيا وقلبها النابض، سلام شعب يعشق الحرية ويقدس الكرامة، يقرأ نبضات الكون بانتفاضاته وتمرده على المحتلين والمستوطنين.

فدريكو
قنديل الحزن قمر
الخوف شجر
فانزل
انا اعلم انك مختبئ في البيت
مسكونا بالحمى
مشتعلا بالموت
فانزل

كان لوركا معلقا على أنشوطة الإعدام، لم ينزل إلا قتيلا، لم يفتح باب السجن إلا على جثته التي ألقيت في ساحة مدريد، ولم يتحقق اللقاء إلا بعد 75 عاما في لحظة الموت، في نفس الساعة وفي نفس اليوم وفي نفس الشهر، في غرناطة والقدس، هنا ابن زيدون وبابلو نيرودا وفيصل الحسيني وياسر عرفات ،  هنا قرطبة و رام الله ومحمود درويش ومسرح العرائس، وهنا غزة المقتولة بصواريخ الاحتلال، هنا الشهداء والأسرى، والمخيمات، وهنا البحر والتفاح والبرتقال، الصورة نفس الصورة، الجندي نفس الجندي، الموت هو الموت.

انزل فدريكو
وافتح لي الباب
أسرع
انذا انتظر على العتبة
أسرع

رحل سميح القاسم وهو يصرخ في العالم مسرعا إلى عناق الحرية، ينادي على لوركا الفكرة والثورة والإنسان، حمل لغته وعناده وثوريته في كل كلماته وأشعاره وسربياته، وظل يهدر في وجه الدبابة الإسرائيلية ومخططات الاحتلال، ظل ينادي ضد الموت الاباحي، ضد إعدام شعب لا يريد سوى السلام والحرية والاستقلال.

لم يلتق سميح بلوركا إلا عند الموت، اجتمعا معا في الأبدية، وتركا خلفهما لهيبا من لحم ودم وكلمات، صوت الغضب الثوري، كبرياء شعب يكره الاستبعاد.
 

أسرع
في منعطف الشارع
جلبة ميليشيا مقتربة
قرقعة بنادق
وصليل حراب
افتح لي الباب
أسرع خبئني
فدريكو...فدريكو



سقط لوركا وسقط سميح في شهر آب ، ارتوت ارض فلسطين وشعبها بما قدماه للإنسانية ولكل الأحرار والشعوب من أفكار ومبادئ وصهيل ثوري، الأول أعدموه لأنه وقف في وجه الطغاة ولم يساوم، والثاني اعدموا شعبه وأولاده أمام عينيه، فحرض أهل القبور والمقابر، وحرض الأحياء والأموات، ولم يساوم.

هي قصائد عالمية لكل البشر الساعين للحرية، وكما يصفها الشاعر لوركا: تضيء الحقل كقفير نحل صغير بعسل دام، صاغها النحل من ثغور النساء، ولهذا حين تنفلق، تضحك بأرجوان آلاف الشفاه.

لوركا الذي عشق الفن العربي وحضارته، أحيا موشحات وأغاني "زرياب" وهو يعزف على أوتاره الحميمية، موسيقى المنتفضين في وجه الظالمين، الهام سميح القاسم في غنائياته، وهو يخوض صراعا ضد شطب الهوية الوطنية ومعناها على ارض فلسطين.

فدريكو
النجمة جرح
والدم يصيح على الأوتار
يشتعل الجيتار

لوركا وسميح، توهجا هنا وهناك، كتاب البيان والتبيين والحق المبين للمعذبين والمقهورين، تمازج الأفكار والقوافي والأغاني، والمشترك في الحب وعشق الأرض وتحرير الإنسان، هندسة الحرية في كل مكان، أعمال ملحمية تتحدى أساطير المحتلين بقوة الحق والتعبير، وتفتح الصوت الواحد في كل الأصوات

الحرس الأسود القى في البئر سلاحه
اعلم انك مختبئ في ظل ملاك
المحك هناك
زنبقة خلف ستارة شباك
ترتجف على فمك فراشة
وتمسك شعر الليل يداك
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف