الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الاعتداء على البيئة الوجه الاخر لجرائم الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة بقلم:د. وائل عابد الزريعي

تاريخ النشر : 2014-08-26
الاعتداء على البيئة الوجه الاخر لجرائم  الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة
منذ عام 1967 الى العدوان الاخير
د. وائل عابد الزريعي
باحث متخصص في قضايا البيئة و التنمية
[email protected]
تعرف البيئة بأنها المحيط الذي يتواجد فيه الانسان و ذلك بعناصره المختلفة من ماء و هواء و وتربة. خلال مسيرة الانسانية ، عمل الانسان على تطويع هذه البيئة مع ما يناسبه من احتياجات ، فكانت الزراعة و الصناعة و التجارة حيث استغلت الموارد الطبيعية و عناصر البيئة بصور مختلقة و ترتب على ّذلك العديد من المشاكل و التحديات البيئية ، التي تواجه الانسانية. يمكن اعتبار هذه الاخطاء تنم عن جهل سابق باهميه التوازن البيئي و ترشيد استغلال الموارد و حسن التعامل مع المحيط إلا ان ابشع و اسوء هذه الاخطاء ، هي الاخطاء المقصود بها تدمير البيئة عن قصد و بفعل فاعل ، لخلق ظروف و بيئة طاردة للحياة و هذه هي السياسة التي اتبعها الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين ، منذ عام 1948.  ويذكر في تاريخ الكيان الصهيوني انه استخدم الاضرار بالبيئة كسلاح ، حيث تذكر المراجع كيف ان العصابات الصهيونية قامت بحقن جرثومة التيفوئيد، في مياه مدينة عكا مما ادى لانتشار الحمى بين السكان، و ذلك لاخلاء المدينة من سكانها،  وفي إحصاء رسمي موثق لدى منظمة الصليب الاحمر بجنيف يُشير تقرير الى: ( أن عدد المصابين بلغ 70 مدنيا [من العرب الفلسطينيين] إضافة الى 55 بريطاني). كان المحرك الاساسي لهذه الاعتداءات هو الرغبة في طرد السكان من قراهم و كيف لا و التوراة مليئة بهذه الافكار ( حول مياههم اِلى دم واقتل أسماكهم ) [مزامير ، 105/29] .
استمرت هذه السياسة الممنهجة للإضرار بالبيئة ،  عبر المراحل المختلفة للاستيلاء على الاراضي الفلسطينية و بما اننا نتحدث بالخصوص عن قطاع غزة، يمكننا ان نذكر العديد من الجرائم الموثقة من قبل العديد من المؤسسات. حيث يذكر ان قوات الإحتلال الإسرائيلية باشرت منذ احتلالها لما تبقى من الأراضي الفلسطينية عام 1967 بارتكاب عمليات تجريف واسعة للأراضي الزراعية و المناطق الحرجية و الغابية في الأراضي المحتلة ، كما قامت قوات الإحتلال بعملية سرقة منظمة للرمال الصفراء ، و ذلك عبر تجريفها للمنطقة الحرجية في شمال مدينة بيت لاهيا ، و شحن الرمال الصفراء إلى داخل الخط الأخضر ، مما أدى إلى القضاء على تلك المنطقة و تسبب في فقدان مصائد مياه الأمطار التي تزود المخزون الجوفي بالمياه العذبة ، و انقراض بعض انواع الأشجار و الأعشاب و الطيور و الزواحف و بعض أنواع الثدييات. كما تم اقتلاع اشجار المناطق الحرجية في كل من رفح و خانيونس. اما بالنسبة للموارد المائية فقد قامت سلطات الاحتلال بإنشاء المستوطنات على الأراضي المعروفة بغزارة في المخزون الجوفي من المياه ، كي تستخدم هذه المستوطنات في ضخ أكبر قدر ممكن من المياه الجوفية في الأراضي الفلسطينية إلى داخل الخط الأخضر. كما قامت بتلويث ممنهج للمياه الجوفية الفلسطينية.
 خلال سنوات الحصار المستمر على قطاع غزة تعرضت البيئة للعديد من الاضرار ،مما ترتب عليه العديد من الخسائر على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي . فوفق تقرير منظمة الاغذية والزراعة الفاو، فان انشاء المنطقة الامنية العازلة في 2009 ادى الى تعذر الوصول الى 46% من  الأراضي الزراعية في قطاع غزة، والتي أصبحت مهملة في أعقاب الدمار الذي أحدثه الجيش الإسرائيلي على طول الحدود الشمالية والشرقية مع إسرائيل.حيث تشكّل المنطقة داخل المنطقة العازلة حتى 29% من أراضي غزة الصالحة للزراعة. وتربية الحيوانات منتشرة بكثافة في هذه المنطقة التي تتضمن عدة آبار. ونتيجة للتقييد الإسرائيلي، لا يستطيع المزارعون زراعة أراضيهم أو رعي قطعانهم داخل المنطقة العازلة. ولأنهم غير قادرين على تقديم العلف الطبيعي الكافي لمواشيهم، يضطر المزارعون إلى شراء علف الحيوانات بأسعار لا يمكن تحملها تقريباً. وحوالي 73% من الأسر القريبة من المنطقة العازلة يعيشون تحت خط الفقر، مقارنة بـ 42% من عدد السكان في غزة ككل. كما اعتبر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)  في تقرير أصدره في شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام 2011 حصار غزة البري والجوي والبحري "حرماناً من الحقوق الإنسانية الأساسية ومخالفةً للقانون الدولي تصل إلى مستوى العقاب الجماعي." وأضاف التقرير "إن الحصار يفرض  قيوداعلى تنقل المواطنين من غزة ، وعلى وصولهم إلى الأراضي الزراعية ومناطق صيد الأسماك،وبالحديث عن قطاع الصيد البحري، في شهر نيسان من كل سنة تبدأ هجرة الأسماك من دلتا النيل إلى المياه التركية والتي يعتمد عليها صيادو الأسماك في قطاع غزة. ومع ذلك تحدد إسرائيل مدى ستة أميال فقط من شواطئ غزة للصيد مع العلم أن معظم قطيع السمك المهاجر يتواجد عادة على بعد عشرة أميال من الشاطئ. وعادة ما يتم الاعتداء على الذين تجاوزوا الحد بثلاثة أميال، كما أن هناك أثر بيئي للحصار على المياه التي يبحر عليها الصيادون، حيث تتلوث بخمسين مليون لتر من المياه العادمة كل يوم وذلك لعدم وجود خيار آخر لتصريفها. مما يصعب على سكان غزة إعالة عائلاتهم ويتسبب بتدهور جودة البنى التحتية والخدمات الأساسية في القطاع.
ادى الاضطراب في ادخال الوقود لقطاع غزة الى توقف محطة الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، مما اثر على تسيير مرافق الصرف الصحي وترتب عليه زيادة مخاطر التلوث و انتشار الامراض المتنقلة عن طريق المياه.
خلال حرب 2008 على قطاع غزة، قدرت خسائر القطاع الزراعي خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حسب التقديرات الأولية بحوالي 200 مليون دولار بسبب التدمير الذي لحق بالاراضي الزراعية خلال العدوان، ووصلت خسائر الإنتاج الحيواني إلى 52 مليون دولار والنباتي 110 ملايين دولار إضافة إلى القطاع البحري والتي وصلت إلى 7 ملايين دولار عدا عن تدمير 1000 بئر زراعي ومساحات زراعية هائلة.
كما قام الاحتلال خلال حرب 2008 على قطاع غزة باستخدام العديد من الاسلحة المحرمة دوليا، كاليورانيوم المنضب و الذي   يؤدي لتمركز النشاط الإشعاعي في المناطق المصابة ، إضافة إلى آثار تطابق استخدام القنابل النووية . كما أن مادة اليورانيوم المستخدمة في القذائف تتساقط في شكل جسيمات ناعمة و يعلق منها في الهواء أكسيد اليورانيوم مسببا تلوثا خطيرا للهواء و الماء و الأراضي الزراعية . تؤدي إصابة جسم الإنسان بالمقذوف أو شظاياه إلى الإصابة المؤكدة بالأمراض السرطانية ، كما يتسبب في التشوهات الجنينية كما تم استخدام قذائف الفوسفور الابيض وهو عبارة عن مادة شمعية شفافة وبيضاء ومائلة للاصفرار ، وله رائحة تشبه رائحة الثوم ويصنع من الفوسفات، يتفاعل مع الأكسجين بسرعة كبيرة منتجا نارا ودخان أبيض كثيف، وفى حال تعرض منطقة ما بالتلوث بالفسفور الأبيض يترسب في التربة أو قاع الأنهار والبحار أو حتى على اجسام الأسماك وعند تعرض جسم الإنسان للفسفور الأبيض يحترق الجلد واللحم فلا يتبقى إلا العظم. وقد اتهمت منظمة حقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش) إسرائيل صراحة باستخدام قنابل الفسفور الأبيض بالمناطق الآهلة بالسكان، في الحرب.
خلال الحرب الحالية على قطاع غزة ، و منذ مايزيد عن الشهر ، تعرض قطاع غزة الى مختلف انواع الاضرار و الانتهاكات ، من قبل الاحتلال الاسرائيلي،و على رأسها الاضرار البشرية و تدمير البنية التحية ، اما عن الاضرار البيئية   ، فقد حذرت منظمة الأغذية والزراعة  "FAO" من أن القتال الدائر في غزة أجبرالمزارعين والرعاة على التخلي عن أراضيهم كما أفضى إلى شلل في أنشطة الصيد، وبالتالي توقف الإنتاج المحلي للأغذية والذي يؤثر وبشدة على سبل العيش.كما اضافت المنظمة أن الانتعاش في قطاع الزراعة، سوف يتطلب دعما خارجيا واضحا على المدى الطويل.كما تسبب العدوان
بأضرار كبيرة ومباشرة بـ 17  ألف هكتار من الأراضي الزراعية في قطاع غزة وكذلك جزء كبير من البنية التحتية الزراعية، بما في ذلك البيوت المحمية وأنظمة الري والمزارع الحيوانية ومخازن العلف وقوارب الصيد.
ووفقا لآخر تحديث من منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الغذاء العالمي ، فإن غزة فقدت نصف إجمالي الطيور الداجنة (دجاج الشواء ودجاج بيّاض ) إما بسبب إصابات مباشرة في حظائرها أو عدم توفر المياه أوالأعلاف أو الرعاية نظرا للقيود المفروضة على الوصول.
كما يحتاج نحو 64  ألف رأس من المجترات الصغيرة  إلى علف الحيوانات والماء من أجل تجنب نفوق مزيد من الحيوانات وتآكل إضافي في الأصول الإنتاجية للرعاة.
وتقدّر الخسائر في الوقت نفسه لقطاع الصيد في غزة حتى الآن بنحو 234.6  طنا خلال الفترة 9 يوليو/تموز - 10  أغسطس/آب-أي ما يعادل 9.3   في المائة من الصيد السنوي للصيادين المحليين.
تغرق معظم مناطق قطاع غزة في الظلام بعد قصف مخازن الوقود في محطة توليد الكهرباء، الأمر الذي باتت تتكشف فيه بوادر كارثة بيئية، حيث أن ذلك أدى إلى انقطاع الماء بشكل كامل، كما أن استهداف عمال البلديات وعمال الصيانة، من قبل طائرات الاحتلال ، جعل من الوصول لاماكن عملهم خطورة بالغة، الأمر الذي أدى إلى تراكم القمامة في الشوارع واختلاط المياه بمياه الصرف الصحي، وهذا من شأنه أن يؤدى إلى انتشار الأوبئة، وهذا من شأنه أن يفاقم من الوضع الإنساني والبيئي والغذائي. اما عن استخدام الاسلحة المحرمة دوليا ، فقد امعن الاحتلال في استخدام الفسفور الابيض، و الذي ذكرنا سلفا اثاره على الانسان و البيئة و شاهدنا اثاره على شاشات التليفزيون دون ادنى تحرك من المجتمع الدولي.
وفي النهاية فإن سياسات الكيان الصهيوني هي سياسات تتم وفق برنامج لتغيير و تزييف الواقع على الأرض يوما بعد يوم مما يطيل من عمر هذا الكيان.الان في ظل الحديث عن التحرك على المستوى الدولي لمعاقبة الاحتلال على جرائمه، يجب عدم اغفال الجرائم البيئية ، التي اقترفها الكيان الصهيوني وخصوصا مع وجود العديد من الاتفاقيات الدولية التي تجرم الاعتداء على البيئة. فمنذ احتلال فلسطين تقوم اسرائيل بالانتهاك المنظم لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة ، و مجمل قواعد القانون الدولي في إدارتها للأراضي الفلسطينية المحتلة و علاقتها بالسكان المدنيين. حيث  يمارس الاحتلال استيلاءا منظما على الأراضي الفلسطينية ،  كما يعمل على إلحاق الأذى بالأراضي المحتلة ، سواء بحرمان السكان الفلسطينيين من حرية التصرف بأملاكهم ، أو من خلال استغلال الموارد الطبيعية بشكل يؤدي إلى نفاذها ، الأمر الذي يتنافى و قواعد القانون الدولي و الإنساني ومنها الحق في بيئة سليمة.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف