لا سلام للمسلمين حتى يُسلموا.. بالإسلام
بقلم: زليخة زيتوني
تستأثر خارطة العالم الإسلامي والعربي على الخصوص بالحظ الأوفر من الحروب والاضطرابات وعدم الاستقرار، وانتشرت عليها الظواهر والمظاهر المُسيئة للقيم الإنسانية والصادمة لمنظومات الطبيعة والحياة ذاتها. وكان يُفترض أن تكون خارطة العالم العربي مثالا للأمن والأمان والازدهار ورقيّ الإنسان، لأن الدين الذي يؤمن به غالبية العرب هو الإسلامُ دينُ السّلام والمحبّة والأخلاق الفاضلة. فهل تمّ تغريب المُسلم عن إسلامه بما أنتج كائنا آدميّا مُشوّها ومُبرمجا بما أريد له أن يكون عليه، خدمة لمن يريدون أن يكون المُسلم مرادفا للإرهابي وللآدميّ المتخلّف والمتوحش؟ أو أن هناك أزمة في فهم الإسلام أنتجت أنواع من "سوء الفهم" ترتّب عليها ظهور اتجاهات وتوجّهات "إسلامية" تناصبت العداء فيما بينها، ووصلت حدّ الصراع المُفضي للاستدمار وصناعة الخراب؟ أم أن الأوضاع السياسية والاقتصادية المتأزّمة مكّنت للجهل أن "يُبدع" أدواته للانقلاب على الواقع من أجل تغييره باسم الدين خاصة؟
لا يبدو أن الإجابة ممكنة في ظلّ الأوضاع العربية الراهنة التي أساء فيها المُسلم لإسلامه، وتبيّن بأن أكبر مشكلات العربي، أنّه عربيٌّ.. فالوقائع في مختلف الأقطار العربية لا تختلف كثيرا عن بعضها البعض، فمعظمها يعاني من شيوع الفساد السياسي والاقتصادي والأخلاقي، وهذا ما أنتج مناخات "مُستدامة" للريبة والشك في كلّ ما هو سلطويّ ودينيّ، وأيضا، هو ما مكّن من تجذّر مشكلات الفقر والبطالة والمرض والآفات الاجتماعية وغيرها من الأمور التي جعلت أقصى ما يطمح إليه المُواطن هو أن ينال أدنى حقوقه كإنسان وليس كمجرّد رقم في السجّل الديموغرافيّ..
وتفاصيل الحياة اليومية للمواطن "المُسلم" في مختلف الأقطار العربية تكشف مدى الابتعاد عن جوهر الدين الإسلامي، واكتفاء المُسلم بـ"شكليات" العبادة والوقوف عند ما يقوله اللسان، وممارسة الحياة بما يتعارض ويتصادم مع الإسلام لاسيما في مجال المعاملات والتواصل الإنساني الذي صار يطبعه الرياء والنفاق والفردانية التي لا تؤمن بالقول:" لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه، ما يحبّ لنفسه"، وليس من التجنّي إذا زعمنا أنه لولا المساجد وآذان الصلاة الذي يرتفع كل حين ما كان هناك ما يؤكدّ بأن الأقطار العربية تحيا فيها مجتمعات مُسلمة. وسواء كان التعارض بين المُسلم والإسلام هو نتيجة لمشروع خفيّ يُراد به "استعمار" العالم العربي وفق طرق تقوم على ضرب المعتقد والهوية وتفريغ نفسية الإنسان العربي من مكوّناته الأصيلة وإعادة تشبيعه بمكوّنات تسمح بالتحكّم فيه فكريا ونفسيا.. أو كان ذلك التعارض هو نتيجة طبيعية لمحاولة العيش بالروح في القرون الماضية، وممارسة الحياة في راهنها بما تستلزمه ظروف ودواعي الحياة المعاصرة.. فالأكيد أن "دين السلام والمحبة" هو الغائب الأكبر على جغرافية المُسلمين، أو لنقل أن الفهم الصحيح للإسلام هو ما يفتقده المُسلم في فوضى الاتجاهات والتوجهات والطوائف التي تنتسب إلى الإسلام وتزعم جميعها على ألسنة دعاتها وفقهائها ومتحدّثيها بأنها الأسلم في فهم الإسلام.. بل تذهب بعضها بالزّعم أنها التي تمثّل الإسلام.
من المجدي التساؤل: ما الذي يعنيه العربي بلا إسلام؟، ربما أبلغ إجابة هي ما كان عليه العرب في جاهليتهم قبل الإسلام، مجرّد قبائل متناحرة ومتقاتلة فيما بينها ولكنها انهزامية أمام أعدائها وتُسلم أمرها لغيرها في ردّ العدوان عليها على طريقة "للكعبة ربّ يحميها"، وهي قبائل قد تلبس "قشور الحضارة" ولكنها أبدا لا تُنتجها، وأعظم انجازاتها كانت في صناعات الكلام.. فإذا أسقطنا هذه الصوّر من زمن "الجاهلية" على واقع الحال اليوم فلا شكّ أننا سنجد تقاطعات كثيرة ووجوه شبه وتشابه تجعلنا نزعم بأن العرب يعيشون الآن جاهلية أخرى تحت مظلة "سوء فهم" للإسلام، أنتجت حالات عدم استقرار مزمنة، وكل ما نحياه اليوم على كامل جغرافيتنا العربية.. وإذن، لا سلام للمسلمين إلاّ إذا أعادوا النظر في "فهمهم" للإسلام بعيدا عن التطرّف والغلوّ، ولا سلام للمسلم إلاّ إذا تصالح مع "دينه" وردم الهوة بين ما يقوله بلسانه وبين ما يمارسه في يومياته..
بقلم: زليخة زيتوني
تستأثر خارطة العالم الإسلامي والعربي على الخصوص بالحظ الأوفر من الحروب والاضطرابات وعدم الاستقرار، وانتشرت عليها الظواهر والمظاهر المُسيئة للقيم الإنسانية والصادمة لمنظومات الطبيعة والحياة ذاتها. وكان يُفترض أن تكون خارطة العالم العربي مثالا للأمن والأمان والازدهار ورقيّ الإنسان، لأن الدين الذي يؤمن به غالبية العرب هو الإسلامُ دينُ السّلام والمحبّة والأخلاق الفاضلة. فهل تمّ تغريب المُسلم عن إسلامه بما أنتج كائنا آدميّا مُشوّها ومُبرمجا بما أريد له أن يكون عليه، خدمة لمن يريدون أن يكون المُسلم مرادفا للإرهابي وللآدميّ المتخلّف والمتوحش؟ أو أن هناك أزمة في فهم الإسلام أنتجت أنواع من "سوء الفهم" ترتّب عليها ظهور اتجاهات وتوجّهات "إسلامية" تناصبت العداء فيما بينها، ووصلت حدّ الصراع المُفضي للاستدمار وصناعة الخراب؟ أم أن الأوضاع السياسية والاقتصادية المتأزّمة مكّنت للجهل أن "يُبدع" أدواته للانقلاب على الواقع من أجل تغييره باسم الدين خاصة؟
لا يبدو أن الإجابة ممكنة في ظلّ الأوضاع العربية الراهنة التي أساء فيها المُسلم لإسلامه، وتبيّن بأن أكبر مشكلات العربي، أنّه عربيٌّ.. فالوقائع في مختلف الأقطار العربية لا تختلف كثيرا عن بعضها البعض، فمعظمها يعاني من شيوع الفساد السياسي والاقتصادي والأخلاقي، وهذا ما أنتج مناخات "مُستدامة" للريبة والشك في كلّ ما هو سلطويّ ودينيّ، وأيضا، هو ما مكّن من تجذّر مشكلات الفقر والبطالة والمرض والآفات الاجتماعية وغيرها من الأمور التي جعلت أقصى ما يطمح إليه المُواطن هو أن ينال أدنى حقوقه كإنسان وليس كمجرّد رقم في السجّل الديموغرافيّ..
وتفاصيل الحياة اليومية للمواطن "المُسلم" في مختلف الأقطار العربية تكشف مدى الابتعاد عن جوهر الدين الإسلامي، واكتفاء المُسلم بـ"شكليات" العبادة والوقوف عند ما يقوله اللسان، وممارسة الحياة بما يتعارض ويتصادم مع الإسلام لاسيما في مجال المعاملات والتواصل الإنساني الذي صار يطبعه الرياء والنفاق والفردانية التي لا تؤمن بالقول:" لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه، ما يحبّ لنفسه"، وليس من التجنّي إذا زعمنا أنه لولا المساجد وآذان الصلاة الذي يرتفع كل حين ما كان هناك ما يؤكدّ بأن الأقطار العربية تحيا فيها مجتمعات مُسلمة. وسواء كان التعارض بين المُسلم والإسلام هو نتيجة لمشروع خفيّ يُراد به "استعمار" العالم العربي وفق طرق تقوم على ضرب المعتقد والهوية وتفريغ نفسية الإنسان العربي من مكوّناته الأصيلة وإعادة تشبيعه بمكوّنات تسمح بالتحكّم فيه فكريا ونفسيا.. أو كان ذلك التعارض هو نتيجة طبيعية لمحاولة العيش بالروح في القرون الماضية، وممارسة الحياة في راهنها بما تستلزمه ظروف ودواعي الحياة المعاصرة.. فالأكيد أن "دين السلام والمحبة" هو الغائب الأكبر على جغرافية المُسلمين، أو لنقل أن الفهم الصحيح للإسلام هو ما يفتقده المُسلم في فوضى الاتجاهات والتوجهات والطوائف التي تنتسب إلى الإسلام وتزعم جميعها على ألسنة دعاتها وفقهائها ومتحدّثيها بأنها الأسلم في فهم الإسلام.. بل تذهب بعضها بالزّعم أنها التي تمثّل الإسلام.
من المجدي التساؤل: ما الذي يعنيه العربي بلا إسلام؟، ربما أبلغ إجابة هي ما كان عليه العرب في جاهليتهم قبل الإسلام، مجرّد قبائل متناحرة ومتقاتلة فيما بينها ولكنها انهزامية أمام أعدائها وتُسلم أمرها لغيرها في ردّ العدوان عليها على طريقة "للكعبة ربّ يحميها"، وهي قبائل قد تلبس "قشور الحضارة" ولكنها أبدا لا تُنتجها، وأعظم انجازاتها كانت في صناعات الكلام.. فإذا أسقطنا هذه الصوّر من زمن "الجاهلية" على واقع الحال اليوم فلا شكّ أننا سنجد تقاطعات كثيرة ووجوه شبه وتشابه تجعلنا نزعم بأن العرب يعيشون الآن جاهلية أخرى تحت مظلة "سوء فهم" للإسلام، أنتجت حالات عدم استقرار مزمنة، وكل ما نحياه اليوم على كامل جغرافيتنا العربية.. وإذن، لا سلام للمسلمين إلاّ إذا أعادوا النظر في "فهمهم" للإسلام بعيدا عن التطرّف والغلوّ، ولا سلام للمسلم إلاّ إذا تصالح مع "دينه" وردم الهوة بين ما يقوله بلسانه وبين ما يمارسه في يومياته..