الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

البغل الثائر بقلم معتصم الصالح

تاريخ النشر : 2014-08-25
"" البغل الثائر ""

، قصة قصيرة ،،

جلس القروي العجوز قرب موقده في ليلة شتاء باردة ،، كان كفيف البصر ،، بلغ من العمر ارذله ،، لكن به بقية ،، امسك صورة كبيرة بيده ،، صورة له مع بغاله الثلاثة تحت شجرة سرو ،، كان يتحسس وجوه البغال وتفاصيل الصورة ،، حتى تستقر انامله الهرمة على صورة ذاك البغل الصغير ،، الشرس العصبي المزاج ،، واين مضى به الحال ،،
سرح خيال العجوز القروي بعيدا الى سنوات غابرة وايام دابرة ،، تذكر كيف ولد ذاك البغل الصغير ،، ، لو انه يعلم كيف سيؤول إلى هذا المصير.. لو... لو كان يعلم ما ستكون عليه نهايته ، لحسم الأمر منذ وقت طويل ،، فللبغل فلسفة خاصة مع الحياة ،،
قد أصبح إقرانه يعملون في الحقول وبجر العربات ،، اما هو بغل شرس عصبي المزاج يعض من يقف أمامه ويرفس من يقف خلفه ,بغل و باختصار
كان متمردا على صاحبه وسابقا لعصره بتحرره وثورته على واقعه رافضا ان يتم تقييده او تحميله بالبضائع ... كان القروي يحب بغله الصغير ،، وحاول ان يربط معه بغلة لعله يتحول الى البغل العاشق الهادئ ،، وتصبح بينهم من اجمل قصص العشق التي مرت على معشر البغال ،،

لم يفلح الامر بل زاد من الامر سؤ على سؤ ،، خرج القروي بنتيجة مفادها أن ﻻ تغير سلوك هذا البغل لا عشق له او ولهه بأنثاه. وبما أن البغل عقيم، فهذا يعني أن هيامه هو عشق عذري.،، عشق لايستهوي حتى البغال والبهائم !!

وبعد أيام، وأيام، نقلوا تلك البغلة المعشوقة إلى مكان اخر ثم باعوها، أو ربما ماتت، اشترى القروي بغلان اخران ..وصار عنده ثلاثة بغال ،، اثنان يعملان بجد في الحقل ونقل الامتعة للسوق اما الاخر فبقي على عناده ،، مرت ايام ،، وتحول سكون المكان والجبل والوديان من حولهم الى ضجيج لاصوات الرصاص ،، يخترق صمت المكان وجاء رجال من قوم القروي يسالونه العون ،، نظر القروي الى بغاله الثلاثة ،، وراي بعقل عينه ،، ان بغله المتمرد ،، يلوي بنفسه بعيدا ،، عن الانظار ،، فجاة هدأ روع البغل المتمرد ،، عند سماع صوت يد صاحبه القروي ،، تضرب على قفى احد البغال،، هذا لكم ،، قال لهم القروي،، اخذوه المسلحون ،، ومضوا لحربهم تلك ،، بينما بقي القروي يمضي لعمله مع بغل واحد يعمل كل شيء والاخر بقي على حاله ،، شرسا متمردا مدللا ،، يعمل السهل من الاعمال فقط،،

الهدوء يسود في الجبل ،، يقطع صمت الهدوء دوي رصاصات متقطعة،، واطلاق نار هنا وهناك ،، فهناك ثورة لاهل الجبل على اهل السهل ،،

ذات يوم قطع هذا الهدوء ووصلات اطلاق النار صوت مدوي افزع كل من كان قي الجبل ،، كانت ثورة من نوع آخر ..هي ثورة اسمها ( لا) , ولكن المثير في الأمر هو في ثورة البغل على معطيات خلقه , وقد حدث هذا في غير مرة , فحين وجد هذا البغل نفسه , ضحية لأثقال لا طاقة له بحملها , وفي مسالك جبلية وعرة , قرر ان يختم حالة الشقاء والبؤس هذه , برمي نفسه من أعلى المنحدرات , لتنفجر فيه الذخائر والمتفجرات , في قفزة الموت من طول الذل والهوان ،، فمن أعلى القمة الى أسفل الهاوية , وهو موقف نبيل للغاية , فلا احد يمتطي ظهره , بعد اليوم وهو لوحده من يقرر خاتمة سفر عذاباته , خلاصا من جحيم الحياة , من خارج شيفرة وجوده , ،،

احس القروي بانقباضة في صدره ،، ليس لفقد بغله المطيع الصبور ،، بل ان هذا نذير شؤم ،، عليه وعلى قومه واهل الجبل بل وسائر البغال والحيوانات ،،من بعده

ووقع المحضور ومالم تحمد عقباه ،،،، وحدات عسكرية بسيارات "ريو" الأمريكية، تنزل الجنود تلو الجنود المدججين بالأسلحة الأوتوماتيكية الفتاكة التي لم يالفها سابقا سكان الجبل ،، في حين كانت بقية الوحدات تستخدم سيارات "زيـل" الروسية. فكانت سيارات الريو والزيل تجوب شوارع المدينة والقرى والمحيطة ،، واسراب من الجنود تصعد الجبال في شكل مسيرة النمل ،،

،، انتصر اهل السهل نصرا ساحقا... ودحر ثوار الجبل ،،

وهكذا بدأ الأمر للبغل ورفيقه ،، اصوات وضجيج وقع بساطيل الجنود في ارجاء القرية التي امست خاوية على عروشها ،،خالية من اهلها ،،
،دخل جندي نحيف الى زريبة دار القروي ،، واحس به البغل المتمرد ورفيقه .. فما أن رآه قادما نحوه ، حتى أدرك بأنه سوف يكون بمعيته ، كان ذلك الجندي النحيف القامة ، الملتحف بالخاكي ، ألا من قدميه اللتين كانتا تغوران داخل حذاء عسكري سميك . كان ينظر متوددا إلى البغلين الاثنين ، الذي بدا مسرورا حين أخذ الجندي يسرح على جبهته بكف حنون ، ويحدثه بفم مبتسم ، لم يفهم البغل بالطبع أي شيء منه ، لكن حدسه يخبره ، بأن الجندي كان يحدثه عن نفسه .عند المساء وضع البغلان في الزريبة في السرية النقلية الجبلية ،، ، كانت من حولهم عشرات البغال ، التي تختلف في ألوانها وأحجامها ،لكنها كانت تشترك في شيء واحد ، فالحزن قد خيم على وجوهها .. أدرك البغل ذلك بحدسه الذي كان متيقنا في أنه لا يخطئ أبدا . انها نهاية ايام تمرده ،، ونهاية العز والدلال ،، ونهاية علاقته بصاحبه القروي الذي فر مع من فروا ،،

بقي البغل المتمرد يعمل مع رفيقه البغل الاخر في نقل الماء والغذاء والاعتدة ،، من وحدة عسكرية اسفل الجبل الى نقطة بها جنود في قمة الجبل ،،البغل الاخر كان الاسؤ حظا ،، فعليه ان ينزل ثلاثة مرات باليوم او اكثر لجلب الغذاء والماء ،، اما البغل المتمرد ،، فينزل مرة واحد لحمل البريد الورقي وقليل من العتاد ،، ظن البغل المتمرد ان البغل رفيقه ،، سيؤؤل مصيره مصير البغل ثالثهم الذي انتحر ورمى بنفسه من اعلى الجبل الى منحدر سحيق ،،

خاب توقع البغل المتمرد،، فقد اعتاد رفيقه البغل على حياة الذل والخنوع ،، وكسر كل قواعد فلسفة البغال في البقاء ،، لكن للقدر راي اخر ،،فقد دب خلاف بين جنود النقطة التي في اعلى الجبل، ، وثارت ثورة احدهم لانه رفض ان يقوم بمهمة نقل الغذاء والماء ثلاث مرات باليوم ومن شدة فورة غضبه،، رمى بالبغل بقوة ودفعه نحو الوادي السحيق ،،وارداه قتيلا ،،

هذه هي حياة البغال اذن ،،،
اما قتيلا او مقتولا ،، لا حل ثالث ،،

لم يدم الامر طويلا فقد نقل البغل ورفاقه الجنود الى مكان اخر لم يتوقع البغل المتمرد ولو للحظة واحدة بان الأمور ستتغير هكذا ،
فالأصوات المرعبة التي سمعها سابقا ، والتي بدت حينها بعيدة ، باتت الآن قريبة جدا ، فالأرض تحت أقدامه كانت ترتعش ، أما الجندي النحيف الملتحف بالخاكي والذي اخذهم من بيت صاحبهم القروي اول مرة كان هو قائده هذه المرة ،،فقد جاء إليه مسرعا وعلى ملامح وجهه يمتزج الخوف والحزن ، عند ذاك شعر البغل المتمرد ،،بأنهما مقبلان على عمل من نوع آخر . ولقد صدق حدسه ، فها هما يدخلان إلى أرض تكاد الحياة أن تفر منها ، كل شيء من حولهما كان جحيما ، بل جحيما مستعرا . وما أن توغلا لمسافة قصيرة ، حتى توقفا أمام صف من الأجساد البشرية الممدة على ألارض في صف طويل ، وعلى الفور وضعوا على ظهره أربعة من هذه الأجساد ، التي كانت باردة وتنز دما .. كان عليه أن يحملا تلك الجثث إلى أسفل الجبل . في طريق النزول ، كان البغل الصغير مذهولا من صوت الجندي النحيف الذي سيطر عليه الحزن ، فقد كان يقرأ آية الكرسي مرارا وتكرار،، وهو ينظر بأسى إلى الأجساد المتدلاة من على ظهر البغل .،،،

لم يمضى من الوقت طويلا ،، حتى دوى صوت مرعب اخر ،،عن قرب ،، التفت البغل المتمرد حوله ،، كانت مفاجاة اخرى لكن من العيار الثقيل،،
الجندي النحيف ساقط على ألأرض ينزف دما ، عند ذاك أخذ البغل المتمرد يدور حوله بارتباك شديد ، ولمرات عديدة جلس على الأرض في محاولة منه لرفع جسد صاحبه ، إلا انه كان عاجزا عن ذلك تماما . . لحظات حتى أدرك البغل المتمرد ، بان كل شيء قد انتهى ، فالجندي النحيف أصبح جسدا بلا حراك ولا أنفاس .. وما أن تأكد من ذلك حين قام بشمه عدة مرات ، حتى أندفع من دون تردد لحافة الجبل ، لا ليلقي بنفسه نحو المنحدر. ،، بل يرمي الجثث الاربعة من على ظهره ،، نحو المحندر ،، فوق جثة رفيقه البغل المغدور .. ،،

واسرع راكضا نحو الجهة الاخرى من الجبل ،، ملتحفا بالعشب ،، ويمرغ وجهه بالصخوروالاحجار ويغطس راسه في عين ماء ،،،، فرحا منتشيا ،، معناقا خد صاحبه القروي ،،، الذي لقيه بعد طول غياب ،،

وللقصة بقية ،،،
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف