الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

لكل جهنمه ! (5) بقلم:حميد طولست

تاريخ النشر : 2014-08-25
لكل جهنمه !  (5) بقلم:حميد طولست
لكل جهنمه !  (5)

“الجهنم” الخامسة التي سأحاول إلقاء بعض الضوء عليها هنا كواحدة من تلك ” الجهنمات ” الأرضية التي تحفر في ذاكرة الإنسان ، الكثير من التجاعيد العميقة والأخاديد الغائرة ، وتخلف العقد المتنوعة الخطورة  والأثر على نفسية الكثيرين هي: ” اللوم” ، ذاك السلوك السلبي الذي يخل بذوقيات الصداقة وأواصر الأخوة ، ويجتث شجرة المودة ، ويقطع حبل التواصل ، ويصيب الأبدان بالعلل ، والنفوس بالأسقام ، ما جعل بشار بن برد يرشد الناس وينصحهم بتجنبه ، في أبيات تفيض رقَّةً وحكمةً وأخوةً،  حيث يقول:

إِذَا كُنْتَ فِي كُلِّ الأُمُورِ مُعَاتِبًا صَدِيقَكَ لَمْ تَلْقَ الَّذِي لاَ تُعَاتِبُهْ

فَعِشْ وَاحِدًا أَوْ صِلْ أَخَاكَ فَإِنَّهُ مُقَارِفُ ذَنْبٍ مَرَّةً وَمُجَانِبُهْ

إِذَا أَنْتَ لَمْ تَشْرَبْ مِرَارًا عَلَى القَذَى ظَمِئْتَ، وَأَيُّ النَّاسِ تَصْفُو مَشَارِبُهْ؟!

وَمَنْ ذَا الَّذِي تُرْضَى سَجَايَاهُ كلُّهَا؟! كَفَى المَرْءَ نُبْلاً أَنْ تُعَدَّ مَعَايِبُهْ!

وفي نفس السياق أنشد ابن الرومي قائلا :

دعِ اللَّومَ إن اللَّومَ عونُالنوائِبِ     ولا تتجاوز فيه حدَّ المُعاتِبِ .

وقبل أن أدخل في صلب الموضوع ، أذكر قرائي الكرام أنني لست طبيباً نفسياً ، ولا مختصاً أكاديمياً في علم النفس ، وما هذه المقالة المتواضعة إلا مجرد محاولة قد تتضمن الصواب والخطأ .

من المسلم به أن الكمال للَّه وحده، وأن العصمة لرسله وأنبيائه فقط ،  أما غيرهم من بني البشر فخطَّاؤون بطبعهم ، بل هم معدن الخطأ ، وما بعث الله بالرسل إلا من أجل إصلاح سلوكات المخطئين زإتمام أخلاقهم بالتوجيه اللبق ، والنصح الكيس ، والقدوة الحسنة ، كما في حديته صلى الله عليه و سلم:  “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق “..

وقد اتفق عقلاء الإنسانية ومفكروها عامة على أن النقد في الفكر شيء حسن وجميل ، ولكن لوم الآخرين شيء مذموم وغير مستحب ، يرفضه الذوق السليم ، وتشمئز منه النفوس الأبية ، وتتجنبه الأمم الناضجة المتقدمة التي تحترم إنسانها وتقدره وتعمل جاهدة لإصلاح أخطائه ، وتصحيح سلوكيات ، وتغيير عقليته المتعصبة والخاطئة ، وذلك بالتوجيه الكيس ، والتشجيع اللبق الذي لا يحسس المخطئ بالذنب ، ويمنحه الثقة بنفسه وقيمتها بين من حوله من الناس ..

مشكلنا أننا نعيش في شعوب تعشق اللوم والمعاتبة كلغة مشروعة في ثقافتها ، وأننا تربينا في بيوت ومدارس يكثر فيها الانتقاد ويكاد ينعدم في اساليبها التربوية القديمة -التي أقر الكثير من أساتذة التربية ، بسوئها وقصورها وبما تتسبب فيه من مآس –  اللطف واللباقة ، وتبخل بالتشجيع ، وتضن بالمدح والإطراء وتغدق اللوم والتقريع وتوجيه الإنتقادات الحادة باستعمال عبارات التهوين من قدرات الأطفال حديثي النشأ ومواهبهم -سواء في الأسرة أو المدرسة –  مثل ” أنت غبي ” أو ” أنت فاشل ” أو ” أنت ضعيف ” أو ” شوف سيدك ولد عمك فلان أو فلتان ” والتي تحطم نفسهم وتدمر كل طاقات الابداع لديهم ، من حيث لا يشعرون ، وخاصة لأنهم كثيرا ما كانوا يصدقون -في اعماقهم- ذلك الكلام السلبي الموجه إليهم من الآخرين ، حتى وإن رفضوها في ظاهرهم ، ويحسون بالضعف وقلة الحيلة ويكبلون نفوسهم بقيوده ، محاولين التغيير من سلوكياتهم ، ليس حبا في من يلومونهم ولكن ليثبتوا لأنفسهم أنهم ليسوا أشخاصا سيئين ، فأي تصرف يحدث منهم بعد أي لوم ، فإنه لا ينبع عن امتثال حقيقي للنصح -كما يتوهم المربون عندنا -وأنما هو رغبة في إبعاد شبهة اللوم عن نفوسهم ، وخوفا وقلقا من أن يصدر منهم تصرفات مخالفة لما يحبه منهم الآخرون ، فيجر ذلك عليهم آلام اللوم والاحتقار الذي تستحكم فكرته في عقلياتهم ، فتفقدهم ثقتهم بنفوسهم وثقتهم في من حولهم -لأن كثرة توجيه اللوم لشخص تفقده الثقة بنفسه – كنتيجة سلبية للتربية الخاطئة ، التي لا يسلك نهجها إلا من تعرض في صغره من أحد والديه أو بعض معلميه ، لهذا النوع من اللوم الذي هو في غالبية احواله وظروفه ، وسيلة غير مباشرة لفرض السيطرة على  الملام .. حيث نجد أن الكثير من الآباء والأمهات والعديد من المعلمين يتوجهون إلى الأطفال حديثي الأعمار ، قليلي التجارب ، المطبوعين على العناد ، المجبولين على المكابرة ورفض ما يُوجَّه إليهم من النصح والإرشاد -حتى لو كان نقداً بأدب ورفقٍ – على أي فعل خاطئ يحدث منهم ، أو هفوة تصدر عنهم ، كأسهل طريقة للتربية والتقويم ، لا تكلف جهدا في التفكير والبحث والتنقيب عن طرق تربوية ناجعة وفعالة أخرى ، غير تلك التي تعودوا عليها ، ولو أنهم فعلوا ذلك ، لتبين أنهم هم المخطؤون وليس الأطفال ، ولتخلوا ساعتها عن اسلوب اللوم والعتاب المستمر في كل الأمور صغيرها وكبيرها وعوضوه بنقد الأمور المهمة فقط ،  بكل أدب ورفق ، وتخيَّروا الوقت المناسب، والحال المواتية ، والساعة الهادئة ، واستعملوا في نقدهم الكناية والتعريض ، لأن كثير من أطفالهم أذكياء وبالإشارة يفهمون .
حميد طولست [email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف