الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سميح القاسم... رحيل في غبار غزة بقلم : جمعة ناجي

تاريخ النشر : 2014-08-26
بقلم : جمعة ناجي

وغزّة بل وفلسطين تتوق إلى الحرية لا أكثر، إلى العدالة لا أكثر، إلى أبسط حقوق الشعوب في تقرير المصير بل وحقوق (الإنسان) لا أكثر، لأجلها تصمد غزة أمام الغزاة المعتدين، تصمد أمام محارث الطفولة.. تصمد أمام رواية وقاموس مفعم بالعنصرية والكراهية والوحشية وأحقاد الغيتو.. قاموس مفعم بالخرافات ووصايا بقر البطون وحرث الأطفال والطفولة.. مفعم باختلاق الأوهام والكيانات المنبثقة عن الخيالات المريضة لمستعمرين ومخرفين تدنو نهاية خرافاتهم.

٭ ٭ ٭
يرحل سميح وغزة تعوم في رمالها المخضبة.. تودع أطفالها (وزغاليلها) وزهرة أبنائها وحيث يرتقي الرضيع والمرضعة.. يرحل سميح والسؤال يكبر: ان كانت (إسرائيل) قد باتت مشروعا عربيا! فمازال محمود درويش (شطر البرتقالة الآخر) يردد لحظة الغزو الأمريكي للعراق: اخوتي كانوا يعدون العشاء لجيش هولاكو ولا خدم سواهم اخوتي!

يرحل سميح وغزة تسطر نشيد الحرية بدماء أبنائها وأنفاس من أطبقوا اليد على حصاها، يرحل سميح في غبار غزة ودخان القدس لكن طيور العاصمة لم تزل تحط على معابدها وزيتونها (تكبّر) لتاريخ جديد لا أثر فيه لمحتل وسفاح ومخرف وقاتل.. يرحل سميح لكن (ديوك غزة) لم تزل تصيح، تبشر بالفجر.. من ثنايا الليل والأطلال ومواكب الشهداء لم تزل تؤذن لانتصار الحياة.

يرحل سميح وقد أسقط (الاعراب) من دينهم آياته المقدسية حين تنكروا للقدس والأقصى بل ولكل الأرض المقدسة.. أرض فلسطين.

٭ ٭ ٭
سميح القاسم فصل خالد من ذاكرتنا الوطنية، فصل من تاريخنا الوطني والشخصي، ارث وتاريخ وساقية أدبية، نجم ساطع في سمائنا العربية بل وكل سماء، ثائر ومحرض وكل قصيدة من قصائده أو نثره أو روايته بيان سياسي إلى الشعب والأمة، منتصب القامة عاش، مرفوع الهامة عاش، مناضل تعهد بترسيخ المناعة الوطنية لدى أجيال شعبه.. عينه دائما على الوطن، على قضية وأحلام شعبه وتطلعات أمله، انفق العمر حتى منتهاه شامخ القامة ابدا رغم السجن والإقامة الجبرية وتنكيل الاحتلال به، ولم يأبه يوما (بجائزة نوبل) التي طالما حدثنا عن كلفة نيلها، التقيناه خارج أمسياته الشعرية، مرات ومرات لم يحدثنا يوما عن معاناته وعن وجعه الدوار.. قرأ لنا ما سيقرأ، حدثنا عن (رؤية قومية) لم تحط الرحال بعد في زمن الشظايا والسبايا (العربي).


٭ ٭ ٭

سميح القاسم الشاعر الثائر والمحرض، مناضل متواضع زاهد في سبيل وطنه وشعبه عاش.. من (مواكب الشمس) أول دواوينه كانت الرحلة: (فجر الشعوب أطل اليوم مبتسما فسوف نغسل عن آفاقنا الظلما..).
في مجرى الرحلة كانت (أغاني الدروب).. وكانت رائعته تقدموا تقدموا، وقصيدته (بيان عن واقع الحال مع الغزاة الذين لا يقرأون).

(يا أيها الأتون من عذابكم لا، لا تعدوا العشرة وغازلوا قاذفة وعاشروا مدمرة، خذوا دمي حبرا لكم، ودبجوا قصائد المديح بالمذابح المظفرة، وسمموا السنابل، وهدموا المنازل وأطبقوا النار على فراشة السلام، وكسروا العظام، لا بأس أن تصير مزهرية عظامنا المكسرة.. من أوصد السحر على قلوبكم، من كدس الألغاز في دروبكم، من أرشد النصل إلى دمائنا، من دل أشباح الأساطير على أسمائنا).

٭ ٭ ٭
صديقا طيبا وإنسانا وابن بلد كان سميح، مفتونا بكل فدائي وثائر.. عروبيا كان متمردا على حال الأمة (المائل)، أكثر ذكرى تحزنني عدم قدرة سميح على المشاركة في مؤتمر عقد هنا في تونس منذ عامين (مؤتمر الأسرى) بعد ان أعطى الموافقة على الحضور ثم اعتذر لعدم ارسال تذكرة إلى طبيبه الذي لا يقوى سميح على السفر دون اذنه ومرافقته.


في آخر مكالمة لي معه منذ عشرين يوما ومن خلال صوته الذابل قدرت ان النهاية باتت وشيكة، وان شمس سميح قد شارفت على المغيب وحان وقت الرحيل.. تاركا فنجانه، راحلا على متن السرطان (مرددا أنا لا أحبك يا موت لكنني لا أخافك).


وداعا سميح القاسم.. وداعا لصديق عزيز آخر يرحل،، في غبار غزة بل وكل الوطن يرحل حيث يجري العدوان وتتواصل المحارق وحراثة الأطفال.. عدوان يتواصل على عاصمة عنيدة (بعينيها تقاتل) وضفة تستأنف كفاحها الضاري ووطن بأسره صامد يقاوم كما كتبت وشئت، بحجارته يقاوم، بأسلحته يقاوم، بصموده الأسطوري على أرض أباه وأجداده يقاوم.. بالصمود مشردا على أرض وطنه حتى في القدم وبيوت الصفيح يقاوم.. بنجدة غزة يقاوم.. بأطفال يجمعون مصاريف أعيادهم في الضفة والناصرة ويافا وعكا لإرسالها لأشقائهم أطفال بلدهم في غزة يقاوم.. بدعم المنجبات في غزة تعويضا عن الشهداء والرواحل يقاوم.. بمقاطعة العدو اقتصادا ومنتجات وعلى كل صعيد يقاوم.. بملاحقة الجناة القتلة على الجبهة الدولية يقاوم.. بحماية الأرض والشجر من المستوطنين والخنازير يقاوم.. يقاوم كما شئت أيها الصديق المقاوم الراحل، وداعا بعد ان جف فنجانك الذي احتسيته مع السرطان فما عدت (تحتسي السرطان والقهوة) كما قلت في آخر قصائدك وداعا فشعبك يقاوم وسيقاوم.. سيستلهم نشيدك الخالد ويقاوم حتى النصر سيقاوم.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف