الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

نصرٌ كُتبتْ حروفُه بالدم بقلم: أحمد مسمح

تاريخ النشر : 2014-08-28
نصرٌ كُتبتْ حروفُه بالدم

بقلم: أحمد مسمح*

        إنَّ الذي يستقرئ تاريخَ الإنسانية يدركُ أنه لا يمكن أن يأتيَ جيشٌ ظالمٌ فيهزمَ إرادةَ شعب، مهما بلغت قوته وجبروته وإجرامه وسفكه للدماء، وأنَّ الأسلحةَ والعتادَ والجنودَ لا يُبنى عليها نصرٌ ويُكتب بها علو، وأنَّ الغلبةَ ليست للأقوى عسكرياً بل للأقوى إيماناً وعزيمةً وإصراراً، فاليوم يسجّل الشعبُ الفلسطيني انتصاراً جديداً على العدو الصهيوني، ينتصر على ظلمه وإجرامه وعنجهيته وعناده..

واحدٌ وخمسون يوماً صمد الشعبُ الفلسطيني ومقاومتُه أمام الآلة العسكرية الصهيونية التي ارتكبت المجازر وهدمت الدور وقصفت المساجد وقتلت الأطفال والنساء واستهدفت المستشفيات والصحفيين والحجر والشجر دون أن تحقق هدفاً من أهدافها، ومعلومٌ بداهةً أن الحربَ إذا لم تحقق أهدافها فهي حربٌ خاسرة..

واحدٌ وخمسون يوماً والمقاومة تسطّر أروعَ ملحمةٍ في تاريخ الإنسانية والبشرية بصمودها وجهادها وثباتها، وأبدعت المقاومة في مقاومتها عبر الأنفاق وضرب الصواريخ والعمليات الجهادية إعلامياً وميدانياً وعسكرياً..

استطاعت هذه المقاومة أن تنتزع حقوقها وأن ترغم العدو على الموافقة على شروطها، فقد آن لهذا الحصار أن يرتفع، وآن لهذا الشعب أن يتنفس الصعداء وأن يعيشَ بكرامة، وقد أُريد له أن يرفع الراية وأن يستسلم وأن يبقى رهين المعابر والمساعدات وحبيس قرارات دولية ظالمة..

فلابد لليل أن ينجلي             ولا بد للقيد أن ينكسر

فإما حياةٌ تسرّ الصديق          وإما مماتٌ يغيط العدا

سقط نتنياهو وسقطت أهدافه وبقيت المقاومة وبقيت أنفاقها وصواريخها فلم تذهب دماءُ الشهداء وآهاتُ الجرحى وأنّات الثكالى وصرخات الأطفال والنساء هدراً، بقيت العزة والكرامة.. وبقي الشعب ملتفاً حول مقاومته ويردد جملة واحدة: نحن مع المقاومة حتى تحقيق أهدافنا..

قوافلُ الشهداءُ لا تمضي سدًى           إن الذي يمضي هو الطغيان

وفي هذه الحرب العديد من المحطات الهامة:

أما إعلامياً..

فقد حظيت هذه المعركة بتغطيةٍ إعلامية باهرة، فقد أبدع الصحافيون والإعلاميون والقنواتُ التلفزيونية في توثيق الجرائم ونقل الحدث وإيصال صوت الشعب لأحرار العالم، وتعرّض الصحفيون للقصف أثناء عملهم، فسقط منهم الشهداء وكان منهم الجرحى... هو ثمن الحقيقية، الحقيقة التي لابد أن تصل لكل حرٍّ وشريفٍ في العالم..

وأما طبياً ..

فقد كان الأطباءُ والمسعفون والممرضون على مدار أيام الحرب في ميدانهم لنقل الشهداء وإسعاف الجرحى، يواصلون الليلَ بالنهار لتقديم الخدمات، ما غادروا المستشفيات بالرغم من ساعات العمل الطويلة، مع قلة الإمكانات وتعرضهم للقصف والاستهداف المباشر، فقد استُشهد المسعفون وتعرضوا لإطلاق النار، وكانوا يخاطرون بحياتهم لإنقاذ جريح وإسعاف مصاب..

ما أروع هذا الشعب وما أجمل تضحياته، حين تمتزج مشاعرُ الأخوة والوحدة بالشهادة تارةً وبالنصر تارةً أخرى..

وأما خدماتياً ..

فقد كانت فرقُ الدفاع المدني وطواقم البلديات والكهرباء ومصلحة المياه تعمل خلال أيام الحرب، حيث تعرضوا للخطر خلال عملهم، فعندما تتعرض منطقة للقصف بالطيران تسارع هذه الفرق الفنية لإصلاح خطوط الكهرباء والمياه وإنقاذ الجرحى تحت أنقاض المنازل خلال ساعات الليل بالرغم من قلة المعدات لدى الدفاع المدني..

وأما عربياً ...

فقد سجّلت هذه الحرب الخزي والعار على بعض الدول العربية التي لم تكتفِ بصمتها وسكوتها بل تآمرت على هذا الشعب وموّلت العدو الصهيوني بالمال والدولار لإرغامه على الاستسلام.. وأثبتت هذه الحرب ألا مراهنةَ على العرب وإن كانوا يمثلون لنا العمق الأمني والمعوني والاستراتيجي..

علماء ومواقف...

لقد أخذ الله ميثاقَ العلماء أن يقولوا كلمةَ الحق وأن يقفوا موقفاً مشرفاً يتناسب مع مكانتهم ومع الأمانة التي حملوها، وقد ظهرت مواقف العلماء المخزية والمخجلة تجاه الحرب على غزة، حين صمتوا على جرائم الاحتلال ولم يتفوهوا بكلمة، وظهرت مواقف مشرفة لبعض العلماء وقالوا كلمة الحق ودفعوا ثمنَ هذا الموقف..

وأما دولياً ..

فقد رأينا تضامناً مع الشعب الفلسطيني في عواصم أوروبية وأمريكية، فقد استيقظت الإنسانية والقواسم المشتركة بيننا وبين تلك الشعوب، فخرجوا بالآلاف احتجاجاً على هذه الحرب أمام مقار حكوماتهم.. حين صمتت العواصم العربية على جرائم الاحتلال ووقفت موقف المتفرج على شعب عربي مسلم يُذبح من الوريد إلى الوريد..

أسماء لا تُنسى: الشجاعية .. الزنة .. خزاعة .. رفح..

هذه البلدات التي تعرضت للمجازر خلال الحرب فاقت مجازرَ صبرا وشاتيلا وقانا وتل الزعتر وغيرها، وقد سقط خلالها مئاتُ الشهداء وقُصف المدنيون عمداً وعدواناً وقُصفت منازلهم دون سابق إنذار، وقد أُبيدت أحياءٌ بكاملها وتغيرت معالم الأرض، ولم يبق بيتٌ بجوار أخيه..

وختمت هذه الحربُ آخرَ فصولها باستهداف الأبراج السكنية التي تضم عشرات الشقق السكنية التي يقطنها عشرات الأسر الفلسطينية من شتّى الأطياف الفلسطينية، فلم تفرق هذه الصواريخ بين الانتماءات الفصائلية، ليكون الثوبُ الفلسطيني يضم جميع الألوان والأطياف، لنتوحد على وقع الرصاص وإطلاق الصواريخ..

خسائر العدو..

ولأول مرة في تاريخ دولة الكيان الصهيوني –حسب اعتراف قادة الاحتلال- يصل حال الصهاينة في هذه الحرب إلى هذا الحد: من إخلاء مستوطنات غلاف غزة، وإيقاف الرحلات الجوية وأن توقف شركات الطيران العالمية رحلاتها من وإلى مطار بن غوريون، ولأول مرة تصل خسائر الاحتلال في جنوده وفي القوات الخاصة خصوصاً إلى هذا العدد، ويصابوا بالذعر والرعب من جنود المقاومة الميامين، وقد كان أسر الجنود أحدَ هذه الفصول المخيفة...

واحدٌ وخمسون يوماً وصواريخ المقاومة تصل إلى أقصى البلدات الصهيونية من تل أبيب وحيفا والقدس، وأصبح ضربُ تل أبيب شيئاً عادياً وأمراً روتيناً للمقاومة، بينما يخشى قادة الجيوش العربية أن يرفعوا أبصارهم في وجه ضابط صهيوني، إنه عز الجهاد والمقاومة..

المفاوضات ووحدة الموقف..

منذ أن تم الإعلان عن التهدئة الأولى في الحرب، توقفت المعركة العسكرية وبدأت معركةٌ من نوعٍ آخر في القاهرة، إنها معركةٌ سياسية في المفاوضات، وقد ظهر في هذه المفاوضات وحدةُ الموقف الفلسطيني ووحدةُ مطالبه، وظهر ولأول مرة الفلسطينيون على قلب رجلٍ واحد، بلسان واحد وموقفٍ واحد، لم تؤثرْ الضغوط الدولية على هذا الوفد لتفريق صفه ووحدته، الجميع يقف خلف المقاومة ويستند إليها ويعوّل على الميدان فهو الذي يحسم المعركة، وقد حاول العدو خلال جولات المفاوضات أن يحقق إنجازاً واحداً، كنزع سلاح المقاومة أو وقف بناء الأنفاق أو غيرها، فأصر الوفد الفلسطيني على مطالبه دون طرح موضوع سلاح المقاومة على طاولة المفاوضات، وتعثرت المفاوضات أكثر من مرة، حتى رضخ الاحتلال لشروط المقاومة بعدما بدأت حرب الاستنزاف واستأنفت ضربَ الصواريخ مع انهيار التهدئة..

ترجُّل القيادات ...

كان أولهم دانيال منصور - مسؤول سرايا القدس في شمال غزة، ثم تبعه قادة القسام الثلاثة في رفح العطار وأبو شمالة وبرهوم، أولئك الذين رسموا لنا طريقَ النصر وعبّدوا لنا سبيلَ العزة والكرامة، نحتفل اليوم بانتصار المقاومة مع غياب هؤلاء القادة، ولا ننسى أنهم كانوا يسألون اللهَ النصرَ أو الشهادة، فكانت الشهادة لهم نصراً..

التأييد الإلهي ...

ظهرت خلال الحرب العديدُ من الكرامات للمجاهدين، حيث وفّق الله المجاهدين ومكنّهم من رقاب جنود الاحتلال قتلاً وأسراً، وسدّد الله رميَ الصواريخ، وألقى الذعرَ والرعبَ في قلوب الصهاينة، واشتكى الجنود الصهاينة بأنهم يقاتلون أشباحاً لا يرونهم خلال القتال وأنهم يطلقون عليهم النار فلا يموتون وأنهم يقاتلون أناساً طولهم ثلاثة أمتار، ولم يكن آخر هذه الكرامات أن ثلاثةً وعشرين مجاهداً مكثوا 21 يوماً في نفق دون طعام أو شراب في منطقة القرارة وخرجوا أحياءً بفضل الله –عز وجل- وعنايته وكرامته..

النازية ...

يحلو للعدو الصهيوني وآلته الإعلامية أن تتغنى بالنازية وجرائمها ويبكى كالثكلى المستأجرة على هذا الوتر، وظهر أنه أكثر إجراماً ونازيةً من النازية نفسها، حيث استهدف المنازل وقصف الدور وقتل الأطفال عمداً وقلع الشجر والحجر وقتل الحيوانات وأباد الزراعة والصناعة، حيث استهداف المصانع والمؤسسات والجمعيات والبنوك.. أبعد هذه النازية نازية وبعد هذا الإجرام إجرام ؟!..

القانون الدولي ...

أظهرت هذه الحرب الكثير من كذب هذا العالم وزيفه ونفاقه، فسقطت ما يُسمّى بالشرعية الدولية ومجلس الأمن والقانون الدولي وحقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة، تلك المبادئ والقوانين والمنظمات الدولية التي لم نرها تحركت خلال هذه الحرب، وقد استخدم العدو الصهيوني الأسلحة المحرمة دولياً وتجاوز بجرائمه قوانين الحروب، ولم يتفوه أحدٌ من أولئك بكلمة ضد الاحتلال وقادته...

وأخيراً.. نصرٌ كُتبت حروفُه بدماء الشهداء وآهات الجرحى والثكالى واليتامى والمصابين، وبسواعد المجاهدين المرابطين، وبعد إعلان وقف إطلاق النار، قررت المقاومة عودة المستوطنين إلى منازلهم واعترف العدو بهزيمته وسقوطه، وانتهت معركةٌ فاصلة لتمهد الطريق للمعركة الحاسمة، معركة التحرير..

  * إمام وداعية إسلامي.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف