الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الاستدعاء المشوه للفتنة الكبرى بقلم: وليد محمد سيف

تاريخ النشر : 2014-08-21
الاستدعاء المشوه للفتنة الكبرى بقلم: وليد محمد سيف
*الاستدعاء المشوه للفتنة الكبرى*

وليد محمد سيف

[email protected]

حادثة قيام عناصر من أسموا أنفسهم «أنصار الشريعة» بذبح 14 جندياً في محافظة حضرموت، وهم بلباسهم المدني منزوعو السلاح وفي طريق عودتهم إلى منازلهم.. بما تحمله من نفس طائفي دلالته اعتبار قائد الإرهابيين هؤلاء الجنود رافضة.. لا تستحضر زمن الفتنة الكبرى في التاريخ المبكر للإسلام؛ إذ إن ارتدادات تلك الفتنة ما انفكت حاضرة تضغط بثقلها على تمفصلات الإسلام، بل هي في مقام متفرد لا تعدو إلا أن تكون استدعاء مشوهاً ومقززاً لها.
أثناء خلافة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - بدأت بواكير الفتنة الكبرى حينما أطلق مقتله على يد جماعة القرائين «الخوارج» شرارتها، ما حمل طائفة أخرى من المسلمين للمطالبة بدمه، والثأر له بزعامة بعض صحابة رسول الله وبتعضيد مباشر من حاكم الشام معاوية بن أبي سفيان الذي استبسل في قتال الإمام علي رضي الله عنه الذي تولى الخلافة بعد مقتل عثمان ظناً بتقاعسه عن المطالبة بدم عثمان.
 وباستثناء الخوارج كجماعة مؤدلجة جداً، تتغيأ التفسير الحرفي للقرآن وتحقيقه واقعاً دونما اعتبار لمتغيرات واقع ولا مقتضيات سياسة، فإن الصراع بين علي ومعاوية على السلطة كان سياسياً وإن جرى تغليفه دينياً، كنتاج طبيعي لكون الإسلام دعوة دينية.. دين ودولة في آن معاً.. ولم يعوزهما إيجاد مبررات دينية للصراع: الإمام علي في أسبقيته للإسلام، ومعاوية في مطالبته بالقصاص لعثمان، وبداهة فالقصاص من القتلة أمر يوجبه الإسلام بنصوص قرآنية لا لبس فيها.. وفي هذه المرحلة المبكرة لم يكن قد تبلورت بعد أحقية آل البيت بالخلافة/ الإمامة التي ظهرت لاحقاً في سياق تطور الحركة الشيعية.
كانت هنالك حادثتان أثمرتا أيلولة الحكم لمعاوية، الأولى حادثة التحكيم التي نزعت عن الإمام علي شرعية الخلافة بعد قيام موكله «أبي موسى الأشعري» بخلعه، بعدما وقع في خديعة موكل معاوية «عمرو بن العاص» الذي عوضاً عن أن يخلع موكله بحسب الاتفاق خلع علياً وأثبت معاوية، ما فتح الباب للأخير للمطالبة بالبيعة له وأضفى الشرعية على حكمه.
إلا أن معركة النهروان كانت بحق الحدث الفارق في الصراع، باستتباعاتها التي أفضت لانقسام معسكر الإمام علي ومحاربته للخوارج وفقدانه لها كقوة مؤثرة، بعد رفضهم التحكيم الذي لا يكون إلا لله «إن الحكم إلا لله» وفق تفسيرهم الحرفي للقرآن الكريم.. ما أدى لأن يؤول الأمر إلى معاوية والسلالة الأموية.. في مفارقة ستلقى بتبعاتها على حركات الإسلام السياسي وتنتج ما تشهده من انقسام ما فتئت حاضرة حتى اليوم.
 وهي أن خلافة المسلمين تحولت إلى البيت الذي طالما ناصب الإسلام العداء.. وستظل مفارقة كهذه مختزنة في الذاكرة النفسية لقطاع من المسلمين، لن تمحوها حقيقة أن الإسلام يَجُّب ما قبله وما تحقق من اتساع لرقعة الدولة الإسلامية في عهد الأمويين.. وسيضاعف مقتل سبط رسول الله الحسين بن علي رضى الله عنهما على يد أتباع يزيد اكتناز الذاكرة الشيعية بالألم والحزن المغذي لحالة العدائية والانقسام، لتخلق بدورها ردة فعل طبيعية، تعززها واقع العزلة التي فرضها الأمويون على الشيعة ودخول مؤثرات سياسية وفلسفية من الأمم السابقة للإسلام كنظرية الحق الإلهي في الحكم، لتصب مخرجات هكذا مفاعيل في نشوء المطالبات بأحقية آل بيت الرسول بالخلافة دونما سائر المسلمين، فيما لاتزال جمهرة المسلمين تؤمن أن لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى و«إن أكرمكم عند الله أتقاكم»..
أخذ الصراع بين أكبر طائفتين إسلاميتين «السنة، الشيعة» يخبو أحياناً كثيرة، ولا يشتد إلا لماماً، إلا أنه ظل محكوماً بمبادئ الإسلام وأخلاق الحرب، ولا نكاد نلمح على امتداد التاريخ الإسلامي حادثة توازي في بشاعتها ما حدث للجنود في حضرموت على يد جماعة مارقة تدّعي زوراً الذود عن حياض الإسلام.. وتعتسف اسم الله الأجل الأعلى وشريعته وتلحقه كمسمى لجماعتها الضالة، يتساوى في ذلك «أنصار الشريعة، أنصار الله».. من يذبح باسم الإسلام ومن يفجر المساجد ويسفك دماء المسلمين بذات المسمى.. فهما الاختزالان الأكثر جلاءً لارتدادات الفتنة الكبرى والاستحضار المشوه لها.. واستمرار الصراع وازدياد حدته ليس سوى مآل منطقي لانكفاء كل طائفة على ذاتها واعتقادها بصوابية مسلكها، وإغلاق الباب أمام الباحثين عن حقيقة ما حدث أيام الفتنة الكبرى، وقبلها ما تم في سقيفة بني ساعدة، التي توجت أبي بكر رضي الله عنه أول خلفاء رسول الله.. وسيظل الحديث النبوي «اختلاف أمتي رحمة» مجافياً للواقع، طالما أخذ الاختلاف طابع الصراع الدامي وطالما ظل التاريخ المبكر للإسلام منطقة محظورة تحوطها هالة القداسة، حتى وإن كانت تتصل بصراع سياسي على سلطة زمنية لا بجوهر الدين وقدسيته.

[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف