الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

احذر ... هنا غزة بقلم : محمود حسونة

تاريخ النشر : 2014-08-23
احذر ... هنا غزة بقلم : محمود حسونة
متكوّم فوق فراش الإسفنج الملتهب ، يلتهمني الأزيز و بريق الانفجار ، أقفز فجأة مصعوقا ، تتوّهج حواسي كتوهج القذائف المجنونة ، يغمرني الغبار ، أنا غريق في ليل كثيف البياض ، ظهري إلى الجدار وعيناي إلى الحطام و الأشلاء ، ودم يقطر كالندي من أطفال ونساء ، أو يشخب كدم الذبيح ، يصفعني في لحظات مذبوحة القصف و الصراخ والأشلاء و الشظايا والدم معا ، صراع الروح مع السيف .
يصرخ الموت في وجهي : أنت ، لا تبتعد كثيرا ، ابق بقربي ، فقد ألجأ إليك في أية لحظة ، فالمسافة قريبة جدا بينك و بين القذائف ، سأحاول أن أكون لطيفا معك !!!
تتساءل : كيف تواجه الألم و القتل و الجنون والوقت المحترق المندلع كريح ملعونة ؟!
كيف يصبح الإنسان وحشا يتسلح للإبادة أو الانتحار ؟!
كيف يتسلل التوحش إلى الروح ليفسدها ؟؟!
تبحث عن الأشياء الغالية المختبئة في حنايا ذاكرتك تحاول أن تجدها رغم الانهيار لتهرب منها أو إليها !!
يقتحمك الوقت كإبرة مسمومة ، الوقت متوحش ، كيف ستقضي اللحظات و الدقائق المتوحشة القادمة كالمجنون ؟!!
كل ما أعرفه هو أني أتنقل من ركن إلى ركن بلا وعي ، أبحث عن أمان وهمي ، ومعي تحوم ذكرياتي وأحلامي وأوجاعي ، أنا بصحبة الموت الذي اقترب مني واختبأ تحت جلدي و قد يباغتني في زمن كالخطف ، لقد ذهب وقت الموت الناعم على السرير بين من تحب ، الآن صار الموت صاعقا متفجرا بلا استئذان أو تكلف ، أو عزاء .
تتوالى اللحظات و الدقائق سمجة لزجة ، تتكدس فوق صدرك تقبض على أنفاسك . تتفقّد أعضائك ، أهذه يدي التي تكتب بدم النازفين ؟! أهذا قلبي الذي يرفّ كالذبيح ؟! أهذه عيني التي تنضح دمعا ساخنا ، أهذه سمائي المنخفضة الفسيحة المرعبة ؟! أين قمري الخجول؟! هل هو خائف ؟! لماذا اختفى فجأة ؟!
تتفقّد من حولك واحدا واحدا تستأنس بهم ، تحاول أن تحاورهم ، تتلهى بذلك ، تطمئن للحظة ثم تعيد الكرّة مرة تلو الأخرى محاولا قتل الخوف و الوقت معا ، تحتاج لجهد خارق لتتمكن من ذلك ، يصيبك مزيج من الإرهاق و الراحة ، تبحث جادّا عن السكون في النوم ، فشل ذريع ، لا تحصل سوى على سكون صاخب ، أو نوم مريع ، تحاول مرة ومرة ، ثمّ تغصُّ في صراخ صامت دامي في وكر الليل البهيم .
يُجن الليل بصحبة القصف ، علقما يمر الوقت ، ينسل من بين أحشائك ، السماء فوقك شاسعة أكثر من أي وقت ، السماء فولاذية صاخبة ، حضور الموت يلهب الشهية للحياة ، ترتجف شوقا لسماع الأحبة ، في غيبة وعي الحضور تحاول الاتصال على أحدهم يأتيك صوت الرنين عبر نار الهواء ، تنتظر للحظات كالقهر ، تتخشب ، تتقلص عضلاتك ، يتشنج وجهك ، تصبح كتمثال شمعي بلا نبض و لا حراك ، يأتيك الصوت من بعيد كالصعقة مختنقا مضغوطا كأنه من تحت الركام ، يرجّك ثم تسترخي و تتنهد تنهيدة عميقة ، تزفر هواء حارا مُغبرا !
:طمّنونا عنكم ، كيف أنتم ؟ كيف أطفالكم ؟ كيف سمائكم ؟
تستأنس بهم للحظات جميلة منزوعة من بين الرماد ، وما أن تنتهي المكالمة حتى تعاودك الظنون و الهواجس لتنخر جسدك ومعها روحك ، لتكرر الاتصال مرة ومرة ومع كل مرة أنت بحاجة لمزيد من الهواء ، مزيدا من الارتعاش و الذهول .
يلتبسك صوت الإسعاف كجني ، يمتص كل الصخب ليركزه في بوق يصرخ فيرجّك ، يبعثرك ، يلاحقه قلبك ، يركض خلفه عاريا ، الموت مرّ من هنا ، الموت يقتحم ، الموت يباغت ، يتسلل كاللص !
تحاصرك الوجوه ، يخدرك ذهول الترقّب ، تقمعك أصوات جهنمية شرسة ، ساعات مديدة من قلق و حزن وجنون وعتمة وزئير معدني ، لا ماء و لا كهرباء ولا فضاء ، ولا أكفان ، ما أقسى اللحظة التي ترغب فيها بالبكاء ولا تقدر ، البكاء لذيذ ، البكاء قوة خفية ، به تطمئن على سلامة مشاعرك ، تبكي لأنك إنسان ، البكاء يرطب القلب ، البكاء ماء الروح ، البكاء يروي الإحساس ، الرجال تبكي ! ومن يقل غير ذلك ، فهو كاذب ! البكاء نشيد الفرح و الحزن و الانتصار .
يا أنا ، تدرّب على النضوج ، على الجلد ،على الموت المتفجر ، على النهوض في وقت يظنك الآخرون أنك تستلقي هامدا ، تدرّب على التسامح ، وعلى الدفاع عن اسمك ، لا تسخر من نفسك وتظن أنك عاجزا ، فسوف يأتيك وقت البرهان عاجلا أو آجلا .
لا تخدعني أيها الموت ، لا تغدر بي ، فأنا بحاجة لك وقت الخطر !
( ليست غزة أجمل المدن ..
ليس شاطئها أشد زرقة من شواطئ المدن العربية
وليس برتقالها أجمل برتقال على حوض البحر الأبيض .
وليست غزة أغنى المدن ..
وليست أرقى المدن وليست أکبر المدن. ولکنها تعادل تاريخ أمة. لأنها أشد قبحاً فی عيون الأعداء ، وفقراً وبؤساً وشراسة. لأنها أشدنا قدرة على تعکير مزاج العدو وراحته ، لأنها کابوسه ، لأنها برتقال ملغوم ، وأطفال بلا طفولة وشيوخ بلا شيخوخة ، ونساء بلا رغبات ، لأنها کذلك فهی أجملنا وأصفانا وأغنانا وأکثرنا جدارة بالحب )
بقلم : محمود حسونة ( أبو فيصل )
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف